البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إرهاب "الإمارة الصغيرة" يصل إلى القارة السمراء "ملف"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

500 مليون دولار قيمة الدعم القطرى لبناء سد النهضة الإثيوبى
100 مليون نسمة فى جنوب وشرق إفريقيا تستهدفها قطر لذلك أطلقت قناة باللغة السواحلية
250 ألف دولار تمويل من القطرى عبدالرحمن النعيمى لحركة الشباب الصومالية
نظام الدوحة يستغل مؤسساته الخيرية والإعلامية لتجنيد الأفارقة

بأرقام فلكية تفتح الشهية الإفريقية، استخدمت قطر المال السياسى والاستثمار الاقتصادى للوصول لأهدافها المعلنة وغير المعلنة فى القارة السمراء، مستندة إلى ذراع إعلامية طويلة، والتى تهش بها على هذه الدولة أو تلك نبشًا فى شئونها الداخلية، لتثير فيها القلاقل والإشكاليات السياسية، إذا لم ترضخ للمطالب القطرية. 
وبدأت الدوحة بسياسة لى الذراع فى المنطقة الإفريقية المغاربية، من خلال بث قناة الجزيرة القطرية لعدد من التقارير المشوهة للوضع المغاربى، خاصة فى المغرب وتونس والجزائر وأخيرًا موريتانيا. 
أما فى ليبيا، فقد ضخت قطر بعد الإطاحة بالقذافى عشرات المليارات تحت مظلة الاستثمار، ولم يجن الليبيون من حصادها سوى تدمير البلاد وتمكين الجماعات المتطرفة. 
وتكشف «البوابة» من خلال هذا الملف، الدور القطرى المشبوه فى دعم وتمويل الحركات المتطرفة فى عدد من دول القارة السمراء.

«جولات الشنط».. تقود طموح «بن حمد» فى شرق إفريقيا

100 مليون تستهدفهما «الجزيرة» بإطلاق قناتها بـ«السواحلية»

منذ وصول الأمير حمد بن خليفة آل ثانى لسدة الحكم بالدوحة، واشتهرت السياسة القطرية فى إفريقيا، خاصة منطقة الساحل والصحراء برحلات مكوكية وزيارات مستمرة، وكان يطلق عليها الأفارقة «جولات الشنط»، إشارة إلى المليارات التى تضخها قطر لبعض النخب والجهات الحكومية والسياسية، غير أن تلك الهبات السخية تخفى وراءها إرادة واضحة للتغلغل فى إفريقيا، وخاصة منطقة القرن الإفريقى والساحل من أجل تحقيق أهداف تخريبية تخدم الأجندة القطرية.

ومع تأسيس قناة الجزيرة عام ١٩٩٦، وقطر توجه ترسانتها الإعلامية لغزو وابتزاز المنطقة الإفريقية ممثلة فى قناة الجزيرة الفضائية، حيث لم تكتف بالبث العربى بل أطلقت قناة باللغة السواحلية تستهدف قرابة ١٠٠ مليون نسمة فى جنوب وشرق إفريقيا، وتعمل منذ سنوات على إطلاق قناة ناطقة باللغة الفرنسية تبث من العاصمة السنغالية داكار، لاستهداف سكان غرب القارة السمراء.

سياط الإرهاب القطرى تضرب إريتريا

بدافع الجنوح للزعامة الوهمية لكى تظهر قطر الصغيرة باسطة نفوذها فى القارة الإفريقية، تعمل الدوحة على زرع خلايا تابعة لها تعمل على الاستيلاء على السلطة فى هذا البلد أو ذاك، ولا تستثنى السياسة القطرية أى شبر من القارة السمراء.

وأصبحت إريتريا محطة جديدة من الدعم القطرى للجماعات والتنظيمات الإرهابية والمشبوهة، وتغذية المعارضة المسلحة، إذ لجأت قطر وبوقها «قناة الجزيرة» إلى فبركة الأخبار فى محاولة لجر دولة إريتريا لدائرة الفوضى. فلم يكتف التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الذى ترعاه دولة قطر، باجتياح بلدان عربية وإسلامية وتهديد استقرارها، بل تمددت سياط الإرهاب والفزع التى يحملها إلى العاصمة الأريترية «أسمرة»، حيث تعمل عناصره على التغلغل فيها.

