البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"الدليفري".. على باب الله

الدليفري
الدليفري

«الدليفرى» إحدى أكثر المهن الشاقة، عرفتها مصر خلال العقدين الأخيرين، ترى أصحابها يجوبون الشوارع ليلا ونهارا، ويمكنك أن تميزهم على درجاتهم البخارية وهم يقفزون بين السيارات، مسرعين لتوصيل الطلبات، سواء كانت أطعمة أو مستلزمات المنازل من السوبر ماركت، فضلًا عن الصيدليات ومعامل التحاليل، بل إن «الدليفرى» وصل لعربات الطعام الموجودة فى الشوارع، والتى انتشرت خلال الآونة الأخيرة. يرى الجميع أنها الأكثر خطورة وإرهاقا على العاملين فيها، وفيها يقضون أغلب أوقات عملهم فى الهواء الطلق، بعد أن لجأت المحلات التجارية المختلفة للاستعانة بهم لتوصيل طلبات الزبائن أو المستهلكين للمنازل فى أى وقت، ولكن دخولها قطاع الصحة أمر تعجب منه بعض المواطنين، بعد تحول «الدليفري» إلى جزء لا ينفصل عن مختلف القطاعات ومجالات البيع والشراء للمواطنين أو المستهلكين. 
ومع كل هذه الخطورة والأجر الزهيد، إلا أن عامل «الدليفري» أصبح مثالا صارخا لـ«العمالة غير المنتظمة»، والتى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، مطالبا بضرورة تقنين أوضاعهم، وتوفير التأمينات الاجتماعية والمعاشات ومشروعات علاج لهم، مطالبًا الحكومة بالبحث عن وسيلة لتأمين هؤلاء العمال، والحفاظ على حقوقهم، والبحث عن بدائل تضمن لهم تأمينًا صحيًا واجتماعيًا، وهى المبادرة التى يراها الجميع طوق النجاة لقطاع كبير من المصريين يعملون دون مظلة.
خدمة توصيل الطلبات.. مهنة بلا حقوق
على الرغم من انتشار عمال «الدليفري» فى مختلف محافظات الجمهورية، إلا أنهم يعانون العديد من المصاعب المختلفة، والتى تبدأ بحوادث السير التى قد يتعرضون لها أثناء عملهم عبر الدراجات النارية «الموتسيكل»، أو مضايقات «الزبائن»، قائلين: «إحنا مش حرامية أو مجرمين إحنا عايزين ناكل عيش».. بهذه الكلمات بدأ «محمد حسن، عامل دليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، حديثه عن معاناة عمال الدليفرى والمضايقات التى يتعرضون لها يوميًا من قبل الزبائن أو المواطنين فى الشوارع، موضحًا أن المواطنين يعتقدون أن كل من يقود «موتسيكل» أو دراجة بخارية، هو شخص حرامى يرغب فى سرقتهم دون التمييز بين الموتسيكلات المخصصة للدليفري، والتى فى الغالب تحمل شعار أو اسم المطعم والأخرى التى يمتلكها المواطنون كنوع من أنواع وسائل المواصلات المعتادة.
وتابع: عامل «الدليفري» يضطر لتحمل هذه المضايقات والاستماع للإهانات المختلفة، سواء بنظرات المواطنين أو التحدث عنهم، واحتمالية قيامهم بالسرقة وإلى غير ذلك، لافتًا إلى أنه هناك نوع آخر من المضايقات والتى يتعرض لها العامل فى محاولة بحثه عن العنوان المطلوب لتوصيل الطلبات إليه، قائلًا: «إحنا مطعم مشهور شغلنا لا يقتصر على منطقة معينة، بل لأماكن ومناطق مختلفة فى القاهرة، وساعات العنوان لا يكون واضحا للعامل بشكل كبير، ويضطر يسأل فى المنطقة عن العنوان وممكن يطرق باب شقة ويجد العنوان خطأ، ومن الممكن أن يتلقى سباب أصحاب الشقق، لأنه طرق على الباب، ووجد أن العنوان غير صحيح، ويصل الأمر فى بعض الأحيان للسب والقذف ويضطر العامل للتحمل حتى لا يقطع عيشه».
