البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

قطر.. "باريس سان جيرمان" وفضيحة التمويل غير الشرعي

البوابة نيوز

نشر الموقع الفرنسي الاستقصائي ميديا بار Mediapart، في نوفمبر- عام 2010، تحقيقا، حول إقامة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، عشاء في قصر الإليزيه حضره الأمير تميم آل ثان، الذي كان وليا لعهد إمارة قطر، آنذاك، وميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.


ووفقا للتحقيق آنذاك، فقد كان ساركوزي يخطط لإقناع الأمير تميم بشراء نادي "باريس سان جيرمان"، الذي تثقله الديون، مقابل وعد بدعم رئيس الاتحاد الاوروبي لقطر في مناقستها للحصول على حق تنظيم بطولة كأس العالم.
رأى الامير تميم في "باريس سان جيرمان" أداة رئيسية لاكتساب قطر مكانة عالمية رفيعة، فانجز الصفقة على الفور وقام بوضع "خطة استراتيجية للنادي الفرنسي العريق في 2012-2017"، تهدف لأن يصبح الفريق أحد أكبر خمس فرق عالمية في كرة القدم‪.‬

المنافسة المتوازنة‪:‬
هنا برزت مشكلة كبرى في طريق وصول الفريق الفرنسي للمنافسة ضمن أكبر خمس فرق أوروبية وتتمثل في قاعدة المنافسة المالية المتوازنة بين الأندية المختلفة، إذ وضعت الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قاعدة تقضي بألا تتجاوز نفقات اي ناد يلعب في دوري أوروبا مكاسبه المعلنة، وذلك للحد من السباق المحموم في الإنفاق لشراء اللاعبين بمبالغ خيالية، والذي من شأنه أن يؤدي لإفلاس النوادي، وفي حال عدم احترام تلك القاعدة الذهبية يصبح من حق الاتحاد استبعاد المادي من دوري أبطال أوروبا‪.‬
وضعت قطر ميزانية تتجاوز المليار وثلاثمائة مليون يورو، حسب ما أوردته وثائق ميديا بارت، على مدى خمس سنوات لتنفيذ خطتها الاستراتيجية لنادي باريس سان جيرمان، ولكن المشكلة بدأت تظهر في الشكل القانوني الذي يتم من خلاله تمويل تلك الخطة خاصة ما يتعلق بشراء اللاعبين الجدد والتي عادة تتكلف مئات الملايين من اليوروهات‪.‬

هيئة السياحة القطرية‪:‬
كانت قاعدة المنافسة المالية المتوازنة تلك التي وضعها الاتحاد الأوروبي تقضي بألا تتجاوز نفقات النادي مكاسبه، ووجد القائمون الجدد على شئون النادي حلا سحريا لتجاوز تلك القاعدة الذهبية عبر عقد ترويج بين النادي وهيئة السياحة القطرية، يقوم النادي بمقتضاه بالترويج لإمارة قطر في العالم، مقابل مبلغ 215 مليون يورو سنويا، ولكن العقد، الذي تم توقيعه في 2012، أثار انتباه وشكوك هيئة الرقابة المالية في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ليس فقط لأن أكبر العقود المعروفة من هذا النوع، لم تتجاوز قيمتها 30 مليون يورو سنويا، ولا لأن قيمة الخدمة الترويجية التي قدمها "باريس سان جيرمان" لقطر سنويا لا تتجاوز مليونين و800 ألف يورو، وفقا لإحدى الشركات المتخصصة التي استعانت بعا هيئة الرقابة لهذا لغرض.
ولكن الكارثة أن العقد تم دفعه بأثر رجعي بعد شهرين من توقيع اللتفاق بين النادي والهيئة القطرية، مما دفع بلجنة التحقيقات للاستنتاج بأن هذا العقد لا علاقة له بأي عملية ترويجية، وأنه لا يعدو كونه وسيلة ملتوية لتمويل "باريس سان جيرمان"، بدون حدود أو سقف، وللالتفاف على قاعدة المنافسة المالية المتوازنة‪.‬
وقد تمكن باريس سان جرمان، بفضل هذه الميزانية الهائلة، من شراء كل من نيمار وإم بابي عام 2017، مقابل 402 مليون يورو، الأمر الذي أثار غضب الأندية الأخرى، ودفع بهيئة الرقابة المالية لفتح تحقيق جديد في سبتمبر عام 2017، التي أكدت نتائجه ما الأولية ما خلص إليه التحقيق الأول.

اتفاقات سرية:‬
تكمن المفارقة في أن نتائج التحقيقات المختلفة التي أجرتها هيئة الرقابة المالية والتي خلصت إلى نفس النتيجة، لم تنعكس في قرارات عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لكي تفرض احترام القواعد التي وضعتها لتنظيم المنافسة بين النوادي الأوروبية، ولكنها عوضا عن ذلك قامت بتبييض صفحة "باريس سان جيرمان"، واكتفت في نهاية 2017 بعقد اتفاق سري مع النادي، يلتزم بمقتضاه بتخفيض نفقاته وميزانيته وعدد لاعبيه، وهو ما ظهر في مستوى إنفاق "باريس سان جيرمان" لعام 2018‪..‬
ولكن يبقى السؤال: لماذا امتنع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن تطبيق العقوبات التي وضعها في لائحته؟، وتأتي الاجابة بصورة رسمية من قمة الاتحاد، تتحدث عن أسباب "سياسية"، وعن عزوف اللجنة عن الدخول في مواجهة مع الإمارة التي تتمتع بقوة مالية ضاربة، خصوصا وأن استبعاد "باريس سان جيرمان" ستكون له آثار سلبية على الأداء الأوروبي في مجال كرة القدم، والأهم من ذلك، سينعكس سلبا على أرباح الأطراف المختلفة‪.‬