البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

متصوفة عاشقون|| أبو يحيى الصنهاجي رياح الجبل لا تهدأ

البوابة نيوز

توفى أبو يحيى الصنهاجى فى إشبيلية، فتجمع الأهل والمريدون والمحبون وأهل القرية فى وداع الرجل الزاهد والمتصوف النقي، وكانت مدافنه فى جبل قريب من المدينة، جبل يتصف برياحه الشديدة المضطربة، لكنهم عندما رفعوه فوق أعناقهم وصعدوا به المدق الجبلى تجاه قبره، وجدوا هدوء الرياح، فكانت لموتته جلالة أحسها الوجود، وعرف الناس مكانته، فأنزلوه مكانه الجديد، وأقاموا على قبره مدة يقرأون القرآن ويدعون له، ويتعظون من رحيله.
اتصل الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى بالصنهاجي، واستمرت علاقته بضعة شهور، لم تصل إلى عام، لكنه اكتسب منه مواهب صوفية رائعة، ففى كل مرة يذكر فيها ابن عربى شيوخه لا يتجاوزه أو يغفله، ويقول عنه: «منهم رضى الله عنهم أبو يحيى الصنهاجي، كان قد عمى وقد أسن، عاشرته فوجدته مجتهدا فى العبادة، وله قدم راسخة فى الرياضيات والإشارات، كبير الشأن، ما رأيته قط يقعد غلا على كرسى صغير، مات عندنا بإشبيلية رحمه الله، وظهر له كرامة بعد موته، فإن الجبل الذى دفناه فيه عال لا يخلو من الريح أبدا، فسكن الله الريح فى ذلك اليوم، واستبشر الناس وباتوا على قبره يقرءون القرآن، فلما نزل الناس هبت الريح على عادتها، كانت صحبتى إياه شهورا قبل موته، كان من أهل السياحات ملازما للسواحل مؤثرا للخلوة رضى الله عنه».
جاء ذكره فى الفتوحات المكية للشيخ الأكبر ابن عربي، وورد أيضا فى رسالته «الروح القدس» التى وضعها فى مداواة النفوس، وكتبها أثناء إقامته فى مكة المكرمة، نحو عام ٦٠٠ هـ، وأرسلها لصديقه التونسى محمد بن عبدالعزيز المهدوي، يؤدى فيها واجب النصيحة، ويذكر فيها رجال الطريق من المتصوفة المجهولين.