البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

30 يونيو المقدمات والنهايات "17"


في المقال السابق ذكرنا أن مرسي قد ترك اجتماع الوزارة بضع دقائق بطلب من الدكتورة باكينام الشرقاوى ثم عاد ليخبر الجميع بأن أردوغان كان يحدثه هاتفيًا وأنه قد وافق على إقراض مصر مليار دولار، ولكن مرسي لم يبلغ أحدًا من الموجودين بأنه سيسافر إلى أنقرة في زيارة سريعة لحضور المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية، وهذا ما فوجئ به وزير الخارجية محمد كامل عمرو، ومدير المخابرات اللواء رأفت شحاتة، وذلك حين طٌلب منهما الحضور إلى الاتحادية للتنسيق والإعداد للسفر، ورأى وزير الخارجية بأنه لا يليق برئيس مصر أن يسافر لحضور مؤتمر عام لحزب في تركيا، لأن هذا معناه أن مصر تدعم هذا الحزب دون غيره من الأحزاب الأخرى، ولو افترضنا أن حزبًا آخر قد وصل إلى السلطة هناك في يوم ما، فإنه من الطبيعى أن يتخذ موقفًا من مصر، وبالتالى ستتأثر العلاقات التي صارت طيبة في ظل وجود مرسي، والتي كانت قبل ذلك ما بين مد وجزر أثناء حكم الرئيس مبارك، والذي نجح في تسعينيات القرن الماضى أن يمنع حربًا وشيكة بين سوريا وتركيا، وقام في سبيل ذلك برحلات مكوكية بين البلدين، ولكن مرسي سخر من فكرة أن يصل أي حزب آخر إلى سدة الحكم في تركيا، فهذا لن يحدث أبدًا في ظل وجود أردوغان الذي يراه مرسي بطلًا عظيمًا، وحين قيل إن الوقت ليس كافيًا لدراسة جميع الملفات التي يجب أن يناقشها الرئيس مع الأتراك تدخل عصام الحداد طبيب التحاليل ومساعد الرئيس للشئون الخارجية ليفتى بأن كل شىء في عقل الرئيس، والأمر أبسط مما تفكرون، ونظر مرسي إلى مدير المخابرات ليسأله: هو مصطفى بكرى كان عند المشير طنطاوى في بيته بيعمل إيه؟ وتعجب اللواء شحاتة من السؤال، فأردف مرسي قائلًا: يعنى المخابرات ما تعرفش ومخابرات الرصد الشعبى تعرف. وانتهى الاجتماع على إصرار مرسي على السفر إلى تركيا وقد أعلن ذلك على لسان ياسر على، المتحدث الرسمى للرئاسة، والذي صرح لوسائل الإعلام المختلفة قائلًا بأن زيارة مرسي القصيرة لتركيا سيتم فيها بحث ملفات التعاون الثنائى بين الدولتين خاصة بما يتعلق بزيادة الاستثمارات التركية في مصر، وبعد ذلك بقليل نقلت وسائل الإعلام عن مصدر مسئول بالرئاسة أن الزيارة غير رسمية وشعر الجميع عقب هذا الإعلان بأن هناك تضاربًا داخل مؤسسة الرئاسة، وهذا ما جعل ياسر على يثور في وجه بعض الإعلاميين الذين نقلوا الخبر عن المصدر المسئول مطالبًا إياهم بعدم نشر أي كلمة عن الرئاسة إلا من خلاله فقط وسرعان ما عرف أن المستشار محمود مكى، نائب الرئيس، هو صاحب التصريح، وقد فعل ذلك بعد اتصال بينه وبين رئيس المخابرات ووزير الدفاع ووزير الخارجية، فقد رفض الثلاثة أن يسافر رئيس مصر بشكل رسمى لحضور هذا المؤتمر الحزبى، فليذهب الدكتور سعد الكتاتنى على رأس وفد من حزب الحرية والعدالة ولكن على رئيس مصر أن يتعامل مع أحزاب الدول الأخرى بمسافة واحدة، ولاحتواء هذا الخلاف فقد تم الاتفاق على أن تكون الزيارة غير رسمية، وسافر مرسي وألقى بكلمة لم تعرض على أحد من المسئولين لدراسة محتواها، وقد جاء فيها «إن الشعبين المصرى والتركى يسعيان إلى دعم ومعاونة الشعوب التي تتحرك وتثور لتنال حرياتها وتزيح حكامها الذين يحكمونها بالحديد والنار والديكتاتورية» وهذا القول هو ضد ثوابت السياسة الخارجية لمصر والتي تقوم على عدم التدخل في الشئون الداخلية لأى بلد في العالم، ومما قاله مرسي أيضًا في خطابه «إن مصر لن تهدأ أو تستقر حتى يتوقف نزيف الدم في سوريا وزوال القيادة السورية الحالية الظالمة، إن ما يحدث في سوريا من قتل وذبح الشعب السورى صباح مساء يدمى قلوبنا» والتقى مرسي بأردوغان وناقش معه اقتراحًا بتشكيل قوة عسكرية مصرية تركية للدخول في سوريا، وعاد مرسي بهذا الاقتراح ليضعه أمام وزير الدفاع، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، والذي أخبره بأن العلاقات بيننا وبين الأشقاء تقوم على التوازن بما يخدم مصلحة الأمن القومى المصرى ومن مصلحتنا ألا تهدم سوريا وأن نعمل على تحقيق الوفاق والحل السلمى لأن انهيار الدولة السورية ليس في صالح مصر، والجيش المصرى لا يمكنه أن يكون سببًا في تدمير الجيش السورى شريك المعركة في ٧٣، وارتبك مرسي ولم يجد قولًا يرد به على السيسى الذي طلب منه في نهاية اللقاء ألا يزج بالقوات المسلحة في مغامرات غير مدروسة وغير مجدية، وشعر مرسي بأن السيسى يمثل عقبة أمام رغبته في تنفيذ ما اتفق عليه مع أردوغان ونقل هذا هاتفيًا للمرشد محمد بديع والذي اقترح عليه أن يعيد النقاش مرة أخرى مع السيسى عقب انتهاء احتفالات أكتوبر التي ينظمها شباب الإخوان في استاد القاهرة، والتي ستظهر قوة التيارات الإسلامية ووحدتها، مما يمثل رسالة واضحة للجميع، وقبل الاحتفال بيوم واحد أصدر مرسي قرارًا جمهوريًا بتكريم اسمى الرئيس الراحل أنور السادات والفريق الراحل سعد الدين الشاذلى وذلك بمنحهما قلادة النيل.. وللحديث بقية.