البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الفقيه الدستوري صلاح فوزي في حواره لـ"البوابة نيوز": 4 سنوات للرئاسة ظالمة.. وتعديل الدستور "حتمي".. والسيسي لا يستطيع عزل الوزراء دون موافقة البرلمان

الفقيه الدستورى صلاح
الفقيه الدستورى صلاح فوزي في حواره لـالبوابة نيوز

الدستور «مليان تناقضات».. والحديث عن عدم جواز تعديل «المدة» تحايل على القانون
مراجعة قوانين النواب بمجلس الدولة اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات
الشعب هو صاحب الكلمة الأخيرة ولا يجوز للنُخب مصادرة حقه
30 يوما من حق أى عضو خلالها إحالة التعديل إلى الشئون الدستورية أن يتقدم بما يرتئيه فى إطار التعديلات المطروحة

قال الدكتور صلاح فوزى الفقيه الدستورى، وعضو لجنة العشرة لوضع وصياغة دستور 2014: إن الدستور الحالى تضمن بعض النصوص التى تستوجب التعديل على نحو ملح، موضحًا أن تعديل مدة الرئاسة أمر ضرورى والحديث عن تقييدها أمر باطل وغير صحيح.
وأوضح فوزى، فى حواره لـ«البوابة» أن الدستور صناعة بشرية، والصناعة البشرية يطالها التعديل، ويكون مرجعه أسبابًا عديدة من بينها عدم ملاءمة النص الدستورى، أو أن هناك نصا أفضل، أو أنه يتضمن قدرًا من التناقض فى نصوصه.
ولفت فوزى إلى أن كل دساتير العالم نصت على الإجراءات الواجب مراعاتها عند تعديلها، وهو ما يعد اعترافًا بأهمية التعديل.
جاء ذلك ضمن الحوار الذى أجرته «البوابة» مع الفقيه الدستورى صلاح فوزى، وإلى نص الحوار..

■ بداية.. هل يتوجب مرور فترة معينة لتعديل أى مواد أو نصوص بالدستور؟
- المادة ٢٢٦ من الدستور الخاصة بالتعديل، لم تتضمن مدة محددة يستوجب مرورها بعد نفاذ الدستور، ومن يقول بغير ذلك إنما يضع شرطًا من عنده لم يرد به نص فى الدستور، ومن ثم فإن الأمر مفتوح أمام المجلس النيابى لتعديل أى نصوص بالدستور.
■ البعض يقترح تعديل فترة ولاية الرئيس، إلا أن هناك تخوفات من امتدادها إلى تعديل مدد الولاية، تعليقك؟
- المادة ٢٢٦ حظرت تعديل المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، وإعادة انتخاب الرئيس، كما نصت المادة ١٤٠ على أن ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ٤ سنوات، ولا تجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة، إذًا الحظر فى ضوء قراءة المادة ٢٢٦ والمادة ١٤٠ ورد على الولاية وليس المدة.
■ لماذا لم يتم حظر تعديل المدة فى الدستور المصرى، على غرار الدستور التونسي؟
- مشروع لجنة الخبراء لم يفرض حظرًا على الولاية، فالمادة ١٨٩ منه، كانت تنص على «أنه فى جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بمبادئ الحرية والمساواة، أى أنها لم تتطرق بأى حال من الأحوال إلى رئيس الجمهورية، ولكن لجنة الـ٥٠ هى من وضعت هذا الحظر ولسنا نحن، حتى أن فوبيا مد ولاية الرئيس كانت مؤثرة على بعض مواد الدستور».
■ هذا يعنى أنكم لم تتفقوا مع الحظر؟
- نعم.. كان لى تحفظ على فكرة الحظر فحظر تعديل الدستور سواء بشكل كلى أو جزئى هو أمر باطل، لأنه بمثابة مصادرة على حقوق الأجيال القادمة فى أن تختار الدساتير التى تروق لها، ومن ناحية أخرى، فإن الحظر المطلق من شأنه أن يصيب الدستور بالجمود المطلق، انطلاقًا من أن الدستور هو قاعدة اجتماعية تخضع لمتغيرات اجتماعية تجعلها قابلة للتغيير، وإذا نظرنا إلى التجارب السابقة، سنجد أن دستور ٣٠ نص على حظر تعديل الدستور لمدة ١٠ سنوات من نفاذه، وبعد ٥ سنوات فقط اعترض عليه الشعب وأسقطه وأعاد دستور ٢٣ مرة أخرى.

