البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

طبت حيًا وطبت ميتًا يا رفيق


بداية أعتذر عن استخدام عنوان المقال الذى سبق وأن استخدمه الأستاذ/ خالد محمد خالد، عندما كان ينعى وفاة القائد البلشفى "فلاديمير لينين"، لم تكن وفاة المفكر والقائد السياسى والكاتب الدكتور رفعت السعيد مفجعًا بقدر ما كان كاشفًا لحالة التدنى الفكرى والسياسى والأخلاقى لمن يطلقون على أنفسهم "النخبة"، الثورية المصرية والتى كانت العامل الأساسى فى إفشال الحراك السياسى للشعب المصرى فى يناير 2011 بكل ضحالتها الفكرية وجهلها السياسى والتنظيمى، لقد اختلفت مع الدكتور رفعت السعيد حيًا، وكنت أرى أنه السبب الأساسى فى إفشال تجربة التجمع كأحد أعظم محاولات اليسار المصرى فى إنشاء كيان تنظيمى يضم كل فصائلة على ما بينها من تباين فكرى قد يصل أحيانًا إلى حد الاحتراب، رغم كون الدكتور رفعت يمثل المنظر الحقيقى لتجربة التجمع، لكنى ما زالت على قناعة تصل إلى حد اليقين أن رفعت السعيد السياسى فى ذروة اقترابة من السلطة "عهد مبارك _السيسى"، لم يكن دافعة أسبابًا انتهازية أو تحقيق مصالح ذاتية مثل كل "جنرالات المقاهى"، و"مناضلى الكيبورد"، طبقًا لتعبيره، فقد نختلف أو نتفق مع توجه "الأسقف المنخفضة"، الذى تبناه الدكتور رفعت السعيد لكن الواقع قد أثبت صحة النتائج التي انتهى إليها وبشكل صارم إذ أن الخيارات كانت محددة من وجهة نظره، والتى أثبت الواقع صحتها أمام نظام "مبارك أو المرشد"، وقد نتفق أو نختلف مع توجه الدكتور رفعت السعيد فى "أن ما تراكم تاريخيا لن يزال إلا تاريخيا"، إلا أن الواقع أيضًا قد أثبت صحة ما انتهى إليه، فبعد أكثر من حراك جماهيرى يطلق عليه لم يستطع ثوار المقاهى إنشاء حزب ثورى أو وضع مجرد ملامح لبرنامج ثورى لأنه انطلاقًا من مقولة الدكتور رفعت السعيد فنحن شعب يطلق على ثورة "عرابى" هوجة عرابى نستبدل الثورة إلى فعل إبداعى بـ"الهوجة" كردة للخلف، قد يكون شعبنا معذورًا لتاميم المجال العام منذ عام 1952، لكن يبقى المحزن أن من يوجهون سهام انحاطهم الأخلاقى تجاه الدكتور رفعت السعيد ليس بينهم من يعلم عدد ملفاته وليس بينهم من قرأ له كتاب واحد وليس بينهم من فهم صفحة واحدة من كتاب قرأه له، وفى ذات الوقت فإن مناضلى المقاهى الذين لا يوجد فى تاريخهم ما يتباهون به سوى اتصالاتهم السرية بالأمن يتجاهلون تضحيات الرجال فى سجون ومعتقلات مصر المحروسة وسنوات الهروب من قبضة السجان والقتل المعنوى الحقيقى الذى عاشه لسنوات طويلة من عمره ومحاولات القتل المادية التى التى استهدفته، قد تختلف ما شئت مع الدكتور رفعت السعيد السياسى ولكننا لا نملك إلا أن نجل رفعت السعيد المفكر والمبدع وطريح السجون وطريد السجان من أجل الحرية والاشتراكية والوحدة، ووداعا يا رفيق فكما تجاهلت الصغار حيًا أراك تبقى لأنك تسخر من سخافتهم وجهلهم وستبقى ملفاتك العظيمة متدفقة بالحياة والنور والعقل والعلم فى حين سيمضى من سبوك إلى مزابلهم فرحين بما تقيئوا وسخات معدتهم لأنهم أصلا بلا عقول».