وأضاف حسن، أنه بحث عن عمل لفترة طويلة، سواء بالبحث على الإنترنت أو النزول والسؤال فى مختلف المحلات التجارية، موضحًا أنه تعرض للعديد من الإعلانات الوهمية و«المقالب» التى تسعى للنصب على المواطنين أثناء فترة البحث، حتى وجد مطعما شهيرا يريد عامل «دليفري»، وقام بالتقدم للوظيفة بملء استمارة الوظيفة وتقديم الأوراق المطلوبة، وهى صورة البطاقة الشخصية وشهادة الجيش والفيش والتشبيه وشهادة صحية ورخصة قيادة والمؤهل الدراسي، وتم قبوله فى الوظيفة ووفر المطعم دراجة بخارية أو «موتسيكل» يقوده لتوصيل الطلبات للمنازل، متابعًا أن المطعم يسعى لاختيار العاملين لديه بدقة كبيرة، فضلًا عن حمايتهم فى حال التعرض لحوادث سير أثناء العمل بالتأمين على حياتهم ضد الحوادث فى بداية العمل، ويتكفل بنفقات إصابته وعلاجه لحين عودته مرة أخرى للعمل.
وأوضح، أن زملاءه العاملين فى «الدليفري» تعرض البعض منهم لحوادث سير أثناء العمل، ولكن المطعم تحمل تكاليف إجراء عمليات جراجية لهم وعلاجهم بشكل كامل حتى شفائهم، بالإضافة إلى استمرارية صرف مرتباتهم شهريًا، مضيفًا أنه عقب شفائهم يعودون للعمل إذا سمحت حالتهم الصحية بهذا الأمر، ولكن فى حال عدم إمكانية العامل من استمراره فى مهنة «الدليفري» قد يتم تسريحه من العمل بشكل نهائى دون صرف مكافأة عقب نهاية عمله، وهو أمر صعب ويساعد على زيادة نسبة البطالة فى البلاد، حيث إن أغلب عمال الدليفرى تتراوح أعمارهم ما بين العشرينات والثلاثينات مما يجعلهم يندرجون تحت فئة الشباب، ولكنهم قد يصبحون عاجزين عن أى عمل فى حال تعرضهم لحوادث كبيرة أثناء عملهم كـ«دليفري»، وبالتالى فإن هذه المهنة من أخطر المهن التى من الممكن أن يقبل عليها الشباب فى الوقت الحالي.
وطالب عامل الدليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، الحكومة بضرورة التأمين على عمال «الدليفري» أو اليومية، وأهمية تواجد جهة مسئولة للتحدث عن أوضاعهم المهنية والأزمات المختلفة التى قد يتعرضون لها، مشيرًا إلى أن المطعم أو المحل الذى لديه عمال «دليفري» قد يتخلى عنهم فى حال عدم تمكنهم من مزاولة العمل مرة أخرى فى حال التعرض لحادث ما يسبب للعامل العجز عن قيادة «موتسيكل»، قائلًا: «ياريت يعملوا لينا جهة أو نقابة لعمال اليومية فى مختلف المهن والفئات العمرية المختلفة، واللى إحنا منهم، لأن شغلنا مؤقت مش دايم أو ثابت ممكن حد منا يتعرض لحادثة تخليه ميعرفش يشتغل دليفرى تانى وهيقعد فى البيت».
وأشار إلى أن العمل فى المطعم بين عمال «الدليفري» يتم عن طريق الأدوار، حيث يخرج العامل لتوصيل الطلبات للمنازل بناء على دوره المحدد بين زملائه الآخرين، دون اختيار عامل للمناطق الراقية وآخر للمناطق الشعبية كما هو معتقد، موضحًا أن المطعم قبل تعيينه لعامل يُحدد شروطا لقبوله، ومن بينها أن يكون حسن السير والسلوك. ويقول عبدالله محمد، عامل دليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، إنه تعرض لحادث سير منذ فترة أثناء قيادته للدراجة البخارية «الموتسيكل» لتوصيل الطلبات للمنازل، موضحًا أن هذا الحادث أدى إلى إجرائه عملية جراحية فى قدمه اليسرى ونتج عنها تركيبه «مسامير فى الركبة»، ولكن المطعم تحمل تكاليف العملية والعلاج بعد إجرائها.
وتابع، أنه عقب هذه العملية الجراحية ظل دون حركة فى منزله لمدة حوالى ٧ شهور، ولكن تحمل المطعم كافة هذه النفقات، فضلًا عن صرف مرتبه الشهرى بشكل طبيعى طوال فترة غيابه عن العمل، حتى تمكن من عودته للعمل مرة أخرى، مشيرًا إلى أن عمال «الدليفري» فى مطاعم ومحلات أخرى لا يحصلون على هذه الأمور فى حال تعرضهم لحادث، بل إنهم يجدون أنفسهم بلا عمل أو مرتب أو علاج لإصاباتهم المختلفة، قائلًا: «العمال اللى بيترموا فى الشارع بعد إصابتهم فى الشغل بيكونوا عرضة للبطالة أو اللجوء إلى الطرق غير القانونية لكسب الأموال سواء بالسرقة أو الشحاتة فى الشوارع وغيرها».
