البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

1.5 مليون دعوى تتعلق بمخالفات البناء أمام المحاكم

"البوابة" تكشف.. مافيا التلاعب في تراخيص الهدم والبناء

صورةأرشيفية
صورةأرشيفية

عصابات داخل الجهاز الإداري للدولة تساعد «مافيا العقارات المخالفة»
رحلة بناء عقار مخالف تبدأ بشراء شهادات الإشراف الهندسى وتنتهى بمحاضر تصالح شكلية
ثغرات القوانين تتيح للمهندسين التنصل من تقاريرهم بعد يومين من إصدارها دون أى جزاء قانونى
٣٨ ألف عقار مهدد بالانهيار فى منطقة وسط القاهرة

٤٣٣ عقارًا مصنفة تحت بند «شديدة الخطورة» فى منطقة وسط القاهرة
١١١ ألفًا و٨٧٥ قرار إزالة صدرت عن وزارة التنمية المحلية

دراسة بجامعة القاهرة: 90% من العقارات مخالفة ومليون مبنى آيل للسقوط على مستوى الجمهورية
رئيس سابق لجهاز التفتيش على البناء: غياب المخططات التفصيلية للمدن سبب التلاعب داخل الإدارات الهندسية
خبراء يطالبون بتعديل القوانين المنظمة للبناء.. ونقابة المهندسين: لا نملك محاسبة المزورين بعقوبات رادعة

أصبح حادث انهيار عمارة سكنية فى منطقة ما خبرًا عاديًا يطالعه الناس يوميًا فى الصحف وعبر الشاشات، لم يعد أحد يهتم بأسباب السقوط أو الجهة المتسببة فيه، اللهم إلا إذا كان عدد الضحايا كبيرًا، قد يثير الأمر تعاطف الناس قليلًا، لكن سرعان ما ينشغلون بكارثة من نوع مختلف فى مكان آخر.. وكأن الأمر لا يعنيها، تتعامل الحكومة مع مثل هذه الحوادث باعتبارها طقسًا حياتيًا، وسرعان ما تعود إلى سباتها العميق فى انتظار مصيبة جديدة.
تغافل الجميع عن «الاستثناء» حتى أصبح «قاعدة»، وصار عدد العقارات المخالفة أكبر من القانونية، ربما ساعد على ذلك حالة الانفلات التى أصابت المجتمع بداية من 2011، وتراكمت أوراق الدعاوى القضائية الخاصة بمخالفات البناء داخل أروقة المحاكم، حتى وصل عددها إلى مليون ونصف المليون دعوى قضائية، وهو رقم كفيل بجعل الحكومة - فى أى بلد آخر - تعلن حالة طوارئ لمواجهة هذه الكارثة.
الرقم الكارثى الذى كشفه النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، دفع الحكومة إلى التفكير ليس فى حل المشكلة، بل للتعامل معها كأمر واقع، فراحت تفكر فى إصدار قانون ينظم عملية التصالح مع حالات البناء المخالف مقابل سداد مبلغ يوازى نصف قيمة المبنى المخالف، واللافت أن عددًا من النواب أيدوا توجه الحكومة باعتبار أن ذلك سينعش خزانة الدولة، فيما راح بعض النواب يقترح تخصيص هذه المبالغ لاستصلاح أراض جديدة فى الصحراء. 

أنواع المخالفات وحجمها
نحن هنا أمام نوعين من المخالفات، الأول يتعلق بالبناء على الأراضى الزراعية، والثانى يتعلق بالبناء دون تراخيص أو بالمخالفة للتراخيص الصادرة عن الحى التابع له العقار أو البناء، بحسب إحصائيات وزارة الإسكان يبلغ عدد العقارات المخالفة ٤.٩ مليون مبنى على مستوى الجمهورية، كما وصل إجمالى العقارات المقامة بدون تراخيص حوالى ٣١٧ الفًا و٩٤٨ عقارًا، وصدر لها ٣٥٦ ألفًا و٥٠٧ قرارات إزالة من المحافظين، لكن لم ينفذ أي منها.
ذكرت دراسة أجرتها كلية الهندسة بجامعة القاهرة أن ٩٠٪ من العقارات مخالفة، تأكيدًا لما صدر فى تقرير وزارة الإسكان، وأن العقارات الآيلة للسقوط تبلغ نحو مليون عقار فى جميع المحافظات، وصدر بشأنها ١٣٢ ألف قرار إزالة لم ينفذ منها شيء، كما تعد منطقة وسط القاهرة الأكثر خطورة من حيث العقارات الآيلة للسقوط، وتضم مناطقها ٣٨ ألف عقار مهدد بالانهيار، منها عقارات أثرية يقع أسفلها ٥٥ ألف محل، وصنف منها ٤٣٣ عقارًا تحت بند «شديدة الخطورة».
وفى تقرير لمحافظة القاهرة احتلت أحياء وسط القاهرة النصيب الأكبر من قرارات الإزالة بعدد ٢٧٠٠ عقار، فيما بلغ إجمالى القرارات بالمحافظة ٨٨٠٠ عقار، تليها المنطقة الجنوبية ٢٥٠٠ عقار، كما كشفت الإحصائيات الصادرة عن وزارة التنمية المحلية أن إجمالى عدد قرارات الهدم الصادرة لمبان على مستوى الجمهورية بلغ نحو ١١١ ألفًا و٨٧٥، تم تنفيذ ٦٩ ألفا منها.