■ ما الضرر الذى يقع على الأجيال القادمة من حظر تعديل فترة ولاية الرئيس؟
- إذا نظرنا إلى الدستور الحالى، سنجد أن السلطة التأسيسية التى وضعت هذا الحظر فى دستور ٢٠١٤، ليست هى ذات مكونات السلطة التأسيسية الموجودة الآن، ففى ٢٠١٤ كان هناك شباب فى عمر ١٤، ١٥، ١٦ عاما، وهم الآن فى عمر ١٨ عاما، ولم يشاركوا فى الاستفتاء عليه.
■ هل هذا يعنى أننا سنطرح الدستور للتعديل كلما بلغت شريحة سن الثامنة عشر؟
- لا.. لأنها لن تشكل أغلبية، ولكنها حجة منطقية للتعديل.
■ هل يحق للرئيس تعديل المواد الخاصة به؟
- طالما أن نص التعديل ورد مطلقًا، فمن الطبيعى أن يكون له الحق فى تعديل أى نص يشاءه، وهذا تم بالفعل فى فرنسا، ولكن بطريقة عكسية، فالرئيس «جاك شيراك» عدل مدة الرئاسة من سبع سنوات إلى خمس سنوات، مع تحديد الولاية بفترتين فقط، بدلًا من تركها مفتوحة، فهو هنا قد ارتأى أن الانتقاص به مصلحة عامة، وغيره قد يرى أن الزيادة فيها مصلحة عامة.
■ لكن البعض يرى أن تعديل الدستور قد يضر باستقرار الدولة؟
- وقد يكون العكس هو الصحيح، فقد تكون قصر مدة الرئيس عائقًا أما الاستقرار، فالمدة الرئاسية الوحيدة المماثلة لنا موجودة فى الحالة الأمريكية، ومن الظلم البين أن نقارن مصر بأمريكا، لأنها أقوى وأغنى دولة فى العالم، وبها ٥١ رئيسًا اتحاديًا، و٥٠ سلطة تشريعية، فإذا ما جلس الرئيس الأمريكى لأربع سنوات فقط، لن يؤثر ذلك فى الاستقرار لأنها مستقرة بالفعل، ولكن عندما نأتى لدولة مثل مصر ما زالت تحاول الوقوف على قدميها، قد تكون الأربع سنوات غير كافية، ولكن فى نهاية الأمر، الموضوع سيرتد إلى السلطة التأسيسية وهى الشعب، فهو صاحب الكلمة الأخيرة، ولا يجوز للنخب المصادرة على حقه بالصوت العالى.

■ إذا كنتم قد رأيتم أن الأربع سنوات قد لا تكون كافية.. فلماذا لم يتم تدارك الأمر عند وضع الدستور؟
- من ضمن ما قيل فى اجتماع الأعمال التحضيرية، إن الأربع سنوات تم الاستفتاء عليها بعد الثورة، فيما يسمى غزوة الصناديق، ومن ثم فإن هناك توافقًا شعبيًا على هذه المدة.
■ ما رأيك فى تلك الحجة؟
- أنا أرى أن الاستفتاء الذى تم عقب الثورة كان يختص بدستور ٧١ الذى سقط، وقد أعقبه أكثر من إعلان دستورى، ثم دستور ٢٠١٢ الذى سقط أيضًا، فضلًا عن أن الاستفتاء كان موضوعيا، أى أنه تم على الدستور ككل، فتم رفضه كليًا أو قبوله كليًا، ومن ثم لم يتم اختبار ما الذى تم رفضه أو قبوله.
■ إذا نظرنا إلى الآراء البرلمانية الحالية حول تعديل الدستور.. فهناك رأى يقول: «إن الدستور الحالى يعيق التنمية ومكافحة الإرهاب وتقدم الدولة اقتصاديًا»، فما تعليقك هل تتفق مع هذا الرأى أم لا؟
- يقينا أتفق معه، فالمادة ٣٢ من الدستور تنص على «أن يكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية، أو امتياز المرافق العامة بقانون ولمدة لا تجاوز ٣٠ عامًا» وإذا ما نظرنا إلى اتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية على سبيل المثال، نجد أنه رتب اقتسام المسطح المائى، بنحو ٦٣ ألف متر مربع لمصر ومثله للسعودية، وهذه المساحة أصبحت مياهًا اقتصادية خالصة، عندما يتم طرحها فى مناقصة عالمية للشركات، أو كامتياز للتنقيب عن الثروات فى قاع البحار، سنجد أن عملية التنقيب والاستكشاف والإنتاج التجريبى، تحتاج إلى ما لا يقل عن ٣٥ عاما إلى أن تصل إلى مرحلة الإنتاج الاقتصادى، بتكلفة لا تقل عن ١٠ مليارات دولار، فإذا قلت لتلك الشركات إن دستورى لا يتيح الانتفاع بتلك المواقع لأكثر من ٣٠ عاما ستنصرف، وكذلك إذا ما أردنا إنشاء خط قطار كهربائى من القاهرة للإسكندرية بسرعة ٣٥٠ كيلو، بتكلفة ١٠ مليارات دولار، فلو طرحت امتيازه لمدة سنة سينصرف المستثمر، ومن ثم فإن هذه المدة لا تتفق مع امتياز المرافق العامة، واستغلال الثروات الطبيعية التى تحتاج إلى وقت ورأسمال كبير.

