البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الفيلم يثير ضجة وسط إقبال متزايد من الجمهور

"أهلا وسهلا".. لذة الموت على شواطئ فرنسا

Welcome
Welcome

فى الوقت الذى زادت فيه أرقام ضحايا الهجرة غير الشرعية، بفعل الحرب المشتعلة فى سوريا، والأوضاع الملتهبة فى العراق، قرر المخرج الفرنسى «فيليب ليوريه»، أن يقدم طرحا جديدا لأزمة المهاجرين غير الشرعيين من خلال فيلم «أهلا وسهلا» الذى يعاد عرضه حاليا ضمن الفعاليات الثقافية التى تتبناها مؤسسة عبدالحميد شومان بمدينة «كاليه» شمال فرنسا، وربما جاء اختيار المؤسسة لعرض هذا الفيلم من جديد لكون الشمال الفرنسى يجتذب المهاجرين غير الشرعيين بأعداد كبيرة لأنه أقرب نقطة للوصول إلى الأراضى البريطانية التى تبقى القبلة الأولى للمهاجرين إلى أوروبا، وحتى يذكر الفيلم كل من نسى كيف تكون معاملة المهاجرين خارج أوطانهم؟. 
يدور الفيلم حول قصة الشاب الكردى «بلال» الذى يبلغ من العمر ١٧ عاما، حيث يبدأ الفيلم باستعراض رحلته منذ اللحظة التى قرر فيها أن يهجر العراق إلى بلد آخر للفرار من نيران العنف الذى يسيطر على البلاد، وبمرور الأحداث نتعرف على معاناة الشاب العراقى فى أكثر من محطة فى سبيل الوصول إلى الغرض المنشود بالوصول إلى الشمال الفرنسى وتحديدا ميناء كاليه لينطلق منه إلى بريطانيا بأى وسيلة ممكنة، للالتحاق بحبيبته «مينا» التى تقيم مع أسرتها فى لندن والتى يعارض والدها بشدة رغبة بلال بالزواج منها لأنه يريد أن يزوجها لابن عمها الذى يملك مطعما.
وبعد أكثر من محاولة تفشل جميعها، فيضطر للعودة مع غيره من المهاجرين غير الشرعيين إلى الأراضى الفرنسية. 
ومع عودته يأخذ الفيلم منحى آخر حيث يجد نفسه بلا مأوى، وهنا يقدم لنا المخرج ضمن الأحداث مدرب السباحة الفرنسى «سيمون كالمات» الذى يقدم يد العون لبلال حيث يستضيفه فى منزله ويتولى تدريبه على السباحة لكى يحاول عبور بحر المانش والوصول إلى الأراضى البريطانية.
وبعد أيام تتعقد الأحداث بوصول بلاغ إلى الشرطة بإيواء مدرب السباحة لمهاجر غير شرعي، حيث يقرر بلال الهرب قبل وصول الشرطة حتى لا يتسبب فى أى أضرار للمدرب الذى ساعده، وفى الختام نجد بلال وهو يتخذ قراره بعبور المانش فى مخاطرة ومغامرة منه للوصول إلى الهدف المنشود، ولكنه يتعرض للغرق على بعد ٨٠٠ متر من الساحل البريطاني، وهنا يتوجه مدرب السباحة إلى بريطانيا لإبلاغ مينا حبيبة بلال بما حدث.
واجه مخرج الفيلم الذى اشترك فى كتابة السيناريو مع الكاتبين السينمائيين «إيمانيويل كوركول» و«أوليفييه آدم»، مأساة المهاجرين غير الشرعيين بأحداث تدور فى قالب تراجيدى يحمل مزيجا من الكوميديا التى تأتى على استحياء، فيما بقيت السخرية الأكبر ملخصة فى اسم الفيلم نفسه، «أهلا وسهلا» حيث عمد المخرج إلى إبراز مدى التناقض بين التصريحات التى يطلقها الساسة الفرنسيون بأن المهاجرين مرحب بهم فى أى وقت، وبين الواقع الذى يلفظهم، ويلقى بهم إلى المجهول حتى وإن كان الثمن حياتهم، فـ«أهلا وسهلا» هنا قد تحيل إلى الوعى المعنى الواضح بفتح جميع الأبواب أمام الضيف، أما الأبواب التى ظهرت خلال مشاهد الفيلم فقد جاءت جميعها موصدة، كما أن الأماكن بدت ضيقة على هؤلاء المهاجرين، ولم يظهر البراح أمامهم سوى فى مشاهد البحر الذى يبتلع أى شيء وكأنه هو الوحيد الذى يقول لهم صدقا: «أهلا وسهلا».
كذلك تعمد الفيلم أن يضع محنة المهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون فى ميناء كاليه الفرنسى ومحاولاتهم الوصول إلى الأراضى البريطانية فى إطار خاص، وذلك من خلال رسم صورة واقعية للمهاجرين الذين لم يكونوا يتوقعون ما ينتظرهم من شقاء وألم فى ظل إيمانهم العميق بتصريحات رجال السياسة، بينما وجد أغلبهم معاملة عنصرية من المسئولين والمحيطين بهم، تفسر لهم كيف أنهم غير مرحب بهم فى تلك البلاد. 
ولقوة وجودة الفيلم، أثار «أهلا وسهلا» ضجة سياسية وإعلامية فى فرنسا، وبناء عليه احتج وزير الهجرة والهوية الوطنية الفرنسى إريك بوسون على تصريحات المخرج فيليب ليوريه المتعلقة بمعاملة الشرطة الفرنسية للمهاجرين غير الشرعيين. 
عُرض «أهلا وسهلا» فى ٢٣ مهرجانا سينمائيا، وافتتح مهرجان برلين السينمائى الدولي، وفاز فيه بجائزتين، كما شارك فى مهرجانات دبى والإسكندرية وتورونتو وفينا وهلسنكي، ورشح لتسع وعشرين جائزة سينمائية وفاز بـ١٥ جائزة فى ٨ مهرجانات سينمائية.