البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

بين العدل والمساواة.. "١"


المساواة هى منطق مضطرب المعنى والمفهوم مثله مثل الديمقراطية بالضبط.. المساواة كذبة والعدل حكمة.. كما أن الديمقراطية فوضى، لأن أساس الديمقراطية هو المساواة بين جميع الناس فى حق الحصول على منصب، بينما الحكمة تقتضى أن يكون العدل هو الحكم الرئيس فى أحقية شخص دون آخر للوصول لمكان تتوقف عليه حياة الآخرين، تعاستهم وسعادتهم. القانون الصارم الذى يُفرض من مكاتب مغلقة ليطبق على الجميع بالمساواة ظلم، أما ذلك الذى ينبع من قلب تقدير الظروف الحياتية الخاصة بشعب دون آخر، بل وفرد دون غيره حكمة.
إن الله لا يحاسب الناس بالمساواة بل بالعدل، لأن تقدير الظروف وتقييم صفاء القلب وقوة العقل ومدى إدراكه للأمور قبل وقوعه فى الاختيار لهو قمة العدل. أما المساواة فهى ادعاء أن كل البشر امتلكوا الفرصة نفسها فى الحياة، وعلى أساسه فإنهم جميعًا يحاسبون على اختياراتهم الصحيحة والخاطئة دون أدنى اعتبار لأى عنصر آخر.
وكما هو الحال فى القانون، فإن العدالة فى توزيع الفرص هى الحكمة التى بها ترتقى وتتطور بلدان دون غيرها. توزيع الفرص بين الغنى والفقير بالعدل، كأن لا تكون الرياضة وممارستها حكرًا على من يمتلكون المال والوقت ليستثمروا فى أبنائهم، حتى لو كان هؤلاء الأبناء لا يمتلكون موهبة إلهية فى هذه الرياضة أو تلك..
فى مجتمع متقدّم، يحصل الأطفال على الفرص نفسها فى ممارسة رياضة ما، ثم لا يتم استثمار أموال من الدولة فى حال الفقر إلا على من ظهرت عليهم نبوءات التألق فى هذه الرياضة، لينبغوا فيها ويصلوا بأعلام بلدانهم إلى العالمية. مروة، تلك الفتاة الجنوبية الصغيرة، تمتلك موهبة لم يكن ليعرف عنها العالم أو حتى بلدها شيئًا إلا بتحقيق العدالة فى توزيع الفرص، تلك الفرصة التى سمحت لها بإعلان أنه رغم عدم ممارستها للرياضة، إلا أنها تمتلك موهبة مدفونة مثل الكثيرين من الفقراء الذين لم يحصلوا على تلك الفرصة نفسها، أو ذلك الحظ.
كما الحال فى التعليم، فإن هنالك أطفالًا يتلقون تعليمًا بملايين الجنيهات ولا يثمر عن أى فخرٍ ولا يظهر منه نفع، بينما هنالك من بين الأطفال الذين يتلقون بـ«ثلاثة ملّيم» تعليما، من كان باستطاعتهم الاختراع والتطوير لولا أن فرصة كفرصة مروة لم تأت أبدًا.
وفى موضوع أشد حدّة من الفقر والغنى، فإن كذلك المساواة بين الرجل والمرأة طلب مربك، ولا ينّم إلا عن شعور طرف بالدونية، فيطالب برفعه إلى مستوى أعلى، وذلك ليس صحيحًا البتّة. كما الفقراء والأغنياء، ليس بين الذكور والإناث ما يحتاج إلى تعميم أن هنالك جنسًا أفضل من الآخر، بل هنالك عقل أذكى، وهناك جسد أقوى، وهنالك العديد من العناصر التى لا يمكن اختزالها والتغاضى عنها ببساطة تحت شعار المساواة أو حتى تحت شعار القوامة. العدل هو المطلوب، فليس هنالك كرسى حكومى مخصص للذكور ومطبخ مخصص للإناث، بل هنالك شخص بغض النظر عن جنسه يمتلك موهبة فى الطبخ، وهنالك آخر يمتلك الحكمة فى «إعقال» الأمور، وهنالك من ينبغ فى الحساب، وهنالك من يبرع فى الشعر، وهنالك من يمتلك موهبة فى الإدارة. الحكمة هى العدالة فى توزيع الفرص، ومن بدا يستحق، يحصل.
أفلاطون فى تخيّله عن الدولة التى يريدها، وفى أكثر العصور اضطهادًا وتجنيبًا للمرأة سُئل عن دور الأنثى فقال: «إن تقسيم العمل يجب أن يكون قائمًا على المقدرة والأهلية والكفاءة لا على الجنس. إذا أثبتت المرأة مقدرتها على الإدارة السياسية دعها تحكم، وإذا أثبت الرجل نفسه قادرا على غسل الصحون دعه يقوم بالعمل الذى أعدّته العناية الإلهية له».