البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الإذاعة تشارك في معركة أكتوبر.. "شايلين في إيدنا سلاح.. رافعين رايات النصر"

سعاد حسني-وجدي الحكيم-وردة
سعاد حسني-وجدي الحكيم-وردة

«بابا شارو» يعلن الطوارئ في «ماسبيرو».. وعبدالوهاب محمود يلقي أول بيان لـ«القوات المسلحة»
لعبت الإذاعة المصرية دورًا كبيرًا ومؤثرًا خلال حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، من خلال الأغنيات التي تمت إذاعتها في ذلك الوقت، حيث ظلت تلك الأغنيات مرتبطة بأذهان الشعب المصري، كدليل على الانتصار، محفورة بـ«ذاكرته» حتى يومنا هذا، ولم يستطع فنانو الجيل الحالي أو من سبقهم، في تنفيذ أي أغنيات تنافس تلك الأغنيات حتى الآن.
وأمر وقتها الإذاعي الكبير، محمد محمود شعبان الشهير بـ«بابا شارو»، رئيس الإذاعة آنذاك، بعقد اجتماع عاجل في مكتبه، يوم العبور، داخل مبنى الإذاعة، وأبلغ كل المذيعين، أن يكونوا على أتم استعداد ومنعهم من مغادرة الاستوديوهات، لقراءة أي بيان قد يأتي في أي وقت من القوات المسلحة.
وبالفعل قرأ المذيع عبدالوهاب محمود، أول بيان للقوات المسلحة، والذي جرى تأجيل إذاعته من الثانية ظهرًا، إلى الثانية والثلث، بالرغم من وجوده في الإذاعة من الثانية عشرة ظهرًا، أي قبل بدء الحرب بساعتين، وكانت الكواليس وقتها مليئة بالحماس الكبير خاصةً بين المذيعين، لأن الإذاعة المصرية وقتها رفعت شعار الطوارئ، وكان المذيعون في ذلك الوقت مقيمين في مبنى الإذاعة، من ٦ إلى يوم ٢٤ أكتوبر، وقت صدور قرار بوقف إطلاق النار.
وشهدت تسجيل الأغنيات الوطنية المرتبطة بحرب أكتوبر ١٩٧٣ العديد من الكواليس التي لا تنسى، ومن ضمن تلك الأسرار والكواليس، أن أول أغنية سجلت وأُذيعت، طبقًا لسجلات الإذاعة المصرية هي أغنية «راجعين شايلين رايات النصر»، والتي قدمها يوسف شاهين وهي أغنية فيلم «العصفور»، إنتاج عام ١٩٧٢، وتدور قصتها أنه في الساعة الرابعة صباحًا، فوجئ الإذاعي وجدي الحكيم، باتصال هاتفي من المخرج يوسف شاهين، أخبره فيه بأن هناك أغنية من كلمات الشاعرة نبيلة قنديل بعنوان «رايات النصر»، وكان من المقرر أن تكون ضمن أحد أفلامه، وقرر «شاهين» أن يهديها للإذاعة قائلًا: «لأن الوطن أغلى من الفيلم»، لذلك ذهب إلى الإذاعة بصحبة الموسيقار علي إسماعيل وسجلت المجموعة الأغنية.
وخلال معارك أكتوبر ١٩٧٣ ذهبت السندريللا سعاد حسني، إلى الإذاعي وجدي الحكيم الذي لعب دورًا كبيرًا جدًا في خروج أغلب تلك الأغنيات للنور، وقالت له وقتها: «أنا عايزه أغني للأبطال» وأسمعته كلمات «دولا مين ودولا مين» التي كتبها الشاعر أحمد فؤاد نجم ولحنها الموسيقار كمال الطويل، فقال لها الإذاعي وجدي الحكيم: أين الشاعر؟ هنا دخل إلى المكتب الشاعر أحمد فؤاد نجم وقال: «أنا أرسلت سعاد حسني لأنني لو حضرت سوف ترفض الكلمات لأنك لا تحبني». فقال له وجدي الحكيم: «لا.. أنا بحب الكل»، وهنا قال الشاعر: «إذن أنا فهمت غلط، وسجلت سعاد حسني الأغنية».