■ وفيما يتعلق بإعاقة مكافحة الإرهاب؟
- الأمر هنا يرتبط بالإفراط فى الإجراءات، فالمادة ١٥٤ من الدستور نصت على «أن يعلن رئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس النواب حالة الطوارئ، ويلزم عرضه على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية، وفى حالة غير دور الانعقاد، يتم استدعاء المجلس، ويلزم موافقة أغلبية أعضائه على إعلان الطوارئ لمدة محدودة لا تزيد عن ٣ شهور، ولا تمدد إلا لمدة أخرى مماثلة بموافقة الثلثين» وذلك فى حالة الحرب، أو وجود خطر يهدد بقيام حرب، أو الإخلال الجسيم بالنظام العام، أو حدوث أوبئة، والسؤال هنا، ماذا لو وقعت إحدى الحالات المشار إليها بعد الستة أشهر المنصوص عليها؟ هل نقدس النص على حساب مصلحة الدولة ومواطنيها؟!
■ لكن البعض يقول بجواز مد الطوارئ لفترة ثالثة شرط أن تترك فترة زمنية بين المدتين؟
- هذه حيلة قانونية يتم رفعها ثم يعاد إعلانها، لكننا لا نريد تقديس النص على حساب المصلحة العامة، فحالة الطوارئ فى فرنسا تعلن بقرار من مجلس الوزراء وتعرض على البرلمان خلال ١٢ يوما، البرلمان يمددها للمدة التى يراها طالما أن المبررات موجودة، وهو ما حدث عقب حادث الدهس الذى وقع بمدينة «نيس» وما زالت حالة الطوارئ معلنة حتى الآن.
■ لكن هناك هاجسا من استغلالها فى تقييد الحريات مثلما تم من قبل؟
حالة الطوارئ تفرض بمبررات، فإذا لم يقتنع البرلمان بالمبررات التى قدمتها الحكومة، لن يوافق عليها، أما فيما يتعلق بسوء استخدامها فالقضاء ضمانة كافية لحماية المواطنين، فأى فرد يستطيع الطعن فى الإجراءات أمام القضاء الإدارى، وهذا الأمر يظل مجرد هاجس، والدليل على ذلك أننا فى حالة طوارئ، وعلى الرغم من ذلك لم يتعرض أحد لأى انتهاكات على النحو السابق، لأن الطوارئ الآن لا تعطل الدستور، فكل الأزمة كانت تتمثل فى المادة الثالثة من القانون، التى كانت تضع قيودًا على الحريات، دون التقيد بإجراءات قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن تلك المادة بطلت، بقرار من المحكمة الدستورية فى ٢ يونيو ٢٠١٣، وبالتالى فإن السلطة التنفيذية، تملك الآن سلطة حظر التجوال وغلق المحال وسحب رخص السلاح وهى إجراءات ضعيفة جدًا ولا تقيد الحرية، ولا خشية منها.

