البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

زي النهاردة.. 1970.. العالم العربي يفقد جمال عبدالناصر

الزعيم جمال عبدالناصر
الزعيم جمال عبدالناصر

امتزجت مشاعر الشعب المصري في جنازة الزعيم جمال عبدالناصر، بين الأسف والذهول وعدم التصديق، برحيل أعز الرجال، فدفعت تلك المشاعر الفياضة جماهير الشعب نحو غير المعقول، وتخطت كل الرسميات التي بدأت بها الجنازة المهيبة، متناسية تواجد كل ملوك ورؤساء العالم، الذين بدأوا المسير من مجلس قيادة الثورة لمسافة عشرة أمتار لا أكثر، حتى جرفهم طوفان المشاعر ليختلط الملوك بالشعب، مودعين القائد المُلهم، الذي اختلط بالشعب حيًا وميتًا، وأصبحت العربة التي تحمل النعش نقطة في بحر من البشر، الذين بدت محاولاتهم لاختطاف النعش من موضعه، كما لو أن كلا منهم يريد دفنه داخل قلبه.
نزل خبر وفاة «عبدالناصر» كالصاعقة، على جموع الشعب المصري، حينما تهادى إليهم صوت أنور السادات مُعلنًا رحيل حبيب الملايين في الثامن والعشرين من سبتمبر ١٩٧٠، ولكن الجنازة تأخرت اثنتى وستين ساعة انتظارًا لوصول ملوك ورؤساء العالم الذين أرادوا توديع زعيم الأمة العربية وأفريقيا، ليبدأ تشييع الجنازة في مثل هذا اليوم الأول من أكتوبر.. نُقل الجثمان بواسطة أربع طائرات هليكوبتر، من قصر القبة واتجهت إلى الجزيرة حيث مجلس قيادة الثورة، ولما ظهرت الطائرات الأربع في السماء تعالى نحيب الجماهير المتلاطمة، رافعين أياديهم إلى السماء وحناجرهم لم تتوقف عن الهتاف «ناصر.. ناصر.. ناصر..».
وبعد وصول النعش إلى مجلس قيادة الثورة، وضع على عربة مدفع وأطلقت ٢١ طلقة إيذانًا ببدء الجنازة المهيبة، التى لم تصل إلى كوبرى قصر النيل حتى تدافعت الجموع لتحول الجنازة الرسمية إلى شعبية، وتتوقف ويضطر أنور السادات وعلى صبرى إلى تلقى العزاء.
واستغرقت الجنازة نحو أربع ساعات، بدأت في العاشرة و١٨ دقيقة من مجلس قيادة الثورة، ووصلت إلى مسجد عبدالناصر في كوبرى القبة، في الثانية والربع وكان في انتظارها مئات الآلاف، يحيطون بالمسجد يهتفون «ابق معنا يا ناصر.. عبدالناصر يا أعز حبيب.. عبدالناصر لن يموت.. في جنة الخلد يا جمال».
وذكرت صحيفة «الأهرام» التى كان يرأس تحريرها آنذاك أستاذ الصحافة العربية محمد حسنين هيكل، في وصف ذلك اليوم «وسط طوفان من الدموع لم تذرف العيون مثلها من قبل، وبحر من الأسى لم يسبق للمشاعر أن عرفته، ولوعة حارقة تكاد تكون وحيدة عبر كل التاريخ، قطع موكب جمال عبدالناصر مسيرته الأخيرة في كوبرى القبة، حيث دفن البطل الذى قالت إذاعات العالم وهى تنقل مشهد جنازته: نحن لا نتصور العالم العربى بغير جمال عبدالناصر».