البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

باكستان تتجه إلى بناء تحالفات استراتيجية مع روسيا والصين

عمران خان
عمران خان

يفتح تولى عمران خان رئاسة الحكومة فى باكستان، باب الأمل أمام تحسن فى العلاقات الباكستانية الأمريكية التى تدهورت فى الفترة الماضية.
وفى خطاب النصر في الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا ، أكد خان الذى ينتمى سياسيا الى تيار اليمين المعتدل أنه يتطلع لعلاقات متوازنة مع الولايات المتحدة مبنية على المصالح المتبادلة، وشدد على أهمية عودة الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، معتبرا أن ذلك يصب في مصلحة باكستان.
وحول العلاقات الهندية - الباكستانية، أعرب خان عن استعداده للحوار والسلام مع نيودلهي بما يصب في مصلحة البلدين والمنطقة، لكنه انتقد ما وصفها بالانتهاكات التي تقوم بها القوات الهندية في كشمير وتدخلها في الشئون الباكستانية.
وفى العاشر من الشهر الجارى، غابت الاستخبارات الامريكية والهندية عن اجتماع استضافته اسلام اباد وضم مدراء أجهزة الاستخبارات والأمن فى باكستان والصين وإيران وروسيا لتنسيق التعاون المشترك بين بلادهم على صعيد مواجهة تنظيم داعش الارهابى ووقف تمدده فى الأراضى الافغانية منذ اعلان التنظيم فى يناير 2015 عن اقامة ولاية له فى أفغانستان اطلق عليه اسم "ولاية خراسان".
ومنذ عامين تقريبا وتنصيب إدارة جديدة فى الولايات المتحدة، تشهد العلاقات الباكستانية الأمريكية انتكاسات سرعان ما تطورت إلى تحولات جذرية فى سياسة وتوجهات باكستان خارجيا فى غير اتجاه استمرار دورها كحليف للولايات المتحدة فى الحرب على الإرهاب.
وبعد عقود من التحالف ساندت فيها باكستان الحرب الأمريكية ضد الغزو السوفيتى لأفغانستان فى ثمانينيات القرن الماضى ثم محاربة الإرهاب فى أفغانستان فى الأعوام التى تلت ذلك ، وتتهم واشنطن بالتراخي فى محاربة الإرهاب بل وبتقديم الملاذات الآمنة لعناصره على اراضيها وهو ما اعتبرته باكستان جحودا امريكيا لكل ما قدمته اسلام اباد ومخابراتها من دعم للحرب على الإرهاب وتضحيات من اجل تحقيق الاستقرار فى أفغانستان والمنطقة الآسيوية.
وشيئا فشىء تبدل التحالف العسكرى والاستخبارى الباكستانى الأمريكى الى تحالف من نوع جديد بين باكستان وروسيا حيث شهدت الأشهر الاخيرة انطلاق مسار جديد فى التعاون الروسى الباكستانى فى مختلف المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية، فضلا عن التعاون فى مجال المناورات القتالية المشتركة وتدريبات مكافحة الإرهاب التى تقرر إجراؤها هذا العام، وقد شكل التقارب الباكستانى الروسى الجديد قلقا للادارة الامريكية الحالية تنبهت معه الى ضرورة استعادة "الحليف الباكستانى" قبل أن ينفرط عقد تحالفها معه نهائيا.
ويرى المراقبون أن التحول فى المواقف الدولية الباكستانية واتسامه بالحدة تجاه واشنطن انما تولد نتيجة استمرار تداعيات حالة "الجفاء" الأمريكى الباكستانى وهو الخلاف الذى بدأ جليا أواخر العام الماضى واتخذ طابعا عمليا مطلع العام الجارى بتعليق المساعدات العسكرية الامريكة لاسلام اباد.
وردا على تقارب واشنطن مع الهند – العدو التقليدى لباكستان – كشريك بديل عن اسلام اباد فى الحرب على الإرهاب وخاصة فى أفغانستان اتجهت اسلام اباد مطلع العام الجارى إلى تعزيز تحالفاتها مع الصين فى مواجهة التحالف الهندى الأمريكى الجديد، كما اتخذ الخلاف الباكستانى الامريكى بعدا جديدا منذ بداية الشهر الجارى بتوجه باكستان لبناء تحالفات أمنية مع روسيا، بالإضافة إلى تحالفها مع الصين، ويقول المراقبون ان كلا من الصين وروسيا يسعيان بقوة للتقارب مع باكستان والحلول محل الولايات المتحدة فى هذا البلد الآسيوى المهم.
