البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

كتب رمضان.. "وجودية سارتر" "5 - 30"

البوابة نيوز

يوضِّح الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، في كتابه "الوجودية مذهب إنساني"، الصادر في عام 1946، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، أن المفهوم الرئيسي للفلسفة الوجودية في نظره هو أسبقية وجود الشخص على جوهره، عبارة "الوجود يسبق الجوهر" أصبحت فيما بعد شعارًا من شعارات التيار الوجودي.
انتشر التيار الوجودي في كل أنحاء العالم، وهو ببساطة يعني أنه ما من شيء يحدد شخصية المرء، أو أهدافه، أو ما ينبغي أن يكون عليه، أو ما يجب أن يطمح لتحقيقه، إنما الفرد وحده هو الذي يعرِّف جوهره بنفسه، فبحسب سارتر، فإن المرء "أولًا يوجد، يلقى نفسه، يندفع في العالم، ومن ثم يعرّف نفسه."
فسارتر يرفض الأعذار الحتمية، ويدّعي أنه على الكل تحمّل مسؤولية أفعالهم، وهو يعرّف الجزع خلال كتابه بأنه الشعور الذي يشعر به الشخص حينما يكتشف أنه مسؤول ليس عن نفسه فقط، بل عن كل الإنسانية، فالجزع يقود الشخص إلى اكتشاف أن أفعاله تقود الإنسانية جمعاء، وتمكّنه من الحكم على الآخرين بناءً على موقفهم من قضية الحرية، وهو يتعلّق أيضًا بمفهوم سارتر للأسى، والذي يعرّفه بأنه الاعتماد المتفائل على مجموعة من الإمكانات التي تجعل الأفعال والآمال ممكنة.
قام سارتر أيضًا بالرد في الكتاب على ما يعتقد أنها تهم ضد أفكار الفلسفة الوجودية، فحاول أن يحاجج من ينعت الوجوديّة بأنها فلسفة تشاؤمية قائلًا: إن الفلسفة الوجودية فلسفة متفائلة، لأنها في صميمها فلسفة تضع الإنسان مواجها لذاته، حرًا، يختار لنفسه مايشاء، وهذا أمر مزعج لا يعجب الناس.
وقد جاء الكتاب في شكل مجموعة من المقالات، التي تعرض حوارًا بين سارتر، وأحد المفكرين الماركسيين، في جدال حول مفاهيم الوجودية، كمدرسة فكرية، ومدى التزامها نحو القضايا العالمية الهامة آنذاك، وعلى رأسها الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية، في مقارنة بينها وبين أفكار الفلسفة الماركسية، في المجال العملي على وجه الخصوص.
كانت فلسفة سارتر الوجودية حلقة في سلسلة فلسفات وأفكار سابقة له، ولاحقة عليه، بدءًا من فلاسفة القرن التاسع عشر كنيتشه، والدنماركي سورين كيركجارد، والكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي، مرورًا بفلاسفة وكتّاب القرن العشرين ذوي النزعة الوجودية كإدموند هوسرل، ومارتن هيدجر، وجابرييل مارسيل، وكارل ياسبرز، وألبير كامو، وسيمون دو بوفوار، إحدى الرائدات النسويات، ورفيقة درب سارتر.