■ هل قانون الإرهاب غير كاف لمواجهته؟
- قوانين الإرهاب عقابية أى أنها تتعلق بالضبط القضائى، أما الطوارئ فهو للضبط الإدارى، وهناك فرق بين الاثنين، فالضبط الإدارى يوضع للحيلولة دون وقوع أى جريمة، أما القضائى فيعنى تعقب مرتكب الجريمة ومحاسبته.
■ من المقترحات التى تدور حول تعديل الدستور، منح الرئيس حق عزل الوزراء دون الرجوع إلى البرلمان ومن ثم فإنه يسحب حقًا أصيلًا للبرلمان، فما تعليقك؟
- هذا الكلام يحتاج إلى ضبط، فالمادة ١٤٧ من الدستور نظمت موضوع الإقالة، فنصت على أنه «لرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزارى بالاستقالة والإقالة، بالتشاور مع رئيس الوزراء، وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة، بما لا يقل عن الثلث، وهذا هو موطن الصعوبة، إذ اشتراط موافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة بما لا يقل عن الثلث، فإذا ما أراد الرئيس أن يقيل وزيرًا ما الآن، فلن يستطيع لأن الأمر يتطلب موافقة النواب، أى أنه لابد وأن ينتظر إلى منتصف أكتوبر القادم، لعدم وجود برلمان».
■ ألا يجوز دعوة البرلمان إلى اجتماع طارئ فى هذه الحالة؟
- لا.. الاجتماع الطارئ يدعى له فى حالات محددة ليس منها تلك الحالة، لذلك فإن هذا الأمر يتعارض مع القاعدة الدستورية التى تؤكد على دوام سير مرافق الدولة بانتظام، ومن هنا يمكن تعديل هذه المادة، بأن تنص على «أن يدعى المجلس إلى الانعقاد، حتى تتواءم مع فكرة دوام سير مرافق الدولة، مع مراعاة أن هذا التعديل يشكل ضرورة ملحة».

■ لقد ذكرت فى أكثر من موضع أن الدستور وضع فى ظروف استثنائية، وهذا الوضع رتب العديد من النصوص الحالمة.. فما تلك النصوص؟
- أولًا يجب أن نؤكد أن الاهتمام بالتعليم والصحة والبحث العلمى، هو منطق يشار إليه بالبنان، وهو ما اهتمت به لجنة الخبراء حيث وضعت النص الآتى، «تخصص نسبة كافية من الموازنة العامة للدولة للتعليم والصحة والبحث العلمي» دون تحديد أرقام، على اعتبار أن الموازنة معروفة ومحددة ويمكن الاقتطاع منها، إلا أن الصيغة النهائية للجنة «الـ٥٠» أتت بطريقة مغايرة، بالنسب المنصوص عليها حاليا، والتى تقدر بنسبة ١٠٪ من الناتج القومى الإجمالى يستحيل احتسابه.
■ ما النصوص الأخرى التى توجد بها تناقضات؟
- هناك تناقض بين المادتين ١٠٧ و٢١٠، فالمادة ١٠٧ تنص على أن تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة العضوية مجلس النواب، أى الطعن عليها، بينما نصت المادة ٢١٠ المعنية بإنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات، على أن تختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون، على قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، فيما يتعلق بالاستفتاء والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها.
■ ما دوركم كفقهاء دستوريين هنا وأنتم أعضاء لجنة إعداد الدستور.. أما كان يتوجب عليكم فض هذا التناقض؟
- رأينا كان استشاريا.
■ ألم يكن من حقكم الانسحاب من اللجنة اعتراضا على عدم الأخذ برأيكم، خاصة أن هذا الدستور سيحمل اسمكم؟
- أنا أتحدث عن نفسى، أنا لا أحب طريقة الانسحاب فى المؤتمرات الصحفية، فكل انسحاب تم فى ذلك الوقت كان عبارة عن مناورة صحفية، غير أننى لا أستحسن العودة إلى اللجنة فى تلك الأمور، لأن هذا الأمر سيدخل فى إطار المحاسبة، وأنا لا أحب الدخول فى هذا الإطار لأن الكل سيدافع عن نفسه، وأنا من المدرسة التى تقول «فنلوى الأعناق من الخلف إلى الأمام، ونبحث عن الأفضل».
■ إذا أنت ترى أنه متناقض؟
- أنا أرى كذلك ولابد من إزاحته، حتى تكون الأمور بها قدر من الوضوح استهدافا للاستقرار.

