البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

فى ذكرى العاشر من رمضان..تحية عسكرية من جنود العدو لأبطالنا

البوابة نيوز

سيد زكريا هزم فصيلة كوماندوز إسرائيلية بمفرده.. وجندى إسرائيلى يسلم متعلقاته بعد 20 عامًا من المعركة ويعترف ببسالته
الفهد القناص كسر أرقام الجنود الروس فى توجيه الصواريخ بمعدل أكثر من %60.. ونجح مع أفراد كتيبته فى تدمير 56 دبابة معادية



«العاشر من رمضان» عام ١٣٩٣ هـ.. يوم لن ينساه التاريخ على مر الزمان، حيث سطر فيه أبطال مصر حكايات وبطولات يلجأ لها الكثيرون لتحصين الوعى للأجيال القادمة لتكون وهجا ساطعا ورافدا ثريا يفجر الطاقات الإبداعية نظما ونثرا بالكلمات وومضا بالعدسات وعزفا بالأوتار ليملأ وجدان الأجيال القادمة فخرا وشموخا لانتسابهم لهذا الوطن الذى طالما جاد بالشجعان من رجاله، وما زال التاريخ يحفظ انفرادا للمقاتل المصرى على مر العصور، وحده المقاتل المصرى الذى كانت له التحية من عدوه ونده، فسيذكر التاريخ على مداره تحية عدونا للمقاتل سيد زكريا، عندما ظنوا أنهم يحاربون سرية أو مجموعة صاعقة، وتبين لهم بعد استشهاده أنه الأسد سيد زكريا، أيضا كانت تحية العدو بعد استسلامه للمقاتل زغلول فتحى، الذى تسلم الموقع وأجبره على تنكيس علمه، ورفع البطل علم قواتنا المسلحة على موقع لسان بور توفيق، وتحية المنهزم بعد أسره فى أكبر معركة دبابات فى التاريخ الحديث فى الثامن من أكتوبر لقناص الدبابات البطل محمد أحمد المصرى، وقائده البطل يسرى حسان وقائده الأعلى البطل حسن أبوسعدة..

«البوابة نيوز» تقدم بعضا من نماذج بطولة هؤلاء الذين تلقوا التحية من عدوهم اعترافا منه بقدرتهم وتفانيهم وفدائيتهم من أجل الوطن، وهى قصص الأبطال سيد زكريا، ومحمد المصرى، وزغلول فتحى.
أسد سينا.. الشهيد عريف سيد زكريا خليل
واحد ممن سيذكرهم تاريخنا المجيد بالفخر، هو الشهيد البطل سيد زكريا ذلك الفلاح البسيط ابن أرض مصر الطيبة، والذى واجه بمفرده قوة إسرائيلية عبارة عن فصيلة كاملة فوق أحد المواقع بجنوب سيناء، لم يرتجف ولم يتخف ولم يُؤثر السلامة بطلب الاستسلام للأسر، وإنما أعلن عن نفسه وانتصر لكرامته ولأرضه، وقتل كل أفراد هذه الفصيلة إلا واحدًا منها هو الذى قتل البطل، والذى استشهد فى صمت، ولكن الأعداء الذين ذاقوا الموت على يديه لم يستطيعوا إزاحته من قلوبهم وعقولهم ففتحوا كتابه وأذاعوا صفحاته على الملأ بعد ٢٢ عامًا؛ حيث ذاع صيته فى ألمانيا عام ١٩٩٥، عندما توجه مسئول إسرائيلى فى برلين إلى رئيسة المكتب الدبلوماسى المصرى عزيزة مراد فهمى، وروى لها تفاصيل المعركة البطولية التى أدارها هذا البطل، ثم قام بتسليم متعلقاته التى احتفظ بها كجندى إسرائيلى سابق على مدار ٢٢ عامًا.
