البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الحج "حميثرة" فقط في مصر

 مولد أبوالحسن الشاذلى
مولد أبوالحسن الشاذلى .. أرشيفية

الآلاف يتوافدون على مولد أبوالحسن الشاذلى فى البحر الأحمر
المريدون يقلدون شعائر «عرفة».. ويجمعون الحصى ويذبحون
مشايخ الطرق يتوافدون من 4 دول لحضور «وقفة حميثرة».. وتشديدات أمنية خوفاً من أعمال إرهابية
بالأسماء.. نواب برلمانيون يشاركون فى مولد «الشاذلى» 
50 طريقة صوفية تشارك هذا العام.. وعدد الزوار يقدر بالمليون 
«الشبراوى»: القطب الصوفى له مكانة خاصة فى قلوب المريدين ونتقرب إلى الله بزيارته الشريفة.. والتجار يبيعون بضائعهم حول الضريح

يستعد مريدو عدد من الطرق الصوفية، لشد الرحال إلى وادى حميثرة، فى محافظة البحر الأحمر، للاحتفال بمولد قطب أقطاب الصوفية «أبوالحسن الشاذلى»، والذى يحضر مولده قرابة الـ«مليون مريد»، من جميع أنحاء العالم الإسلامى، ويبدأ كل عام فى الأول من ذىالحجة، وتتزامن الليلة الختامية مع وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك.
تطلق الطرق الصوفية على مولد «أبوالحسن الشاذلى» لقب «الحج الأصغر»، ويعتقدون أن من يزور الشاذلى سيكرمه الله بزيارة بيته الحرام، نظرًا لتوافق المولد مع وقفة عرفات وصعود الحجيج على جبل عرفات فى الأراضى الحجازية، بينما يصعد الصوفية على جبل حميثرة فى نفس التوقيت.

«القطب الشاذلى» ساكن حميثرة 
يضفى الصوفيون على «الشاذلى» هالة من القدسية، وتشير المصادر الصوفية إلى أن اسم الشاذلى الحقيقى هو أبوالحسن على بن عبدالله بن عبدالجبار الشاذلى المغربي، وولد سنة ٥٧١ هـ بقبيلة الأخماس الغمارية، وتعلم الفقه فى تونس، وسكن مدينة (شاذلة)، وتوفى الشاذلى بوادى حميثرة فى صحراء عيذاب بالبحر الأحمر، خلال توجهه إلى بيت الله الحرام فى أوائل ذى القعدة ٦٥٦ هـ، ودفن بالوادي.
تتلمذ الشاذلى فى صغره على يد الإمام عبدالسلام بن مشيش، فى المغرب، ورحل بعد ذلك إلى مصر وأقام بالإسكندرية، حيث تزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبوالحسن علي، وأبوعبدالله محمد وابنته زينب، وانتشرت طريقته لاحقا فى مصر.

كرامات القطب الشاذلي
تروى كتب الصوفية أساطيرا عن كرامات «الشاذلى»، وكان الدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، يعتبر أن الشاذلى لما قدم المدينة المنورة زادها «تشريفًا وتعظيمًا»، مضيفا أنه وقف على باب الحرم من أول النهار إلى نصفه، عريان الرأس، حافى القدمين، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة.

الطرق الصوفية فى المولد
من جانبه، قال الشيخ محمد عبدالخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية، إن المسلمين من جميع أنحاء العالم يبدأون كل عام فى التوافد على ضريح « أبوالحسن الشاذلى « للاحتفال بمولد، وتأدية الزيارة الشريفة، وتكون المشاركة الكبرى من الصوفية، خاصة الذين يأتون من محافظات الصعيد إلى وادى حميثرة، لإحياء مولد قطب الصوفية، والذى يبدأ من أول شهر ذىالحجة وحتى يوم وقفة عيد الأضحى المبارك، تزامنا مع وقوف حجاج بيت الله الحرام للوقوف بجبل عرفة، حيث بدأ بالفعل المريدون فى التوافد حول مقام الشيخ أبوالحسن الشاذلى بوادى حميثرة بالقرية التى أطلق عليها اسمه، قرية أبوالحسن الشاذلى.
وتابع «الشبراوى» أن هناك أعدادا كبيرة تأتى كل عام من التجار إلى مولد «أبوالحسن الشاذلى»، والذين يبيعون بضائع مختلفة من حلوى المولد ولعب الأطفال وخلافه، حيث إنهم يقيمون خيامهم حول الضريح فى انتظار الوفود من المريدين التى تصل إلى الآلاف مع قرب الليلة الكبيرة، كما أن للطرق الصوفية احتفالات خاصة وطقوسا خاصة، تقيمها حول ضريح القطب الشاذلى، من أهمها الحضرات ومجلس الذكر والإنشاد، بالإضافة لصعود جبل حميثرة، الذى صعد عليه من قبل «الشاذلى» ودعا ربه أن يستجيب له واستجاب، وعلى ذلك فمريدو الصوفية يعدون هذا الجبل لمناجاة الله ودعائه من أجل أن يغفر الذنب، وأن يقبل التوب.
وأوضح «الشبراوى» أنه يأتى الاحتفال بمولد سيدى أبوالحسن الشاذلى فى ذلك التوقيت الأول من ذى الحجة من كل عام، نسبة إلى وفاة أبوالحسن الشاذلى فى ذلك التوقيت، وذلك المكان عند مروره من وادى حميثرة، مكان ضريحه الآن، قلب صحراء عيذاب فى طريقه إلى ميناء عيذاب ليبحر إلى الأراضى المقدسة لأداء فريضة الحج، إلا أنه وافته المنية فى وادى حميثرة.