وبعد عقود من العداء بين باكستان والاتحاد السوفيتى ووريثته روسيا الاتحادية بسبب التحالف الأمريكى الباكستانى فى حرب تحرير أفغانستان، التقى فى يونيو الماضى وللمرة الأولى فى تاريخ العلاقات الباكستانية الروسية مستشارى الأمن القومى فى كلا البلدين فى اجتماعات رفيعة المستوى تطرقت إلى مجالات التعاون الدفاعى والفضائى والأمن الرقمى والأمن النووى وتبادل المعلومات الاستخبارية الى جانب قضايا التجارة والشراكة التصنيعية.
ومثل ناصر جانجوا مستشار الأمن القومى الباكستانى بلاده فى تلك المحادثات وفى المقابل مثل الجانب الروسى نيكولاى بتروشيف مستشار الأمن القومى لروسيا الاتحادية والى جانبيهما شارك فى الاجتماعات قادة اجهزة الأمن العسكرى والاستخبارات ومسئولو التخطيط الاستراتيجى فى القوات المسلحة الروسية والباكستانية الذين تقع مسئولية ادارة نظم الحرب الصاروخية وبرامج تطويرها ضمن مهامهم .
ويعترف المراقبون الروس أن أجواء محادثات مستشارى الأمن القومى فى باكستان و روسيا الاتحادية جرت على خلفية "انعدام الثقة" بين باكستان وواشنطن ، ويؤكدون أن آفاقا جديدة من التعاون التجارى والاستثمارى لا سيما فى مجال التكنولوجيا العسكرية والتعاون المصرفى سيتم الانطلاق اليها فى علاقات البلدين النوويين .
وقال محللون روس إن باكستان تسعى بجد للتحرر من هيمنة الولايات المتحدة ونظم تسلحها وأنها تتجه صوب مزيد من الاعتماد على نظم التسلح الشرقية التى تعد روسيا والصين فى صدارة منتجيها.
وقال خورام داستجر وزير الدفاع الباكستانى فى حكومة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، إنه على ثقة فى قدرة باكستان وروسيا على تخطى "فجوة الثقة " التى شهدتها عقود الماضى والمضى قدما صوب علاقات اقوى بين البلدين والبناء على اتفاق للتعاون الدفاعى أبرمته قيادتا البلدين فى العام 2014 فى زيارة تاريخية قام بها وزير الدفاع الروسى للعاصمة الباكستانية.
وفى العام 2015 اشترت باكستان أربع مروحيات قتالية من الإنتاج الروسى طراز / مى – 35 / وفى عامى 2016 و2017 أجرت القوات المسلحة الباكستانية والروسية تدريبات مشتركة شاركت فيها قوات مكافحة الإرهاب من كلا البلدين وهى التدريبات التى ستعقد نسختها الثالثة على الأراضى الباكستانية هذا العام.
وتتفاوض باكستان وروسيا حاليا على صفقة فى مجال إنتاج ونقل الطاقة، وتعمل موسكو على بناء خط لنقل الغاز الطبيعى للربط بين مدينتى لاهور وكراتشى الباكستانيتين.
تجدر الإشارة إلى أن الصين كانت قد بادرت باستثمار 19 مليار دولار أمريكى فى باكستان خلال الأعوام الثلاثة الماضية فى مشروعات للطاقة والطرق والمطارات والموانئ، وتعهدت باستثمار 62 مليار دولار أمريكى فى باكستان بحلول العام 2030 لتطوير ممر خاص للتنمية الاقتصادية بين الصين وباكستان سيكون اكبر منطقة استثمارية مشتركة فى جنوب آسيا.
ويقول المراقبون أن وقف المساعدات العسكرية الامريكية عن باكستان منذ بداية العام الجارى لم يؤثر على برامج التطوير الدفاعى الباكستانية، ففى نهاية أبريل الماضى أجرت باكستان اختبارا ناجحا على صاروخ باليستى بعيد المدى من طراز / باوبور – 1 / قادر على اصابة اهداف برية وبحرية بدقة متناهية وعلى مرمى مؤثر يصل الى 700 كم ، وبإمكانه أيضا حمل رءوس نووية وغير تقليدية، كما يتمتع الصاروخ الجديد بخواص "تسللية " تمكنه من تفادى التقاطه راداريًا.
وانتجت باكستان كذلك نهاية العام الماضى وفور إعلان واشنطن عن وقف مساعداتها العسكرية صاروخا من عائلة "كروز – 3" قادر على إصابة الأهداف البحرية الغاطسة والطافية من مسافة 450 كم مع القدرة على التخفى الرادارى.
تجدر الإشارة إلى أن باكستان وجارتها الهند قد تمكنتا من تطوير منظومات متعددة من الصواريخ بعيدة المدى لاستخدامها كوسائل ايصال للمقذوفات النووية التى أعلنت كلا البلدين عن امتلاكها فى مايو 1998 وهو تاريخ إجراء أول اختبار نووى فى تاريخ الهند وباكستان اللتين خاضتا ثلاثة حروب طاحنة منذ استقلالهما عن بريطانيا فى العام 1947.