البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الغرب من السيطرة إلى التعثر «5»


تتابع الأكاديمية داميسا موبو الحاصلة على دكتوراه الاقتصاد من جامعة أكسفورد فى كتاب «الغرب من السيطرة إلى التعثر.. خمسون عاما من الحماقة الاقتصادية والخيارات المستقبلية الحتمية» والصادر مؤخرا عن المركز القومى للترجمة بقولها: «يتوقع الباحثون البريطانيون أن الطلب المقدم سيتزايد على الطاقة العالمية بواقع ٥٠٪ بحلول عام ٢٠٣٠م، كما أن تزايد الضغط على موارد الطاقة بات أمرًا من الأمور المتعارف عليها، ففى عام ٢٠٠٢م أصبحت المملكة المتحدة – على سبيل المثال – مستوردًا صافيًا للنفط هذا بعد عدة عقود من كونها كانت واحدة من الدول الرائدة فى تصدير النفط والغاز، القادرة على الوفاء بطلبها المحلى أيضًا. أما أوروبا فتستورد بالفعل ٣٠٪ من الغاز الخاص بها من روسيا لاستنزافها الكثير من مواردها. واليوم، تستخدم الولايات المتحدة ٢٥٪ من الطاقة العالمية، مع تعداد سكانى يمثل ٥٪ فقط من التعداد السكانى العالمى». 
لذا كان من الطبيعى أن تكون التعزيزات الأمنية التى تلتزم بتوفيرها الدول المتقدمة صناعيا للاقتصاديات الصاعدة الفقيرة التى تعتمد على النفط تعزيزات ضخمة، فحتى الآن لا تزال الولايات المتحدة – كما يُزعم – تعتمد على استيراد الطاقة من بعض الدول التى تعد الأكثر قلقًا على وجه الأرض – أنجولا ( ٣.٢٪) والعراق (٦.٣٪) وفنزويلا ( ٨.٤٪) ونيجيريا (٩.٦٪) وذلك على سبيل المثال لا الحصر ؛ وما زاد الطين بلة، أنه على الرغم من أن قلة قليلة من الدول هى التى تصدر الطاقة (ص ٢٧٢) باستثناء النرويج، فإن جميع الدول المزدهرة اقتصاديًا باتت مستوردة للطاقة بالفعل. 
بينما تستمر الدول المصدرة للنفط (وبالطبع بقية دول العالم الناشئ) فى خلق طبقاتها المتوسطة التى تطالب (محليًا) بالحصول على الطاقة، فالصورة العالمية تصبح حتى أكثر خطورة ؛ ففى ورقة عمل البريك والأسواق العالمية: النفط الخام والسيارات ورأس المال فى عام ٢٠٠٤، رأى اقتصاديون من بنك «جولدمان ساكس» أن طلب الصين على النفط قفز من نحو ٩٪ خلال الخمسة والعشرين عاما المتلاحقة إلى ١٦.٥٪ من حصة الطلب على النفط العالمى. وتفاقم هذا النمو بالزيادة السريعة فى الطبقة المتوسطة، حيث تشير تقديراتهم إلى أن أكثر من ٢٠٠ مليون شخص فى البريك يمكن أن يحصلوا على أجور تجاوز ١٥.٠٠٠ دولار أمريكى. 
إلا أن الطلب على الطاقة هو نصف الحكاية فقط، والنصف الآخر هو مصدر القلق الحقيقى ؛ لأنه من غير المرجح أن يسد العرض هذا ؛ فقد أظهر تقرير صادر عن مجلس بحوث الطاقة فى المملكة المتحدة، أن الإنتاج فى كل أنحاء العالم من النفط المستخرج بالطريقة التقليدية قد يصل إلى «ذروته» ثم ينضب كلية قبل حلول عام ٢٠٢٠م، وعليه فهناك «مخاطرة جسيمة» من بداية انحسار إنتاج النفط العالمى فى العقد المقبل. فمثلًا بلغ إنتاج الولايات المتحدة من النفط ذروته فى عام ١٩٧٠ م والغاز فى عام ١٩٧٣م. 
كما قرعت أيضًا وكالة الطاقة الدولية أجراس الخطر. ففى عام ٢٠٠٨م كان من المتوقع أن يحدث تراجعا قُدر بنحو ٥٠٪ تقريبًا فى الإنتاج التقليدى للنفط بحلول عام ٢٠٢٠م وبفجوة خطيرة محتملة بين العرض والطلب بحلول ٢٠١٥م. وفى عام ٢٠٠٨م وطبقا لتوقعات «وورلد إنيرجى أوتلوك» التابعة لوكالة الطاقة الدولية، فإنه من أجل الوفاء بتوقعات الطلب العالمى على النفط فى عام ٢٠٣٠م – «نحو ٦٤ مليون برميل فى اليوم من السعة الإجمالية الإضافية – الذى يعادل ست مرات تقريبًا مما تنتجه المملكة العربية السعودية اليوم – لا بد من تدفق الإنتاج بغزارة بين أعوام ٢٠٠٧م و٢٠٣٠». 
بل إن الصورة أكثر قتامة؛ فالجهود العالمية المبذولة حاليا غير كافية لتحقيق الغرض المنشود؛ فالاستثمار فى إنتاج النفط، لم يكن على المستوى المطلوب، حتى مع مخاطر الجغرافيا السياسية المتعلقة بالقيود المفروضة على موارد الطاقة؛ فما زالت وكالة الطاقة الدولية ترى ضرورة الحاجة لإنفاق ٤٥٠ مليار دولار أمريكى سنويًا على الأقل لدعم إنتاج النفط ولزيادة إجمالى المخرجات إلى ١٠٤ ملايين برميل يوميًا بحلول عام ٢٠٣٠. 
اليوم، تعد المملكة العربية السعودية أكبر دولة منتجة للنفط فى العالم، تليها روسيا التى تأتى فى المرتبة الثانية؛ حيث تنتجان معا ما يتجاوز ٩ ملايين برميل نفط يوميًا على وجه التحديد، إلا أن الولايات المتحدة تستورد ١١ – ١٢ مليونا. إلا أن شركة الاستشارات العالمية «ماكنزى» زعمت أن ١٧٠ مليار دولار أمريكى سنويا، البرنامج الذى يستهدف الفرص الأقل تكلفة فى إنتاجية الطاقة يمكن أن يخفض النمو فى الطلب على الطاقة إلى النصف ويحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ويدر عوائد مجزية.. وللحديث بقية