الجازولية تشارك
فى السياق ذاته، قال الشيخ سالم الجازولى، شيخ الطريقة الجازولية، إنه يشارك فى مولد «القطب الجازولى» كل عام هو وأبناء طريقته، نظرًا لأن الطريقة الجازولية تسير على المنهج الشاذلى، وأمر لا بد منه أن تشارك فى مولد قطب الأقطاب العلامة الشاذلى رحمة الله عليه، حيث تقوم الطريقة الجازولية خلال أيام المولد باستقبال الزائرين القادمين من كل بقاع الدنيا، واستضافتهم من أجل أن تخرج هذه الاحتفالات فى أجمل صورها أمام العالم كله.
وتابع «الجازولى» أن فى هذا اليوم يأتى المادحون والمنشدون مثل الفرقة الجازولية، وفرقة الأخوة أبوشعر، وبعض المنشدين الكبار أمثال ياسين التهامى وأمين الدشناوى وعصام درويش وغيرهم لإحياء الاحتفالات التى تنظمها الطرق الصوفية حول مقام «القطب الشاذلى».

عرس إسلامي
من جانبه، قال الشيخ أحمد التجانى، شيخ الطريقة التجانية، إن مولد الإمام الشاذلى عرس إسلامى كبير، يتجمع فيه الآلاف من حول العالم فى نفس الموعد من كل عام فرحا وسعادة بهذا الرجل الصالح، الذى علم العالم الإسلامى كله كيف يكون الصلاح والفلاح، وكيف تكون محبة الله عز وجل، كما أن كرامات هذا القطب الصوفى الكبير جمعت الملايين من جميع أنحاء العالم الإسلامى حوله.

طقوس الزيارة
فيما قال محمد الشاذلى، عضو الطرق الصوفية، إن الآلاف من كل محافظات مصر ومن دول أخرى جاءوا لمسافات بعيدة قد تكون تجاوزت اليوم واليومين للمشاركة فى إحياء مولده، حيث يقوم الحاضر إلى تلك المنطقة بإحضار طعامه وشرابه ومكان مبيته من الخيم معه، وفى بقعة قريبة من مسجده ومقامه أو من الوادى يقيم مقصده ويزور المقام، بينما يقوم مجلس مدينة مرسى علم، بالاستعداد لمولد أبوالحسن الشاذلى قبلها بأيام كثيرة، ويستعد للدفع بسيارات المياه.
وتقوم الطرق الصوفية بإحضار كميات كبيرة من المشروبات والأطعمة والمواشى، التى يقومون بذبحها فى أيام المولد، داخل ساحات كل طريقة هناك، حيث يوجد بمحيط الضريح ساحات أقامتها تلك الطرق الصوفية لاستقبال أبنائها فى وقت المولد والزيارات للضريح المبارك.
وأوضح «الشاذلى» أنه يقوم زوار مقام سيدى «أبوالحسن الشاذلى» بوادى حميثرة جنوب البحر الأحمر، بعدة عادات، عند وصولهم لتلك المنطقة، أولًا زيارة المقام والصلاة داخل المسجد، ثم صعود جبل حميثرة، والذى يترواح طوله ما بين ٢٠٠ إلى ٣٠٠ متر، ويقوم الصاعد بتجميع عدة حصوات من الحجارة من فوق الجبل وتكوينها على بعضها البعض، وكانت هناك مقولات منتشرة أن من يفعل ذلك يكون له نصيب فى الزيارة فى الأعوام القادمة.

