البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

يطلق ألبومه الأول "دور ملعوب"

قرار إزالة.. مزيكا تهد حيطان الكبت

البوابة نيوز

"أنا الكافر في كل شريعة رفضاني، أنا المقتول وأنا الجاني، أنا المسحول بأحلامي".. ربما لن تمر عليك مثل هذه الكلمات إلا وتقول في سرك "يااااه سمعتها قبل كده"، كلمات عبرت بدون مبالغة عن نفسك وتفكيرك في فترة من الفترات، اتخذت بضع تعبيراتها بمثابة ثورة كلامية على الظلم والاستبداد، كسرت جدار الصمت الإجباري بشمروخ "الثورة"، لينير بكلمة "الحرية" ظلام "الكبت" والانخراس، نفخت روح التجسيد الواقعي للشارع المصري بتقلباته السياسية خاصة والاجتماعية بشكل عام بين سطور معانيها، فيكفي بريق "أنا محنيش جبيني غير لرب الخلق، ولا بالحرق ولا بالشنق، أموت والجنة عنواني".

كالنار في الهشيم انتشرت أغنية "أنا الكافر" بين ربوع السوشيال ميديا، عبرت عن فكرة الثورية ولاقت تعابيرها على كل شهيد يسقط ضحية "أمل"، في فترة حرجة من عمر "الثورة" السياسي، بعد اشتعال فتيلها الأول، وانطفائه بتخبطات الرؤى وانانية الفكر لكل "جماعة" وحزب، فترة انتقالية مرت بها أم الدنيا بعد زلزال يناير الذي أطح بنظام استبدادي تفشى بجذوره لأعماق البنية التحتية "الفكرية"، خرجت من مضيق و"لبست" في حيط جماعة طمعت في كرسي وضيعت بلد، ومن بعدها جاء تابع زلزالي أطاح بالكرسي ومن عليه، ودخلت البلاد في منعطف تاريخي بحكم مختلف، نال تأييدًا مطلقًا من كافة الجهات الشعبية، حتى وصل هو الآخر في وقتنا الحالي إلى "حيطة سد"، لا منه تقدم ملحوظ، ولا "ظلم" قد خف، ولا "اختلاف" قد حدث قبل سنوات الثورة الضائعة.


"كفرت بكل أوثانهم، ومات الخوف على هتافي"، ربما أصبحت معانيها مجرد ذكرى قد مضت، عن حلم "كان ومبقاش"، لكنها ببساطة كانت كافية لحفر اسم "قرار إزالة" في ذاكرة الجمهور المستمع، سواء من سمعها صدفة، أو "شيرها" تعبيرًا عن قضية معينة، أغنية ذاعت صيت الباند السكندري، المنطلق من شاطئ العاصمة الثانية منذ قرابة العامين، فريق موسيقي مستقل اتخذ من مزيكا الروك وقوتها أداة لإيصال المعنى المطلوب والحالة المتخفية بين خفايا الكلمات الجريئة، صنف كثيرًا كباند سياسي، يكسر حواجز "الخطوط الحمراء"، بجرأة واحترافية في التناول، وخلق "حالة" سماعية تثير بعمقها أدرينالين الحماسة في الآذان، لا تمل من سماعها، ولا تستطيع منع نفسك من "عيش" ذكريات المقصود بكلماتها الثورية.


قرار إزالة أحد علامات المزيكا المستقلة ومجال الأندرجراوند في الإسكندرية، مشوار قصير في عمره الرسمي لفكرة تخطت بحلمها سنوات طوال، حلم طارد أفكار الفنان ياسين محجوب، منذ قرابة ست سنوات، تكوين باند موسيقي يتناول موضوعات الحياة اليومية ومشاكلها بشكل مختلف عن السائد وقتها في مجال المزيكا بين الروتين والتكرار والرومانسية "الهايفة"، بين متشابهات الأداء وركاكة الكلمات، تكوين "فكرة" مزيكا جريئة تزيل بمحتواها الكلامي والموسيقي حدود "الخوف" والسكوت عن الظلم بمختلف أنواعه، مر في البداية بمراحل انتقالية متعددة، فمن مجرد "قعدة" مزيكا في كلية الحقوق بجامعة إسكندرية، إلى باند "طابع بريد"، مرورًا بفريق "ع الرصيف" و"على ورقة"، وصولًا للشكل النهائي لـ "قرار إزالة"، يقول: "الفكرة اتطورت مع الوقت، بس فضلت الآخر لوحدي وكملت"، تنقل بين عدة تكوينات وتجمعات، لم يصيبها النجاح والاستمرارية لانشغال أعضائها بالحياة ومشاغلها، ولكنه أصر أن يكمل المشوار "وحيدًا"، ويخلق حالة مزيكا بطابع موسيقي عنيف قليلًا بمسار الروك.


