البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

فوبيا السياسة في المجتمع المصري


قد نَتّفق أو نَختَلف على مفهوم السياسة، فتغَيّر أدواتها وإمكاناتها يجعلها مِثل الحِرباء، تتغيّر طِبقًا للظروف وباختلاف الأجيال. 
السياسة في المُجتمع المِصري لا تَخرج في مفهومها عن تلك الوسيلة للوصول إلى السُلطة، أو هي تلك الآفة التي نَخشى على أنفُسنا من ممارستها، أو هي النِفاق والرِياء والوُصولية. 
وأعتقد أن هُناك تَجَنِّيًا واضحًا عليها، وظَهر ذلك في دستور ٢٠١٤ حيث بات هُناك قلقٌ قد أُسميه فوبيا من قضية انضمام رئيس الجُمهورية إلى حِزب سياسي، ونَعت المعارِضون -المُغرضون- الرئيس بأنه غَيرُ سياسِي، فتَقفُ على وَصلة غير مَفهومه، أتريدونه سياسيًا فينضم إلى حِزب ويمارسها من خلاله، أم تُريدونه مُستقلًا ومُنحازًا للمواطنين الذين بالطَبع لهم ميولهم السياسية.
فوبيا السياسة في مصر ظهرت بعد وضوح فساد بعض رُموز الحِزب الوَطني المنحل، وفساد رُموز حزب الحُرية والعَدالة الإخواني، وسطوتهم على كافة مناحي النفوذ والسُلطة، وكأنه مكتوب علينا إما حِزب واحد ولا غَيره يسيطر على كُل شيء أو لا أحزاب قوية تصل إلى ١٠٤ أحزاب بلا جدوى أو تأثير، وأكاد أُجزم أنهم جميعًا لا يعرفهم إلا حوالي المليون مواطن. 
إذن فهُناك قَضيّة لابد أن نُحللها جيدًا هل نُعاني من فوبيا العمل السياسي، الذي بالطبع يقترن بطُرق ومآرب المَصلحة والنفاق، أم أن التجربة التي بدأها السادات أثبتت فشل الساسة أنفسهم. 
قَصَد السادات التنوع مع مُراعاة الثِقَل السياسي لثلاث أيدولوجيات -أحزاب- "يمين-وسط-يسار". ولم يجول في خاطره على حد عِلمي أنه اهتم بالإطار وتناسى إعداد النُخبة السياسية، فاصطدم بقيادات طبيعية تبحث عن تواجدها بتوفير خدمات أو وظائف أو وساطة، بدلًا من إعداد نُخبٍ وطنية تستمر وتُفرز آلافًا من الخُبراء والسياسيين الذين يستطيعون تغيير واقع الحال إلى ما هو أفضل.
القضية أصبحت فوبيا عودة السيطرة مَرّة أخرى لقطاع واحد أو حِزبٍ واحد، يحقق مصالح فئة واحدة معلومة لدينا جميعًا، وهم رجالات الأعمال وتتناسى الآن أصحاب الشهادات وذوي الخبرة. 
ولا شَك أن هذا يُمثل ناقوس خَطر في المُستقبل؛ لأنه بمرور الزمن ستكرر نفس التجربة التي قامت على أركانٍ هَشّة قد تلتهمها بعض المصالح أو تضارب العلاقات. 
وما أحلم به أنا وقطاع كبير من بني جِيلي أن نتعافى من تلك الفوبيا ونؤسس في هذه التعديلات المُقترحة لبعض مواد الدُستور لممارسة السياسة بما يَضمن إعداد كوادر ونُخب وطنية صادقة، تُعبّر عن حال مجتمعنا المِصري، وبما يتيح للرئيس خلق حلقة الوَصل بينه وبين المواطنين من خلال حِزب سياسي. 
ولَكَم أتمنى أن تُستَغل الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب في إعداد كوادر سياسية تُفرز نُخبًا وطنية جديدة، من خلال برنامج لإعداد نائب برلماني أو وزير أو محافظ أو عضوٍ في مجلس محلي أو رؤساء هيئات وغيره.