البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

هل ينجح النظام الإيراني في امتصاص صدمات العقوبات الأمريكية؟


فرضت إدارة ترامب مؤخرًا جولة جديدة من العقوبات على النظام الإيراني، والتى تعد الأكثر قسوة فى التاريخ على طهران. لقد صممت تلك العقوبات، علاوة على أشياء أخرى، لإيصال شعور بالصدمة إلى الجماهير حتى يثوروا ضد النظام ويضعوه تحت ضغوط داخلية لكى يضطر النظام، وفى خضم سعيه لمعالجة مشاكل الشعب، إلى النزول على المطالب الأمريكية، ولو حتى ليس بشكل كامل، منعًا تسقط بالكامل من قبل ثورة على مستوى البلاد. ومع ذلك، يستخدم النظام مجموعة من تقنيات «امتصاص الصدمات» لمواجهة العقوبات:
1- خلق تضخم مفرط مصطنع فى الأشهر السابقة على عملية فرض عقوبات فى الرابع من نوفمبر 2018، ومضاعفة سعر العملة الأجنبية أربع مرات؛ زيادة أسعار السلع الأساسية المحلية مثل اللحوم والبقوليات. جعل السلع البسيطة غير متوفرة فى السوق، فى سبيل منع أى تأثير قوى للعقوبات. من خلال ذلك استخدم النظام أسلوب «الضفادع فى الماء المغلي» من أجل تأقلم السكان مع الندرة من أجل امتصاص صدمة العقوبات القادمة. ولهذا لا نشهد أى انتفاضة شعبية جدية وعاصفة ضد النظام الآن.
2- استخدام احتياطى العملات والذهب للإغراق بشكل مصطنع وتخفيف السوق بعد أن أصبحت العقوبات سارية المفعول. ويمكننا أن نذكر أن العملات الأجنبية قد شهدت انخفاضًا فى الأسعار بعد 4 نوفمبر. ومن الواضح أنه بما أن الخزينة الوطنية تبقى تحت تصرف النظام / الحرس الثورى بالكامل، فإنها يمكن أن تقلل بسهولة أو توقف أو تزيد الهبوط فى السوق، بما يعنى خلق الظروف الاقتصادية الاصطناعية لتضليل الناس وخداعهم. ولدى النظام ما يكفى من القنوات لغسل الأموال حول العالم ليتمكن من الإبقاء على نفسه فى السلطة.
3- قمع الإضرابات العامة والحركات الشعبية السلمية الأخرى من خلال تقنيات واستراتيجيات جديدة ومتطورة. على سبيل المثال، فى إضرابات السائقين وعمال شركة قصب السكر، سمح النظام لهم بالإضراب الذى استمر لبضعة أسابيع. ثم بعد ذلك أعلن تجريم إضرابهم بما ينطوى من إجراءات خاصة بالقضاء والشرطة والمنافذ الإعلامية التى تديرها الدولة ؛ ثم ينتقل النظام لمرحلة أخرى من إلقاء اللوم على المضربين وتوجيه غضب الناس لهم لأنهم سبب المعاناة وتسببوا فى نقص الخدمات وندرتها؛ وتكون الحالة مثالية آنذاك للهجوم على بقية المضربين وتفريغ قواهم؛ ثم فى النهاية يتفاوض مع المضربين المتبقين لبعض المزايا ولظروف عمل أفضل قليلًا.
وبذلك، فإنه ما دام أن النظام يحتفظ بالقدرة على السيطرة على الاقتصاد وقمع الإضرابات وغيرها من أنواع الحركات الشعبية، فمن غير المحتمل أن تؤدى العقوبات إلى آثار صدمة تدفع الناس إلى دفع النظام إلى الامتثال للمطالب الأمريكية. لذلك، إذا كانت الأمور على ما هى عليه الآن، فإن ما سوف يترتب على ذلك سيكون حرب استنزاف لا نهاية لها.
نظام الملالى لديه كل الوقت، يعمل على إدارة وكسب اللحظة؛ يمكن أن يبقوا مهادنين لفترة من الوقت فى انتظار لحظة قوتهم. ومن ناحية أخرى، وعلى عكس ذلك، فإن إدارة ترامب، كحكومة فى نظام ديمقراطى تجرى بانتظام انتخابات على أساس دوري، لديها فقط فترة زمنية محدودة لتنفيذ إجراءاتها المخططة ضد أكبر الدول الراعية للإرهاب. على هذا النحو، تحتاج الإدارة الأمريكية إلى التفكير فى تكتيكات واسعة النطاق، ربما أكثر تصادمية وعدوانية، إذا كانت تريد الحصول على نتائج حقيقية.
* خبير سياسى من إيران – دكتوراه العلوم السياسية، جامعة إنديانا بنسلفانيا.