البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

خالد الأسعد.. عاشق تدمر الأثرية

 خالد الأسعد
خالد الأسعد

يعد الأثري الراحل خالد الأسعد من أهم الباحثين التاريخيين، ألف العديد من الكتب التاريخية عن تدمر والمناطق الأثرية في البادية السورية كما شغل منصب المدير العام للآثار ومتاحف تدمر منذ عام 1963 إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 2003.
الأسعد، الذي قتله داعش في الثامن عشر من أغسطس لعام 2015، كان أحد أهم علماء الآثار في سوريا والعالم، أعدمه تنظيم " داعش " الإرهابي وعلق جثته على عمود كهرباء بعد اتهامه بالعمالة للنظام السوري.
ولد خالد الأسعد في الأول من يناير عام 1934م بالقرب من معبد بل، العابق برائحة التاريخ وذكريات ملكة الشرق، في واحة غناء، عاش مع أسرة متآلفة محبة للعمل المشترك والروح الجماعية. حتى عام 1960م، كان أفراد عائلته البالغة 60 شخصًا يجتمعون حول مائدة واحدة. هو أب لستة أولاد وخمس بنات، درس المرحلة الابتدائية في تدمر ثم انتقل لمتابعة دراسته بدمشق بتفوق، درس في جامعة دمشق حصل على إجازة بالتاريخ، ثم على دبلوم التربية، لكن رائحة وعبق التاريخ جذباه للعودة للعمل بالآثار منذ عام 1962م كرئيس الدراسات والتنقيب في مديرية الآثار بدمشق، ثم في قصر العظم حتى نهاية عام 1963م. ومنذ عام 1954م، بدأ نشاطه السياسي بحزب البعث العربي الاشتراكي: كأمين فرقة، عضو قيادة شعبة، أمين شعبة، كان للأحداث التي طرأت على تعبيد طريق تدمر عام 1961م وقعٌ خاص في نفسه، فقد أصبحت المسافة قصيرة وغدا السفر ممتعًا، كما أصبحت تدمر مديرية منطقة، وأخذ التوسع العمراني والزراعي والصحي والتعليمي بكل مراحله للبنين والبنات يرسم المدينة الجديدة منذ عام 1963م، وساهمت شركات النفط والفوسفات في امتصاص اليد العاملة وبداية آفاق مستقبلية واعدة. وفي العام 1970م، لم يكن عدد سكان تدمر يتجاوز ثمانية عشر ألف نسمة.
لقد اتخذت تدمر شكلها الحالي منذ عام 1930م بعد ترحيلها من معبد بل وما حوله، ومخططها الحالي لا يتجاوز 3000 هكتار، كما وصلتها الكهرباء عام 1936م. وفي العام 1982م، تم تعبيد الطريق الدولي دمشق-تدمر "دير الزور" الذي جعلها واسطة العقد بين المدن السورية وفتح مجالات للعمل التجاري والخدمي والمواصلات؛ ومع إقامة المنشآت السياحية والفنادق والمطاعم والأركان البدوية لخدمة المجموعات السياحية التي أصبحت تدمر مقصدها.
بدأت حياته العملية منذ عام 1963م كمدير لآثار ومتاحف تدمر بالتعاون مع نخبة من العاملين بحقل الآثار واجتهد لتطوير المؤسسة الأثرية بتدمر علميًا وإداريًا ودعمًا ماديًا من الدولة والبعثات الأجنبية المشتركة، تأثر بمقولة المفكر اليوناني شيشرون "من لا يعرف التاريخ يبقى طفلًا أبدا الدهر"، من هنا جاء اهتمامه بحماية المواقع الأثرية والحفاظ عليها كنزًا جميلًا للأجيال القادمة، ونشر تاريخ تدمر ومكتشفاتها، والمشاركة بالمعارض الدولية والندوات الأثرية بكل اللغات، حتى أصبحت تدمر الوجهه الحضارية لسوريا ومحج لكبار شخصيات العالم، ملوكًا، ورؤساء وقادة ووزراء وعلماء يعتبرون زيارتهم لتدمر الحلم الذي يراود المخيلة والمطلب الأول للسياحة الثقافية في الشرق الأدنى، مزينة بالرسوم والنقوش والأزهار والتماثيل الرائعة. هو خير من قدَّم تدمر بأبهى حالاتها للزوار، وشرح لهم عن مقدرة الإنسان العربي بتشييد هذه الحضارة، وكيف استطاع أن يخلق من الحجارة الصماء الصروح والأوابد، والمنشآت العسكرية والمائية في قلب البادية وبعيدًا عن الأنهار الكبيرة ويحولها إلى جنة وارفة الظلال.
اجتهد خالد الأسعد وطور نفسه، فقد تعلم اللغة التدمرية الآرامية، ومنذ عام 1980 يترجم النصوص السابقة والمكتشفة أثناء التنقيبات، فهي عربية المعنى مع اختلاف رسم الحروف فقط؛ كما يُتقن اللغة الإنجليزية.
تجدر الإشارة إلى أن خالد الأسعد، ورغم تقاعده الوظيفي، إلا أنه كان يواصل نشاطه وعمله في الآثار ويقدم خبراته لكافة البعثات العاملة في مدينة تدمر، لاسيما فيما يتعلق بالنصوص التدمرية التي تظهر بين الفينة والأخرى.