سيد زكريا من مدينة الأقصر «نجع الخضيرات»، تقدم لأداء واجبه الوطنى تجاه جيش بلاده عام ١٩٧٠، وانضم إلى قوات الصاعقة، وفى حرب العاشر من رمضان كُلفت وحدته الصغيرة بالاستعداد للعمل خلف خطوط العدو بجنوب سيناء، وبالقرب من محاور اقتراب قوات العدو على هذا الإتجاه لعرقلتها وإحداث أكبر خسائر بها، وفى يوم ١٧ رمضان - ١٣ أكتوبر ٧٣، تم إبرار تلك القوة المحدودة واتخذت من بعض الهيئات الحيوية الحاكمة موقعا كقاعدة تنطلق منها جماعات صغيرة لتنفيذ المهام المكلفة بها، وعندما تعددت عملياتها الجريئة كثفت قوات العدو استطلاعها للمنطقة، ثم قامت بإسقاط فصيلة مظلات بالقرب من قاعدة الدوريات، فحاصرتها ودار قتال عنيف بين القوتين، ومن خلال هذا الحصار تسلل البطل سيد زكريا ومعه سلاحه الفردى، وكمية كبيرة من الذخيرة، إلى موقع حيوى يسيطر على ميدان المعركة، ثم أخذ يطلق نيرانه المركزة على المظليين فى جميع الاتجاهات، إلى أن أفناهم عن آخرهم بمن فيهم قائدهم عدا جندى إسرائيلى تمكن من الالتفاف مستترا وهو يرصد هذا البطل الذى قتل جميع زملائه، وقبل أن يلتفت إليه ليقتله هو الآخر، كان هذا الجندى الإسرائيلى قد عاجله بدفعة رشاش سريعة، ليستشهد البطل سيد زكريا فى الحال، ومن منطلق انبهار هذا الجندى الإسرائيلى بفدائية وبسالة سيد زكريا، وعندما تأكد من موته زحف نحوه بحذر إلى أن وصل إلى جثمان الشهيد، وأخذ يجرده من جميع متعلقاته بما فى ذلك بطاقته العسكرية، ولم يفكر هذا الجندى الإسرائيلى فى سرقته - كما ذكر فى تفاصيل روايته - وإنما أراد الاحتفاظ بها تذكارا لهذا المقاتل الفذ وروحه القتاليه العالية وشجاعته الفائقة، التى لم يصادف أن قرأ مثلها من قبل، إضافة إلى إحساسه بالفخر لأنه هو الذى قتل هذا الأسد المصرى، أو حسب قوله لصحيفة: يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: «إنه فعلا أسد... قاتل بشراسة... وحصد فصيلة كاملة من الجنود المظليين... وحصد أرواح كل من كان فيها»، كما قال فى نفس الصحيفة: «لقد فعلت ذلك بعد كل هذه المدة؛ لأننى أطالب بمنح هذا الجندى أرفع الأوسمة على شجاعته الفائقة».

القصة الثانية
الفهد القناص.. رقيب مجند محمد عبدالمنعم المصري
أحد أبطال وحدات المظلات الذين أذهلوا العدو بصلابتهم وقدرتهم على تحدى الصعاب، هو الرقيب مجند محمد عبدالمنعم المصرى، من قوة إحدى وحدات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، التى اشتركت فى معارك رمضان - أكتوبر المجيدة، فى قطاع الجيش الثانى الميدانى، وبطلنا يُعد صاحب أعلى رقم قياسى عالمى فى عدد الدبابات التى دمرها إذ بلغ مجموع ما دمره فى حرب رمضان - أكتوبر، ٢٧ دبابة إسرائيلية، وهو أيضا الذى دمر بصاروخه دبابة العقيد عساف ياجورى قائد لواء ١٩٠ مدرع الإسرائيلى الشهير، الذى طلب أن يراه، فبعد أن تم أسره طلب عساف كوب ماء ليروى عطشه، ثم طلب مشاهدة الشاب الذى ضرب دبابته، ثم أخذ عساف ينظر لهذا الشاب المجند الذى استطاع كسر كبرياء العسكرية الإسرائيلية.
