البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

فخ «صحافة المواطن»..!


ربما كانت المناسبة الحالية، مواتية للكشف عن أوجاع مهنة صاحبة الجلالة، التى ستجدد اسم وشخص نقيبها الجديد، بالإضافة إلى نصف أعضاء مجلس نقابتها، فى الانتخابات المزمع خوض غمارها، خلال شهر مارس المقبل.
فالمهنة التى أصبحت الآن، فى مأزق يراه البعض ماسًا بوجودها، تجد نفسها فى مفترق طرق، تتلقى الطعنات من أصدقائها ومحبيها أكثر من ضربات أعدائها وكارهيها! وأصبح الجميع إما يتربص بها المنون وينتظر مشهد دفن الجثمان متعجلا لحظة الوفاة، أو طرف آخر يتباكى على مهنة لم يصنها ويحفظها أبناؤها.
فالمشهد الصحفي، إن لم يكن قادرا على التجاوب، والتعامل مع مفردات التكنولوجيا الحديثة، بنفس أدواتها ومقتضياتها، سيجد نفسه خارج السياق، وغير قادر على التأثير، وتوصيل الرسالة الإعلامية المطلوبة منه، وتفرضها عليه ظروف لحظة إعادة البناء، التى يشهدها الوطن الآن.
فالوطن الآن أكثر احتياجا للإعلام الذكى القادر على التنوير من أى وقت مضى فى ظل حالة الفضاء المفتوح الذى يتيح منصات إعلامية متعددة لكافة الأصوات سواء المعادية أو الصديقة أو تلك التى تدس السم فى العسل والأخيرة هذه أصبحت تمثل العدو الحقيقى الذى يهدد استقرار الأوطان ويحقق مهمة العدو فى توجيه حروب الأجيال الجديدة – الجيل الرابع وما بعده.
ولعل ما يردده البعض بأن الصحافة بأوضاعها الحالية لم تعد صالحة لمواجهة تحديات العصر فى ظل تعدد أدوات التواصل الاجتماعى وتبادل الأخبار والمعلومات، بحجة أن ما يسمونه «صحافة المواطن» هى البديل للصحافة التقليدية.
فلا يمكن وضع ضوابط قادرة على توصيل رسالة تنويرية حقيقية من خلال ما يسمى بـ«صحافة المواطن» تلك؛ لأن مهمة الصحافة الحديثة فى الوقت الذى تعددت فيه المنصات وأصبحت أكثر سهولة عن ذى قبل أصبحت أيضا أكثر تعقيدا وأشد حساسية، وتتطلب من القائم عليها قدرة أعلى فى تقدير مصالح الأمن القومى والقدرة على الفرز فى ظل حالة سيلان الأخبار المغلوطة والشائعات التى يتم تبادلها بين الأشخاص فى أنحاء مختلفة من العالم، عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو غيرها من المدونات الإلكترونية المتعددة.
ما يسمى بـ«صحافة المواطن»، هو السم فى الدسم، الذى يستغله الأعداء، وأنصاف المتعلمين، وأنصاف الموهوبين، لتزيين وجه قبيح، يمكنه أن ينشر معلومات مغلوطة، وأخبار سلبية، يمكنها أن تدمر شعوبا، وتفكك أوطانا، وتشعل بؤرا من لهب، فى المجتمعات الآمنة.
ولكننا أمام فخ ما يسمى بـ«صحافة المواطن»، يجب أن نسعى بجدية وسرعة، لحل الأزمات المعقدة، التى تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، حتى لا نجد أنفسنا نمسك بهواء، تاركين ساحتنا فريسة لأبواق خارجية، إقليمية أو عالمية، تبث سمومها فى آذان وأفئدة مجتمعاتنا، وتعبث بمقدرات أمننا القومي، وتهدد سلامنا الاجتماعي.
المهنة بحاجة إلى إرادة حقيقية، من أبنائها ومن الأنظمة السياسية، لإعادة هيكلتها، وإصلاح ما بها من خلل، وإعادة بناء صحافة وإعلام قويين، قادرين على أن يدفعا الغيوم، التى تخفى شمس الحقيقة عن أبناء شعبنا، الذى يعانى معظمه من أمية أبجدية، وأمية ثقافية، كما يعانى انعدام القدوة بين رموز الدين، والسياسة والأدب، ويسهل وقوعه فريسة لأى استهواء، يخل بتوازنه، ويقينه السياسي، والدينى والاجتماعي.
الصحافة التى فطن إلى أهميتها الزعيم عبدالناصر من توصيل الرسالة السياسية والاجتماعية لثورة يوليو وللمشروع الناصرى القومى والاجتماعى هى نفسها المهنة التى تبدو الآن عاجزة حتى من البقاء بثبات ورسوخ بعد أن تركت حلبة السباق جانبا، وتفرغ قادتها ورجالها للتباكى على تخوم بلاط عريق لم يحافظوا عليه كما الرجال المخلصين.