البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

للحبس الاحتياطي أماكن أخرى


توقفت حركة السيارات في الشارع، وجلست محبوسة احتياطياً على ذمة الزحام في المقعد الخلفي للتاكسي، قضيت الوقت أتطلع إلى عمارات باب اللوق. تلك العمارات الرائقة التي كانت تحفا معمارية تنعي بإهمالها الجمال الذي احتل مكانه قبح قد تعودنا عليه.
طال حبسي الاحتياطي في السيارة، وهي حالة من فرط تكرارها أصبحت شيئا عاديا في شوارع القاهرة، فقد عشنا سنوات طوال "محابيس" فشل حكم مبارك وعصابته ومواكبه هو وأهله وأصحابه وحكوماته.
كم كرهت هذا الرجل وما زلت أكرهه بقدر ما أهان هذا البلد وشعبه، ولم أتعاطف معه لحظة واحدة، وأتمنى محاكمته هو وعصابته على جرائمه السياسية في حقنا.
في واحدة من مرات الحبس المروري بسبب خروج موكب مبارك وبعد أن انفتح الطريق كنت قد وصلت لحالة من الغضب فصرخت في وجه أقرب عسكري لشباك الميكروباص الذي كنت محبوسة بداخله قائلة: "قول للرجل ده أنت خنقتنا" وببساطة شديدة رد العسكري قائلا: "ما تروحي تقولي له انتي يا ختي"
ولم أقلها بمفردي قالها الشعب المصري في ثورته عليه في 25 يناير 2011، وأعادتني حالة الاختناق في 2013 إلى أيام مبارك.
فتحت باب السيارة بعنف ونزلت منها لأصل سيراً على الأقدام، سرت في الشارع موشكة على الصراخ، ولم أستطع منع نفسي من الحديث بصوت مرتفع" هنفضل لامتى في الخنقة دي؟".
كانت المظاهرات قد تركت محيط مجلس الشورى، وتوجهت إلى ميدان طلعت حرب في معركة جديدة بين الشرطة والمتظاهرين أشعلها حازم الببلاوي بإصدار قانون تنظيم الحق في التظاهر، والذي هو في حقيقة الأمر كما يعلم الببلاوي هو قانون لقمع ومنع هذا الحق.
واصلت كلامي مع نفسي بصوت مرتفع مرددة "هو الببلاوي عايز مننا إيه، هي الحكومة دي عايزة مننا إيه، هو استغل خنقة الناس وخوفها من إرهاب وعنف الإخوان علشان يولع الدنيا بالقانون بتاعه؟".
يعرف الببلاوي جيدا أن مصر لم تكن في حاجة لهذا القانون، وقد تراخى أمام عنف الإخوان طوال أربعة أشهر، فعلوا هذا في ظل حالة الطوارئ، ومع ذلك لم يدس لهم الببلاوي ولا حكومته ولا أمنه على طرف.
إن صدور هذا القانون في هذا التوقيت– إذا افترضنا حسن النية-  فهو خيبة سياسية والخائب يجلس في آخر الصف وليس في أوله ولأننا لن "نقضيها نوايا حسنة" فالببلاوي الذي ترك الإخوان يرتكبون الجريمة تلو الأخرى، ولم يهتز طوله ليفتح قانون العقوبات ليحاسب وليحاكم يخرج علينا بعد ساعات من صدور القانون ويعلن بقلب جامد أنه لا يوافق على إدراج الإخوان كجماعة إرهابية، بل هو ونائبه يسعيان ولا مانع عندهما من إدماجهم في الحياة السياسية مرة أخرى.
فعلها الببلاوي وحكومته وفتحوا الثغرة التي هي نفق مظلم لدخول الإخوان لميدان الاحتجاج مستندين إلى قوة سياسية مدنية، كما فتحوا أيضا الطرف الآخر من النفق لممارسات الشرطة القديمة تلك الممارسات التي ستقطع حبل تمنينا أن يمتد للود بين الشعب وبينها والكارثة إنها هي نفس الشرطة التي رأت بعيونها احتراق جامعة الأزهر، وحبس الأساتذة، واقتحام مكتب وبيت أستاذة لأنها في لجنة الخمسين، ومع ذلك ظلت واقفة خلف أسوار الجامعة تنتظر قرار النيابة بالاقتحام، ومارست منتهى "الحنية" على بلطجية الإخوان بينما استعادت تراثها القديم مع المتظاهرين السلميين.
ماذا فعلت يا د. ببلاوي وماذا تفعل حتى نسير في الشوارع نكلم أنفسنا ونوشك على الصراخ؟ "خنقتونا".