عبدالمنعم من مواليد الأول من يونيه، لعام ٤٨، بقرية شنبارة مركز ديرب نجم محافظة الشرقية، وبعد أن أتم مرحلة التعليم الأساسى اشتغل بمهنة آبائه وأجداده وهى «الفِلاحة»، وعندما جاء دوره لتلبية نداء الوطن انضم إلى سـلاح المظلات، وترقى فى الدرجات حتى درجة رقيب مجند. وقال واحد من أبطال فصائل المولتيكا، التى قال عنها الخبراء الروس عند دخولها الخدمة فى القوات المصرية، إن المصريين يحتاجون إلى عشرات السنين لاستيعاب كيفية عملها، بدءًا من زمن تجهيز وإطلاق الصاروخ الذى يستغرق ١٠٠ ثانية، ولا يصل إلى هذا الرقم سوى الجندى الروسى -على حد زعمهم- ولكن الجندى المصرى بروح الإصرار استطاع أن يضرب بذلك عرض الحائط، وتمكن من أن يصل بهذا الرقم إلى ٤٠ ثانية أقل ٦٠٪ بالمقارنة إلى نظيره الجندى الروسى، فكان البطل شديد التركيز والصبر خلال التدريبات العملية، حتى جاءت أيام الرماية العملية، وكان دائما الأول على الرماة، إذ إنه يصوب السلاح ويحكم التصويب ولا يخطئ هدفا فكان يتمتع بمهارة عالية فى استخدام السلاح، وقدرة متميزة على تمييز الأهداف وسرعة فائقة فى إصابة الأهداف، مما جعله مميزا بين زملائه الجنود، وبعد أن أنهى مرحلة التدريب التخصصى، وآن الأوان أن ينضم إلى المقاتلين فى الميدان لكى يخوض الغمار، انضم البطل إلى إحدى وحدات الفهد، وفيها ما يرضى تكوينه واستعداده الفطرى، فعملها أقرب إلى أعمال الفدائيين، ومن الساعة الأولى بدأت هناك التدريبات الجادة على القتال وتنفيذ المهام.
ويحل على الجبهة شهر رمضان، وقد وزعت فصيلة بطلنا للعمل فى قطاع الجيش الثانى، واندمج البطل وانخرط مع الجنود من المشاة، ومن شتى الأسلحة الذين يكونون فريق القتال، إنها معركة الأسلحة المشتركة.

معارك اشترك فيها البطل
جاءت اللحظة المرتقبة لحظة القتال كان وقتها العريف محمد عبدالمنعم المصرى أحد رجال الفصيلة الثانية من كتيبة الفهد، الذى عبر القناة مع الموجات الأولى فى حوالى الساعة الثالثة عصر العاشر من رمضان جنوب جزر البلح، وهو فى نشوة وعزم على أن يحقق أقصى ما يملك، وخلال المدة من العاشر من رمضان حتى الثامن عشر ١٣٩٣، ٦ - ١٤ أكتوبر ١٩٧٣م، فى معاونة أعمال قتال الجيش الثانى الميدانى أثناء صد الهجوم المضاد للعدو، وفى يوم ٨ أكتوبر استشهد المقدم صلاح حواش، وانعكس ذلك بالإيجاب على البطل وزملائه من الجنود بالاستبسال بكل عزم وتصميم فى تنفيذ المهمة المكلفين بها، وتصدوا لدبابات العدو ونجحوا فى تدمير أعداد كبيرة من دبابات العدو، مما أدى إلى فشل الهجوم المضاد بعد تكبد العدو خسائر جسيمة، وانسحب ما تبقى من قواته شرقا، وخلال المدة من ٦ - ١٤ أكتوبر نجح أفراد الكتيبة فى تدمير ٥٦ دبابة معادية. 
