البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الفرق الشامية أسست لمرحلة متطورة بالمسرح المصري

البوابة نيوز

يلعب المسرح دورا كبيرا فى حياة الناس، ويساعد فى تشكيل فكرهم ووجدانهم، سعيا فى إيصال رسالته السامية لهم، حيث خرجت من عباءته أجيال كبيرة من الفنانين والمخرجين والكتاب أصبحوا أعلاما بارزة فى ذاكرة المسرح المصرى والعربي.
والمسرح كما هو معروف فى طابعه الغربى لم يعرفه المصريون إلا فى عهد الخديو إسماعيل، وقبل ذلك كانت هنا بوادر بسيطة أيام الحملة الفرنسية، عندما أقام الفرنسيون مسرحًا فى منطقة الأزبكية، وفكر إسماعيل فى أن يحيل مصر إلى قطعة من أوروبا، ويحسب له أنه صاحب النهضة الحديثة لمصر، وأصبح اهتمامه بالمسرح جزءا من كل الحركة النهضوية التى أرادها بمصر الحديثة.
وبدأ المسرح المصرى يتشكل، ونرى يعقوب صنوع عندما سافر إلى إيطاليا واطلع على المسرح الأوروبى هناك، فكر فى أن ينشئ مسرحًا بمصر، وكان أشبه فى تلك الفترة بمكان يجمع مجموعة من الناس فى مقهى ويقدم الفنون التى يتغذى عليها الإنسان المصرى والمقصود بها النواحى الشعبية أى المسرح الشعبي، بدأ يتجه إلى توظيف ظاهرة الارتجال فى مسرحه، وقدم أول عمل مسرحى بعنوان «الوطن والحرية».
وانتقل المسرح المصرى بعد «صنوع» إلى حقبة جديدة، ثبتت دعائم المسرح فى التربة المسرحية، وفى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، قدم إلى مصر عدد من الفرق الشامية التى أقيمت بمدينة الإسكندرية، واعتمدت على المسرح الغنائي، فكانت الذائقة الأولى للمصريين فى تلك الحقبة هى المسرح الغنائي. وبدأت فرقة «أبو خليل القباني» ريادتها بمصر فى ١٨٨٤، كان أول من أسس مسرحا عربيا فى القرن التاسع عشر فى دمشق، حاملا معه عصر الازدهار للمسرح العربي، قدم أول مسرحيته بمصر وهى «أنس الجليس»، التى زادت من شهرته أكثر، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأعمال المسرحية المتميزة داخل مصر وخارجها.
وانبثقت من فرقة أبو خليل القبانى فرقة «إسكندر فرح»، التى استعانت بمجموعة من الفنانين الشوام المقيمين بمصر، وأنشأ مسرحا فى شارع عبدالعزيز بالعتبة، وأصبح مكانه الآن سينما «أوليمبيا»؛ حيث افتتح هذا المسرح بالعرض المسرحى «عائدة»، وكان افتتاحا مؤقتا، وعرضت مسرحياته على مسرح حديقة الأزبكية، وهى «أبوالحسن المغفل»، «أبوالعلا»، «ملتقى الخليفتين»، «قوت القلوب»، وانتقل بعدها إلى مسرح كازينو بحلوان، وقدم مجموعة أعمال حضرها الخديو، منها «الرجاء بعد اليأس»، «محاسن الصدف»، «أبوالحسن المغفل».
فيما بدأ «سليمان القرداحي» فى تأسيس فرقته بمصر ١٨٨٢، خاض خلالها جولة إلى أقاليم مصر فى رحلة فنية طويلة، قدم من خلالها مجموعة من المسرحيات التى تميز بها وحققت نجاحا مثمرا، وأعطته الحكومة قطعة أرض بجوار شاطئ الإسكندرية فى منطقة هيئة البريد بالمنشية فى ١٨٩٤ ليقيم عليها مسرحا، وأطلق عليه «مسرح قرداحى»، وبدأت فرقته أول عرض وهو «أوتللو»، كما قدمت فرقة «سليم النقاش» مجموعة من الأعمال المسرحية العربية فى تياترو زيزينيا بالإسكندرية فى ١٨٧٦، وهو رائد المسرح العربى فى مصر.
وكوّن «جورج أبيض» فرقته الجديدة فى ١٩١٧، وضمت مجموعة من الفنانين، وهم عبدالرحمن رشدي، محمد عبدالقدوس، عمر وصفي، فؤاد سليم، دولت أبيض، حيث قدمت موسما مسرحيا ناجحا بدار الأوبرا، وشارك فى تأسيس معهد التمثيل الحكومى فى ١٩٣٠، وكان الأستاذ الأول لمادة التمثيل لمدة عامين، إضافة إلى دوره الريادى فى السينما حيث قدم أول فيلم غنائى مصرى بعنوان «أنشودة الفؤاد» فى ١٩٣٢، من تأليف لازار، وقصة وسيناريو وحوار خليل مطران، شارك فيه زكريا أحمد، جورج، نادرة، عبدالرحمن رشدي، ليان دارفيل، وغيرهم، وشغل هذا العمل حيزا من اهتمامات الفن السابع والحياة الغنائية والموسيقية، وغيرها من الفرق العربية والمصرية التى حملت على عاتقها عصر الازدهار والنهضة المسرحية بمصر. وكان من الطبيعى أن تستكمل رحلة المسرحى المصرى مع ثورة ١٩٥٢، ذلك الحدث السياسى الذى غير من طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية فى مصر، واستطاع الفنانون المصريون تقديم إبداعات جديدة فى شتى المجالات الفنية والثقافية وغيرها وتدخل على أبواب الستينيات التى كانت بمثابة أزهى فترات المسرح بمصر.