البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"الأزهري" محمد أحمد: أبصرت دربي إلى نور الله

مشيخه الازهر
مشيخه الازهر

«أنترك نور الإيمان وسعة الإسلام إلى ظلام الإلحاد وضيق الشبهات؟.. كم كنا مجانين»، دوت تلك الكلمات فى أذن محمد أحمد، الطالب بجامعة الأزهر، وهو يمسح عن جبينه قطرات ماءٍ توضأ بها بعد أسابيع طويلة كان فيها من «أهل التيه»، حسب تعبيره، راويا حكاية رحلته من «الشك إلى اليقين».

يقول «محمد»: نشأت فى أسرة مصرية متدينة، والدى رجل ملتزم بـ«كتاب الله»، عامل بما فيه، حفظت القرآن منذ نعومة أظفارى وتحديدًا فى الصف الخامس الابتدائي، وحافظت على الصلاة من صغرى بتوجيه أهلى الذين كانوا حريصين على ذلك منذ البداية لدرجة تصل إلى «التشدد».

«اختار أهلى لى الدراسة بالأزهر الشريف، وكنت فيه متميزا عن أقرانى فى المعهد الدينى، معروفا وسط قريتنا بأسرها، حتى كان يشار إلى بالبنان هذا هو الشيخ محمد»، كذلك يضيف «محمد»: مرت الأيام سريعا، وتعاقبت السنون حتى أصبحت على مشارف المرحلة الثانوية التى كانت علامة فارقة فى مسيرتي، دفعتنى فى النهاية إلى «دركات الإلحاد».

يشرد «محمد» بذاكرته قليلا، يستدعى أطيافا من ذكريات مرّت، ثم يتابع حديثه: «فى الثانوية أحببت فتاة فى مثل عمرى وتعلقت روحى بها، وأخذت أدعو الله فى كل يوم أن يجعلها من نصيبى، بينما كان أهلى يدعون لى أن أوفق فى الثانوية الأزهرية لأدخل كلية قمة كما كانوا يحلمون، وما أن انقضى العام الدراسى والامتحانات وظهرت النتيجة، صعقت بمجموعى وقتها الذى حرمنى من دخول الكلية التى كنت أحلم بها، وتحطمت آمالى وآمال أهلى من خلفي، وأصابنى قليل من اليأس والسخط، ثم قررت أن أواصل حياتى والتحقت بكلية العلوم جامعة الأزهر».

كان عامه الأول حافلًا، ودعا الله إن يوفقه فى الكلية، لكن شعر أن الله تعالى لم يستجب له، وبحسب قوله، بدأ يعانى المشكلات التى كانت تتوالى كأنها حبات مسبحة انفرط عِقدها، كذلك يشرح «محمد»: دفعنى ذلك دفعا إلى الإحباط والسخط الكاملين اللذين فتحا لى الباب على مصراعيه إلى «الإلحاد».
يستكمل «محمد» حديثه عن تلك الفترة: نسيت كتاب الله الذى حملته، وزين لى الشيطان «طريق التحرر» الذى سعيت فيه كفرس رهان داخل سباق للجوائز، فقارفت الشهوات التى كنت أراها محرمة، ونسيت آيات الله المحكمة واندمجت فى وسط رفاق جدد حتى صرنا «إخوة فى الإلحاد».
يتوقف الطالب الأزهرى لبرهة من الوقت قبل أن يعود ليستطرد حكايته بالأسى، شاكيا: اجتنابه من أصدقائه والمقربين منه، شعر بأنه صار غريبا أكثر مما كان، لكنى لم أقلع عن إلحادى الذى كنت أراه تحررًا من المسئولية وهربا من الضغوط النفسية، رغم رفضى كثيرا من ممارسات الملحدين وتطاولهم بداعٍ ومن غير داعٍ على رموز المسلمين، دون غيرهم بالتحديد، وفى ليلة استفقت على وقع صوت يصرخ فى أذنى «أما آن المتاب».
«هرعت من سريرى مفزعًا، ثم قمت فتوضأت ووقفت بين يدى الله، ملأت الدموع عينى وانهار سد جفونى، فانهمرت العبرات منها دون أن أستطيع السيطرة عليها، وأدركت كم كنت تائها غريبًا بعيدًا عن ربى الذى خلقنى وقررت العودة»، يعود طالب الأزهر للتذكر: الأمور بدأت فى التحسن منذ ذلك الحين رويدًا رويدًا، وقررت مواجهة مشاكلى التى هربت منها، وأيقنت أن الله كانت له حكمة فى عدم استجابة الدعاء، وأن حبى المفقود لم يكن نهاية العالم، وأبصرت دربى مجددًا إلى «نور الله».
يردف: بعد ذلك قررت الذهاب إلى الطبيب النفسى لأتعافى من اضطراباتى، ثم صممت أن أترك كلية العلوم وأدرس فى كلية شرعية أخرى، متطلعا لمزيد من المعرفة عن دينى، وطويت صفحة الإلحاد إلى غير رجعة لأنى «عرفت الله».