وناشد محمد، الحكومة بضرورة التدخل وحماية هؤلاء العمال وحقوقهم المهدرة وفكرة تخلى أرباب العمل عن العمال حال تعرضهم لحوادث أثناء العمل، وعدم حصولهم على مستحقاتهم اللازمة سواء فى العلاج أو تعويض مادى مناسب لما تعرضوا له جراء هذا الحادث، مقترحًا تخصيص معاش شهرى بعد بلوغ عمال اليومية السن القانونية، تجنبًا لأزمة تركه دون عمل أو عائد مادى يحصل عليه عقب انتهاء مدة عمله أو توقفها لسبب قهري.
وفيما يخص الراتب، أوضح أن المطعم يتعامل مع عمال «الدليفري» بنظام الراتب الشهري، بالإضافة إلى تخصيص نسبة للعامل قد تصل إلى حوالى ٦٠٪ من الطلبات التى يقوم بتوصيلها للمنازل يوميًا، فإن هذه النسبة تتم إضافتها إلى فواتير الحساب الخاصة بالزبائن، مشيرًا إلى أن الدراجة البخارية «الموتسيكل» قد توفرها بعض المطاعم أو يشترط امتلاك العامل لدراجة خاصة به للعمل عليها. بينما قال شعبان راضي، عامل دليفرى فى أحد المطاعم الشعبية الشهيرة، إنه يعمل فى هذه المهنة منذ سنوات طويلة، لزيادة دخله الشهري، موضحًا أنه تعرف على حاجة المطعم لعامل «دليفري» من خلال إعلان مطبوع معلق فى أحد الشوارع، وبحث عن التفاصيل الخاصة بالراتب أو الأوراق المطلوبة للوظيفة أو الموتسيكل وغيرها بالتواصل مع رقم المطعم.
وتابع، أن عامل «الدليفري» قد يتعرض لمشاكل وأزمات مختلفة، سواء فى الشارع أثناء قيادته للموتسيكل أو بالتعامل مع الزبائن، فضلًا عن ضغط عامل الوقت على العمال والذى يكون سببا رئيسيا فى وقوع بعض الحوادث لعمال «الدليفري»، قائلًا: «العامل بيكون عايز يلحق يوصل الطلبات فى الوقت المحدد وللعنوان المطلوب، وده ساعات بيخليه يسوق الموتسكيل بسرعة، وممكن ينتج عنه حوادث كبيرة مبيضررش منها غير العامل بس سواء صحيًا أو ماديًا»، مضيفًا أن بعض المطاعم قد لا تتحمل المسئولية فى حال تعرض عامل «الدليفري» لحادث ما، بل إنها قد تتخلى عنه تمامًا وتفصله عن العمل وتبحث عن عامل آخر بديل له، أو على الجانب الآخر من الممكن أن يتعرض عامل «الدليفري» لسرقة «الموتسيكل» أثناء توصيله طلبات فى منطقة ما، وبالتالى يجب ضمان عدم إجبار صاحب العمل عامل «الدليفري» على تحمل مسئولية السرقة وغيرها من المواقف التى قد يتعرض إليها العامل يوميًا.
وطالب عامل الدليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، الرئيس السيسى بالتدخل لحماية حقوق عمال اليومية، وتوفير ضمانات مختلفة تُجبر صاحب العمل على حفظ حقوق العمال، وفى حال المخالفة يتعرضون للمخالفات القانونية، مضيفًا أن العمال مسئولين عن أسر كاملة، وتدهور أوضاعهم يعود بالسلب على هذه الأسر وتدهور أوضاعها الاجتماعية والمادية، مقترحًا تخصيص مسئول يتحدث عن أزمة العمال فى مصر بمختلف أعمارهم، وفى مختلف المهن، سواء كان العامل فى محل فطائر أو بيتزا أو كبدة أو كباب وغيرها من المطاعم أو عامل باليومية فى مجالات أخرى، أو عمل نقابة لعمال اليومية أو جهة قانونية مسئولة عن هؤلاء العمال من أجل الحفاظ على حقوقهم المهدرة من أصحاب العمل وحمايتهم بشكل كامل من مختلف الأزمات والمشاكل التى قد يتعرضون لها، فضلًا عن قيام هذه الجهة أو النقابة بنقل مشاكلهم للحكومة وللرئيس السيسي.
