البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

فرق منسية| المسيو كوكلن.. دون سيزر

البوابة نيوز

عندما نريد التحديد فنحن أمام سجل يجمع بين دفتيه مجموعة من التراجم لرواد المسرح في مراحله الأولى وفيما تلاها، حتى وقتنا هذا، التى ازدحمت بالأحداث الفنية والاجتماعية، وتخللت خلالها حياة المسرح العربى عامة والمصرى خاصة، التى تسير بدافع من التطور المحتوم، وتكتسب أرضا جديدة بالوعى العربى، الذى لم يشغله فن التمثيل في الكثير أو القليل، فقد خرجت من تحت عباءة خشبته العديد من الفرق المختلفة، التى ساهمت بشكل كبير في خلق جيل واعٍ بالفنانين، والمخرجين، والكتاب، حتى أصبحوا أحد رموز الحركة المسرحية في مصر والوطن العربى. 
«البوابة نيوز» تستكمل هذا العام الباب الخاص بعنوان «فرق منسية» على مدى 30 ليلة من ليالى رمضان الكريم، والذى طرحته في رمضان الماضى، يلقى خلالها الضوء على عدد كبير من الفرق المسرحية المصرية والعربية على مر العصور، التى تركت بصمة واضحة في تاريخ المسرح، وذلك من خلال تجاربهم الإبداعية الهادفة، قدموا خلالها مواسم مسرحية لاقت نجاحا كبيرا داخل مصر وخارجها، فقد توقفت نشاط تلك الفرق عقب رحيل مؤسسيها، ولكن ظلت أعمالهم باقية وخالدة رغم الرحيل. 
حضر الممثل الفرنسى المسيو كوكلن إلى مصر في ١٨٨٨، ومثّل بالأوبرا الخديوية بعد أن قدم عدة عروض فنية بالأستانة، وكان الخديو وكبار رجال الدولة يحضرون تمثيله بالأوبرا – حسبما ذكر الدكتور سيد على إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، في كتابه الصادر بعنوان «تاريخ المسرح في العالم العربى في القرن التاسع عشر» – حتى سافر بعد ذلك إلى الإسكندرية، وقدم على خشبة مسرح زيزينيا رواية بعنوان «الدون سزار»، وكان الملعب غاصا بجمهور المتفرجين، يتقدمهم المحافظ وأعيان الثغر وكباره وعدد غفير من الناس، ولم يبق محل فارغًا على الإطلاق، وأثر هذا الممثل في قلوب الجمهور كأنه يتلاعب بها في حركات يديه بين الحزن والفرح والانقباض والانبساط، بالإضافة إلى روايته الشهيرة بعنوان «الباريزيان»، فقد أجاد هذا الممثل فنون أدائه وبدائع آياته. 
عاد كوكلن إلى الأوبرا الخديوية بالقاهرة في فبراير ١٨٨٨، وذلك بعد رحلته التى خاضها في الإسكندرية، فقد تقدمت نظارة الأشغال بمذكرة إلى مجلس النظار في أبريل من العام نفسه، ذكرت فيها: «أن المسيو تيودور جلازز مدير جوقة المسيو كوكلن المتجولة يلتمس امتياز تياترو الأوبرا الخديوية مع التنوير بالغاز ليقدم فيه عشر روايات تقوم بتمثيلها «سارة برنار وجوقها» وذلك في يناير ١٨٨٩.
ونظرا للنجاح البين الذى صادف المسيو كوكلن، وسارة برنار من الشهرة العظيمة بفن تمثيل الروايات، وترى اللجنة التياترية أن يجاب طلب المسيو تيودور المذكور، فقد تمت الموافقة على ذلك بدليل أقوال الصحف - حسبما ذكر المؤلف في كتابه - وصول الممثلة سارة برنار ومنها جريدة الأهرام في ٢٨ أبريل ١٨٨٨، عندما قالت: «ألمعنا فيما سبق إلى أن في عزم سارة برنار أشهر المشخصات والمغنيات في أوروبا المجىء إلى مصر لتمثيل بعض الروايات في مسرح الأوبرا الخديوية، وأن الحكومة المصرية رخصت لها بتمثيل عشر روايات على مدى شهرين، وهما ديسمبر، ويناير من العام التالى، إلى جانب تمثيل عشر روايات أخرى بمسرح زيزينيا بالثغر، وقد عينت المسيو سوسكينو لجمع الاكتتابات ممن يريدون حضور الليالى المومأ إليها.
يوضح لنا المؤلف أنه بعد ذلك لم نسمع عن المسيو كوكلن أى شىء، مع ملاحظة أن في ١٩٠٥ ظهرت إشارات أخرى في بعض الصحف عن جوق كوكلن الصغير، وهو غير كوكلن الكبير الذى تحدثنا عنه، ما أدى إلى وقوع بعض النقاد في خطأ الخلط بينهما، ومن هذه الإشارات ذكرت جريدة «المقطم» في ٨ أبريل ١٩٠٥، قائلة: «إن جوق المسيو كوكلن الصغير مثّل أمس في الأوبرا الخديوية رواية «روسيل الصغير»، فقد أجاد الممثلون في أداء أدوارهم، وسيمثل هذا الجوق في المساء رواية «فيدر».