مافيا التحايل بالقانون
فى السطور السابقة تعرفنا على الظاهرة فى شكلها النهائى، لكن دعنا نأخذك فى جولة ميدانية لمعرفة الكيفية التى يتم بها البناء المخالف، والاقتراب من المافيا التى تدير عملية انتهاك القوانين فى وضح النهار داخل الإدارات الهندسية بالأحياء السكنية فى ٢٧ محافظة و١٨٦ مركزًا و٩٢ حيًا و١٤١١ وحدة محلية و٢١٤ مدينة. 
إذا كنت تريد هدم منزل به سكان أو تبوير قطعة أرض زراعية للبناء عليها أو أن تستخرج شهادات وتراخيص، فقط عليك أن تذهب إلى أقرب (حي) تابع لمنطقتك الجغرافية، فهناك يتهافت عليك السماسرة من داخل الحى لمساعدتك فى التلاعب والمرور بسلام من خلال القوانين المتضاربة وخرقها، فقد تخصصوا فى الإفلات من أى عقوبة، وتخصصوا فى اختراق الثغرات فى القوانين.
وفقًا للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦، فإنه لا يحق للمالك هدم العقار الذى به سكان إلا بعد الرجوع إليهم والاتفاق معهم بالتراضى، وإبلاغهم بالإخلاء فى حالة التراضى بمدة لا تقل عن ٦٠ يومًا، أما القانون ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ فيضرب بتلك الإجراءات عرض الحائط، لأنه أعطى المالك صلاحية الهدم وإخلاء المنزل خلال ٤٨ ساعة، بعد الاتفاق مع مهندس الحى المسئول على كسر أجزاء من بعض الأسقف بالمبنى، ليتمكن من استخراج قرار إزالة فورى.
ثغرات القوانين لا تقتصر على الهدم فقط، بل تتيح لكل من يحاول البناء على أرض زراعية التصالح، وعدم الإزالة فى حالة تسكين المبنى، كما تبيح للمهندس المسئول عن أى إنشاءات التنصل منها بعد إلغاء شهادة الإشراف بيومين من تاريخ استخراجها، وهذا يؤكد تلاعب بعض المهندسين ببيع شهادات الإشراف للمالك ليقدمها للجهات المختصة، ويثبت بها أن هناك مهندسًا من الإدارة الهندسية يشرف على التنفيذ.
من الأساليب التى يلجأ إليها المخالفون أن يتم الاتفاق مع صاحب الأرض على البناء دون تحمل التكاليف ودون الانتظار حتى الحصول على تراخيص، مقابل أن يحصل على نصف الوحدات السكنية التى سيتم بناؤها، وبعد انتهاء أعمال بناء جميع الوحدات وتأجيرها يقوم المقاول ببيع نصيبه لأحد المستأجرين.
من الطرق التى يتم التحايل بها على القانون أن يتم الاتفاق مع مهندس الحى، الذى يقوم بتسجيل اسم وهمى فى سجلات المخالفات التى يتم تحريرها للمبنى المخالف، ويتم إشغال الوحدة الموجودة بالطابق الأخير فور الانتهاء من البناء لمنع إزالة المبنى. 
آلاف المبانى المخالفة تقع بجوار أقسام الشرطة وبالقرب من الأحياء والإدارات المحلية، ولكن لا يتحرك أى منها حيال هذه التجاوزات، إلا بعد أن يتقدم أحد الموظفين بتحرير محضر أو شكوى للحى ويكون مصيرها الحفظ فى درج المكتب، حتى يمل صاحب الشكوى وينصرف محبطًا من عدم اتخاذ أى إجراء حيال هذه التجاوزات، أما بالنسبة للمحضر الذى يقدم لقسم الشرطة التابع للحى، بعد إلحاح شديد وتردد المواطنين على القسم أكثر من مرة، يبدأ قسم الشرطة بإجراء «دراسة أمنية» على المبنى المخالف، وتكون نتيجتها بأن قرار الإزالة سيؤدى إلى احتجاج وتشريد السكان لذلك لا يتم تنفيذ القرار.
يتقاضى المهندس فى شكل «إكراميات» مقابل ما يتم تقديمه من خدمات غير مشروعة، إذ يحصل المهندس على ١٥ ألف جنيه للطابق الأرضى و٥ آلاف جنيه لكل طابق آخر، وفى حالة انهيار العقار لا تقع المسئولية على صاحب العقار أو المقاول لعدم وجود أوراق تثبت مسئوليته.

بعيدًا عن الطرق الملتوية هناك طرق أخرى تبدو ظاهريًا سليمة غير أنها فى الحقيقة مخالفة قانونيًا، كى تقوم ببناء عمارة أو هدم مبنى بشكل قانونى، لا بد أن تمر بخمس خطوات، وكتيبة من المهندسين والسماسرة الموجودين داخل كل حى من أحياء الجمهورية الذين تحولت مهمتهم إلى استيفاء الجوانب الشكلية للأوراق رغم عدم مطابقتها للواقع. 
بمجرد وصولك إلى الحى التابع لموقعك الجغرافى للانتهاء من تخليص الشهادات الخمس المطلوبة لإنشاء برج سكنى، ستصطدم بالسماسرة ومعدومى الضمير يتسابقون لتقديم خدماتهم مقابل الحصول على إكراميات.
تبدأ الأوراق باستخراج تقرير تربة، والذى يصدر عن طريق مهندس مدنى يقوم بعمل جسات للتربة، ليصرح ببناء برج سكنى، وتؤكد اللوائح والقوانين المتبعة عند إنشاء برج مكون من ١٠ أدوار متكررة على قطعة أرض مساحتها ٢٠٠ متر على سبيل المثال على تربة طينية، أنه لا بد من حفرها بعمق يصل إلى ما بين ٩ و١٢ مترًا حتى يكون المبنى آمنًا، وإذا كانت التربة رملية يجب مراعاة حفر الأساس بعمق من ٦ إلى ٩ أمتار على أن يكون عرض العمود ٣٥ فى ٥٠ سم للدور الأرضى، وذلك لضمان سلامة المبنى.