عربات الكبدة بدأت فى استخدام خدمة الدليفري
انتشرت خلال الفترة الأخيرة مشروعات الشباب الصغار والتى يحاولون من خلالها التغلب على أزمة البطالة، حيث يلجأ بعض الشباب لعمل عربات الأطعمة بالشوارع، والتى لا يكاد يخلو أى منها من هذه النماذج، خاصة عربات الكبدة التى يتناول المواطنون الطعام عليها، نتيجة حصولها على شهرة إلى حد ما بجودة الطعام والنظافة وغيرها بين المترددين على هذه العربات. «عربية الكبدة بتقدم الأكل دليفرى فى المنازل، لأن الدليفرى بقى موجود فى كل حاجة».. بهذه الجملة بدأ «جمال شكري»، عامل على «عربة كبدة» فى أحد الأحياء الشعبية، حديثه موضحًا أنه يعمل مع صاحب العربة منذ سنوات طويلة، ونجحا فى جذب الزبائن لتناول الطعام على العربة وزيادة الإقبال يومًا بعد يوم، ولكن بتقديم العربة خدمة توصيل الطلبات للمنازل زاد الإقبال بشكل كبير، وأصبح الزبون يعتمد على الاتصال وطلب «الأوردر» لمحل عمله أو منزله. 
وأوضح، أن العربة تقدم خدمات توصيل الطلبات للمنازل القريبة من محل تواجد العربة، وليس خارج المنطقة المحيطة، متابعًا أن فكرة تواجد «الدليفري» فى مشروع عربة «الكبدة» جاءت من خلال سؤال أحد الزبائن عن توافر إمكانية للتواصل مع العربة لتوصيل الطلبات لمحل عمله، ثم قرر صاحب العربة توفير خدمة «الدليفري» فى هذا المشروع، ولكن فى حدود المنطقة التى تتواجد بها العربة.
وأشار شكري، إلى أن العربة قامت بعمل إعلان بسيط عن حاجتها لعامل يتوافر لديه «موتسيكل» لاستخدامه أثناء توصيل الطلبات للمنازل، مضيفًا أن العامل يحصل على «يومية» يتم الاتفاق عليها قبل بداية العمل، بالإضافة إلى أن حصوله على نسبة من الطلبات التى يقوم بتوصيلها يوميًا أو دفع الزبائن تكلفة توصيل الطعام منزليًا أو من خلال «البقشيش»، مؤكدًا أن تواجد عمال الدليفرى فى أى محل أو مطعم أساسى وضروري، خاصة فى المطاعم الشهيرة سواء مشهورة فى منطقة تواجدها أو مشهورة بصفة عامة للمواطنين، فلا يخلو أى منهما من عامل «الدليفري»، ولهذا السبب يجب على أصحاب المحلات الشهيرة أن توفر كافة سبل الحماية لعمال الدليفرى والتأمين عليهم، لأنهم قد يتعرضون لحوادث سير كبيرة، قد تسبب لهم إعاقة أو إصابة تمنعهم من العودة لممارسة عملهم مرة أخرى، وفى الغالب قد لا يمتلكون وظائف أخرى بديلة، فيجب مراعاة هذه الأمور.
خدمات الصيدليات والمعامل الطبية «على باب البيت».
معامل التحاليل الشهيرة.. أحدث المنضمين لخدمة الدليفري، والتى وجدت من الأهمية توفير الخدمات الصحية للمواطنين فى المنازل، ويقول «حسن مجدي»، الموظف المسئول فى أحد المعامل، إنه تتوافر إمكانية أخذ العينات من المرضى من المنازل، وكذلك توفير خدمات توصيل نتيجة التحاليل للمنازل أيضًا، ويتم توفير الزيارات المنزلية بالتواصل مع الرقم الخاص بالمعمل مع أحد مسئولى خدمة العملاء. 
وتابع، أن كثيرًا من المرضى يريدون أن يقدم المعمل الخدمات الطبية لهم منزليًا عن طريق قيامهم بالتواصل والحجز فى المعمل لإجراء تحليل ما، موضحًا أنه يتم إرسال دكتور متخصص فى التحاليل للحصول إلى العينة المطلوبة فى اليوم التالى للحجز، فضلًا عن التنسيق مع المعمل فى حال إذا كان المريض يريد من المعمل إرسال نتيجة التحليل إليه منزليًا، مؤكدًا أن المعمل يسعى لتقديم التسهيلات المختلفة للمرضى نظرًا للظروف الصحية للكثير من المواطنين، والتى قد تمنعهم من النزول خارج المنازل.
