البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

«الأوسكار 2020».. صراع سينمائي في زمن الحرب العالمية

البوابة نيوز

يسدل، فجر الإثنين، الستار على حفل جوائز أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة المانحة لجوائز الأوسكار، في نسخته الـ92، والمقرر إقامته على مسرح دولبي بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية.
تمثيلات الحرب في السينما لا تعد ولا تحصى، كما هو واضح في أفلام السينما بمختلف أنواعها وتصنيفاتها الفنية. فعلى مدى تاريخها، أطلقت السينما – خاصة الأمريكية – العنان للخيال لسرد قصص وبطولات الحروب من زوايا عدة، بعضها يمدح ويمجد والآخر ينتقد ويذم، لا لهدف سوى فرض الهيمنة والقوة المعنوية من خلال الأفلام الدعائية أو استحضار الحقيقة الأليمة للحرب من خلال الأعمال المناهضة.
وإذا ما نظرنا على بعض الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار هذا العام، نجد ثمة رابطًا مثيرًا للاهتمام ما بين الحرب العالمية الأولى، التي أبرزها المخرج الإنجليزي سام ميندز في فيلمه «1917»، والحرب العالمية الثالثة، ذلك المصطلح الجديد الذي نعيش في خضم معاركه خلال الوقت الراهن، ويتخذ من دول الشرق الأوسط ساحات لصراعه.
ففي نفس العام الذي قرر "ميندز" أن يسرد من خلاله حكايات جده الأكبر "ألفريد" عن الحرب العالمية الأولى، كانت تتشكل بذور نزاع طويل الأمد في منطقة الشرق الأوسط من خلال وعد "بلفور" الذي دعم إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين بعد انتهاء الحرب. قرار لاتزال تمزق تبعاته أوصال المنطقة العربية حتى اليوم.
وليست الحرب العالمية الأولى وحدها هي من أعادت ترسيم خريطة العالم، بل يتشكل ويتغير المحيط العربي حاليًا بطريقة يصعب على العقل البشري استيعابها أو مجاراة أحدثها، يتم القاء الضوء على أهوال الحاضر من خلال الوثائقيين السوريين «إلى سما» و«الكهف» المرشحين لجائزة الأوسكار، واللذين إن كانا في ظاهرهما يتطرقان للأزمة السورية من وجهة نظر إنسانية، إلا أنهما في جوهرهما يلقيان بظلالهما على واقع مرير أكبر تتصارع وتتشابك فيه مصالح دول كبرى تحت مظلة مصطلح جديد ظهر قبل وقت وجيز، وهو "الحرب العالمية الثالثة".

«1917» يواصل هيمنته على موسم الجوائز.. و«Parasite» على أعتاب دخول التاريخ
طوال موسم الجوائز، لم نسمع أي انتقادات طالت الفيلم الكوري الجنوبي «Parasite» للمخرج بونج جون هو، منذ حصده سعفة كان الذهبية العام الماضي. ومع ذلك، لم يسبق أن فاز فيلم بلغة أجنبية جائزة أفضل فيلم طوال تاريخ الأوسكار. إلى جانب ذلك، تتمتع أفلام الحرب بتاريخ حافل مع أعضاء الأكاديمية ما يجعل فيلم «1917» لمخرجه سام ميندز، الأقرب لحصد الجائزة الكبرى. 
فنحن أمام سيناريو شبيه لما جرى العام الماضي، حيث فاز الفيلم المكسيكي «Roma» للمخرج ألفونسو كوارون، بجائزة أفضل فيلم أجنبي وأفضل مخرج، وخسر جائزة أفضل فيلم أمام «Green Book» الأقل منه فنيا.
مع انطلاق الموسم، بدا آدم درايفر «Marriage Story»، هو الممثل المفضل لاكتساح فئة أفضل ممثل رئيسي، لقد جادل الكثيرون بشأن خواكين فينيكس باعتبار فيلمه «Joker» خيارًا مظلمًا للغاية بالنسبة لناخبي الأكاديمية. ولكن عقب طرح الفيلم في صالات السينما تمكن من تخطي حاجز المليار دولار وأعتبره الجمهور العمل الأكثر اتقانًا في عالم القصص المصورة بعد ثلاثية "نولان" الشهيرة، ما عزز من مكانته لدى الأكاديمية خاصة عقب حصد "فينيكس" جوائز جولدن جلوب، نقابة ممثلي الشاشة، اختيار النقادـ وبافتا. كان تواجد أنطونيو بانديراس «Pain & Glory» ضمن القائمة النهائية للأوسكار مفاجأة بعض الشيء، ليس تقليلًا من براعة أدائه ولكن بسبب الازدحام الشديد الذي تشهده هذه الفئة خلال الموسم. ومع تربع «Joker» على عرش ترشيحات جوائز الأوسكار، فإنه من المتوقع أن يتلقى الكثير من الدعم بحيث سيتمكن "فينيكس" من حصد أول جائزة أوسكار في تاريخه.
أداء النجمة رينيه زيلويجر، المتقن والمتعطش للمغنية والممثلة الراحلة جودي جارلاند خلال الأشهر الأخيرة من حياتها بفيلم «Judy» جعلها محط أنظار الكثيرين منذ بداية الموسم. فعلي الرغم من التحول البارع للنجمة تشارليز ثيرون إلى شخصية الإعلامية الأمريكية ميجان كيلي بفيلم «Bombshell» واعتبار أدائها من العقبات العثرة في طريق "زيلويجر"، إلا أن الأمر لم يستغرق وقتا طويلا حتى تلاشت هذه الثرثرة. بالتأكيد لم يبتسم الحظ للنجمتين معًا كما حدث من قبل عام 2004، حين فازت "ثيرون" بالجائزة الرئيسية عن فيلم "Monster" وحصدت "زيلويجر" الجائزة المساعدة عن فيلم "Cold Mountain"، فبعد حصول الأخيرة على جوائز الموسم الكبرى في العالم، بما في ذلك جولدن جلوب وجوائز "SAG" وبافتا، ستتمكن "زيلويجر" من اقتناص جائزة الأوسكار للمرة الثانية في تاريخها.
أما في فئة جوائز التمثيل المساعدة، توقع الجميع في هوليوود أن تحصل النجمة جينيفر لوبيز أول ترشيح لها عن دورها في فيلم لورين سكافاريا «Hustlers»، والمقتبس عن أحداث حقيقة لمجموعة من الفتيات المحتالات اللاتي يقررن التعاون معا من أجل قلب الطاولة على عملائهم السابقين. إذا كانت هناك فرصة للفوز فهي بالتأكيد ستكون لصالح لورا ديرن عن دورها في فيلم «Marriage Story»، والتي طال انتظارها طويلًا منذ عام 1992.
مما لا شك فيه، أن أداء براد بيت في فيلم «Once Upon a Time … in Hollywood» يستحق الثناء والتقدير من أعضاء الأكاديمية، لقد جسد دور مؤدي المشاهد الخطرة كليف بوث بشيء من الجمال والسكون المنضبط. سيكون من الصعب العثور على منافس قوي أمامه بهذه الفئة، خاصة عقب قبوله جوائز جولدن جلوب و"SAG"، اختيار النقاد وبافتا، فضلًا عن حضوره وشعبيته القويين لدى أعضاء الأكاديمية.

