البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

ننشر كلمة القس أندريه زكي بمؤتمر الحوار بين الأديان بفيينا

 مركز الملك عبدالله
مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي

حصلت "البوابة القبطية" علي نص كلمة الدكتور القس اندرية زكي رئيس الطائفة، والتي يلقيها خلال مؤتمر مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي، والمنعقد بفينا للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، إطلاق "منصَّة الحوار والتَّعاون الإقليميَّة للقيادات والمؤسَّسات الدينيَّة في العالم العربي".
وإلي نص الكلمة: معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمّر الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي، للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، السادة ممثلو رؤساء الدول والحكومات الحضور، أصحاب المعالي والفضيلة والقداسة، السيدات والسادة الحضور الكريم.
أسمحوا لى في البداية أن أتقدَّم بخالص الشكر والتقدير لمركز جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار، على هذه الدعوة الكريمة التي جمعت بين عدد كبير من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية حول العالم، أيضًا نخبة كبيرة من رجال الفكر والثقافة للحوار معًا حول "تعزيز التعاون السلمي والمواطنة المشتركة" وذلك بهدف إطلاق "منصة الحوار والتعاون الإقليمية للقيادات والمؤسسات الدينية في العالم العربي"؛ ذلك الهدف الذي نسعى جميعًا نحو تحقيقه في منطقتنا العربية، فننبذ كل أشكال العنف والتطرف ليس في منطقتنا العربية فحسب، بل في كل بقاع العالم التي أصبحت تواجه ويلات الإرهاب والتطرف الذي يسعى إلى زعزعة النسيج الاجتماعي.
إن شعار مؤتمرنا اليوم "الحوار بين أتباع الاديان من أجل السلام وتعزيز التعاون السلمي والمواطنة المشتركة"، وهو شعار نسعى جميعًا لتحقيقه، من خلال معايير إعداد المحتوى الثقافي لتعزيز أخلاقيات التعايش السلمي، والتي تأتي باعتماد الأسس الأخلاقية معيارًا لمعالجة المحتوى الثقافي، وتجنب التعميمات والإساءات في التعامل مع الثقافات الأخرى، والالتزام بالموضوعية في التعامل مع التنوع والاختلاف في تقديم التصورات الثقافية الخاصة بالمجتمع، بعيدًا عن الاستقطاب، ودون الحكم على الثقافات الأخرى أو ازدرائها، أو المفاضلة بين عادات الشعوب وموروثاتهم، وتجنب الأفكار العنصرية المتضمنة أحكامًا مبنية على خلفيات تاريخية أو اجتماعية والتي لا تستند إلى منطق أو تسويغ موضوعي.
إن المدقق والمتابع لحوار الأديان عبر نصف قرن مضت من الزمان، يلاحظ أن هذا الحوار بات محلًا لشكوك محلية ودولية، وربما هذا يرجع إلى النتائج المحدودة التي أسفرت عنها العديد من اللقاءات الدولية السابقة، أو ربما إلى عدم اقتناع الأغلبية من العامة في معظم الأديان بجدوى الحوار. كما أن الإعلام لعب دورًا هامًا في تصدير الصدام المرتبط بجماعات عرقية ودينية، فالعولمة بدون شك قد حملت في أعماقها تناقضات. إذ أنه في الوقت الذي سعت فيه العولمة إلى خلق أنماط ثقافية واجتماعية وسياسية عالمية، نجدها قد أبرزت النزاع العرقي والديني بشكل لم تعرفه البشرية من قبل. وهنا نجد في العولمة النموذج وما يناقضه. وفي هذا الإطار جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر كأحد تناقضات العولمة. ومنذ ذلك الوقت أصبح الإرهاب أحد التناقضات المباشرة لهيمنة العولمة، وفي هذا السياق أيضًا تأتي قصة صراع الأديان والثقافات، كأحد تناقضات العولمة.
ومع ذلك يمكننا القول: لقد استطاعت هذه الحوارات على المدى القصير أن تخلق أرضية جديدة للتفاهم وسماع الصوت المختلف، وبالتالي سوف تُسهم على المدى البعيد في تشجيع الاعتدال.
• السادة الحضور:
إنَّ تبنِّي مفاهيم المواطنة والمساواة والحقوق يَستَلزِمُ بالضرورة إدانةَ التصرُّفات التي تتعارَضُ ومبدأ المواطنة، من مُمارساتٍ لا تُقِرُّها الشرائع السماوية، وتبني على أساس التمييز بين اصحاب الديانات السماوية، وتترتَّبُ عليها ممارسات الازدراء والتهميشِ والتي قد تصل إلى حد القتل، وما إلى ذلك من سلوكيات نرفضها جميعا.
إن أولَ عواملِ التماسُكِ وتعزيزِ الإرادة المشتركة يَتمثَّلُ في الدولة الوطنيَّة الدستوريَّة القائمة على مبادئ المواطنة والمساواة والتعايش وحُكم القانون، وعلى ذلك فإنَّ استبعادَ مفهوم المواطنة بوصفه
عقدًا بين المواطنين.. يُؤدِّي إلى تراجع الدول، وفشَلِ المؤسَّسات الدِّينيَّة والنخب الثقافية والسياسية، وضرب التنمية والتقدم، وتمكين المتربصين بالدولة واستقرارها، والعبث بمصائر الأوطان ومُقدَّراتها. كما أنَّ تجاهُلَ مفهوم المواطنة ومُقتَضياته يُشجِّع على الحديث عن الأقليّات وحُقوقِها.
• السيدات والسادة الحضور:
لا شك أن دعم ثقافة الحوار والتعددية والمشاركة، أصبحت تلقى اهتمامًا كبيرًا من جانب الحكومات وأيضًا مؤسسات المجتمع المدني حول العالم. وبصفتي رئيسا للطائفة الإنجيلية بمصر، ومديرًا عامًّا للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بمصر، والتي يتبعها منتدى حوار الثقافات، وهو أحد المراكز المهتمة بالحوار على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية منذ قرابة ربع قرن من الزمان، من خلال برامج وأنشطة حوارية تجمع ما بين علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي، وبخاصة الشباب، أيضًا رجال الإعلام وشباب الأكاديميين، إلى جانب قيادات الفكر والثقافة والاعلام، ذلك على الجانب المحلي. أما على الجانب الإقليمي ومن خلال الشبكة العربية للحوار التي ساهم المنتدى في تكوينها من عدد من المراكز في منطقتنا العربية وبعض بلدان الشرق الأوسط، فقد أسهمت بشكل كبير في نشر ثقافة المواطنة والتعددية، من خلال تبادل الخبرات بين المراكز الأعضاء. وعلى الجانب الدولي يدعم منتدى حوار الثقافات منظومة الدبلوماسية الشعبية من خلال حوارات عربية – أوروبية، وأخرى أمريكية يشارك فيها نخبة من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية وبرلمانيون وأكاديميون ورجال فكر وثقافة، يتم من خلالها الحوار حول أحد الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الحضور، والتي أتت بثمارها في الكثير من القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية. كما أننا نسعد بكوننا أعضاء في شبكة " كايسيد" تحت رعاية مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
• ختامًا:
أكرر شكري على هذه الدعوة الكريمة وعلى هذا اللقاء المتميز، أملين أن يحقق الهدف المرجو منه.