وأوضح مجدي، أن المعمل يعمل وفقًا لضوابط وقواعد مهنية عالية، حفاظًا على اسمه وسمعته الكبيرة، فضلًا عن السعى الدائم للمحافظة على المرضى دائمى التعامل مع المعمل، كوسيلة لجذب عملاء جدد، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتم من خلال توفير المصداقية وثقة المرضى فى تعاملهم مع المعمل بشكل دائم، والمحافظة على العينات ونتائح التحاليل منعًا لحدوث أى خلط أو لبس فى عينة مريض مع آخر، حيث إن المعمل دقيق وحريص بشكل كبير فى هذه الأمور، قائلًا: «عندما يحصل الدكتور على العينة من المريض فى منزله يحفظها باسم المريض ويقوم بتسليمها للمعمل لفحصها موضوعا عليها اسم العميل وتخرج النتيجة أيضًا فى اليوم التالى باسم المريض ويتم إرسالها إليه فى البيت بناءً على رغبته».
وفى إحدى الصيدليات بحى السيدة زينب، لجأت هى الأخرى، ويقول الصيدلى «حسام عماد»، إن الصيدلية توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل من خلال عامل الدليفرى الخاص بالصيدلية، موضحًا أن نطاق عمل «الدليفري» للصيدلية يكون فى محيط المنطقة الموجودة بها، وليس كالصيدليات الشهيرة التى تستطيع إرسال عمال الدليفرى التابعين لهم إلى أى منطقة فى مختلف المحافظات.
وتابع، أن توصيل الطلبات للمنازل من الصيدليات ظهر خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير، خاصة فى الصيدليات المعروفة والمشهورة حتى وصولها للصيدليات الموجودة فى الأحياء المختلفة سواء الشعبية أو الراقية، مشيرًا إلى أن الصيدليات لا تكتفى بتوصيل الطلبات للمنازل فقط للزبائن، بل إنها أصبحت تقدم الخدمات الطبية للمواطنين فى المنازل أيضًا، وذلك من خلال إرسال صيدلى متخصص لإعطاء المريض «حقنة معينة» أو تركيب محلول ما عقب خروجه من المستشفى أو التغيير الطبى على الجروح وغيرها من الخدمات التى يريديها المواطنون من الصيدليات المختلفة، وقد تعوق إصاباتهم أو مرضهم من الذهاب إلى الصيدلية، وبالتالى يلجأ إلى الاتصال بالرقم الخاص بالصيدلية لإرسال ما يريده، سواء طلبات معتادة أو خدمات طبية يقدمها إليه الصيدلي.
وأضاف عماد، أن تقديم الخدمات وتوصيل الطلبات للمواطنين منزليًا جاء بهدف التسهيل على المواطنين، وتوفير سبل الراحة لعملاء أو زبائن الصيدلية، فضلًا عن أنها محاولة للسعى لكسب الرزق، مشيرًا إلى أن أغلب الصيدليات الموجودة فى مختلف محافظات الجمهورية أصبحت تقدم هذه التسهيلات للمواطنين، سواء بالاعتماد على عامل «الدليفري» بتوصيله الطلبات للمنازل باستخدام الموتسيكل المخصص للصيدلية، والذى فى الغالب يحمل اسم الصيدلية تجنبًا للأزمات أو المشكلات التى قد يتعرض لها العامل، أو إرسال الصيدلى للمنزل مباشرة، وقد يكون هذا الأمر معتادا فى المناطق والأحياء الشعبية، التى قد لا تحتاج إلى استخدام «الموتسيكل» فى التوصيل أو الدليفري
دليفرى «سوبر ماركت»: خدمة لكبار السن
لجأ الكثير من محلات السوبر ماركت المنتشرة فى مختلف المناطق والأحياء الراقية والشعبية أيضا إلى عمال الدليفرى لتوصيل الطلبات إلى المنازل، كخدمة مقدمة منها للمترددين عليهم من أجل توفير الراحة لهم وضمان استمرار التعامل. 
ويقول محمود جمال، عامل دليفرى فى أحد محلات السوبر ماركت فى منطقة السيدة زينب، إن المحل يوفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل للزبائن المتواجدين فى المنطقة، خاصة المتواجدين بالقرب من نطاق تواجد المحل، لأنه ليس كمحلات السوبر ماركت الشهيرة والمطاعم أيضًا التى تمتلك أكثر من فرع فى مختلف المناطق، مضيفًا أن تواجد عامل الدليفرى فى محل السوبر ماركت ليس غريبا، قائلًا: «ممكن يكون زباين السوبر ماركت من كبار السن اللى مبيقدروش ينزلوا وعلشان كده بيتصلوا بينا نجيبلهم اللى عايزينه من السوبر ماركت».