لعنة "عصابات نيويورك" تطارد سكورسيزي.. و3 أفلام عربية تزين قائمة الترشيحات
تُعد فئة الإخراج واحدة من أصعب الجوائز هذا الموسم، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية كانت هوية الفائز محسومة بشكل نهائي قبل أشهر من حفل الأوسكار، حيث أعتدنا منح الجائزة للمخرج الحائز على جوائز جولدن جلوب واختيار النقاد وبافتا والأهم جائزة نقابة المخرجيين الأمريكية، التي يتأهل صاحبها مباشرة لنيل اللقب، وهو ما حدث مؤخرًا مع الثلاثي المكسيكي "إيناريتو" و"ديل تورو" و"كوارون". 
لكن الأمر يختلف إلى حد ما مع المخرج سام ميندز، المرشح عن فيلم «1917»، فهو بالفعل حصد جوائز الموسم الكبرى جميعها ويعتبر الاسم الأوفر حظا لنيل الجائزة، لكن يتواجد على الطرف الأخر وبقوة المخرج الكوري الجنوبي بونج جون هو عن فيلمه «Parasite»، فهو لن يعود لبلاده خالي الوفاض عقب أن ضمن جائزة أفضل فيلم دولي، لكنه يستحق تكريما لائقا عن عمله الرائع على فيلم تناول الطبقية بطريقة مسلية وذكية.
لا تقل جوائز السيناريو شراسة في منافستها عن جوائز الأفلام والإخراج، إذ يتنافس فيلمي «Once Upon a Time … in Hollywood» و«Parasite» بقوة على جائزة أفضل سيناريو أصلي (مكتوب مباشرة للسينما)، لكن تبقى كوميديا "بونج" السوداء أقرب إلى حصد الأوسكار بعد الفوز بجوائز نقابة الكتاب الأمريكيين المرموقة وجائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام "بافتا". وتبقى دراما نواه بومباك العائلية «Marriage Story» بمقربة من ذلك الصراع. أما في فئة أفضل سيناريو معدل، قد تكون معالجة المخرجة جريتا جيروج لرواية الكاتبة لويزا ماي ألكوت «Little Women» واحدة من الأعمال المفضلة خلال الموسم، لكن بعد فوزه بجوائز الكتاب الأمريكيين وبافتا يبقى فيلم «Jojo Rabbit» للمخرج تايكا وايتيتي، الأقرب للفوز بالأوسكار.

وفي فئة أفضل فيلم دولي، فقد حسم فيلم «Parasite» سباق الفئة منذ فترة طويلة، وهذا لا يقلل من حجم الأعمال الأخرى، خاصة مع وجود المخرج الإسباني المخضرم بيدرو ألمودوفار بفيلم «Pain and Glory» والدراما الفرنسية القاسية «Les Misérables» للمخرج لادج لي.
وتشهد فئة أفضل فيلم وثائقي مشاركة عربية بفيلمان سوريان هما: «الكهف» للمخرج فراس فياض، و«إلى سما» لوعد الخطيب، التي من المرجح أن تخطف اللقب عقب فوزها مؤخرًا بجائزة بافتا. لكن من المحتمل أن تذهب الكتلة التصويتية إلى فيلم «American Factory»، الذي أنتجه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالتعاون مع شبكة "نتفليكس"، بسبب تماس موضوعه مع الداخل الأمريكي.
ويبقى فيلم «Toy Story 4» المفضل لدى أعضاء الأكاديمية بفئة الرسوم المتحركة، ويبقى على مقربة منه فيلمي «I Lost My Body» و«Klaus» الفائز مؤخرًا بالبافتا. وسيتقاسم فيلمي «1917» و«Ford v Ferrari» قطاع كبير من الجوائز التقنية.