■ ما النصوص الأخرى التى ترى ضرورة تعديلها؟
- هناك نص يتعلق بالموازنة، فالموازنة يمكن أن تتأخر ١ يوليو، والدستور نفسه توقع تأخرها، ولذلك نص على عدم فض دور الانعقاد إلا بعد الإفراغ من قانون الموازنة، ومن هنا فإننى أرى ضرورة تعديل النص، بإضافة الآتى «أن يتم العمل بالموازنة السابقة للعام الماضى، لحين إصدار الجديدة».
■ على ذكر المادة ١٩٠ هناك مقترح بتعديلها، يرى عدم قصر الفتوى ومراجعة القوانين على مجلس الدولة فقط، وأن يكون هناك جهات أخرى معاونة لها.. تعليقك؟
- هذه النقطة أثيرت فى لجنة الخبراء على نطاق واسع، وكنت أرى أنه لا داعى للإفراط فى وضع اختصاصات يمكن للقانون أن يتناولها، فضلًا عن أن الأعمال التحضيرية للجنة أفصحت عن أن المقصود بمشروع القانون هو مشروع الحكومة، لأن اختصاص المجلس بمراجعة قوانين النواب، يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، فالمراجعة تعنى التعديل، بالحذف والإضافة، وهو ما يعنى أن السلطة القضائية تشارك التشريعية فى التشريع، ومن ثم اقترحت أن يختص مجلس الدولة بمراجعة قوانين الحكومة فقط.
■ لكن أليس المجلس هو الضمانة لحماية القوانين من شبهة عدم الدستورية؟
- نعم.. ولكن هناك مسائل فنية لا علاقة للمجلس بها، فهناك قوانين سيتم عرضها على دور الانعقاد المقبل، مثل قانون إنشاء المفاعل النووى بالضبعة، فهل أعضاء مجلس الدولة خبراء فى النووى، وكذلك هناك قانون الهندسة الوراثية، وقوانين فى الزراعة والصناعة وغيرها.
■ وهذا يعود بنا إلى أن وجود مجلس الدولة ضمانة لدستورية القوانين؟
- ليس صحيحا، فهناك مراجعات تمت فى المجلس، بينما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها.
■ البعض يقول إن الأعراف الدستورية جرت بأن التعديلات لا تطبق على الرئيس الذى جرى فى عهده التعديل.. فما ردك على ذلك؟
- هذا الأمر يتوقف على صيغة التعديل، فإذا ما نص على أن ينفذ التعديل على مدة الولاية الحالية، فى هذه الحالة ستمتد الولاية الحالية لست سنوات، أما إذا تم النص على أن تسرى على الولاية القادمة، فسوف تنتهى الولاية الحالية فى يونيو من العام المقبل.

■ هل يجوز تطبيق التعديل بأثر رجعي؟
-إذا ما وافق الشعب فتلك إرادته، وهناك حالة تعديل الدستور فى عهد الجنرال «شارل ديجول»، حيث إنه قام عام ٦٢ بتعديل الدستور خطأ، الأمر الذى اعترضت عليه الجمعية الوطنية، وعندما تقدم رئيس مجلس الشيوخ إلى المجلس الدستورى بالطعن على التعديلات التى تمت، كان رد المجلس بأنه يراقب دستورية القوانين وليس الدساتير، وقضى بعدم اختصاصه، وأضاف فى حيثيات حكمه «ويؤخذ فى الاعتبار أن تلك هى إرادة الشعب، فلتحترم إرادة الشعب لأنه يمثل السلطة التأسيسية».
■ يمكن أن يخرج رأى فيقول.. وهل إذا رأى الرئيس تعديل برنامجه لمدة ١٠ سنوات سنقوم بتعديل الدستور حسب المدة الجديدة؟
- لا.. ولكننا نتعامل مع أقل مدة ولاية لرئيس دولة فى العالم وهى ٤ سنوات، ولا يطبق إلا فى أكثر الدول تقدمًا واستقرارًا فى العالم وهى «أمريكا» وهذا ظلم لنا.
■ ننتقل إلى الإجراءات.. من الذى يمتلك حق اقتراح التعديل؟
- نصت المادة ٢٢٦ من الدستور على أن لرئيس الجمهورية أو خمس أعضاء من مجلس النواب، طلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور، وهذا نصُ مطلق وغير مقيد، أى أنه يتيح تعديل أى عدد من مواد الدستور، حتى لو طالت الدستور كله، فالمهم أن يكون طلب التعديل مدعما بأسباب.
■ ما الإجراءات التى تتبع فى ذلك؟
- عند ذلك يقدم هذا الطلب إلى رئيس البرلمان، ليحيط البرلمان علمًا به، ثم تتم إحالته إلى اللجنة العامة لدراسته، ثم يعاد عرضه على المجلس فى جلسته العامة، فإذا ما وافق المجلس بأغلبيته المطلقة، تتم إحالته إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، لتقوم بدورها بدراسة المقترح وتحدد ما إذا كان متوافقًا مع المادة ٢٢٦ من الدستور، وبعد ذلك يعرض على المجلس للمناقشة، أما تمريره فيتطلب موافقة ثلثى أعضاء البرلمان، أى نحو ٤٠٠ عضو.