ويذكر للبطل فى صباح ٧ أكتوبر، عندما كانت المواجهة مع الدبابات أكثر ضراوة، أثر ذلك فى دفع العدو بقوة من الدبابات فى محاولة لأن يدمر القوات قبل أن تنضم إلى قواتنا المدرعة، وقتها كانت فصيلته تعمل فى قطاع إحدى وحدات المشاة، وتقدمت دبابات العدو طراز أم ٦٠ فى محاولة منها لتطويق كتيبة المشاة، وفى هدوء بالغ تبعثر السكون المخيم حيث انطلقت صواريخ البطل محمد المصرى من جوف الأرض، ومن الحفر جيدة التمويه، وانفجرت لتدمر دبابات العدو مع زملائه البواسل، ودفع العدو فى قطاع اللواء بقوة ثلاثين دبابة، وبدأ الهجوم المدرع للعدو رهيبا وغبار الدبابات يتصاعد يغطى وجه السماء، وأصوات الجنازير صاخبة هادرة، وهؤلاء الرجال من فصيلة الفهد صامتون، والبطل وقتها كان فولاذى الأعصاب عيناه لامعتان، يقبض على كل زمام الأنفاس والنفس والأعصاب فى حفرته المموهة، لا تظهر حتى لأقرب العيون، وتدخلت دبابات العدو لتصل أو تكون على كثب تماما من مركز قيادة اللواء المشاة، وانطلقت صواريخ المصرى وزملائه من مكمنها، وفوجئت الدبابات بالرجال يدمرون فى بضع دقائق سبع عشرة دبابة.
وفى يوم ٨ أكتوبر، قامت القوات الإسرائيلية من هول مفاجأة العبور يوم ٦ أكتوبر بحشد احتياطياتها المدرعة، وهاجمت بقواتها المدرعة لسحق قواتنا الباسلة، ولإحداث ثغرة فيها، ودمرالبطل المصرى ثلاث دبابات للعدو، وباستمرار القتال أكمل البطل ثمانى دبابات، هى كل ما جاء فى مرمى صواريخه، ومن هذه الدبابات التى دمرها دبابة العقيد عساف ياجورى قائد اللواء ١٩٠ مدرع، الذى سقط أسيرا للبطل المصرى، وقبل أن ينتهى الثامن من أكتوبر الثانى عشر من رمضان، يسجل البطل الرقم العظيم فى تدمير دبابات العدو، إنه فى هجوم على مركز قيادة اللواء، وفى محاولة لشق مواقع الكتائب، يدمر البطل تسع دبابات للعدو، لقد أقر الجميع وقتها له بالفداء والتضحية والشجاعة والبذل وروعة الأداء، وأصدر قائد اللواء المشاة أوامره بترقيه العريف محمد المصرى إلى درجة الرقيب، ومنح فصيلته مبلغ ٥٠٠ جنيه، وقد عُرضت بطولته التى تمثلت فى تدميره وحده أكبر عدد من دبابات العدو، وهى عدد ٢٧ دبابة، من أصل ٣٠ صاروخ فهد منها دبابة العقيد عساف ياجورى قائد اللواء ١٩٠ مدرع الإسرائيلى، ومُنح البطل رقيب مجند محمد المصرى، وسام نجمة سيناء من الدرجة الثانية، على ما فعله من بطولات وما قدمه من بسالة وشجاعة. 

ذكريات البطل عن معارك رمضان
يقول البطل محمد المصري: «أصعب وقت عشته كان قبل تدمير أول دبابة، لأننى كنت قبل دخول الحرب أتدرب على أهداف هيكلية، أى أننى كنت أواجه دبابة حقيقية لأول مرة، وكنت مرتعبا من هذه الفكرة، خاصة أن الصواريخ التى كنا نستخدمها وهى روسية الصنع تسمى فهد (طولها ٨٦ سم ووزنها ٦ كجم)، صعبة الاستخدام، لأنها يتم توجيهها بسلك عن طريق صندوق التحكم الذى أحمله، وكنت أعرف تكلفة الصاروخ الكبيرة التى تتحملها البلد، وأعرف ان أى خطأ فى توجيهه سيكون إهدارا للمال بدون وجه حق، وفى يوم ٧ أكتوبر خرجت فى أول مهمة مع طاقمى المكون من جنديين، يتوليان تجهيز الصواريخ، لأقوم أنا بإطلاقها، وبعد مرور حوالى نصف ساعة، ظهرت أول دبابة إسرائيلية، فبدأت فى تجهيز معداتى فى انتظار اقترابها حتى تصبح على بعد ٣ كم منى، حيث إن هذا هو أقصى مدى لتأثير الصاروخ، أما مداه الزمنى فيصل إلى ٢٧ ثانية، وإذا لم يصل لهدفه فى المسافة والوقت المحددين، فإنه ينفجر فى الهواء، وقبل أن أطلق الصاروخ اقترب منى قائدى المباشر النقيب صلاح حواش، ووضع فى جيبى مصحفه الصغير، وقال لى بصوت مسموع: لا إله الا الله، وأجبت بحماس: محمد رسول الله.. ثم دخلت الدبابة منطقة التأثير، فأطلقت أول صاروخ ولم أصدق نفسى وأنا أرى الدبابة تحترق، وبعد أن أصبت الدبابة صاح قائدى «مسطرة يا مصري»، يقصد بها أننى قد وجهت الصاروخ بدقة شديدة كما لو كنت أستخدم المسطرة فى قياس المسافة.. وبعد ذلك بدأت أشعر بالثقة والابتهاج الشديدين، كلما أصبت دبابة، حتى بلغ عدد الدبابات التى دمرتها ٢٧ من جملة ٣٠ صاروخا استخدمتها طوال الحرب، وحققت بذلك رقما قياسيا فى تدمير الدبابات، إذ إن المعدل العادى لصائد الدبابات هو من ٦ إلى ١٠.

