البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

بعد غزو تركيا الساحل الليبى.. أوروبا في مرمى الإرهاب الأردوغاني.. الرئيس التركي يبتز القارة العجوز باللاجئين و«داعش».. وإستراتيجية جديدة للسيطرة على تجاوزات الأتراك

البوابة نيوز

فضحت تصريحات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أطماع أنقرة في ليبيا، حيث قال إن تركيا ستدعم حكومة طرابلس من أجل فرض السيطرة الكاملة على ليبيا.


تصريحات الرئيس التركى باتت تقلق قوى دولية لها مصالح في ليبيا، وعلى رأس هذه الدول إيطاليا، إذ تخشى من تعرض مصالحها ونفوذها للخطر، وهو ما لخصته مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبى كونتي، وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، حيث أبدى انزعاجه من الدعم التركى للسراج، والذى أسفر في نهاية الأمر عن سيطرة الوفاق على نقاط ومدن حيوية من الجيش الوطنى الليبي، ما يعنى خسارتها نصيبها في الكعكة، إذ أن الأرباح ستصب في صالح روسيا وتركيا كما حدث في سوريا. 

بعيدا عن لعبة المصالح والمكاسب، فإن سيطرة أردوغان على الساحل الليبى يجعل أوروبا في مرمى نيران أردوغان، وميليشياته الإرهابية، التى يتجاوز عددها أكثر من ١٥ ألف عنصر إرهابي، بالإضافة إلى تحول الساحل الليبى إلى نقطَة انطِلاق مُستَقبلى لمِئات الآلاف من اللّاجئين غير الشّرعيين، حيث تبعد الشواطئ الليبية عن فرنسا وإسبانيا بـ ٥٠٠ كيلو متر، و٢٠٠ كيلومتر عن الإيطالية، لاسيما أن الرئيس التركي، يجيد الضغط على أوروبا بملفى اللاجئين، و«داعش» لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، وإلى حد كبير تمكن من فرض سياسة الابتزاز، ففى عام ٢٠١٦ عقد اتفاق عرف بـ«إعادة القبول»، يقضى بإنهاء تدفقات الهجرة غير الشرعية من تركيا إلى الدول الأوروبية، وضمان تحسين ظروف استقبال اللاجئين في تركيا؛ حيث يوجد على أراضيها ٣.٦ مليون لاجئ سوري، مقابل دعم بقيمة ٦.٧ مليار دولار.

حصلت تركيا بموجب هذا الاتفاق على مكاسب ومساعدات من الدول الأوروبية، وفى مقدمتها إنجلترا وفرنسا وألمانيا، لإنعاش الاقتصاد التركى المنهك، وتدفقت بالفعل ٦.٢ مليار دولار مساعدات من الاتحاد الأوروبي.


الضغط باللاجئين

وأصبح اللاجئون السوريون ورقة الضغط الرابحة دائما في يد أردوغان، يلوح بها من وقت لآخر في وجه أوروبا، حال اعتراضها على خططه بشأن سوريا، وأفضت في النهاية إلى الوجود التركى في شمال سوريا، بعد ساعات من انسحاب القوات الأمريكية، إثر العملية التى أطلق عليها «نبع السلام» التى شنها جيش أردوغان في ١١ أكتوبر الماضي.

ويكفى الإشارة إلى أن «أردوغان» هدد أوروبا ٣ مرات قبيل عملية «نبع السلام» من أجل الأموال تارة، ومن أجل تبرير الحرب تارة أخرى، قائلا: «لسنا بصدد طرد اللاجئين عبر إغلاق أبوابنا، لكن كم سنكون سعداء لو نستطيع المساعدة في إحداث منطقة آمنة (في سوريا) وننجح في ذلك». كما لجأ أردوغان إلى استغلال «داعش» في تهديد دول الاتحاد الأوروبي، بإعادة سجناء التنظيم الإرهابي إلى بلدانهم الأصلية في الدول الأوروبية؛ ما يضع الدول الأوروبية في مأزق بالغ الخطورة أمام شعوبهم؛ لأنهم خطر على أمنها القومي، لاسيما أنها تعرضت لعدة هجمات إرهابية في السابق، لذا فليس أمامها سوى محاولة ترضية تركيا ماليا لعدم تصدير عناصر داعش.


