البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

طرائف من التراث.. "قصة ذات الإناء" "7-30"

البوابة نيوز

يزخر الأدب العربي بأعمال تمزج بين التحليل الاجتماعي والنفسي والطرافة، ومن أشهر تلك الأعمال التراثية كتاب "البخلاء"، لـ "الجاحظ"، ذلك الكتاب الذي روى فيه عن البخلاء الذين قابلهم، وعرفهم في بيئته الخاصة التي عاش بها، خاصةً في بلدة "مرو" عاصمة خراسان، وصور من خلاله هؤلاء البخلاء تصويرًا واقعيًا وحسيًا على نحو فكاهي طريف، فأبرز للقرّاء حركاتهم، ونظراتهم القلقة أو المطمئنة، ونزعاتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم، وكشف المواضيع التي تدور حولها مختلف أحاديثهم، وعكس نفسياتهم وأحوالهم جميعًا، ولكنه في النهاية يدفع القاريء إلى التعاطف معهم رغم كل أوصافه.
يقول الجاحظ في قصة "ذات الإناء": في يوم مر أحد التجار الرحالة على إحدى المدن التي أتحفظ عن ذكر إسمها، وهي مدينة مشهورة بالبخل الشديد، وعندما بلغ التاجر تلك المدينة في يوم صيف حار جدا اضطر إلى طرق الأبواب ليطلب منهم بعض الماء أو الطعام، وكان يعلم أنهم لن يعطوه شيئًا، ولكنه أقدم على ذلك مرغمًا دون حيلة منه، فلم يلب أحد طلبه، ليس ذلك وحسب، وإنما كانوا ينهرونه ويطردونه، حتى وصل إلي أحد البيوت وطرق الباب، فخرجت إليه واستقبلته جارية وقال لها إنه شديد الظمأ، وطلب أن تسقيه جرعة ماء، فطلبت منه أن ينتظر قليلا. وخرجت عليه بعد برهة ومعها آنية كبيرة ممتلئة باللبن البارد وقدمتها إليه، فلم يصدق الرجل ما رآه بعينيه، وراح يشرب بسرعة فائقة حتى ارتوى، قبل أن يقول لها: لقد ظلموكم الناس حين قالوا أن مدينتكم مدينة البخلاء إذًا؟
فقالت له: كذلك نحن، والله لو ما سقط الفار ومات في هذ اللبن ماسقيناك إياه أبدا!
فقام الرجل على الفور فرمى الإناء من يده فكسره.
فصرخت هي على الفور وقالت: ويحك لقد كسرت جرة سيدتي يا ويلك منها!