وأضاف، أن صاحب السوبر ماركت كان رافضًا لتواجد عامل دليفرى تابع للمحل، ولكنه اقتنع بأن هذه الخدمة تُقدم من أجل التسهيل على المواطنين، وخاصة كبار السن أو ذوى الاحتياجات الخاصة، موضحًا أن عمله كعامل الدليفرى يتم بنظام «اليومية»، بالإضافة إلى «البقشيش» الذى قد يحصل عليه من الزبائن عقب توصيله الطلبات إليهم فى المنازل، لافتًا إلى أنه تعرف على طلب المحل «عامل دليفري» من خلال نشر المحل إعلانا عن حاجته لعامل فى هذا التخصص، ويُفضل أن يكون من سكان المنطقة كى يكون على علم ودراية بالشوارع المحيطة بالمحل، والذهاب لعنوان الزبون فى أسرع وقت ممكن ولتسهيل أداء عمله.
وتابع جمال، أنه كعامل دليفرى فى السوبر ماركت لا يتم التأمين عليه، حيث إن عمله مصنف بـ«اليومية»، والذى قد يستغنى عنه صاحب المحل فى أى وقت لأى سبب كان، قائلًا: «إحنا شغلنا على كف عفريت لأن صاحب المحل ممكن يمشينى فى أى وقت ولأى سبب، ده غير أنه ممكن تحصل لى حاجة أو حادثة مثلًا تمنعى من الشغل، وبالتالى مش هيكون ليا مكان فى المحل تاني».
"مكاتب التوظيف".. بوابة عمل الشباب
تنتشر إعلانات عديدة داخل محطات وعربات مترو الأنفاق وفى الشوارع وأتوبيسات النقل العام والمواصلات الأخرى، عن توفير مكاتب التشغيل فرص عمل للشباب فى مختلف المجالات والقطاعات، سواء الحاصلين على مؤهلات عليا أو متوسطة أو دون مؤهل، بالإضافة إلى إتاحة هذه المكاتب فرص عمل للطلاب من مختلف الأعمار، ويتضمن الإعلان تفاصيل العمل والراتب الذى سيحصل عليه الموظف أو العامل وأرقام التواصل مع المكتب.
«البوابة نيوز» تواصلت مع أحد مكاتب التشغيل من خلال الإعلانات المنشورة فى الشوارع، للاستفسار عن إعلان المكتب بتوفير وظائف لمختلف الشباب من جميع المؤهلات الدراسية وكذلك للطلاب، فى مجالات «حسابات- سكرتارية- مخازن- تحصيل- دعاية- خدمة عملاء»، وتبدأ المرتبات من ١٢٠٠ إلى ٢١٠٠ جنيه شهريًا، بالإضافة إلى توفير الإقامة للمغتربين كما قال أحمد حسين، موظف مكتب تشغيل فى منطقة عين شمس، مضيفًا أن المكتب يستقبل يوميًا عشرات طلبات الحصول على الوظائف المختلفة.
وتابع، أن المكتب يضع مجموعة من الشروط للحصول على الوظائف المعلن عنها، حيث يقوم المُتقدم للوظيفة بملء استمارة التقديم وبياناته الشخصية من المؤهل الدراسى والعمر والخبرات السابقة وأرقام التواصل مع صاحب الاستمارة، مشيرًا إلى أن المكتب يحصل على ٥٠ جنيها على الاستمارة الواحدة، ثم عمل «إنترفيو» مع الموظف المسئول عن جمع هذه الاستمارات والتواصل مع الشركات التى تطرح الوظائف الشاغرة المعلن عنها، قائلًا: «بعد ملء الاستمارة يقوم المُتقدم على الوظيفة بعمل إنترفيو مع الموظف المسئول لمعرفة المزيد من التفاصيل عن العمل».
وأوضح حسين، أنه من خلال الإنترفيو يتم معرفة التفاصيل عن العمل والراتب وكيفية التواصل مع الشركة المعنية بالتوظيف وغيرها، مضيفًا أن أغلب الوظائف التى يعلن عنها المكتب توفر سكنا تابعا للشركة للمغتربين، ووسائل مواصلات تابعة للشركة، فضلًا عن التأمين الصحى على العامل أو الموظف، والتأمينات الاجتماعية، بالإضافة إلى احتساب الوقت الإضافى للعامل أو الموظف فى حال تواجده فى العمل بعد انتهاء وقت عمله الرسمي، وغيرها من الامتيازات التى يحصل عليها الموظف فى عمله داخل الشركة، والتى يوضحها الموظف المسئول عن جمع الاستمارات والتواصل مع الشركة وصاحب الاستمارة فى حال تأكيده الموافقة على العمل والشروط التى يتم إقرارها قبل العمل لدى الشركة المختصة بإعلانها عن الوظائف المتاحة لديها أثناء «الإنترفيو». 