وعن أبرز الأغنيات التي تمثل تلك الفترة أيضًا أغنية «بسم الله.. الله أكبر» واستلهم كاتبها الشاعر عبدالرحيم منصور من صيحة رجال العبور «الله أكبر» ولحنها الموسيقار الخالد بليغ حمدى داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، وغنتها المجموعة، وكانت أول أغنية أذيعت في ذلك الوقت بعد النصر على أثير الإذاعة.
وتحمل أغنية «على الربابة» أو «الحلوة بلادي» الكثير من الأسرار والكواليس المرتبطة بالإذاعة المصرية، حيث تم تسجيل الأغنية الساعة الخامسة فجر ٧ أكتوبر، كتب كلماتها الشاعر عبدالرحيم منصور ولحنها بليغ حمدي وغنتها الراحلة وردة الجزائرية، وفي ذلك الوقت كانت كل الميزانيات في الإذاعة موجهة للمعركة، وبالتالي لم يكن هناك ميزانية لتتحمل الإذاعة المصرية تكاليف تسجيل الأغنية للموسيقيين والكورال، فكتب الموسيقار بليغ حمدي والفنانة وردة إقرارًا بتحملهما كل مصاريف الموسيقيين والكورال، وعند وصول قائد الفرقة الماسية الراحل أحمد فؤاد، قام بإبلاغ مسئول إنتاج الإذاعة المصرية آنذاك وجدي الحكيم، أن جميع الموسيقيين والكورال متبرعون بأجرهم بالكامل، وسيسجلون الأغنية بدون أجر، والإذاعة قدمت فقط الأستوديو لتسجيل الأغنية.
وبعد انتهاء الحرب بحوالي شهرين أو أكثر، طلبت المطربة الراحلة شريفة فاضل وقتها من صديقتها الشاعرة نبيلة قنديل، أن تكتب أغنية عن أم بطل، نظرًا لاستشهاد نجلها في أحداث أكتوبر، وذلك لأنها كانت ترغب في أن تصل الأغنية لكل أمهات الشهداء الذين شاركوا في حرب أكتوبر، فدخلت الشاعرة نبيلة غرفة الشهيد ابن شريفة فاضل، لعدة دقائق، ثم خرجت وفي يدها ورقة بكلمات أغنية «أم البطل»، وكان زوج الشاعرة الملحن على إسماعيل موجودًا، فأخذ الكلمات وتوجه إلى منزله، وعاد في اليوم التالي بلحن الأغنية.
ولعبت الإذاعة دورًا في هذه الأغنية حيث توجهت شريفة في اليوم الثالث إلى ماسبيرو لتسجيل الأغنية، وبمجرد أن غنت المقطع الأول، سقطت من شدة التأثر، وتكرر هذا الموقف عدة مرات، حتى سمعت المطربة فايزة أحمد، التي كانت موجودة بالاستوديو مصادفة، وقالت لها «لو مش قادرة تغنيها.. بتغنى ليه؟!». وقالت شريفة فاضل إن هذه الجملة زادت من إصرارها وتماسكت وقررت أن تسجلها من أول مرة دون توقف، وبالفعل لم يستغرق تسجيلها أكثر من ساعات بعد إصرارها الشديد.
ومن أبرز الإذاعيين الذين واكبوا فترة حرب أكتوبر ١٩٧٣ داخل مبنى الإذاعة المصرية لحظة بلحظة هو الإذاعي الكبير عبدالرحمن رشاد، الذي أكد أنه يرى أن حرب ٦ أكتوبر هي الانطلاقة الحقيقية للإعلام الصريح والواضح.
وأضاف رشاد، في تصريحات خاصة لـ«البوابة» أيضًا أنه أثناء حرب ٦ أكتوبر، كانت الإذاعة تتلقى تعليمات من الرئيس السادات بالتزام الحيادية، والتخلص من الحماس المفتعل، وعدم نشر الأخبار الكاذبة والالتزام بالموضوعية في نقل الأحداث، وهو ما أمر به بابا شارو رئيس الإذاعة حينها.
وعبر «رشاد» أنه شرف باختياره من قبل الشئون المعنوية للقوات المسلحة للتعليق على فيلم انتصار ٦ أكتوبر، وأنه فخور جدًا بالتعليق على مثل هذا الحدث العظيم.