قرار إزالة لم يكن كيانًا مستقرًا في البداية، فكل فترة تجد دماء الأعضاء تم تجديدها بأناس جدد، فمنهم من يدخل ويرحل بعدها، ومنهم من لم يقتنع بالمبدأ العام للفكرة، وبين تقلبات البروفات وصعوبة التسجيل والإنتاج، ومرت الشهور، حتى ظهر للنور أولى بشائر المشروع، بأغنية "بتسألوا على إيه"، والتي مثلت مرحلة فارقة في رحلة الباند الفنية، ونالوا بها المراكز الأولى في إحدى المسابقات الموسيقية تبعًا لشركة "ريدبل" على مستوى الشرق الأوسط، ولفتت إليهم الانتباه بقوة تعابيرها "لما نعوم في بحور الطينة، ونجدف بعروق الصبر، ونشاور عاللي يرضينا، تكون حرية تمنها قبر"، ليتخذوا منذ وقتها نهج الجرأة طريقًا لهم، واختاروا اسم "قرار إزالة"، ليعبر عن رؤية الباند الخاصة، برفض كل ظلم أيًا كان، سياسي أو اجتماعي، يعطي بالمزيكا قرار إزالة "لكل حاجة مش تمام"،  ليحين الوقت بعدها لميلاد جنين غنائي غير اعتيادي غير مسار الباند إلى الانتشار والشهرة بشكل أوسع عبر أغنية "أنا الكافر".


تراكات قرار إزالة قليلة إلى حد ما، نظرًا للصعوبات الإنتاجية التي واجهتم في التسجيل باعتباره باند "مستقل"، لكن هذا لم يمنع ياسين من الاستمرار وراء الحلم، واستقر مؤخرًا على الشكل النهائي للفريق في صورته الأخيرة، مع الدرامر محمد عبدالرازق، والليد جيتاريست بلال نوارسة، ومصطفى ضيف، والباص عمر عادل، والكيبورديست والفوكال أحمد حمدي، ويضع حاليًا لمساته الختامية على أول ألبوماته الغنائية الرسمية "دور ملعوب"، والذي من المقرر ظهوره للنور مع نهاية العام الحالي، ويقدم خلاصة تجارب سنوات من المزيكا و"السحلة" و"تنوع الرؤى"، التي مر خلالها الباند منذ وضع ياسين محجوب حجر أساسه.


"دور ملعوب" ربما يعبر بفحواه الغريب عن المعنى المقصود منه، يجسد بكل بساطة الحالة العامة التي نعيشها في وقتنا الحالي، باعتبارنا مجرد أدوات "بيتلعب بينا"، لصالح "مصالح" أعلى، بمثابة ماريونت مقيدين بخيوط الوطنية والثورية والمؤامرات الخارجية، نصعد سلم الحرية لأعلى درجة، و"نتكعبل" من فوق إلى سابع أرض، لن يبتعد فيه قرار إزالة عن الجرأة في التناول للمواضيع الحرجة، ربما تظهر بشكل "كنايات" بين السطور، وبمحتوى موسيقي مختلف كل الاختلاف عن السابق، يضم الألبوم 9 تراكات لم تظهر للنور من قبل، لعبت بعضها في حفلات "لايف"، ومنها من يعيد الباند إلى الجمهور بشكل جديد، مثل "مش مشكلتي"، و"حاجات بتعيش" و"امشي في سكات"، ألبوم منتظر من باند جرئ، يعبر عن الواقع بطريقة احترافية في المحتوى، من المقرر إطلاقه بشكل رسمي باحتفالية كبرى في مكتبة الإسكندرية مطلع ديسمبر المقبل، ويليه من بعدها بسلسة من الحفلات.

 إن تجرب بعد سماع قرار إزالة، فعليك أخذ جولة سريعة بين "بتسألوا على إيه" و"أول امبارح"، وانتظر أن تسمع "حالة" مختلفة تمامًا للمزيكا مع "دور ملعوب"، بالتأكيد ستجد ما يعبر عن "كبتك" السياسي بين سطور كلمات الباند، "لما حدود الديكتاتورية زي ماهي بنفس اليأس، ولما البيه يتدفى بكاس، وفقيرك يتدفى بعدس".