تتم عملية التلاعب من قبل المهندس من خلال استخراج الشهادات بدون معاينة بالاتفاق مع لجان الحى، وبناء عليها يقوم المقاول بالحفر بأعماق أقل من التى تتطلبها شروط سلامة المبنى والصادرة بالتقارير الموجودة لديه، لغياب المهندس المسئول ولجان الحى.
وتأتى الخطوة الثانية باستخراج شهادة إشراف على التنفيذ، وتصدر من خلال المهندس الذى قام بعمل تقرير التربة طبقًا لقانون ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ الخاص بالبناء، وهذه الشهادة تكون على مسئولية المهندس القائم بالأعمال على المشروع، ويتم التلاعب فى استخراج هذه الشهادة، وهى الأخطر ضمن الشهادات المطلوبة لإنشاء المبنى، ويتم التلاعب عن طريق إلغاء هذه الشهادة التى حصل عليها صاحب العقار دفتريًا خلال ٤٨ ساعة من إصدارها، وبذلك يحصل صاحب العقار على شهادة غير موجودة فى سجلات الحى، لكن بإمكانه تقديمها لأى جهة تطلب الاطلاع عليها.
وفى الخطوة الثالثة، يقوم المهندس المسئول باستخراج شهادة إتمام أعمال تساعده من التنصل والهروب من المسئولية، حيث يقوم بمخاطبة الحى بأنه تم الانتهاء من هذه الأعمال الخاصة بتقارير التربة وشهادة الإشراف، لكى يخلى مسئوليته بعيدًا عن المالك ويساعده فى إخلاء مسئولية اللجنة الفنية الخاصة بالحى التابع له الموقع، وهى غالبًا تكون نفس اللجنة التى تعاون معها من البداية فى شهادة الإشراف والتى لم تذهب من الأساس لإجراء المعاينة.
عند صدور أى مخالفة فى البناء سواء تتعلق بالمرافق أو غيرها يذهب المالك لأى جهة مسئولة ليلقى باللوم على المهندس المسئول عن عملية البناء، وعندها يجد مسئولو الحى أن المهندس ألغى شهادة الإشراف على التنفيذ بعد يومين من إصدارها، وهنا تأتى خطوة التلاعب الرابعة، وهى استخراج شهادة أخرى لصلاحية المبنى، وفى هذه الحالة يلجأ المالك إلى مهندس آخر بلا ضمير لإصدار شهادة صلاحية للمبنى حتى يستكمل المرافق، ويقوم المهندس بإصدار شهادة الصلاحية يؤكد فيها أن المبنى أمن عن طريق المعاينة الظاهرية فقط دون معاينة للأساسات.
يهدف المهندس الثانى إلى تأمين موقفه القانونى فى حالة حدوث انهيار للمبنى، ويلقى بالمسئولية فى رقبة المالك، لأنه يثبت من خلال معاينته أنها ظاهرية وأن الأساسات لا يقدر على رؤيتها أو معاينتها، فيما يضطر المالك لاستخراج الشهادة الخامسة فى حالة ظهور بعض الشروخ وهى شهادة تدعيم وترميم فى بعض الأجزاء بالمبنى، ويتم العمل بهذه الشهادة بناء على طلب المالك ليتم ترميم جميع الشروخ وتدعيم الأماكن التى تحتاج لإضافة أسياخ حديد وكتل خرسانية، والتلاعب فى هذه الشهادة غالبًا يكون باستدعاء مبيض محارة من جانب المالك ليخفى كل العيوب الموجودة بالعقار وهى تحتاج لتدعيم بالأسياخ والكتل الخرسانية وغياب المهندس المسئول على الإشراف أثناء التدعيم.
حصلت «البوابة» على مستندات تؤكد التلاعب بتراخيص البناء والهدم من خلال بعض المهندسين «الفهلوية» والملاك المخالفين، وتثبت المستندات التى بحوزتنا تضارب التقارير الهندسية الخاصة بالمبانى وتعلية الأدوار المتكررة وعدم تحمل أعمدة بعض المبانى لزيادة عدد الأدوار، وتتضارب التقارير بين اثنين من المهندسين، الأول أكد أن الأعمدة لا تتحمل إضافة أى أدوار للمبنى فيما تبين من خلال المستندات أن المالك أتى بمهندس آخر يتلاعب بالقرارات ويعطى الفرصة للمالك فى زيادة عدد الأدوار، وأبلغ سكان العقار على المالك بعد زيادة طابقين، وتبين أن المهندس الثانى تلاعب بالمالك وأخلى مسئوليته، عن طريق تغيير اسم الشهادات الهندسية بأنه تم عمل شهادة إشراف وليس تقريرًا استشاريًا هندسيًا مما أتاح للمهندس المسئول التهرب من المسئولية وإلقائها على المالك الذى استأجر هذا المهندس.
مهندسو المتاجرة بأرواح الناس
الحديث عن التزوير والتلاعب فى الشهادات فاق الحد، وأصبح من الصعب السيطرة عليه بسبب ضعف القوانين، فهذه الشهادات صادرة من النقابات الفرعية للمهندسين الأمر الذى يسىء لسمعة النقابة ومهندسيها ويجعلها طرفًا فى معادلة الفوضى، بسبب بعض المهندسين الذين يسعون إلى التربح بطرق ملتوية، مما يؤدى إلى إهدار المال العام من ناحية وإزهاق العشرات من الأرواح من ناحية أخرى. 
