البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

قصة كفيف حبس ابنتيه 20 عامًا داخل "عشة فراخ"

قصة كفيف حبس ابنتيه
قصة كفيف حبس ابنتيه 20 عامًا داخل "عشة فراخ"

حين يجتمع الفقر والمرض معًا، تُقتل الآمال وتدفن الأحلام، وتتحول الحياة بكل ما فيها إلى سجنٍ قاتم الظلمات، لا تجد فيه غير بحور المآسى التي لا تنضب، وكأس المرار والظلم الذي لا يجف، حتى يتيقن الإنسان أن الزمان كتب عهدًا موثقًا بعدم الخروج منه؛ إلا وأنت محمولًا إلى قبرك.
هنا في محافظة المنوفية، وتحديدًا في مركز أشمون، اجتمع القدر والزمان معًا وأصرا على اغتيال أسرة بأكملها دون أدنى إرادة من أصحابها، فبعد أن وارى التراب جسد الأم، ورحل النور عن عين الأب، قرر المرض افتراس أبنائها رافضًا أن يترك منهم أحدًا سوى العقل والبنيان.
البداية كانت قبل 40 عامًا، عندما تزوج عم "رشاد أبو سمك" ورُزق بـ 5 أبناء متفاوتين في العمر،"3 ذكور و2 من الإناث"، مصابين بأمراض عقلية وجسدية، فارتضى بنصيبه الذي اقتسمه قدره إياه، مكملًا حياته "أرزقي على باب الله" ليسد جوع أبنائه، ساعيًا إلى إيجاد علاج يداوي به فلذة كبده، فلم يترك بابًا "الطب - الروحانيات - الخزعبلات - الوصفات" إلا وطرقه راجيًا الشفاء؛ لكن دون جدوى، حتى واصل القدر إصراره لترحل زوجته وتتركه غارقًا وحده في بحور العذاب.
لم يكف القدر عن عذاب صاحب الستين ربيعًا إلى هذا الحد، فبعد أن أنهك الحزن ما تبقى منه بوفاة زوجته؛ واصل القدر ضرباته مجددًا والتي كانت بمثابة الطامة الكبرى، فسُلب نور عينيه؛ ليظل الأب هائمًا في بحر الظلمات طيلة حياته، أسيرًا داخل منزله عاجزًا عن مساعدة نفسه أو أبنائه.
لم يعرف عم "رشاد" وأسرته للنور طريقًا، فالمرار شرابهم والنكبات طعامهم والظلمات ثباتهم ومضجعهم، وكلما كبر الأبناء زاد العذاب، فالأمراض العقلية تجعل البنتين تهرولان ليلًا نهارًا في الشوارع والبلدان، دون أدنى وعي أو إدراك، ما اضطر الأب لحبسهما في "عشة فراخ" أعلى منزله، لمدة 20 عامًا، بعد أن رفضهما كل من مستشفيي "شبين الكوم – والعباسية" للأمراض العقلية عشرات المرات، لتظل "فاطمة ووفاء" لا تعرفان شيئا عن الدنيا غير أربعة جدران دون سقف.