البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

السلك القنصلي وخبز أردوغان المسموم!


أنهى أسامة خشاب، قنصل عام لبنان بالإسكندرية، مهام منصبه عميدًا للسلك القنصلى بالإسكندرية، ووفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية التى وقعت عليها مصر عام ١٩٦٣ فإن عميد السلك القنصلى يتم انتخابه طبقًا لآلية «الأقدمية»، حيث يتم اختيار الدبلوماسى الأقدم فى تاريخ تقديم «الإجازة القنصلية» للسلطات المحلية على غرار «خطاب الاعتماد» الذى يقدمه السفير المعتمد لرئيس الدولة المعتمد لديها... حيث شغل قنصل عام لبنان منصب عميد السلك القنصلى بعدما اعتذرت دومينيك فاج قنصل عام فرنسا عن دورها فى تولى «العمادة»، نظرًا لترقيتها للعمل فى منصب رفيع، وكان نصيب لبنان من المنصب أربع مرات، فكان عدنان منصور قنصل عام لبنان عام ١٩٨٦ أول عميد للسلك من لبنان، تلاه إبراهيم عويرات، تلاه نضال يحيى الذى استمر لمدة ثمانى سنوات حتى ٢٠١٢ ثم أسامة خشاب.
جرى العرف الدبلوماسى على الإبقاء على من يشغل هذا المنصب الرفيع من قبل وزارة الخارجية بجانب عمله قنصلًا عامًا لدولته، إذ يعد بمثابة تكريم، وعاصرنا ذلك وقتما انتخب عبداللطيف الفقهى قنصل عام ليبيا عميدًا للسلك القنصلى بالإسكندرية، ظل لمدة ثمانى سنوات بمنصبه حتى عام ٢٠٠٨، وتكرر الأمر مع قنصل عام فرنسا جيل جوتييه عندما اختير عميدًا، حيث تعتبر الإسكندرية ثانى مدينة فى العالم بعد مارسيليا الفرنسية التى يتواجد بها أكبر عدد من البعثات القنصلية العامة (المسلكية) والفخرية التى تربو على ٤٣ قنصلية (١٣ قنصلية مسلكية «رسمية» و٣٠ قنصلية فخرية «شرفية») وتم إلغاء النظام القنصلى الفخرى بقرار من وزير الخارجية المصرى الأسبق أحمد أبوالغيط عام ٢٠١١، والآن توجد ١٣ قنصلية عامة لها الصفة فى انتخاب «العميد الجديد»، والمفاجأة من العيار الثقيل أن قنصل عام تركيا بالإسكندرية سيريرار بلينتيبى هو من سيتولى منصب عميد السلك القنصلى فى سابقة خطيرة هى الأولى من نوعها أن يشغل دبلوماسى تركى هذا المنصب من ناحية، وهى المرة الأولى أيضًا التى يتم تصعيد دبلوماسى يمثل دولة الكراهية للدولة المضيفة «مصر» بعدما طردت وزارة الخارجية المصرية سفير تركيا لدى القاهرة حسين عونى بوستالى، واعتبرته شخصا غير مرغوب فيه حسب البروتوكول الدبلوماسى، نظرًا لقيامه بأنشطة هدامة تمس الأمن القومى المصرى ولا تتناسب مع مهام وطبيعة عمله الدبلوماسى، إذ يحظى بحصانة دبلوماسية، وتم خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا إلى درجة «قائم بالأعمال»، وعهدت مصر لوزارة الخارجية اليونانية القيام بمهمة رعاية المصالح المصرية عبر السفارة اليونانية لدى أنقرة، وعلى الرغم من ذلك إلا أن بلينتيبى يتعامل مع زملائه ورموز المجتمع السكندرى بغرور وعنجهية متقمصًا شخصية «السلطان العثمانى»، كما أن زوجته تشغل منصب «قنصل» درجة دبلوماسية أقل من الدرجة التى يشغلها، لكنهما يعملان فى بعثة قنصلية واحدة على خلاف المعمول به دوليًا هو عدم جواز عمل الزوجين «الدبلوماسيين» فى بعثة واحدة.. سبق له أن أقام حفل استقبال بمناسبة العيد الوطنى التركى يوم ٢٩/١٠/٢٠١٧، وحظى بتجاهل واضح ومقاطعة رسمية وشعبية له، ويعد ذلك مقياسًا لما يعانيه من عزلة دبلوماسية ورسمية وتنفيذية وشعبية، فكيف يتأتى له شغل منصب عميد السلك القنصلى بالإسكندرية رغم محاولاته المستميتة للتودد للسكندريين من خلال دعوات عشاء يوجهها لهم ورحلات سياحية من خلال خطوط الطيران التركية بالثغر إلى إسطنبول أو من خلال دورات مجانية لتعلم اللغة التركية بالمركز الثقافى التركى المعروض باسم «يونس إمرة» بوابور المياه، أو توفير فرص عمل بالمصانع التركية بمنطقة برج العرب أو من خلال تأسيس جمعية مصرية تركية للصداقة والتعاون بمحطة الرمل، فإن تركيا تقود سياسة ودبلوماسية «كيد النساء»، وهذا ما لا نقبل به فى مصر.
والسلك القنصلى هو المدرسة الأولى فى الدبلوماسية، فقد شهد المجتمع السكندرى قناصل من الدرجة الأولى فى توطيد العلاقات، منهم فرنسيس كوك التى أصبحت سيطرة الولايات المتحدة فى الخليج، وعدنان منصور الذى أصبح وزير خارجية لبنان سابقا، ونور محمد خولوف الذى أصبح سفيرًا لروسيا فى الإمارات، وكانديس بوتنام الذى أصبح مديرا لإدارة مصر بالخارجية الأمريكية، وكان القناصل جزءا من المجتمع التجارى والاقتصادى والثقافى، بل إن فرنسيس كوك كانت تحضر مولد السيد البدوى والإمام سيدى إبراهيم الدسوقى، وسيدى أبوالعباس المرسى، وقال لى ياسر عبدالنعيم، الخبير المصرى فى الشئون القنصلية، إن القنصليات فى الإسكندرية حاليًا انكمشت إلى ١٣ قنصلية وهى أمريكا وتركيا واليونان وفرنسا وروسيا وأسبانيا ولبنان والسودان والسعودية وليبيا وبريطانيا وفلسطين وإسرائيل.
وأسجل للأمانة أن السفير حسن الخطيب قنصل السعودية كان قنصلًا أسطوريًا، كما أن القنصلية الأمريكية بالإسكندرية لعبت دورًا قياديًا فى تفاعلها مع المجتمع السكندرى حتى بعد الإلغاء المؤقت لوجودها، وأصبحت المركز الأمريكى، وكانت من رموز النشاط، آن أوليرى، التى نقلت إلى السفارة الأمريكية بالهند، وأذكر حركة مارك هاميلى الذى كان يعرف صوارى الإسكندرية، وأصبح سفيرًا بعد ذلك فى الدوحة، ثم بيروت، وكان يحرص على أن يشارك فى الأفراح والمناسبات الاجتماعية، ونوجه تحية لأهل العروسين بإطلاق «زغرودة» تعادل فى حرارتها «زغرودة» بنات بحرى... فهل نترك الدبلوماسى الذى يحمل الخبز المسموم على أرض مصر؟