■ هل يحق لأعضاء المجلس فى هذه الحالة التقدم بمقترحات للتعديل؟
- نعم.. من حق أى عضو خلال ٣٠ يوما من إحالة التعديل إلى الشئون الدستورية، أن يتقدم بما يرتئيه فى إطار التعديلات المطروحة.
■ وفي حال ما إذا انتهت اللجنة إلى أن التعديلات المطروحة لا تتفق مع أحكام الدستور؟
- يتم عرض الأمر على المجلس، فإذا ما وافق على هذا الرأى، لا يجوز إعادة طرح ذات التعديلات أثناء دور الانعقاد ذاته، وعندها يمكن لهؤلاء النواب أن يتقدموا بمقترحهم ذاته فى دور الانعقاد التالى.
■ وإذا ما وافق المجلس؟
- أولًا الموافقة هنا تكون بأغلبية الثلثين، وفى هذه الحالة يقوم رئيس المجلس بإخطار الرئيس بالموافقة، فيقوم بدوره بإخطار رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات لإجراء الاستفتاء عليها.
■ هل هناك مواعيد محددة للإجراءات المذكورة؟
- نعم.. المادة ٢٢٦ من الدستور نظمت مواعيد تلك الإجراءات، فعملية التدارس الأولى لا تجاوز شهرا، على أن يتم عرض الرأى النهائى فى التعديلات المطروحة فى مدة لا تجاوز شهرين، ويمكن أن تمتد إلى ١٥ يوما أخرى، أى أننا نتحدث فى مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر ونصف الشهر، لكى يخرج الدستور من المجلس.
■ ما فكرة تحديد المواعيد هنا إذا كان يمكن تجاوزها؟
- المواعيد هنا تنظيمية وليست من النظام العام، لأنه لا يوجد جزاء يترتب على مخالفتها، والمهم هنا هو المضمون، فلا يجب أن يؤدى احترام الشكل إلى أن يطغى على احترام المضمون، فإذا كان الموضوع يحتاج إلى تدارس أكثر، فليس هناك مشكلة من تجاوز تلك المدة.

■ انتقالًا للإجراءات الخاصة بالانتخابات الرئاسية.. الكثير يجزم بأن شعبية الرئيس قد تحول دون وجود منافس له فى الانتخابات المقبلة.. فما نسبة الأصوات التى يتطلبها فى هذه الحالة؟
- قانون الانتخابات الرئاسية نص على: «إنه إذا لم يكن هناك سوى مرشح وحيد، أو لم يبق من المرشحين بعد انسحابهم، فيجرى الاقتراع، ولكن يشترط لنجاح المرشح الوحيد الحصول على ٥٪ على الأقل من عدد أصوات الناخبين المقيدة أسماؤهم فى قاعدة بيانات الناخبين، بمعنى لو أن قاعدة البيانات تتضمن ٦٠ مليونا، فيجب أن يحصل على ٣ ملايين صوت على الأقل، وفى حال عدم حصوله على هذه النسبة تعاد الإجراءات مرة أخرى ويفتح باب الترشح، حتى يحصل على النسبة القانونية.
■ إذا ما تطرقنا إلى قانون «العدالة الانتقالية» هناك من يرى أنه يرتبط بالفترة الانتقالية، وأن اكتمال مؤسسات الدولة يؤكد عدم الحاجة لإصداره، فما تعليقك على تلك الحجية؟
- أنا لا أقف عند بعض المصطلحات الوصفية مثل «العدالة الانتقالية» فأنا أرى أن العدالة واحدة لا تتجزأ، وأننى أرى أن يصدر، لكن بمزيد من التريث والدراسة ومراعاة الظروف، مع مراعاة أن المصالحة الوطنية هنا، تخاطب السياسيين وليس الإرهابيين، والإخوان مصنفون بأنهم جماعة إرهابية ومن ثم لا يجوز التصالح معهم.
■ ما أهم القوانين التى ترى إصدارها فى دور الانعقاد المقبل؟
- قانون الإدارة المحلية، والمناقصات المزايدات والإجراءات الجنائية، والجامعات، فتلك المشاريع ستكون من أهم التشريعات التى ستعرض على البرلمان فى دوره الثالث، فقانون المناقصات والمزايدات به قيود إجرائية وبيروقراطية فاقت الوضع، فلابد من إعادة النظر فى لجان البت، وفتح المظاريف، وسقف التصرف فى الأمر المباشر، بحيث يكون إحدى طرق التعاقد، لأن التعاقد بالمناقصات يحدث الكثير من المشاكل.