وروجت القناة القطرية خلال الأيام الماضية، لمظاهرات طلابية فى إريتريا، على خلفية إغلاق مدرسة الضياء الإسلامية من قبل السلطات نتيجة لرفضها الانضمام لمنظومة الضوابط الرسمية للدولة، كما صورت ما يحدث بأنه «فتنة طائفية» بين المسلمين والمسيحيين، ما وصفه نشطاء أريتيريون بمحاولة لـ«دعشنة القضية» وتهديد الأمن القومى وتفكيك النسيج الوطنى.

«لعبة الدوحة» فى القرن الإفريقى

منذ سنوات عديدة، تشهد منطقة القرن الإفريقى توترات عنيفة بين جيبوتى وإريتريا، وكانت قطر تشارك فى قوات حفظ السلام بمنطقة «رأس دوميرة»، وهى منطقة تتنازع عليها كل من جيبوتى وإريتريا وتدعى كل منهما أن لها الحق فى السيادة عليها، ولكن فجأة ودون مقدمات، قامت قطر بسحب قواتها، الأمر الذى ساهم فى تصاعد حدة التوتر بين البلدين.

وكانت بداية التواجد القطرى فى المنطقة إلى عام ٢٠١١، حينما لعبت قطر دور الوسيط بين جيبوتى وإريتريا لإنهاء نزاع مسلح بينهما على المناطق الحدودية، والذى كان بموجبه، تنشر قطر ٤٥٠ جنديًا على المناطق الفاصلة بين الدولتين لمنع تكرار الاشتباكات، إلا أن قيام قطر بسحب قواتها من المنطقة الحدودية بين البلدين، قد جدد الخلافات بين الجانبين.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة جاءت من قبل قطر بهدف معاقبة جيبوتى بسبب انضمامها للدول العربية الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) المقاطعة لقطر، وقيامها بتخفيض التمثيل الدبلوماسى فى الدوحة فى ظل الاتهامات التى تواجهها قطر بدعم الإرهاب والتدخل فى شئون الدول العربية وتهديد استقرار الدول.


أيادى «تميم» تمتد بالخراب للقرن الإفريقى

 مؤسسة «دعم الديمقراطية» الأمريكية: عبدالرحمن النعيمى مول «حركة الشباب» بـ250 ألف دولار

تتصدر الصومال قائمة الدول الإفريقية التى عانت كثيرًا من الإرهاب القطرى، وهو الأمر الذى كشفت عنه العديد من التقارير والوثائق الدولية، حيث اعتبرت عدة تقارير لوزارتى الخارجية والخزانة الأمريكيتين، قطر أكبر ممول للجماعات المتطرفة والإرهابية فى الصومال.

وبحسب تقرير نشرته مؤسسة «دعم الديمقراطية» الأمريكية بعنوان «قطر وتمويل الإرهاب»، فإن قيادات من «حركة الشباب» الصومالية تلقت دعمًا من رجال أعمال وشيوخ قطريين ومقيمين فى قطر، وأوضح التقرير أن حركة الشباب الصومالية الإرهابية تلقت تمويلا من القطرى عبدالرحمن النعيمى ــ المصنف إرهابيًاــ بمبلغ ٢٥٠ ألف دولار، وأشار إلى وجود علاقة قوية تربط بين النعيمى وزعيم الحركة حسن عويس، فضلا عن التمويل الذى يصل إلى الحركة من الجمعيات القطرية الخيرية مثل «قطر الخيرية» ومؤسسة «راف»، وذلك تحت ستار العمل الإنسانى والإغاثى.

ولم تكتف قطرــ بحسب تقارير صوماليةــ بالتمويل المالى لحركة الشباب، وإنما قدمت لها الدعم والمساندة الإعلامية عبر استضافة قناة الجزيرة لقادة وعناصر الحركة الإرهابية، كما وضعت الدوحة خططا لزيادة جيشها، من خلال تجنيد بعض الصوماليين، مستغلة تطلعات الشباب العاطلين عن العمل فى البلدان الفقيرة، بما فى ذلك الصومال، حيث تقوم بتجنيد جنود منخفضى الأجر لغرض تعزيز قدرتها العسكرية، وهو ما كشفته صحيفة «جاروى» الصومالية.

