البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

صلاح عيسى.. مؤرخ حياة المصريين

صلاح عيسى
صلاح عيسى

مع اقتراب إتمامه عامًا على الرحيل، والذي رحل عن عالمنا في نهاية ديسمبر الماضي، تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الراحل صلاح عيسى، الذي أمضى عقود طويلة اعتاد فيها أن يدمج التاريخ فى الحكاية، يربطهما بخيط من الصحافة، ويحكم الرباط بمزيد من التوثيق، ينقل كل هذا إلى دفتى كتاب فى النهاية، ليستمتع قارئُه بنموذج فريد من الحكى الذى يجمع بين الفكر والصحافة والأدب.
قبل 79 عامًا استقبلت أسرة ريفية متوسطة بقرية "بشلا" بالدقهلية مولودها الجديد، الذي جاء ابنًا لأب ليبرالي، وأم مُتدينة، ومع دخوله عامه العاشر كانت الأسرة على حافة هاوية اقتصادية عنيفة حقًا، لكنها في الوقت نفسه، كانت لها الفضّل في أن يُصبح بعد سنوات من أهم المؤرخين للحالة الاجتماعية والسياسية في مصر. فقد حَرص منذ طفولته على قراءة الصحف والقصص والروايات عبر تشجيع والده الذي كان يمنحه مصروفًا لشراء الكتب التي يريدها؛ هكذا قرأ لأبرز أدباء مصر.
عمل عيسى بعدما أنهى دراسته الجامعية كموظف بوزارة الشؤون الاجتماعية، بجانب استمراره في الكتابة والصحافة، وعشق القصة القصيرة قبل أن ينخرط في النشاط السياسي، فالتحق بإحدى المنظمات اليسارية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ما عَرضه للاعتقال عام 1966، والذى كان بسبب كتابته مجموعة مقالات فى جريدة "الحرية" اللبنانية، عنوانها "الثورة بين المسير والمصير"، والتى كانت تنتقد نظام ثورة 23 يوليو، وهناك تذوق كل أنواع التعذيب، لكنه كذلك كتب في المعتقل مجموعة قصصية أسماها "جنرالات بلا جنود"، ثم رواية "مجموعة شهادات ووثائق في خدمة تاريخ زماننا"، وكتابه الأشهر "الثورة العرابية"، الذي نشره عام 1972.
وبعد رحيل ناصر خرج من المعتقل بلا وظيفة، إذ فُصل من العمل، وكان بلا كتابة، إذ مُنعت مقالاته التي كان ينشرها في مجلة "الحرية"، ثم عاد في صحيفة "الجمهورية"، لكنه لم يَمدح الرئيس السادات الذي أعاده للحرية، بل وهاجمه كذلك بسبب سياساته، فعاد للمعتقل في أحداث يناير 1977، ثم في سبتمبر 1981، مع عشرات المثقفين، لمعارضته اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل.
طوال مسيرته الصحفية كانت الفئات الشعبية والفقيرة محور كتابات عيسى، فتنوعت كتاباته التي بلغت أكثر من عشرين كتابًا، فى التاريخ والفكر السياسي والاجتماعي والأدب، لكنها دومًا كانت مرتبطة بالهم الذى يحمله، ما بين التاريخ والسياسة؛ ففي كتابه الشهير "مثقفون وعسكر"، تناول بأسلوب ممُتع منذ طفولته مرورًا بتجربة الاعتقال حال المثقفين في عهد جمال عبدالناصر، وفي "حكايات من دفتر الوطن"، كتب عن أحداث متنوعة من تاريخ مصر. 
وفي "ريا وسكينة.. سيرة سياسية واجتماعية"، تحدث بمعلومات ووثائق عن الظروف السياسية والاقتصادية التي أحيطت بتلك التجربة؛ أما في كتابه "شخصيات لها العجب"، كان أشبّه بمخرج سينمائي ينسج خيوط درامية لعدد من الشخصيات البارزة في مصر، بينهم الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وأحمد بهاء الدين وغيرهم؛ لتحمل كل هذه الأعمال الكثير من حياة المصريين.