تقليد شعائر يوم عرفة
وأضاف أن من أشهر تلك العبادات التى يقوم بها المريدون عند الزيارة، فى وقفة عيد الأضحى يوم عرفة، يمكثون على جبل حميثرة حتى الزوال، تقليدا لشعائر يوم عرفة، وصعود «حميثرة» والذبح، وهناك سنن يسنها كل من زار تلك المنطقة، بعد زيارة المقام، داخل مقام « أبوالحسن الشاذلي». المريدون والصوفيون يزهدون بالدعاء داخله، وأصوات مختلفة تسمعها وأنين التقرب بواسطة ذلك المقام، والجميع يرفع أكف الضراعة ويدعو الله داخل المقام، ولوحظ أيضا من يرش العطور بداخله ومن يبيع البخور على أبوابه، ومن يدعى لك ومن يطلب منك الدعاء، لابنه أو ابنته أو شخص مريض له أو به داء.

استعدادات أمنية
فى سياق متصل، قال محمد عبدالباسط، عضو الطريقة الشاذلية بقرية أبوالحسن الشاذلى بالبحر الأحمر، إن الاحتفال بمولد «القطب الشاذلى» له طابع خاص عند الصوفية، الذين يأتون من كل بلاد العالم لحضور، هذا المولد الذى يأتى اليه المنشدون والمبتهلون من كل أنحاء العالم، حيث إن تزامن المولد بذكرى وقفة عرفات ودخول عيد الأضحى الكريم يجعل المشاركون فى المولد ينظرون إليه على أنه مهرجان دينى كبير يتقرب فيه المشاركون من الله تعالى بالدعاء والذكر وقراءة القرآن.
وعن الجوانب الأمنية والتأمينات التى قامت بها محافظة البحر الأحمر، قال «عبدالباسط» إنه بالنسبة للجوانب الأمنية فإن مديرية أمن البحر الأحمر تقوم بدروها على أكمل وجه، حيث تقوم بتمشيط المنطقة بأكملها خوفا من وجود أى جماعات إرهابية أو متطرفة تعكر صفو الزائرين خلال هذه الفترة الكبيرة التى يمكثون فيها للاحتفال بمولد «القطب الشاذلي».
مضيفا أن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن البحر الأحمر تكثف من استعداداتها كل عام لوضع خطة أمنية لتأمين الاحتفالات بمولد « أبوالحسن الشاذلى» والتى يشارك فيها الآلاف من المريدين والمحبين فضلا عن التجار الذين يأتون من شتى محافظات مصر، خاصة الليلة الختامية كما أن فرع البحث جنوب البحر الأحمر برئاسة العقيد عماد حمدى، رئيس الفرع، والمقدم شريف جلال، وكيل فرع البحث لجنوب البحر الأحمر، يلتقون بشكل دائم بالوفود المشاركة فى الاحتفالات للاطمئنان على الأوضاع الأمنية، حيث إن مديرية أمن البحر الأحمر تقوم بوضع خطة أمنية محكمة لتأمين الاحتفالات ومولد أبوالحسن الشاذلي، بالتنسيق مع قيادات الطرق الصوفية المشاركة فى الاحتفالات.
وأضاف «عبدالباسط» أن مديرية أمن البحر الأحمر تقوم بتأمين الاحتفالات من خلال نشر أكبر عدد من القوات فى مداخل ومخارج قرية «أبوالحسن الشاذلي» بالإضافة لتواجد كامل لرجال الحماية المدنية والمفرقعات، كما أعلنت شركة مياه الشرب بالبحر الأحمر، برئاسة المهندس يحيى صديق، رئيس مجلس إدارة الشركة، عن توافر كميات مياه كبيرة خلال الاحتفالات وتوفير كمية أيضا احتياطية خلال فترة الاحتفالات. كما أعلن مجلس مدينة مرسى علم برئاسة اللواء عاطف وجدى، رئيس المدينة، حالة الطوارئ لحين الانتهاء من المولد الشريف.

