البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

في ذكرى وفاته.. "المسافر" قصيدة للشاعر محمد الماغوط

الشاعر محمد الماغوط
الشاعر محمد الماغوط

تحل اليوم الجمعة ذكرى وفاة الشاعر محمد الماغوط، حيث رحل بعد ظهر يوم الثالث من أبريل من العام 2006 عن عمر يناهز 72 عامًا، وذلك بعد صراع طويل مع مرض السرطان، تاركا تراثا شعريا ومسرحيا أدبيا عظيما.
"البوابة نيوز" تنشر قصيدة "المسافر" للشاعر السوري الراحل محمد الماغوط في ذكرى رحيله.
بلا أمل..
وبقلبي الذي يخفقُ كوردةٍ حمراءَ صغيره
سأودِّع أشيائي الحزينةَ في ليلةٍ ما..
بقع الحبر
وآثار الخمرة الباردة على المشمّع اللزج
وصمت الشهور الطويله
والناموس الذي يمصُّ دمي
هي أشيائي الحزينه
سأرحلُ عنها بعيدًا.. بعيدًا
وراء المدينة الغارقةِ في مجاري السلّ والدخان
بعيدًا عن المرأة العاهرة
التي تغسل ثيابي بماء النهر
وآلاف العيون في الظلمه
تحدق في ساقيها الهزيلين
وعالمها البارد، يأتي ذليلًا يائسًا
عبر النافذةِ المحطَّمه
والزقاقُ المتلوي كحبلٍ من جثث العبيد
سأرحلُ عنهم جميعًا بلا رأفه
وفي أعماقي أحمل لك ثورةً طاغيةً يا أبي
فيها شعبٌ يناضل بالتراب، والحجارة والظمأ
وعدة مرايا كئيبه
تعكس ليلًا طويلًا، وشفاهًا قارسةً عمياء
تأكل الحصى والتبن والموت
منذ مدة طويلة لم أرَ نجمةً تضيء
ولا يمامةً تصدحُ شقراء في الوادي
لم أعدْ أشربُ الشاي قرب المعصرة
وعصافيرُ الجبال العذراء
ترنو إلى حبيبتي ليلى
وتشتهي ثغرها العميقَ كالبحر
لم أعد أجلس القرفصاء في الأزقه
حيث التسكع
والغرامُ اليائس أمام العتبات
فأرسل لي قرميدةً حمراء من سطوحنا
وخصلةَ شعرٍ من أمي
التي تطبخ لك الحساء في ضوء القمر
حيث الصهيلُ الحزين
وأعراسُ الفجر في ليالي الحصاد
بعْ أقراط أختي الصغيره
وأرسل لي نقودًا يا أبي
لأشتري محبره
وفتاه ألهث في حضنها كالطفل
لأحدثك عن الهجير والتثاؤب وأفخاذ النساء
عن المياهِ الراكدةِ كالبول وراء الجدران
والنهود التي يؤكل شهدُها في الظلام
فأنا أسهرُ كثيرًا يا أبي
أنا لا أنام..
حياتي، سوادٌ وعبوديةٌ وانتظار
فأعطني طفولتي..
وضحكاتي القديمة على شجرةِ الكرز
وصندلي المعلَّقَ في عريشة العنب
لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري
لأسافرَ يا أبي