زغلول فتحى بطل «حصن كواى»
معركة حصن لسان بورتوفيق أو معركة «حصن كواى»، هى إحدى معارك حرب أكتوبر، وقعت فى حصن لسان بور توفيق، أحد حصون خط بارليف ٦ أكتوبر ١٩٧٣.
حيث يعتبر لسان بورتوفيق الممتد من الشاطئ الشرقى للقناة بمثابة برزخ داخل خليج السويس، إذ تحيطه المياه من ثلاث جهات، ويصل طوله إلى كيلو مترين، ويتراوح عرضه ما بين ٥٠ و٣٠٠ متر. وطبيعة اللسان صخرية مما يصعب معه رسو القوارب المطاطية عليه. ويمتد على اللسان من جهة الغرب المدخل الجنوبى لقناة السويس، الذى يبلغ عرضه حوالى من ٣٠٠ إلى ٤٠٠ متر، وهو أقصى عرض للقناة، كما يشرف اللسان فى الجنوب على خليج السويس.
وقد أقام العدو حصنا منيعا من حصون خط بارليف عند منتصف اللسان فى مواجهة بورتوفيق، وأطلقوا عليه اسم «حصن كواي»، وكانوا يستغلونه بحكم موقعه المشرف لإدارة نيران مدفعية النيران والمدفعية بعيدة المدى، لقصف المناطق المصرية الحيوية على الضفة الغربية للقناة، وهى مناطق بورفؤاد والسويس ومعامل البترول بالزيتية والقاعدة البحرية بميناء الأدبية، وللإشراف بالملاحظة على منطقة بعيدة ممتدة تشمل خليج السويس حتى منطقة السادات خاصة باستخدام الوسائل البصرية.
ووفقا للخطة الموضوعة، أسندت إلى الكتيبة صاعقة من مجموعة صاعقة الموضوعة تحت قيادة الجيش الثالث، والتى كانت يتولى قيادتها العقيد أ. ح. فؤاد بسيوني، مهمة الإغارة على موقع لسان بورتوفيق واحتلال اللسان، بهدف معاونة أعمال قتال الفرقة ١٩ مشاة التى كانت تعمل على الجانب الأيمن للجيش الثالث الميداني. وفى الساعة الثانية وخمس دقائق بعد ظهر يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣، بدأ التمهيد النيرانى للمدفعية، ولم يتم قصف موقع اللسان كما كان مخططا، ولكن أسلحة الضرب المباشر بدأت فى إطلاق نيرانها، وتم فتح ثغرتين فى موقع العدو، وعند بدء القصف قام العدو بدفع ٥ دبابات من احتياطيه التكتيكى خارج الموقع إلى داخل اللسان.
