البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

اتبرع لإسرائيل ولو بدولار!



شغلنا الغرب بربيع قالوا إنه عربى، وما كان إلا خريفًا، سقطت معه آخر ورقة توت كانت تستر عورة الوحدة العربية، انقسمنا.. فتباينت الرؤى، تناحرنا.. فتهاوت الجيوش واستبيحت الدول، وعمت الفوضى.. فانتهكت حدودنا، وسرقت خيراتنا، لتذهب ثمار فوضانا إلى عدو انتصر فى حرب دون أن يطلق رصاصة واحدة، ارتباكنا كان له استقرارًا، وخريفنا كان له ربيعًا، فاخضرت أوراق اقتصاده، وتمايلت أفواج السياح تحت أغصان خمائله، ينعمون بالأمان، ويستجيبون لمن ينصحهم بعدم الاقتراب من منطقتنا، ففيها هلاك وإرهاب ونزوح وهجرة وحروب.
امتلأت فنادق إسرائيل بالأجانب حتى أصبحت أعداد السياح المتزايدة عبئًا على الحكومة، حيث تخطت أربعة ملايين سائح فى العام الماضى، وهو ما دفع نتنياهو إلى استقبال السائح الذى أكمل هذا العدد ليصطحبه بنفسه فى جولة، ويكون له مرشدًا سياحيًا، ولأن أماكن السياحة التقليدية لم تعد تتسع لروادها.. ابتكرت تل أبيب ألوانًا أخرى من السياحة ضمت إليها الملاهى الليلية والكافيهات، التى يحلو للعرب ارتيادها.
خريفنا العربى الذى بدأ فى ٢٠١١ ونسعى للتعافى منه.. تزامن معه وفى الشهر نفسه «يناير» تأسيس ثلاثة مهندسين إسرائيليين لجمعية «سباسيل» الخيرية، غير الهادفة للربح، والتى جمعت ٩٥ مليون دولار تبرعات، ووضع مؤسسوها نصب أعينهم هدفًا واحدًا، هو إطلاق أول مركبة فضائية إسرائيلية إلى القمر، وها هو حلم الجمعية يتحقق، حيث تنطلق المركبة نهاية العام الحالى، أما نحن فقد أسسنا العديد من الجمعيات الخيرية لنتسابق على الابتزاز، ونتاجر بأوجاع البسطاء، وإذا سألت عن حجم التبرعات وأين ذهبت.. نالك ما نال الذين سبقوك بالسؤال، اتهامات بالتجاوز وتشكيك فى الوطنية، وربما بلاغات للنائب العام، وتلك نتيجة طبيعية لفوضى نتجت عن الربيع العربى المشئوم.
أما مبادرة «تعليم اللغة العربية» فكان هدفًا لجمعية خيرية أخرى فى تل أبيب، ليس حبًا فى لغتنا، ولكن محاولة للاقتراب من العرب، ومحاولة فهمهم، وهو هدف استراتيجى، يخدم أمن إسرائيل القومى، حتى الأطفال العرب فى إسرائيل والبالغ عددهم نصف مليون طفل، تأسست من أجلهم جمعية خيرية معنية بترجمة الكتب من العبرية إلى العربية، وهى محاولة لتجريع الأطفال العرب الثقافة العبرية، وهو أيضًا هدف يصب فى مصلحة أمن إسرائيل القومى، لذلك جمعت هذه المؤسسة أكثر من ٤٠ ألف دولار فى بضعة أيام، وهو بالتأكيد يختلف عن أهدافنا فى استغلال الأطفال استغلالا غير آدمى لجمع التبرعات والتسول بهم من خلال القنوات التليفزيونية.
لقد تعاطفنا نحن العرب مع إسرائيل بعد فوضى الربيع العربى، وكأن الخراب طالها، ودمر بنيتها التحتية، وشرد أطفالها، وهجر شبابها، وفتت جيشها، حتى أصبح التعاون معها لاجتياز محنتها مسألة إنسانية، والتعاون ليس بالهرولة إلى التطبيع، ولكن بالتفاعل مع الشعار الذى رفعته بعض جمعياتها الخيرية، وهو «اتبرع ولو بدولار من أجل نهضة إسرائيل».
ولأن قطر دائمًا سباقة بمد يدها.. فقد بادرت بالانضمام إلى حملة جمعيات إسرائيل الخيرية، فبعد أن ساهمت بسياساتها فى تدمير المنطقة بنشر الفوضى وبث الفتن ودعم الإرهاب خدمة لتل أبيب.. ها هى تدعم منظمة «جنودنا يتحدثون»، وهى منظمة معنية بالترويج لسياسة إسرائيل فى الخارج وتحسين صورتها، من خلال محاضرات وندوات يشارك فيها ضباط من الجيش الإسرائيلى ومسئولون فى الحكومة.
الدعم القطرى للمنظمة كشف عنه الإعلامى «باراك رافيد»، ويعمل بالقناة العاشرة فى التليفزيون الإسرائيلى، حيث أكد أن حكومة تميم قدمت مائة ألف دولار منحة للمنظمة من خلال رجل الأعمال اليهودى «جوى اللحام»، الذى يقيم فى أمريكا وتربطه علاقات وطيدة بإدارتها، ونتيجة لذلك تجول ثلاثة ضباط إسرائيليين ومسئولة فى وزارة العدل داخل العديد من الجامعات والمعاهد الأمريكية لإلقاء محاضرات تهدف إلى تحسين صورة إسرائيل، وتبرير جرائمها ضد الفلسطينيين، باراك رافيد الذى اعترض على تمويل قطر لمنظمة «جنودنا يتحدثون»، قال إن جيش بلاده كان عليه أن يرفض أية تبرعات أجنبية، ويبحث عن مصادر تمويل للمنظمة من الداخل الإسرائيلى، لكن تقارير عثر عليها رافيد تؤكد أن قطر تدعم منظمة بلاده مقابل استغلال رجل الأعمال «جوى اللحام» فى تحسين صورة تميم أمام الإدارة الأمريكية، وهو ما قام به اللحام بالفعل، لتكون أموال قطر فى خدمة إسرائيل، سواء فى تفتيت العرب بإشاعة الفتنة ودعم الإرهاب، أو مساعدة جمعيات تل أبيب الخيرية.