وأضاف، أن شروط المكتب قبل توظيف أى شخص تتضمن دفع صاحب الاستمارة مبلغا يقدر بحوالى من ٤٠٠ إلى ٥٠٠ جنيه قبل التعيين فى الوظيفة التى يريدها المُقدم، ويتم توضيح هذا الأمر من خلال الإنترفيو، وحال الموافقة يتم الاستمرار فى الإجراءات اللاحقة، وذلك بالتواصل مع الشركة وتحديد موعد لصاحب الاستمارة لتقديم أوراقه للشركة وعمل الإنترفيو الذى يُؤهله للعمل بالشركة، أما فى حالة رفض المُتقدم على الوظيفة دفع المبلغ المُقدر للمكتب يتم إلغاء الاستمارة، متابعًا أن هذا المبلغ يعد نسبة المكتب من التعيين من قبل الأشخاص الذين يريدون العمل فى أى وظيفة تم الإعلان عنها من المكتب، بالإضافة إلى أن المكتب يحصل على نسبة من الشركة بعد أن يتم توريد عدد معين من العمال أو الموظفين، ويتم تحديد هذه النسبة وفقًا لعدد الموظفين الذين تم إرسالهم للشركة للعمل، مؤكدًا أن المكتب يظل متابعًا لمجريات الأمور سواء من جانب الشركة أو الموظف الذى يتم إرساله للشركة حتى يتم تعيينه بداخلها، ومن ثم يصبح المكتب غير مسئول عن أى أمر يخص هذا التعاقد أو التعيين.
مصير عمال اليومية فى يد الحكومة
أكد هيثم سعد الدين المتحدث باسم وزارة القوى العاملة، أن ملف العمالة غير المنتظمة يتم العمل عليه فى الوقت الحالى بناءً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة بشأن العمالة غير المنتظمة، وضرورة العمل على حفظ حقوقهم والتأمين عليهم باعتبارهم جزءا أساسيا من العمالة فى مصر، موضحًا أن هذا الملف معروض حاليًا على مجلس الوزراء لمناقشته وبحث سبل توفير الحياة الكريمة لعمال «اليومية»، ثم سيتم نقله للبرلمان لمناقشته وتعديله، مما يمثل خطوة مهمة جدًا فى حياة عمال «اليومية». وتابع سعد الدين، أنه من خلال مشروع تحسين مستوى عمال اليومية وحمايتهم، الذى يبحثه مجلس الوزراء حاليًا سيشمل التأمين على هؤلاء العمال، أو العمالة غير المنتظمة سواء بالتأمين الصحى أو الاجتماعي، بالإضافة إلى حماية حقوقهم كعمال فى مجالات مختلفة مثل «عمال المقاولات والزراعة والمناجم والبحر والمحاجر والدليفري» وغيرهم من العمالة غير المنتظمة، مؤكدًا أن هذا الملف من الملفات المهمة التى طرحها الرئيس السيسى خلال الفترة الأخيرة، نظرًا لتواجد عدد كبير من عمال «اليومية»، الذى لا يمكن تجاهله، ويتطلب حماية وحفظ حقوقهم كعمال، مما استوجب من الحكومة ضرورة العمل عليه والانتهاء منه فى أقرب وقت ممكن، رافضًا عن الإعلان عن خطوات وزارة القوى العاملة فى هذا الصدد، وتسجيلها لنسبة العمالة غير المنتظمة لدى إحصائيات الوزارة من عدمه.
وثيقة برلمانية لحماية العمال 
ومن جانبه قال النائب محمد وهب الله وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن اللجنة عقدت اجتماعا الأسبوع الماضى لتنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى حول العمالة غير المنتظمة وكيفية التأمين عليهم، والعمل على توفير رعاية صحية واجتماعية للعمال، مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق من قبل اللجنة على عمل وثيقة للعمال بصفة عامة سواء العمالة الحرة أو غير الحرة بمبلغ ٥٠٠ جنيه.