وفى الساعة السادسة والدقيقة الأربعين، مساء يوم ٦ أكتوبر، دفع قائد كتيبة الصاعقة سرية الصاعقة المخصصة لمهاجمة النقطة القوية الرئيسية، ورغم النيران المركزة التى انهمرت عليها أثناء عبور القناة، مما تسبب فى إصابة قائد السرية النقيب جمال عزام، وبعض أفرادها، إلا أنهم تمكنوا من السباحة إلى الضفة الشرقية، وتسلق النقيب عزام الساتر الترابى لإسكات أحد المدافع فى دشمة من دشم النقطة، وكان يطلق نيرانا كثيفة تهدد عبور باقى السرية، وأثناء تسلقه أصيب مرة أخرى، لكنه تحامل على نفسه حتى ألقى قنبلة يدوية على فتحة الدشمة دمرت المدفع قبل أن يرتقى شهيدا، مما يسر وصول السرية إلى الساتر الترابى ونجاح إحدى فصائلها فى مهاجمة واحتلال الجزء الجنوبى للنقطة القوية وتدمير العدو بها. وقام العدو بشن هجوم مضاد على هذه الفصيلة مرتين.. إحداهما فى أول ضوء والثانية فى آخر ضوء يوم ٧ أكتوبر، ولكن المحاولتين باءتا بالفشل وظلت الفصيلة متمسكة بموقعها. وحاول قائد كتيبة الصاعقة استغلال نجاح هذه الفصيلة، فقام بدفع فصيلتين لتعزيزها. وتحت ستر قصف نيرانى مركز فى الساعة السابعة مساء يوم ٧ أكتوبر، قامت الفصائل الثلاث بمهاجمة النقطة القوية الرئيسية من اتجاه الجنوب، ولكنها عجزت عن اقتحامها فقرر قائد الكتيبة سحبها إلى الضفة الغربية لإعادة تجميعها.
قرر قائد الكتيبة تنفيذ عملية الهجوم مرة أخرى بقوة سرية جديدة كاملة بوحدات دعمها عند منتصف ليلة ١١ /١٢ رمضان- ٧/٨ أكتوبر؛ حيث قام بدفع سرية صاعقة لعبور القناة بقواربها تحت ستر الظلام ودون أى غطاء من نيران المدفعية، وعند وصولها إلى الشاطئ الشرقى اندفعت لمهاجمة النقطة القوية، ولكن نظرا لقوة تحصينها لم تتمكن من اقتحامها، وأصدر قائد الكتيبة أمره بضرب الحصار حول الموقع وعزله، وعدم إعادة شن الهجمات ضده حفاظا على أسلحته وأرواح جنوده، إذ إن قوة الموقع نتيجة لهذا الحصار لن يكون أمامها سوى التسليم. وفشلت طائرات العدو فى كسر هذا الحصار، فقامت بعض الطائرات من طراز فانتوم فى الساعة العاشرة مساء وعند منتصف الليل يوم ١٣ رمضان - ٩ أكتوبر، بشن هجمات جوية عنيفة على كمائن القطع عند مدخل اللسان، لإجبارها على التخلى عن مواقعها حتى يمكن إرسال تعزيزات إلى الموقع، ولكن مجموعات القطع ظلت متمسكة بمواقعها.
أدرك قائد الحصن الملازم أول شلومو أردينست منذ الليلة الأولى أن الحصن محاصر من جميع الجهات، ولكنه لم يكن لديه أى شك فى أن قوات الجيش الدفاع ستأتى سريعا لنجدته وترفع الحصار المصرى عنه، ولكن بعد مرور بضعة أيام تحرج الوضع داخل الحصن، فقد أخذت الذخيرة فى التناقص ونفد المورفين والأمصال والضمادات، وراح الجرحى يتلوون من آلامهم. وفى اليوم الخامس وصلت إلى الحصن رسالة لاسلكية من القيادة الجنوبية الإسرائيلية كان نصها: «إذا لم نستطع خلال ٢٤ ساعة إرسال التعزيزات إليكم يمكنكم الاستسلام». وكان داخل الحصن ٤٢ جنديا منهم ٥ قتلى و٢٠ جريحا مصابا بجروح خطيرة. وفى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا يوم ١٣ أكتوبر، تم استسلام الموقع عن طريق الصليب الأحمر الدولى ورفع العلم المصرى عليه، ووقع فى الأسر ٣٧ فردا منهم ٥ ضباط، وسلم الموقع وأعطى ملازم أول شلومو أردينست العلم الإسرائيلى إلى قائد كتيبة الصاعقة وتم رفع العلم المصرى.