الأحد 02 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

المرضى النفسيون في مصر "كم مهمل".. مستشفى العباسية "الدخول بـ"الواسطة".. الخانكة ترفع شعار "الداخل مفقود والخارج مولود".. والمختصون: نحتاج لممرضين وأخصائيين اجتماعيين مؤهلين

المرضى النفسيون في
المرضى النفسيون في مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تزال مقولة "الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود" الشهيرة التي نطلقها على نزلاء مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية كالعباسية والخانكة صحيحة إلى حد بعيد بحسب تأكيد خبراء الطب النفسي في مصر، والذين يرون أن مستشفيات العلاج النفسي تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة لاحتواء الحالات المتزايدة حتى بات دخولها يحتاج إلى واسطة، كبيرة بسبب عدم وجود عنابر وأسرة كافية، وعدم تعيين ممرضين وأخصائيين نفسيين على خبرة وكفاءة تتناسب مع طبيعة المريض النفسي، والذي ينظر إليه المجتمع والحكومة على أنه "كم مهمل".
"د. محمد المهدي الخبير النفسي وأستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، بدأ حديثه عن واقع الأمراض النفسية في مصر قائلا إن60% من الحالات النفسية هي حالات عرضية، أي نتيجة لضغوط وظروف حياتية أو أحداث تنعكس على الشخص المريض في صورة قلق أو اضطرابات، وتأخذ فترة من الزمن وتظهر في شكل تغيرات في سلوكه ثم تمر ويتماسك ويعود الشخص المريض إلى حالته الطبيعية، وهناك حالات أخرى تطول فترتها ويتجاوز علاجها على مدى أطول من 6 أشهر في كل علاج نفسي على جلسات، وهناك أيضا حالات تأخذ شكل نوبات أطول مثل الاضطراب الوجداني وأعراض القلق والاكتئاب.

وبين أستاذ الطب النفسي أن هناك أيضا الأمراض الموسمية التي تكون في دخول فصل الربيع أو الخريف في شكل هوس أو اكتئاب وتحتاج إلى علاج مكثف في وقت النوبة لمدة 3 أشهر بعد النوبة، ويتطلب من المريض الاستمرار في العلاج، وهناك علاج وقائي يتطلب الاستمرار لمدة سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، وهناك حالات أخرى تتطلب علاج مستمر في حال إصابة المريض بالسكر أو الضغط.
وأوضح الخبير النفسي أن تكلفة العلاج النفسي مقارنة بتخصصات أخرى خصوصا في العيادات الخارجية هي أقل من تخصصات مثل العظام أو الأعصاب، إلا إذا استمر المرض لفترات طويلة، ففي تلك الظروف يكون المريض محتاجا إلى ميزانية خاصة، نافيا أن تكون "فزيتة" الكشف عند الأطباء النفسيين مرتفعة إلا عند الأطباء المشهورين "النجوم"، وهؤلاء من لا تقدر الطبقة الفقيرة على تكلفة العلاج لديهم.


وأشار د. "المهدي" إلى أن المشكلة في الطب النفسي ومواجهة الحالات الموجودة في مصر يكمن في أن المستشفيات المتاحة للعلاج قليلة جدا، ومقتصرة على مستشفى العباسية ومستشفى الخانكة، وهاتين لا تكفيا عدد الحالات مما يجعل أحيانا إدارتهما تقوم بإخراج بعض الحالات لإيجاد مكان وأسرة لمرضى آخرين، إضافة إلى أن اقبال المرضى من القرى إلى المستشفيات في المدن يسبب ضغط على إمكانيات تلك المستشفيات في الوقت التي تعاني في الأساس من سوء الحال وتدني الخدمات والعلاج.
واتفق د. "يسري عبد المحسن" خبير الطب النفسي وأستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، مع رأي سابقه في أن وضع الطب النفسي في مصر في معضلة حقيقة حيث يعاني المرضى النفسيين من قلة عدد المستشفيات المتاحة وتفتح أبوابها للبسطاء، مؤكدا أن العلاج في المستشفيات العامة مثل الخانكة بات من الصعوبة بمكان أن يجد المريض لنفسه سرير، ويحتاج لواسطة وهو نفس حال مستشفى العباسية، بسبب قلة عدد الأسرة مقارنة بعدد الحالات التي تعرض عليها، وأن المريض يتعرض للإهمال سواء من الهيئة الطبية داخل المستشفى أو من حيث قلة أعداد الممرضين اللازمين لكل حالة وتدريبهم على المستوى اللازم، ما يساعد في تسريع العلاج وظهور نتائجه بشكل فعال على المريض.
وأكد "عبد المحسن" أن المقولة الشهيرة عن مستشفيات الأمراض النفسية "الداخل مفقود والخارج مولود" صحيحة بسبب سوء أوضاعها وعدم توفر ميزانيات للتطوير والتوسعة، فيوجد في مستشفى الخانكة إهدار للمال العام، وعدم استغلالها لمساحة تزيد عن 30 فدانا يمكن بناء أقسام إضافية للمرضى.


وطالب أستاذ الطب بجامعة القاهرة، بمزيد من التطوير في الخدمة النفسية داخل المستشفيات العامة والتي تعتبر الملجأ الأخير أمام المرضى البسطاء الذين لا يقدرون على تكاليف العلاج في المصحات الخاصة، وهذا التطوير يتمثل في زيادة أعداد الممرضين مع كل حالة لصعوبة المرض النفسي، مما قد يتطلب أكثر من ممرض مع الحالة الواحدة لرعايتها خاصة أن بعض المرضى لا يستطيع الاعتماد على نفسه في أبسط ممارسات حياته، إضافة إلى الاستعانة بمزيد من الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين من خريجي كليات الأداب، مستنكرا اعتبار المجتمع والحكومة للمريض النفسي "كم مهمل".