خطر تركى على أوروبا
سياسات أردوغان أزعجت الاتحاد الأوروبي، وخاصة أنه لا يضم سوى دولتين تمتلكان ترسانة نووية، وهما بريطانيا وفرنسا، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد ستصبح أوروبا أشد قربًا من النباتيين، كما شبهها وزير خارجية ألمانيا السابق زيجمار جابرييل قائلا إن «الأوروبيين مثل نباتيين في عالم من أكلة اللحوم»، وبالتالى أضحت تركيا تشكل خطرا كبيرا، كما أن نظام أردوغان نجح بشكل كبير في كسب عداوات عدة في الفترة القليلة الماضية؛ ما يهدد بتوتير المنطقة، وخاصة مع تجاوزاته في حوض شرق المتوسط، ومحاولاته التحرش باليونان وقبرص، ولاسيما اليونان، والتى فضحت الوثائق السرية خطة غزوها منذ عام ٢٠١٤، إذ وضعت أنقرة لذلك خطة لعملية عسكرية حملت اسم "تشاكا باي" على القائد العسكرى التركى في القرن الحادى عشر الذى يعد أول من وضع نواة للبحرية التركية.


غزو اليونان
ويبدو أن خطة غزو الجزر اليونانية ما زالت مستمرة حتى الآن، إذ أجرت البحرية التركية مؤخرا تمارين العمليات البحرية الرئيسية للحرب والبحرية والبرمائية بمشاركة ٢٥ سفينة حربية في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط في ٢٧-٢٨ مايو.

كما استقبل وزير الدفاع التركى خلوصى أكار، طاقم الفرقاطة البحرية التركية بارباروس في ٢٤ مايو ٢٠٢٠، لإرسال رسالة تحذير إلى اليونان، وانضم إليه كبار ضباطه، تحت لافتة "من يحكم البحار يحكم العالم" وذلك نقلًا عن الأميرال العثمانى بربروس حيدر الدين باشا. وينتهج الاتحاد الأوروبى حاليا إستراتيجية محددة في التعامل مع تركيا، في محاولة للسيطرة على الطموح الأردوغاني، عن طريق إغلاق الباب أمام عضويتها في الاتحاد، وتخفيض مستوى العلاقات، من مستوى مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبى إلى مستوى شريك استراتيجى للتكتل، وسحب الاستثمارات الأوروبية من تركيا، والتى تمثل نحو ٦٠٪ من جملة الاستثمار الأجنبي، إذ وصل حجم المبادلات التجارية بين الطرفين بنهاية عام ٢٠١٧ ما يقرب من ١٥٤ مليار يورو، والامتناع عن منح تركيا قروضًا إضافية من المؤسسات الأوروبية لتجاوز أزمتها الاقتصادية الراهنة، ففى أوقات سابقة اقترضت بتسهيلات مريحة نحو ٣٠ مليار يورو من بنك الاستثمار الأوروبي، و١١ مليار يورو من البنك الأوروبي؛ لإعادة البناء والتنمية.

إضافة إلى وقف مبيعات السلاح الجديدة من حكومات الاتحاد الأوروبى لأنقرة، ووضع الاتحاد الإسلامى التركى «ديتيب» تحت مراقبة أجهزة الاستخبارات الأوروبية لدوره في بثِّ خطاب الكراهية، والتحريض على العنف، وتوجيه الأموال المخصصة لتركيا من الموازنة الأوروبية للمجتمع المدنى التركي، وبرامج التبادل الطلابى إلى جانب مخصصات دعم اللاجئين السوريين في تركيا.