يتم التزوير والتلاعب بعدة طرق أولها يكون من خلال السجل الهندسى الخاص بكل مهندس، حيث يقوم بشطب بعض شهادات الإشراف على التنفيذ من سجله الهندسى بعد كتابتها واعتمادها دون أن تتم هذه الإجراءات بالطرق المتبعة من بريد ودفع رسوم الإلغاء، ما يؤدى إلى إهدار أموال النقابات ويقوم بعدها باعتماد شهادات إشراف جديدة من نقابة أخرى يتبع لها موقع جغرافى جديد لمحافظة مختلفة، وذلك خلاف التهرب الضريبى والذى يكون بمحاسبة المهندس ضريبيًا من خلال سجله الهندسى الخاص الذى يدون به جميع الأعمال الخاصة التى أشرف عليها.
يقوم بعض المهندسين المزورين أيضًا بالتلاعب عن طريق إزالة الألوان التى تم بها التوقيع، فيقوم بإزالة التوقيع باللون الأحمر عن طريق التوقيع عليه باللون الأزرق، فيما يتم التلاعب أيضًا من خلال تحويل بعض الشهادات على سبيل المثال من إتمام إشراف تنفيذ إلى إتمام إشراف تشطيبات، وهذا من أمثلة التزوير والتلاعب الذى يقوم به بعض المهندسين، كما أظهرت الأوراق تلاعب بعض المهندسين بأربع شهادات إشراف تنفيذ من خلال تغيير اللون من الأحمر إلى الأزرق، مع التزوير فى تاريخ اعتمادهم فى السجل الهندسى، وبهذه الطريقة يتم الخداع بوضع أربع شهادات أخرى مكانها.
المستندات التى بين أيدينا تكشف حالة انعدم فيها الضمير المهنى تمامًا تكاد تشبه حالات النصب، إذ قام أحد مهندسى الأحياء بناء على طلب سكان أحد العقارات بإصدار تقرير يفيد بأن المبنى غير آمن ولا يصلح للبناء عليه، وجاء فى التقرير أن المبنى به شروخ جسيمة ممتدة من الدور الأرضى حتى الدور السادس علوى وهو الدور الأخير، مؤكدا أن هذه الشروخ نافذة وأن بها أجزاء خرسانية منفصلة والأسياخ الحديدية ساقطة مما أحدث انفصالًا لها عن السقف بشرخ واضح فى بلاطة السقف، وكذلك الدراوى المطلة على الشارع بحالة سيئة، وأن كمرات السقف فى الدور الأرضى بها شروخ عميقة أفقية ورأسية وفصل واضح بالكفر الخرسانى، مما تسبب فى ظهور حديد التسليح والذى اعتلاه الصدأ.
وأفاد التقرير أن هذا يمثل خطورة شديدة على سكان العقار وأن منور العمارة من الدور الأرضى إلى الأخير متهالك بجميع أضلاعه الأربعة وبه شروخ نافذة فى الجدران نتيجة سوء الصرف الصحى، وأن سبب هذه الشروخ يرجع إلى التعديلات التى أجراها مالك العقار، حيث إنه قام بتكسير جدران الجراج وضمه للشقة المجاورة بالدور الأرضى وهذه التعديلات كانت إزالة حوائط الجراج وأنها حوائط حاملة الشقة بالدور الأرضى، وكذلك قام بتكسير خرسانة الأرضية دون اتخاذ أى إجراءات حماية، ما تسبب فى تصدع المبنى والشقق بالأدوار العلوية والواجهة الخلفية على الممر وإحداث عيوب كبيرة، ونتيجة لهذا التعديل وبالمخالفة قام بفتح باب للشقة على الواجهة الجانبية.
اللافت أن نفس المهندس كتب تقريرًا آخر عن نفس المبنى بعدها بثلاثة أشهر بالاتفاق هذه المرة مع المالك يقول فيه إن العقار وعناصره الإنشائية الحاملة والكشف على الأساسات طبيعية، وبمعاينة الرسومات الإنشائية للعقار تبين أن الهيكل الإنشائى وأساساته تسمح بأحمال الأعمال المطلوب الترخيص لها، شاملًا تحقيق معامل الأمان الكاف لمواجهة الكوارث الطبيعية والزلازل، طبقًا لأسس التصميم وشروط التنفيذ بالكود المصرى مع الالتزام بالرسومات الإنشائية السابق تقديمها للترخيص السابق، وهذا ما يؤكد تلاعب المهندس بالسكان والمالك لهدف التربح غير الشرعى والمتاجرة بأرواح السكان. بإبلاغ بعض السكان لجهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء والتابع لوزارة الإسكان بعدما تبين لهم أن المالك لديه النية فى زيادة الأحمال على العقار تم كشف أمر المهندس المرتشى، وأخطر الجهاز النقابة بإيقافه عن مزاولة المهنة بناء على التزوير الواضح من خلال التضارب فى التقارير الهندسية لمبنى واحد.
