البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"الصندوق الأسود".. يرصد حالات القهر الاجتماعي والاغتراب الوجودي

كتاب «الصندوق الأسود..
كتاب «الصندوق الأسود.. ومسرحيات أخرى»

يتناول كتاب «الصندوق الأسود.. ومسرحيات أخرى» للكاتب المسرحى محمد زناتي، الصادر ضمن سلسلة الإبداع المسرحى بالهيئة المصرية العامة للكتاب، أربعة نصوص مسرحية من الذات المفقودة وهي: «الصندوق الأسود»، «البرواز»، «رجل وامرأة»، «استغماية»، مسرحيات قصيرة ومكثفة، كأنها ومضات تمر خاطفة مكتشفة عن عوالم متحولة، زاخرة باللقطات والإيحاءات والرموز والعلامات المتحولة. وتبدو الشخصيات من خلال هذه الأعمال وكأنها ملقاة على خشبة المسرح بشكل عفوى تتلاقى مصادفة بكلمات مرتجلة، ومشاعر مبتسرة ومشاهد مقطوعة ومجتزأة لا علاقات تصل إلى نقطة تحقق ولا لحظات تعرف الاكتمال والإشباع، ومن هنا يفقد المكان وجوده المادى فلا يصير امتدادا بصريا أو مجالا تتحرك فيه الشخصيات في حوارات متقطعة ومرسلة معا، ولكنه يغدو مكونا للدلالة وصانعا لها، وليس ذلك فقط في إطار مادى للعرض وحركة الممثلين وتجلى الإضاءة والمشاهد.
في هذه النصوص الأربعة في شكلها المجمل فإنها تتبدى جاثمة، وضاغطة، أى حالات تعرضت للقهر الاجتماعي والاستلاب الجسدى والاغتراب الوجودي، إضافة إلى عالم يتفكك وينحل عن مواريث قهرية ورغبات منسية وعلاقات مخنوقة، من خلال لغة حوارية بسيطة وموحية ولقطات متتابعة ونسيج مسرحى دقيق ومكثف.
«الصندوق الأسود»
«محطة قطار في مدينة ما.. وأصوات القطارات والركاب تثير نوعا من الضوضاء.. تدخل امرأة عجوز ترتدى ملابس بسيطة جميلة خطواتها بطيئة ومحتضنة صندوقا أسود بحنو شديد فيوقفها رجل الأمن لاستكمال الإجراءات الأمنية» يأخذنا المؤلف إلى رحلة تدور أحداثها داخل محطة القطار، حيث توجد امرأة عجوز تريد أن تسافر إلى محطتها الأخيرة، ولكن الشرطى يوقفها لتفتيش الصندوق الذى تحمله، لكنها ترفض أن تعطيه له مما يعرضها للتحقيق، خاصة أن رجال الشرطة يكتشفون أن الصندوق بلا قفل وبلا مفتاح ولا يمكن أن يفتح.
«البرواز»
«امرأة تعطى ظهرها للجمهور، بقعة إضاءة مسلطة عليها، موسيقى توحى بالتوتر والاضطراب، تلتفت المرأة يمينا ويسارا ثم تنظر إلى الجمهور وهى واضعة يدها فوق جبينها وكأنها تكتشف شيئا ما أو تبحث عن شخص بين الجمهور، والموسيقى تصاحب كل حركاتها ثم فجأة صمت.. ولا يبقى إلا النظرات المملوءة بالحيرة» يتناول المؤلف في هذا العمل أن الجميع يلعب دورا ليس دوره، فكل شخصيات هذه المسرحية تعيش داخل برواز، ولكن هناك امرأة وحيدة ترفض هذا العالم ولا تريد أن تلعب هذا الدور الذى تعتقد أن هناك مخرجًا يصر أن يجعلها تؤدى دورا لا تريد أن تلعبه، بينما يلعب الجميع دورا ليس دوره فالكهل يلعب دور الطفل، والأسرة السعيدة ليست سعيدة، وكذلك الجيران الأوفياء ليسوا أوفياء وتتوالى أحداث العمل.
«رجل وامرأة»
«إضاءة ليلية حالمة، والمرأة في جهة مسلط عليها الضوء والرجل في الناحية الأخرى، حركات تعبر عن القلق والحيرة والانشغال والرجل والمرأة يشتركان في الحالة نفسها» يوضح لنا المؤلف أنه عندما يصبح الحب اعتيادا، حيث يعرض من خلال هذا للعمل الذى يدور حول خمسة مشاهد مسرحية تفاصيل الحياة التى تجعل الحب يتحول إلى اعتياد من خلال طرح علاقة بين رجل وامرأة يواجهان الكثير من الضغوط التى تجعل من قصة حبهما مجرد لقاء لا بد أن ينتهي.
«استغماية»
«غرفة هلامية الشكل مليئة بأناس منتشرين في أركانها ومسلط عليهم بقع ضوئية مختلفة الألوان عدا الرجل والمرأة مسلط عليهما بقعة واحدة مشتركة، هؤلاء الناس المسجونون بداخل الغرفة الهلامية من تم تقييدهم في المشهد السابق» يستعرض لنا الكاتب لعبة البحث عن الحياة، يضم العمل عشر شخصيات تبلغ عن نفسها بأنهم قتلى ويطالبون المحقق أن يبحث لهم عن القاتل، وذلك مما يجعلهم يتهمون بالجنون، ولكننا نكتشف أنهم يبحثون عن الحياة داخل هذا العمل.