وأضاف وهب الله، أن اللجنة ستعمل على توفير معاشات للعمال الذين سيتم التأمين عليهم سواء فى مجال الزراعة أو البناء والإنشاء وغيرها، معلنًا أنه تم تشكيل مجموعة عمل من لجنة القوى العاملة ووزارت «القوى العاملة والتضامن الاجتماعى والصحة» واتحادى العمال والصناعات والمجلس القومى للسكان ستعقد أولى اجتماعاتها الأسبوع المقبل لوضع آلية للتأمين على هؤلاء العمال صحيًا واجتماعيًا، فضلًا عن عمل قاعدة بيانات للعمالة المنتظمة وغير المنتظمة وكيفية توعية العمال بالجهات المسئولة عنهم وعن الحفاظ على حقوقهم، سواء النقابات العمالية أو اتحاد الصناعات أو اتحاد المقاولين.
وأوضح، أن اللجنة ستنتهى من ملف العمالة فى منتصف شهر مارس المقبل لوضع الصورة النهائية لهذا الملف، مضيفًا أن مجموعة العمل ستقدم إحصائية لعدد العمالة غير المنتظمة فى مصر، وكيفية الوصول لهم والتأمين عليهم بشكل رسمي، مؤكدًا أن الهدف الحقيقى من مناقشة ملف العمالة غير المنتظمة هو حفظ حقوق العمال والتأمين عليهم وعلى مستقبلهم، قائلًا: «إن هذه الأمور ستقى العامل شر الاحتياج سواء بعد وفاة عائل الأسرة أو عجزه».
«التأمينات»: حملات تفتيش لحماية حقوق المشتغلين
أزمة عمال الدليفرى تنحصر فى تعرضهم لإهدار كبير فى حقوقهم كعمال باليومية، نظرًا لعدم توفير صاحب العمل لتأمين صحى أو اجتماعى لهؤلاء العمال أو إدارجهم ضمن عمالة المحل التى يتم إقرارها فى مكاتب التأمينات وسجلات الضرائب الخاصة بكل محل أو مطعم،يقول مصطفى إبراهيم، موظف فى مكتب تأمينات بمحافظة الجيزة، إن المكتب يقوم بدوره فى تسجيل التأمين على عمال «اليومية» فى مختلف المهن والمجالات بالتفتيش على المحلات أو المطاعم وتسجيلهم لكافة العاملين لديهم من عدمه، وتابع، أن هناك بعض المحلات تتهرب من التأمين على بعض العاملين لديها، مثل عمال الدليفرى أو العاملين داخل المحل، والذين يندرجون ضمن قائمة «عمال اليومية»، ولكن مكتب التأمينات يقوم بعمله على نطاق محافظة الجيزة باستمرار من خلال التفتيش والبحث عن العمال غير المقيدين ضمن سجل التأمينات على العمال، موضحًا أنه فى حالة اكتشاف عدم تسجيل محل أو مطعم ما للعاملين لديه فى سجل التأمينات يقوم المكتب بتوجيه إنذار لصاحب المحل للاستجابة للتأمين على هؤلاء العمال
فى حالة عدم الاستجابة لهذا الإنذار يتخذ المكتب الإجراءات اللازمة قانونيًا، مؤكدًا أن العقوبة التى يقرها القانون فى حال تهرب صاحب العمل من التأمين على العاملين تصل إلى الحبس ودفع غرامات مالية.
وأوضح إبراهيم، أن هناك أصحاب محلات يقومون بعمل الإجراءات التأمينية على العمالة الموجودة لديهم دون إخطار أو تفتيش مكتب التأمين لهم، مما يجعلهم فى الوضعية القانونية الصحيحة والسليمة، نظرًا لحرصهم على اتباع الإجراءات القانونية فيما يخص العمالة والتأمين عليها منذ بداية عمله، وفى حال زيادة عدد العمال لديهم يسعون لتسجيلهم لدى المكتب والتأمين وأشار إلى أن التأمين على العمال يتضمن الحماية والرعاية الطبية والتأمين الاجتماعي، الذى يُتيح لهم معاشا شهريا بعد بلوغ السن القانونية وتسوية عمله لدى الجهة التابع لها، مؤكدًا أن مكتب التأمينات يسعى لتنفيذ القانون من خلال التأمين على هؤلاء العمال لضمان حقوقهم القانونية فى العلاج والتأمين الاجتماعى بما يوفر لهم حياة كريمة بعد تسويه عملهم، حيث إن ملف عمال «اليومية» أصبح يتخذ أهمية كبرى، خاصة بعد توجيهات الرئيس السيسى الأخيرة بحماية هؤلاء العمال فى مختلف المجالات.