قطر «صديقة المتطرفين» فى مالى

ترتبط الدوحة بعلاقات وثيقة بالجماعات والحركات الإرهابية التى تنشط فى شمال مالى، وقد سبق للعديد من وسائل الإعلام الغربية وبالأخص الفرنسية أن نشرت تقارير تؤكد هذا الأمر، تأتى فى مقدمتها مجلة «لوكانار أنشينيه» الفرنسية التى نشرت فى وقت سابق تقريرًا بعنوان «صديقتنا قطر تمول المتطرفين فى مالى، وتضمنت تصريحات من مسئول فى المخابرات الفرنسية كشفت أن حركة «أنصار الدين» التابعة لتنظيم «القاعدة»، وحركة «التوحيد والجهاد» المتطرفة فى غرب إفريقيا، والانفصاليين الطوارق، تلقت جميعًا دعمًا ماليًا ولوجستيًا من قطر.

كما كانت مرشحة الرئاسة الفرنسية السابقة، مارين لوبان، انتقدت أثناء السباق الانتخابى الدعم المالى الذى تقدمه قطر للمجموعات المتطرفة فى كل دول العالم، وبالتحديد مالى، وفى ٢٠١٣ نشرت صحف فرنسية تقارير قدمتها الاستخبارات العسكرية إلى رئيس أركان الجيوش الفرنسية، أكدت أن أكثر من حركة فى مالى تستفيد من الدعم المالى القطرى، سواء بالحصول على مساعدات لوجستية أو مساهمات مالية مباشرة تحت غطاء جمعيات خيرية وإنسانية تنشط هناك.

فيما وجه سادو ديالو، عمدة مدينة غاو فى شمال مالى، اتهامات لأمير قطر بتمويل المتشددين عبر مطارى غاو وتنبكتو، وتمويلهم تحت غطاء المساعدات الإنسانية والغذائية، مؤكدًا أنه من بين المستفيدين من هذه المساعدات القطرية على وجه التحديد، بحسب التقارير، حركة «التوحيد والجهاد» فى غرب إفريقيا، والتى تعتمد أيضا فى مصادر تمويلها على تجارة المخدرات والسلاح والاختطاف، احتجزت لعدة أشهر ٧ دبلوماسيين جزائريين وطالبت بفدية لكن السلطات الجزائرية رفضت ذلك.


إنجامينا تغلق سفارة الدوحة.. ووزير الخارجية يتهم القطريين بتهديد أمن بلاده

عندما فاض الكيل من الشر القطرى، أغلقت السلطات التشادية السفارة القطرية وطالبت السفير القطرى بالرحيل عن أراضيها، وخرج وزير الخارجية التشادى إبراهيم حسين طه، ليتهم قطر بإيواء ودعم جماعات معادية لتشاد عن طريق تقديم تمويلات لجماعات إرهابية فى ليبيا، تعمل على زعزعة أمن واستقرار بلاده، كاشفًا عن وجود مساعدات قطرية تأتى للجماعات الإرهابية فى تشاد وبوكو حرام فى نيجيريا، وفى منطقة الساحل الإفريقى.

وكان بعض المتمردين من شمال تشاد هربوا إلى جنوب ليبيا ودخلوا فى تحالفات مع تنظيم القاعدة، وذلك تحت أنظار قوات ليبية مرتبطة عقائديًا وتنظيميًا بقطر والإخوان.

وفى ٢٠١٣، فتحت الدوحة أبوابها لمعارضى نظام الرئيس التشادى إدريس ديبى، وشجعت اتحاد قوى المعارضة المسلحة على الإعلان عن استئناف حركة التمرد التى كانت قد توقفت من خلال اتفاقات السلام الموقعة فى ٢٠٠٩ بين تشاد والسودان، وتم ذلك الإعلان انطلاقًا من العاصمة القطرية، وعلى لسان تيمان أرديمى، أحد أبرز قادة المتمردين، وفى ٢٠١٠ اشترطت المعارضة التشادية أن تكون قطر الضامن لأى اتفاق سلام مع السلطات التشادية.

