البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أفلاطون.. الفيلسوف العالمي

أفلاطون
أفلاطون

تحل اليوم الاثنين، ذكرى ميلاد أفلاطون، وهو فيلسوف يوناني كلاسيكي، رياضياتي، كاتب في عدد من الحوارات الفلسفية، ويعتبر مؤسس لأكاديمية أثينا التي هي أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي، فمعلمه هو سقراط، وتلميذه أرسطو.
وضع أفلاطون الأسس الأولى للفلسفة الغربية والعلوم كان تلميذًا لسقراط، وتأثر بأفكاره كما تأثر بإعدامه الظالم، ظهر نبوغ أفلاطون وأسلوبه ككاتب واضح في محاوراته السقراطية (نحو ثلاثين محاورة) التي تتناول مواضيع فلسفية مختلفة: نظرية المعرفة، المنطق، اللغة، الرياضيات، الميتافيزيقا، الأخلاق والسياسة.
ولد أفلاطون وسمي "ارستوكليس بن ارستون" في أثينا أوأجانيطس، لا يعرف تاريخ ولادته بالتحديد، ولكن من المرجح أن يكون قد ولد عام 427 ق.م. عرف بأفلاطون، وتعني عريض المنكبين، ولوساعة جبهته وعظم البسطة والجسم.
ينحدر أفلاطون من عائلة أرستقراطية عريقة كان لها دور في المجتمع اليوناني، والده هو ارستون وينتمي لكوديرين ووالدته فريكتونا وتولى تربيته زوج امه فورلامس من سولون.
عاش أفلاطون في أفضل فترات أثينا، حيث كانت الثقافة اليونانية في أوج ازدهارها في عهد بيركليس عهد العلم السقراطي وفن فدياس.
لم يشترك أفلاطون بشكل مباشر في الحياة السياسية ولكنه حاول أن يطبق أفكاره بأي شكل، وكان يدعو إلى تغيير كل النظام السياسي وإلى "جعل الفلاسفة ملوكًا"، كان مقتنعًا تمامًا بأن السياسة على يد الفيلسوف ستحول العالم تمامًا في اتجاه فكرة الخير، ولكن ذلك لم يحدث، فلم يصنع سيمون، بيركليس، تيموستوكليس وميلسياديس من الأثينيين بشرًا أحسن، فقد كان دورهم فقط يعتمد على توسيع حدود أثينا، وقد عرفوا بأنفسهم الشر والظلم الكامنين عند الأثينيين، وهذا يعني بأنهم لم ينجحوا في تربيتهم بروح الخير والعدل أو أنهم لم يريدوا ذلك، كتب أفلاطون في "جورجياس": " أفلاطون أعتقد أنني مع بعض الأثينيين -حتى لا أقول بأني وحدي- نقوم بعمل سياسي حقيقي".
تربى أفلاطون في عائلة مثقفة، اهتمت بتربيته بدنيًا وفكريًا، ذكر لوكيوس أبوليوس أن الفيلسوف سيوسيبس أشاد بذكاء وسرعة تفكير أفلاطون، حيث أن أفلاطون تلقى منذ صغره التعليم على يد مدرس خاص وهو الذي أطلق عليه اسم "أفلاطون"، إذ أن اسمه الحقيقي كان أريستوكليس، أحرز العديد من الانتصارات في الدورات الأولمبية، حيث ذكر ديئوتشيس أن أفلاطون تصارع في دورة ألعاب اسثميان، تعلم الشعر والموسيقى والرسم والجمباز والنحو، وأظهر ميلًا شديداَ إلي العلم الرياضي ثم اتجه إلى دراسة الفلسفة على يد أحد أتباع هيرقليطس، وكان فنانًا دائمًا، مع أن إبداعاته ظهرت في مجال آخر من مجالات المعرفة.
وفي سن العشرين تعرف على سقراط وأعجب به، ولازمه لمدة ثماني سنوات، وكان لهذه السنوات تأثير حاسم على حياته، حيث صقلت معارفه، بالذات في علمي المنطق والأخلاق، عدا ذلك كان أفلاطون يتعرف على كل الاتجاهات السائدة في عصره مثل أفكار أرستيب وأنتيستينس وإقليدس، ثم كان لإعدام سقراط وتجرعه السم من أهم الأسباب التي دفعت به إلى ميغاري، حيث زار إقليدس ومكث إلى جواره ثلاث سنوات، ثم اتجه إلى مصر وشاهد عظمة آثارها واجتمع بكهنة عين شمس فأعجب بعلومهم وخاصة الفلك ثم اتجه من مصر إلى قورينا فالتقى بعالمها الرياضي المشهور تيودورس، واستمرت رحلات أفلاطون اثني عشر عامًا عاد بعدها إنسانا ناضجا تماما، ثم عاد إلى أثينا عندما نشبت الحرب بين أثينا واسبرطة، واستقر هناك حيث أسس مدرسة في أكاديموس وانقطع للكتابة والتعليم.
قضى أفلاطون الأربعين عامًا الأخيرة من حياته في أثينا منقطعًا للعلم والتدريس. لم يتزوج، عاش في مدرسته محاطًا بتلاميذه، وكان يعيش حياة مرفهة، وقد هاجمه ديوجنيس الكلبي لكثرة التحف الموجودة في منزله. كان يقوم بتطوير أفكاره باستمرار، وقد قام قبل وفاته بوقت قصير بإجراء بعض التعديلات في الجزء الأول من مؤلفه "الجمهورية"، والذي كان قد كتبه قبل بضع سنوات.
يعتبر الكثيرون مؤلفات أفلاطون متفردة في نوعها، لأنها عبارة عن حوار، وهذا ناتج من تأثير أسلوب سقراط عليه، وأيضًا الرغبة في تقريب الكتابة من الكلام، والذي كان أفلاطون يعتبره أرقى من الكتابة (يتضح ذلك في مؤلفه "فايدروس")، ولأن أفلاطون لم يكن مفكرًا فقط، بل كان كاتبًا ممتازًا أيضًا، ولمحاوراته قيمة فنية، إذ كان يتميز بقدرة كبيرة على جذب القارئ وبتشخيص الناس والمواقف ببراعة.
أيضًا من مميزات مؤلفات أفلاطون أن المتحدثين في محاوراته هم العلماء والساسة والمثقفون المعاصرون له، وهو لم يقل كلمة واحدة في محاوراته (ومن هنا توجد صعوبة في تحديد آرائه). تتميز محاورات أفلاطون بحيوية الكلام الدارج، وهي بعيدة عن أسلوب كتابة الكتب العلمية الجافة، ومن الصعب فيها التمييز بين المقولات الجادة والسخرية والمزاح.
مات أفلاطون ميتةً هادئةً عام 347 ق.م في نفس يوم ميلاده -في نفس اليوم الذي ظهر فيه أبولو في الأرض (بحسب معتقدات الإغريق)- وهكذا ربط الأسطوريون بين أفلاطون وإله الشمس، وسادت أفكار بأنه ابن أبولو.
وقد أقيم له ضريح بعد موته، وأصبح تلاميذه يحتفلون سنويًا بعيد ميلاده ووفاته، حيث كانوا يعتبرون ذلك اليوم مقدسًا، لأن الآلهة أنجبت فيه أفلاطون هدية منها للبشرية بحسب رأيهم.