غياب المخططات التفصيلية للمدن
ويرى الدكتور أسامة حمدى، أستاذ هندسة الإنشاءات بجامعة عين شمس، رئيس جهاز التفتيش على البناء سابقًا، أن التلاعب فى تراخيص البناء والهدم سيستمر إن لم يحدث تعديل للقوانين، وإن التلاعب فى الإدارات الهندسية سببه الرئيسى عدم وجود مخططات تفصيلية معتمدة لمصر بأكملها، وإن هناك محافظات كاملة لم تكن بها مخططات تفصيلية أو استراتيجية وعدم وجود أحوزة عمرانية حتى الآن، وعدم وجود هذه المخططات يعنى أننا نفتح الباب الخلفى للتلاعب فى تراخيص البناء مما يؤدى إلى زيادة المخالفات، وبمقارنة المدن الجديدة بالقديمة نرى أنها لا توجد بها مخالفات تذكر، لأنه تم وضع التخطيط التفصيلى والاستراتيجى مسبقا، ما أدى إلى الترسيم العمرانى الجيد والتقليل فى مخالفات البناء بسبب أن كل قطعة أرض معروف اشتراطاتها البنائية وارتفاعاتها قبل الإنشاء، أما المدن القديمة والعشوائية وغيرها فعدم ترسيمها يتيح فرص التلاعب بإنشاءاتها.
وأكد حمدى أنه تم اعتماد أكثر من مخطط استراتيجى وتفصيلى لأكثر من مدينة بمحافظة كفر الشيخ، كما أنه تم اعتماد مخططات لبعض القرى أيضًا فى فترة توليه مسئولية المحافظة كى يقلل من التلاعب فى التراخيص على مستوى المحافظة، وعلى هذا المنوال إذا أردنا القضاء على التزوير فلا بد من اعتماد ترسيمها ووضع الشروط اللازمة لاشتراطاتها البنائية، وأنه فى حالة وجود حيز عمرانى معتمد لا يمكن البناء خارجه.
كما أشار إلى ضرورة قيام وزارة التنمية المحلية بتشديد الرقابة وتطبيق القوانين الرادعة تجاه المخالف فور وقوع المخالفة، وهيئة التخطيط العمرانى المنوط بها اعتماد المخططات الاستراتيجية، وهناك محافظات تم تخطيطها تفصيليا منذ ٢٠١٢ ولم يعتمد حتى الآن مثل محافظة أسوان، وشدد على ضرورة التخطيط والرقابة واعتماد قوانين جديدة لإيقاف مهازل التلاعب.
النقابة: لا نملك معاقبة المزورين
أكدت المهندسة منال سرى، مقرر لجنة مزاولة المهنة بنقابة المهندسين، أن التلاعب الأكبر يكون فى قرارات الهدم ويتم التضليل فيها من المهندس المسئول غالبًا من خلال تغيير العنوان عند المعاينة لحماية نفسه عند المساءلة، لأن هناك مبانى محظور هدمها مثل الفيلات أو القصور التى تمثل حقبة تاريخية أو طراز معمارى.
يساعد المهندس المالك بأن يقوم بخبط أسقف المنزل عدة خبطات كى يثبت أن العقار منهار، ولا بد من هدمه، وفى هذه الحالة يثبت المهندس أنه وجب إزالته بالالتفاف على قانون ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ الذى ينص على أن المبانى غير الآيلة للسقوط لا بد أن تكون لها شهادة تثبت أن المبنى خال من السكان، وليس عليه خلافات مستحقات لفواتير مرافق ولا نزاعات قضائية.
تم سن هذا القانون للحد من ظلم المالك للسكان أو افتراء السكان على المالك، لكن يلجأ المالك لمساعدة المهندس إذا كان المبنى فى مكان راق وغير آيل للسقوط، ولكنه لا يتخطى أربعة أدوار، وكل البنايات حوله أبراج ولدى المالك النية فى إقامة برج وعنده سكان لم يسمحوا بإزالة العقار لأنه سيضطر لإخلاء المبنى قبل الهدم، فبالتالى سمح لهم هذا القانون بالتفاوض مع صاحب العقار حتى يقوم بالهدم والبناء مرة أخرى.
كما أن المهندس لديه طريقة للعب مع المالك ضد السكان بقرار إزالة لسطح الأرض، لأن العقار منهار طبقًا للقانون ١١٩ الذى يدمج ما بين قانونين، ليفيد المالك وهو لا ينطبق عليه القانون، وهنا صاحب العقار يمتلك الورقة التى تكون بمثابة سلاح ضد السكان فى حالة شكواهم، والنقابة لديها كشوف بعناوين هذه المبانى، ويتلاعب مهندس الجهة الإدارية بإغفال العنوان وتغييره حتى يمرر القرار، كما أن هناك نوعية أخرى مثل إصدار الرخصة لصاحب الأرض دون المعاينة على الطبيعة، ويتركه يعمل مع مقاول بدون أن يشرف على البناء، وبهذا يضطر المهندس غالبًا لتزييف المكان على الطبيعة لأنه لم يره.
وأكدت «سرى» أن نقابة المهندسين لا تستطيع محاسبة المهندس المزور، إلا إذا ثبت من خلال التحقيقات أنه تلاعب أو قام بتزوير شيئ، لأن النقابة ليس لديها الصلاحية أن تفتش على المهندسين، لأن الذى يحاسب المهندسين هى الجهة الإدارية، متمثلة فى جهاز التفتيش الفنى على البناء بوزارة الإسكان، وقانون الإدارة المحلية، المتمثل فى وزارة التنمية المحلية، وهما فقط اللذان لهما الحق فى الرقابة والحساب، ودور النقابة يتمثل فى الإيقاف عن مزاولة المهنة بإخطار من جهة التفتيش.
أخطر مرحلة فى مراحل تنفيذ الترخيص هى عملية الحفر والأساسات لأن المبنى الذى لم يكن له ترخيص من الأساس لم يكن له ملف أو بيان بالنقابة، ومخالفاته غالبًا ما تكون على المالك والمقاول، والحى يتهرب منه بسهولة، أما الذى له ترخيص ملفه موجود بالنقابة، ودور النقابة ومزاولة المهنة فى معرفة المهندس الذى أشرف على أعمال البناء، وماذا كان دوره فى حماية الجار عند المعاينة وطريقة الحفر التى تستخدم لبناء الأساسات، وما يحدث فى أغلب التراخيص والخلل فى المبانى أو المبانى المجاورة يثبت عدم وجود المهندس من الأساس، وأنه قام ببيع الشهادة للمالك دون إشراف على التنفيذ، وتقوم مزاولة المهنة حاليًا بعمل ضوابط للحد من هذه المخالفات بتعديل جميع شهادات الإشراف.