التدخل القطرى فى «موريتانيا»

على مدى السنوات العشر الماضية، كانت موريتانيا تخوض حربًا خفية ضد التدخل القطرى فى شئونها الداخلية، وقد وضعت الأجهزة السيادية فى موريتانيا يدها على وثائق عدة تكشف تورط الدوحة فى دعم الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقى، وتمويل الأحزاب والجمعيات الإخوانية التى تنفذ أعمالًا تخريبية وتحريضية داخل موريتانيا.

«قطر الخيرية» تمول الحركات المتطرفة فى كينيا

سعت الدوحة منذ سنوات إلى الاستحواذ المالى على المؤسسات الكينية عبر بنك قطر، فوقعت قطر مع كينيا مذكرة تفاهم، وتحت ستار العمل الإنسانى والإغاثى قدمت الدوحة مساعدات لبعض الحركات المتطرفة فى كينيا عبر بوابة مؤسسة «قطر الخيرية» التى نشطت هناك منذ سنوات.

وبفضل الدعم القطرى للجماعات الكينية المتطرفة، أصبحت كينيا أحد أهم المصادر لتغذية الإرهاب فى ليبيا بالعناصر التكفيرية المتشددة.

أديس أبابا والدوحة: خراب مصر هدفنا

قبل تسع سنوات، اتهمت السلطات الإثيوبية قطر بدعم العدو اللدود لأديس أبابا وهى دولة إريتريا، مما ترتب عليه قطع العلاقات مع الدوحة من قبل أديس أبابا، التى وجهت أيضًا لقطر تهمة تمويل المتطرفين الصوماليين الناشطين على الحدود الإثيوبية.

أما الآن، فتنفذ قطر مشاريع فى إثيوبيا تحت بند المساعدات الإنسانية لا يمكن إغفال بُعدها السياسى، فى قبيل المناكفة السياسية والرغبة فى تسميم الأجواء.

ومع اشتعال الأزمة بين مصر وإثيوبيا بسبب سد النهضة، سعت قطر إلى التقرب من إثيوبيا، وقدمت لها دعمًا يساعدها فى بناء السد بقيمة ٥٠٠ مليون دولار، وذلك خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد لإثيوبيا، والتى كانت فى إبريل ٢٠١٧، وهى الزيارة الأولى لـ«بن حمد» منذ توليه الحكم فى ٢٠١٣، والتى جاءت ضمن الأجندة القطرية والخطط البديلة التى تنفذها قطر ضد مصر والأمة العربية، فيما بدا أنه خطة ممنهجة للتدخل فى شئون الدول الأخرى.


السودان.. كلمة السر «موزة»

«أم تميم» تزور أهرامات «البجراوية» لإشعال الفتنة بين القاهرة والخرطوم

وفى السودان، اتخذت الشيخة موزة، والدة «تميم»، من الأوضاع الإنسانية مظلة للتدخل فى شئون الدولة، إذ قامت الشيخة موزة المسند، بزيارة فى مارس الماضى إلى السودان، أثارت جدلًا كبيرًا ولم ير كثير من المراقبين لها أى غرض أو مصلحة سوى استفزاز مصر ومحاولة إظهار السودان الجارة لمصر كبديل سياحى خاصة فى سياحة الآثار لمصر.

وخلال جولتها بالسودان، زارت الشيخة «موزة» ما يعرف بأهرامات «البجراوية» فى السودان، وبعد الزيارة بدأت حالة من الجدل بين مصر والسودان، بعد أن أعلنت الأخيرة بأن الحضارة المصرية مستمدة من الحضارة السودانية فى أرض النوبة، وأن الفراعنة فى السودان هم الذين سادوا المنطقة قبل ظهور مصر على وجه الحياة.

ولم تكن تلك الزيارة التى كان ظاهرها العمل الإنسانى وباطنها إشعال الفتنة بين الجارتين، سوى مرحلة جديدة لخلافات وتصعيد من قبل السودان، التى حظرت استيراد المنتجات المصرية؛ كاستجابة للجانب القطرى، الذى يريد تأزيم الاقتصاد المصرى.