«العبابدة» حول مقام الشاذلى
العبابدة قبيلة تسكن فى وادى حميثرة، وتقوم على خدمة زوار سيدى «أبوالحسن الشاذلى»، والعبابدة هى قبيلة يمتد نسبها لإحدى بطون العرب، وينسبون إلى عبّاد بن محمد بن كاهل بن عبدالله بن الزبير بن العوام، وتتميز بالعديد من ملامح التراث، فضلًا عن مميزات أخرى وتقاليد راسخة وتقطن بأماكن متفرقة، واشتهرت بالتجارة الحدودية، وعلى الرغم من الوجود الكثيف للعبابدة بشرق السودان، إلا أنها من القبائل العربية الأصيلة التى اتخذت من الجبال مأوى لها مثل جبل حميثرا.
وهم ينتسبون إلى «الزبير بن العوام»، رضى الله عنه، ونشاطهم الأساسى الرعى وتربية الجمال وبارعون فى إرشاد القوافل التجارية وتتميز قبيلة العبابدة بالعديد من ملامح التراث المتمثل فى الغناء والرقص، فضلًا عن مميزات أخرى فى المناسبات الاجتماعية تؤكد جميعها معانى الشجاعة فى أبنائها، وتعتمد القبيلة كثيرًا على اتجاه الرياح والشمس، وهم فى تنقل دائم من مكان إلى آخر بحثًا عن الماء والمراعي، أما فى البيع والشراء فهم يستخدمون نظام (المقايضة) فى ماشيتهم مقابل البضائع والأشياء اللازمة فى حياتهم مثل «الذرة، البلح، الفول،جلود الحيوانات».
وذكرت بعض الدراسات الحديثة أن العبابدة هم بطن من العرب، والكثير من قبائل العرب فى مصر والسودان ينتسبون إلى عرب الحجاز، ويقيمون حاليًا فى شرق السودان، وأسوان، وقنا، وإسنا، ويعيش البعض منهم فى جنوب الصحراء الشرقية ما بين وادى النيل والبحر الأحمر وهم يتداخلون مع النوبيين بالقرب من وادى النيل، ويزداد انفرادهم كلما توجهنا إلى الشرق.
وتسكن قبيلة العبابدة فى وادى حميثرة منذ مئات السنين، حيث يقوم أفراد القبيلة بحراسة مقام ومسجد سيدى «أبوالحسن الشاذلى» ويتوارث أبناء القبيلة منذ القدم خدمة الزوار الذين يأتون من كل دول العالم لزيارة المقام الشريف، حيث إن مفاتيح مقام «الشاذلى» كان يمتلكها كبير القبيلة، ثم توارثتها الأجيال بعد ذلك غير أنه تم بناء مسجد الإمام الشاذلى حيث أصبح المقام بعد ذلك مفتوحا بشكل دائم ولا يتم غلقه أبدًا.
وقال أحمد العبادى من أفراد قبيلة العبابدة، إن أبناء قبيلة العبابدة فى وادى حميثرة يتشرفون أنهم يحرسون مقام الإمام الشاذلى منذ مئات السنين، ويقومون بخدمة الزوار الذين يأتون من كل دول العالم وذلك محبة فى القطب الصوفى الكبير، الذى ظهرت كراماته فى وادى حميثرة للزائرين، مما جعل الكثيرين يدخلون فى الإسلام تعجبا من كراماته وبركاته التى حيرت الجميع.
وأوضح «العبادى» أن فى ذكرى مولد «القطب الشاذلى» يأتى الزوار من كل دول العالم الإسلامى وغير الإسلامى حيث يأتى الزوار من تركيا والمغرب والعراق وتونس والجزائر والسودان وأمريكا وإنجلترا، حيث إنهم يمكثون لمدة شهر كامل حول مقام القطب الشاذلى فرحا بمولده الشريف الذى يكون عيدا واحتفالات دينيا كبيرًا يتجمع فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها.

برلمانيون وسياسيون حول الشاذلي
مثلهم مثل غيرهم من المريدين، يشارك عدد من النواب والسياسيين فى مولد الشاذلي، أغلبيتهم من نواب محافظات الصعيد، ومن أشهر هؤلاء المشاركين النائب الراحل عن دائرة مركز جرجا بسوهاج السيد هرقل وفقى همام، حيث كان يذهب كل عام ويزور مقام القطب «الشاذلى» ومعه المئات من أبناء دائرته.
ومنهم أيضا النائب محمد الجبالى، عضو مجلس النواب عن دائرة مركز جرجا، يذهب كل عام ليلتقى بأحباب «الشاذلى» من أبناء دائرته وليس هو فقط، بل هناك النائب السابق عن مجلس الشورى عدلى النقيب، والذى يقوم بخدمة الزوار بنفسه حيث يفتح ساحته للجميع خلال أيام المولد، ويستقبل المئات من الزائرين الذين يأتون من كل دول العالم، وهناك أيضا رئيس حزب النصر الصوفى محمد صلاح زايد، الذى يرسل عشرات الأتوبيسات التى تقل الزائرين من الصوفية من محافظات أسوان والأقصر وقنا وهناك الكثير من النواب والسياسيين الذين يأتون من كل محافظات مصر للالتقاء بزوار «القطب الشاذلى».