هذه الضوابط أحدثت قلقًا بين المهندسين بسبب كشف ألاعيبهم، لأنها تجعل المهندس يعلم أنه عند المخالفة سيتحمل المسئولية كاملة بجانب مواد العقوبات التى تم إيضاحها فى الشهادة، وأن من يتعامل باستهتار فى حق اسمه ومهنته لا بد من معاقبته بأقصى العقوبات، ولا بد من أن يكون كل مهندس حريصًا على اسمه ولا يجعله للبيع.
ألقت «سرى» بالمسئولية على ضعف القوانين الخاصة بالبناء وتعميمها على كل المناطق، وطالبت بوضع القوانين على حسب طبيعة كل منطقة بسمات سكانها، بدليل أن المدن الجديدة لم تكن بها مخالفات لسببين، أولهما أنه عندما بدأ التخطيط لهذه المدن كان على أرض فضاء، وبالتالى تم التحكم فى بناء المدينة من البداية، ثانيهما سهولة عمل ضوابط بالأبعاد والمسطحات، مشيرة إلى أن القانون الموحد له دور فى تلاعب المالك والذى يضطر بسببه إلى اللجوء للطرق غير الشرعية، ويقوم بإقناعه المهندس بأن آخرها محضر تصالح، بدل تعقيد الإجراءات التى لا تفيد بشيء.
سلطات التفتيش: أيدينا مغلولة 
من جانبه، أكد المهندس عادل مرسى، من إدارة التنظيم والبناء بحى الوراق، أن قانون البناء يحظر إقامة أى منشآت أو تعليتها أو تعديلها دون الحصول على ترخيص، وأن حدود المسئوليات فى مخالفات البناء تقع على الجهات الإدارية التابعة للأحياء ووزارة التنمية المحلية، ثم إدارة التفتيش على البناء التابعة لوزارة الإسكان، ومن الناحية التطبيقية الفعلية لا يستطيع مهندس الجهة الإدارية ولا فرق من المهندسين منع المخالف من البناء، لأنه يقوم بالبناء ليلًا، وما على هذه الجهات غير إنذاره وعمل محضر مخالفة، ولا يستطيع الهدم إلا بقوة من الداخلية، وبمجرد وجود ساكن فى الطابق الأخير لن يجرؤ أحد على الهدم، والمحاضر تتحول إلى مصالحات، ولا نجد آلية لتنفيذ هذا الحظر إلا عن طريق محاضر المخالفات التى لا تجدى شيئًا بعد إقامة المبنى وتسكينه.
وأشار «مرسى» إلى أن المهندس عند المساءلة يتنصل من المبانى المخالفة بمحاضر المخالفات والإزالة التى أعدها الحى، وأنه حتى إن جاءت قوة لتنفيذ الإزالة فى المواقع المخالفة يقوم بعمل كسور فى كل سقف، ويقوم المخالف بترميمها لاحقًا، لأنه إذا قامت القوات بالإزالة الكاملة لا بد من وجود معدات ثقيلة ومراعاة الجار وغير ذلم من أمور، وأنه فى هذه الحالة إزالة المبنى الواحد سيكون فى أكثر من أسبوع.
كما أن سلطات التفتيش على المهندس الإدارى تتلخص فى جهات تحقيق فقط وإبلاغ النقابة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهه، وأن الجهات المسئولة عن المراقبة والتأكد من صحة البناء والتراخيص هى أولًا الجهة الإدارية التى أصدرت الترخيص، أما إن كان هناك تشكك من الجار وقام بشكوى مهندس الجهة الإدارية لتواطئه مع المالك هنا تدخل الجهة الثانية وهى جهاز التفتيش الفنى، ويقول بعمل معاينة للموقع بعد فحص الشكوى، وهناك أطراف أخرى مثل مديريات الإسكان والمكاتب الهندسية بالمحافظات وكلها جهات مراقبة ومسئولة عن صحة البناء.
ويؤكد مرسى أن كثرة الجهات المراقبة سبب رئيسى فى خرق القوانين وزيادة التلاعب، لأن الاجتهادات ووجهات النظر بين الجهات وبعضها يختلف فى الآراء حسب طريقتها فى العمل، مما يحدث تناقضًا بينها، ويعطى الفرصة لتهرب المالك من بعض المخالفات، وأن هناك جهة توافق على حالة وتكون الأخرى غير موافقة، والمالك يحتاج إلى موافقة جهة واحدة من الأربع فيذهب للجهة التى تفيده فى إنجاز تراخيصه، وبهذه الطريقة يفلت المخالف بسبب اختلاف وجهات النظر من جهة لأخرى، وأن المخالف غالبًا يكون متفقًا مع الجهة التى تقوم بتخليص أوراقه مسبقًا.
مهندسون يكشفون طرق التحايل
يرى المهندس بشرى زكى، مدير قسم التنظيم والرخص بحى حدائق القبة، أن طرق التلاعب فى هذه القرارات تتم من خلال عدم نزول اللجنة من الأساس، أو نزولها على منزل آخر فى محاولة لإخلاء مسئوليتها عند شكوى أحد المتضررين من الإزالة لنقابة المهندسين أو الجهات المختصة.
