البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الأرشمندريت يعقوب خليـل: استلم موسى الناموس على جبل سيناء في اليوم الخمسين لخروج بني إسرائيل من مصر

البوابة نيوز

قال الأرشمندريت يعقوب خليـل بمعهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ عن عيد العنصرة هو يوم الخمسين، الذي كان العيد الثاني الأهمّ في العهد القديم، ويُحتفل له في اليوم الخمسين، أو بعد سبعة أسابيع، من عيد الفصح (لاويين ٢٣: ١٥، ١٦، تثنية ١٦: ٩، ١٠)، لذا يُسمّى أيضًا "عيد الأسابيع" (أنظر ٢أخبار الأيّام ٨: ١٢، ١٣).
في يوم الخمسين، وجب على كلّ واحد من الشعب أن يظهر أمام الربّ في هيكله (خروج ٣٤: ٢٢، ٢٣). وكان الشعب يحفظ هذا العيد كحفظهم ليوم السبت، فلا يجوز فيه القيام بأيّ عمل، بل ينبغي الذهاب إلى بيت الربّ لتقديم الشكر.
وكلمة عنصرة تأتي من كلمة عبريّة، "عصريت"، تشتقّ من الفعل العبريّ "عصار"، ومعناه "اجتمع، جمع".
فتعني الكلمة "الاجتماع" الذي يشير في استعمال العهد القديم إلى "العيد"، يوم يجتمع الشعب في احتفالٍ بهجٍ لشكر الربّ. وبحسب تسليمٍ يهوديّ متأخّر، لقد استلم موسى الناموسَ على جبل سيناء في اليوم الخمسين لخروج بني إسرائيل من مصر.
ثمّ اكتسب يوم الخمسين، بعد صعود المخلّص، معنىً جديدًا بحلول الروح القدس الموعود به على رسل المسيح. كان الرسل يترقّبون في صلاةٍ وصبرٍ تحقيق وعد المسيح لهم (أعمال الرسل ١: ٤، ١٤)، فحلّ الروح عليهم كقوّة سكنت فيهم. في يوم الخمسين استعلن الروح القدس شخصيًّا، فأنار أذهان الرسل وقلوبهم وغيّر حياتهم. كما أهّلهم لعمل البشارة الشاقّ الذي التزموا به حتى آخر نسمة من حياتهم، فأضحوا شهودًا لله الكلمة المتجسّد وغالب الموت، لتمتدّ حدود الكنيسة وتشمل جميع أقطار الأرض، كما أوصاهم المسيح إلهنا.
وفي اكتمال أيّام التعييد للفصح البهج، والفرح المقدّس يغمر أرواح المؤمنين لأجل قيامة الربّ وصعوده إلى السموات، تبلغ البهجة الروحيّة ذروتها يوم العنصرة. لقد أعطى آباء الكنيسة أهميّة كبرى لهذا العيد في عظاتهم، فاستفاضوا في شرح قداسة هذا اليوم. وعلى غرار الأعياد السيّديّة الكبيرة، خَصّصت الكنيسة أسبوعًا كاملًا للاحتفال بهذا العيد وإنشاد ترانيمه.
عندما نزل الروح القدس على الرسل، وعلينا نحن المعتمدين باسم يسوع المسيح، صار المسيح معنا في داخلنا بروحه الساكن فينا (رو 8: 9-11)، يُنير عقولنا، يخاطبنا، يُلهم أفكارنا، ويؤنّبنا على خطايانا، ويحثّنا إلى كلّ ما هو سلام ومحبّة وقداسة، ويجعل "كلّ الأمور تعمل معًا للخير للذين يحبّون الله". بنعمة روح الله يتحوّل اهتمامُ الذين آمنوا بالمسيح مخلّصًا للعالم، من جسدانيّ وأنانيّ مثبّت على المنافع الأرضيّة والضمانات الماديّة الهشّة والمتع الجسدانيّة، إلى روحيّ موجّه بحسب صوت الروح، الذي إذا ما أحبّه الإنسان وسار في إثره يختبر قوّة وسرورًا وسلامًا وهدوءًا وقداسةً لا يستطيع العالم أن يمنحها.
لقد منحنا الروح القدس "ناموسًا روحيًّا" جديدًا يحقّق التبرير من الخطايا والقداسة، ويضمن الخلاص إذا ما سلكنا في هذا النهج بأمانةٍ، مطيعين المسيح الساكن فينا بروحه، وحاملين الشهادة له في العالم بالأقوال والأفعال.