عند الشكوى تقوم النقابة بتشكيل لجنة للتحقق منها لتحويل من قاموا باللجنة السابقة للتحقيقات ولجنة التأديب، وطريقة زيارة أو معاينة منزل آخر تساعده فى تضليل النقابة، ويرجع الأمر على المالك، أما إذا لم يذهب للمعاينة من الأساس فلجنة التأديب تعاقبه بإيقاف مزاولة المهنة للتراخى، وعدم التأكد من صحة الترخيص مع توجيه تهمة التضامن مع المالك فى إزالة البناء دون مراعاة حق السكن وحق الجار، وعلى الساكن أو المتضرر من الإزالة الرجوع للجهات المختصة فى خلال ٣٠ يومًا من صدور القرار، أو من بداية إبلاغه من المالك بإخلاء العقار للهدم، أما فى حالة الهدم بدون وجود لجنة مختصة لا تتم العقوبة إلا عند الإبلاغ وثبوت الواقعة.
الطرق السليمة التى تتبع لاستخراج تراخيص إزالة أو بناء تبدأ بتقديم طلب من المالك للحى التابع له، وينشئ له رقم فى السجلات، وثانيًا يتم المعاينة من الحى وعرض المعاينة على لجنة المنشآت الآيلة للسقوط، ولا بد من وجود مهندس استشارى فى اللجنة، وبعدها يحدد إذا كان قرار هدم وإزالة أو ترميم وتدعيم أو هدم جزء وترميم جزء.
وأكد «زكى» أنه سيتم تعديل القوانين فى الأيام المقبلة، وسيتم العمل بها، وأنه لا يتم إلغاء شهادات الإشراف إلا بطرق محددة، وذلك للحد من إيقاف التلاعب بها من قبل بعض المهندسين، وهى أولًا أن يتم توجيه خطاب للمالك من قبل المهندس عن طريق البريد بجواب رسمى بإخطار علم الوصول، وخطاب آخر للحى التابع له المشروع، وصدور قرار من الحى التابع له أنه وجب الإلغاء للشهادة قبل أن يعتمد شهادة أخرى، مشيرًا إلى أنه لا يجوز للمهندس صاحب الخبرة أقل من ٧ سنوات أن يساعد فى الإشراف على أكثر من ٥ مشروعات خلال ٦٠ يومًا، حتى يتم إلغاء شهادة الإشراف الدائم التنفيذ بعد هذه المدة، لكى يستخرج أخرى للقيام بالعمل فى مشاريع جديدة.
الدكتور حمدى عرفة، خبير التنمية المحلية، أكد أن قانون ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ هو الفيصل فى بناء أى منشأة داخل جمهورية مصر العربية، ويؤكد هذا القانون أنه لا بد أن يمر صاحب المنشأة على ٧ جهات حتى تتم الموافقة للبناء وهى الاتصالات والطرق والكبارى والإسكان والتنمية المحلية والداخلية ممثلة فى الدفاع المدنى والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة المراقب من المالية وهيئة الرقابة الإدارية، وما يحدث نتيجة تعدد الجهات المختصة لتراخيص البناء والهدم هو ما يتيح فرص التلاعب، كما أن هذا القانون يشوبه كثير من الأخطاء.
وأشار «عرفة» إلى أن الإحصائيات تقول إن ٩٢٪ من العاملين بالإدارات الهندسية للتراخيص فى الوحدات المحلية حاصلون على مؤهلات متوسطة، تجارة وصناعة، وليس الهندسة، واضطرت المحليات للاستعانة بالمهندسين من خارج المحليات لعمل بعض الرسومات الهندسية، ويمضى عليها موظفو الدبلومات، وأن التلاعب يحدث فى جميع المحافظات من خلال هذه الطرق، بجانب أن القانون يؤكد على أى مالك بناء ٨٠٪ فقط من مساحة الأرض فى جميع أنحاء الجمهورية، وبذلك نكون أمام ٩٩٪ من المبانى مخالفة، لأنه ما يحدث عكس ذلك، وأنه منذ ٢٠١٠ حظر القانون بناء أكثر من ٦ أدوار بالدور الأرضى، ما يعنى أن أى مبنى تم بناء أى أدوار فوق السادس يكون مخالفًا فى جميع أنحاء الجمهورية، حتى وإن كان فى شوارع واسعة، وهذا بسبب القوانين.
كما يرى خبير التنمية المحلية أن الأحياء والمراكز والمدن بها أكثر من ٦٠٠٠ قيادة فاسدة، وتساعد فى تضليل الدولة، واصفًا إياها بأنها عصابات إدارية تتكون من رؤساء الأحياء والمستشارين القانونيين والإدارات الهندسية للإدارات المحلية، ويتقاسمون الرشاوى فيما بينهم، مطالبًا بمنح الضبطية القضائية لـ٦ وزارات لكى تفتش على الإدارات الهندسية، حيث إن هذه الجهات تقوم على الشللية التى تقف عائقًا أمام أى وزير للتنمية المحلية فى حالة تطهيرها منهم، كما أن مشكلة التطهير تحتاج تفعيل قوانين أخرى للبناء تكون أكثر وضوحًا من حيث العقوبات وتطبيقها، لأن قانون البناء الموحد الذى تم تشريعه عام ٢٠٠٨ علاوة على التشريعات الحالية المتعلقة بقوانين الإدارة المحلية بها ثغرات عديدة، تؤدى إلى وجود فساد من جميع الأطراف.
عقوبات غير رادعة للمخالفين
كما أكد عمرو إسماعيل، مدير الشئون القانونية بنقابة المهندسين، أن المهندس المتلاعب بتراخيص الهدم والبناء يعاقب بالنصوص القانونية حسب المادتين ٥٨ و٦٠ من قانون ٦٦ لسنة ١٩٧٤ الخاص بإنشاء نقابة المهندسين، وتقول الأولى «يحاكم أمام الهيئات التأديبية للنقابة الأعضاء الذين يرتكبون أمورًا مخلة بشرفهم أو ماسة بكرامة المهنة أو يهملون فى تأدية واجباتهم، أما الأعضاء العاملون بالجهاز الإدارى للدولة والقطاع العام والهيئات العامة والوحدات التابعة لها فلا يحاكمون أمام هذه الهيئات التأديبية إلا فيما يقع منهم بسبب مزاولة المهنة خارج أعمال وظائفهم»، كما تقضى لإحالة المخالف لمجلس تأديب ومعاقبته عن الفعل المسند إليه متى ثبت صحة هذا الاتهام، وقد تصل العقوبة كما تؤكد المادة ٦٠ إلى الشطب وإسقاط عضوية المهندس من جداول مزاولة المهنة بالنقابة فى حالة تضخم المخالفة أو تعدد المخالفات على نفس العضو.
العقوبة تبدأ بلفت النظر إذا كانت مخالفة بسيطة، ولم تترتب عليها أضرار بآخرين أو خسائر فى الأرواح، ثم تتصاعد العقوبة مع تكرار المخالفة بالإيقاف مدة لا تتجاوز سنة وتعليق عضويته، وإن تم التجاوز يتم شطبه ومحو اسمه من نقابة المهندسين، وأضاف أن النقابة تحقق شهريًا تقريبًا فيما بين ٨ إلى ٣٠ مخالفة لشهادات مضروبة من مهندسين، الناتجة عن خلافات بين المالك والمهندس، أو بلاغات من متضررين، وأن هذه المخالفات تأتى إلى النقابة من الجهات الرقابية مثل جهاز التفتيش الفنى على البناء والإدارات الهندسية بالأحياء، على أن تعلن هذه القرارات التأديبية إلى المحكوم عليه بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول خلال ١٠ أيام من تاريخ صدورها، و«يقوم مقام الإعلان تسليم ضده هذه القرارات لم صدرت ضده بإيصال كتابى خلال أسبوع» كما جاء فى المادة ٦٩، بالإضافة إلى تبليغ القرارات التأديبية النهائية التى اتخذتها النقابة إلى الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية والعامة والخاصة التابع لها، بحسب ما جاء فى المادة ٧٠ من قانون ٦٦ لسنة ١٩٧٤ ومواده التأديبية داخل النقابة.
كما أكد مدحت بركات، المحامى، أن العقوبات التى يفرضها القانون على المخالف رادعة، ولكن مساعدة مهندسى الأحياء والسماسرة بالتلاعب من خلال بعض الثغرات هو ما يفلتهم من العقوبة وتصبح غرامة مصالحة، حيث إن المادة ١٢ من قانون ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ تؤكد على عقوبة كل من هدم كليًا أو جزئيًا سواء لمبنى أو منشأة بمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه، ولا تزيد على ٥ ملايين جنيه، كما يترتب على هدم المبنى أو المنشأة عدم جواز البناء على هذه الأرض لمدة لا تقل عن ١٥ عامًا إلا فى حدود المساحة والارتفاع التى كانا عليها قبل الهدم وذلك دون الإخلال بما تحدده اشتراطات البناء من مساحات وارتفاعات أقل.
ويجب الحكم بشطب اسم المهندس أو المقاول المحكوم عليه من سجلات نقابة المهندسين والاتحاد المصرى لمقاولى البناء والتشييد بمدة لا تزيد على سنتين، إذا كانت أول مخالفة له، ولا تقل عن سنتين فى حال إن كانت له مخالفات سابقة، ويعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ٢٠ ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدم أو شرع فى هدم مبنى أو منشأة.
كما أكدت المادة ١٣ من نفس القانون على عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات، أو أى قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ١٠ آلاف جنيه، ولا تتجاوز ١٠٠ ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عمومى مختص أخل عمدًا بواجبات وظيفته، مما ترتب عليه وقوع إحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون أو اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة فى شأنها، وذلك فضلًا عن الحكم بالعزل من الوظيفة مدة مساوية لمدة الحبس.
وهذا مع تطبيق مواد العقوبات التى يشير إليها قانون ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ مع تطبيق العقوبة الأشد على المخالف، حيث تشير المادة ٩٨ إلى عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها القانون أو أى قانون آخر، كما تشير المادة ١٠٣ إلى معاقبة المهندس أو الشخص المسئول فى المكتب الهندسى القائم بأعمال الاعتماد على مخالفته لأحكام المواد (٤١، ٤٢، ٤٦، ٦٢ فقرة أولي) من هذا القانون بالحبس وغرامة لا تقل عن ٥٪ من قيمة الأعمال المرخص بها، ولا تزيد على ١٠٪ وذلك بحد أدنى ٥٠ ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين مع إزالة المخالفة وتصحيح الأعمال على نفقة المخالف وتتعدد العقوبات بتعدد المخالفات.
وفى حالة العودة، تكون العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على ٥ سنوات، ومثل الغرامة المشار إليها فى السابق، مع شطب المهندس من سجلات نقابة المهندسين أو المكتب الهندسى الذى ارتكب المخالفة، كما أنه إذا ترتب على المخالفة وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص بإصابات نشأت عنها عاهة مستديمة تكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ١٠ سنوات، فضلًا عن الغرامة بحديها الأدنى والأقصى وهذا ما تنص عليه المادة ١٠٥ عقوبات.