الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الانتخابات الرئاسية في عصر الإنترنت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توجد ثمة علاقة بين وسائل الإعلام الجديد ورأس المال الانتخابى، حيث تسعى حملات الدعاية الانتخابية لإيجاد اتصال مباشر بين المرشح والجمهور المستهدف من الحملة، مما يسهم في وصول الرسائل بشكل واضح ويحقق أهداف العملية الاتصالية ويأتي بنتائج إيجابية.
 ومن الواضح أن التحول الكبير نحو استخدام المرشحين لمواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في حملات الدعاية الانتخابية بهدف التواصل مع ناخبيهم والتعريف ببرامجهم الانتخابية ومدى قدرتهم على خدمتهم بشكل أفضل هو تحول منطقي، ولعل هذا التحول ناجم عن الارتفاع الكبير في نسبة استخدام أجهزة الحاسب الآلى والهواتف الذكية وسرعة النفاذ للإنترنت من خلال استخدام تقنيات متقدمة.
ولجأ المرشحون إلى الإنترنت نظرًا لتأثيرها الكبير وارتفاع عدد مستخدميها في الآونة الأخيرة، كما أنها تتميز بقدرتها على الوصول للناخب في أي وقت وعدم إلزام جميع الناخبين بالتواجد في وقت واحد، كما أن هذه الوسيلة تضيف بعضًا من الخصوصية على العلاقة ما بين المرشح والناخب، وانخفاض تكلفة استخدام مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يجعلها وسائل اتصال شعبية، فهي لا تحتاج إلى ميزانيات ضخمة مقارنة بوسائل الاتصال التقليدية الأخرى مثل المخيمات وقاعات الاحتفالات، الأمر الذي رفع من نسبة استخدامها بين المرشحين بشكل كبير كما هو الحادث فى الانتخابات المصرية الرئاسية الحالية.
وقد انتشرت الهاشتاجات الساخرة من السباق إلى قصر الاتحادية بالحصان والذى يمثل الامتداد العربى، والدراجة تمثل الامتداد الإقليمى والدولى، حيث امتد الجدال إلى نوع الدراجة وثمنها وضروة التقشف وبين ركوب المرشح على عجلة الإنتاج، في حين أثنت التعليقات على القرب من الشعب وعلى الجانب الآخر نجد بيع بطاقات السيسي بقطارات المترو وصور المرشح بالطرقات، والدعاية للمرشح على عربات الخيل وأنغام المزمار، ورفع سعر الدقيقة للإعلان على التليفزيون لـ300 ألف جنيه أثناء حوار السيسي مع لميس الحديدي وإبراهيم عيسى. وفى السياق ذاته، تواصل المشير "السيسي" مع آلاف المواطنين عبر هاشتاج "تحيا مصر"، حيث شاركه 120 ألف زائر فى أول 15 دقيقة، وهو الهاشتاج الذي تفوق بشدة على هاشتاج حملة حمدين صباحي "هنكمل حلمنا".
على الجانب الآخر تلقى الحملات الإلكترونية اهتمامًا كبيرًا من المرشحين فى الانتخابات الرئاسية نظرًا لصعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وللمزايا التى توفرها فى خدمة الدعاية الانتخابية ولطبيعة الفئة الانتخابية المستهدفة من الشباب، ويرتبط نجاح الحملات الإلكترونية فى التأثير فى الناخب بقدرتها على الانتقال من الطابع الإلكترونى إلى أرض الواقع فى شكل فعاليات انتخابية موازية، ومخاطبة العقل بدلًا من العاطفة والالتزام بالمصداقية والسرعة فى ردود الأفعال، والتى تعمل على دعم الالتصاق بمطالب الناخبين الفعلية من أجل كسب ثقتهم وتحفيزهم على المشاركة الإيجابية عبر الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وهو ما يفرض القيام بإدارة حملة إلكترونية انتخابية ذكية وواعية تأخذ فى اعتبارها مختلف المحفزات الوطنية والاستمالة العقلية والعاطفية لزيادة قدرتها على اقناع الناخبين، والالتزام بالمصداقية والتنظيم الجيد وتوزيع الأدوار بما يجعل ردود الأفعال ذات طابع تنظيمى وليس عشوائيًا، كما يجب ألا يتم التعامل مع الحملات المسيئة أمنيًا فقط عبر حجب الروابط الإلكترونية، بل يجب أن يتم التركيز على الحل السياسى بمواجهة الأفكار بأفكار أخرى مضادة وتنوع الأدوات الإعلامية، وأهمية تركيز الخطاب الانتخابى المستخدم فى الحملة على أولوية القضايا الوطنية والأكثر التصاقًا بمعاناة المواطنين كالتعليم والصحة والبطالة وسيادة القانون ومكافحة الفساد والفقر، وأهمية احترام حرية الرأى والتعبير على شبكات التواصل الاجتماعى.
وقد تحولت شبكات التواصل الاجتماعي إلى منصة مهمة لشن الحملات الإلكترونية فى السباق الرئاسى سواء أكانت المؤيدة لمرشح ما أو المعارضة له أو الداعية إلى المقاطعة أو التى تستهدف شن الحرب النفسية بالعمل على وقف المسار السياسى، وهو الأمر الذى نقل الحملات الانتخابية من الحائط والشارع إلى ساحات الشبكات الاجتماعية، مستفيدة باتساع قاعدة المستخدمين وبسهولة توظيف الرسالة الإعلامية فى عملية التأثير فى الناخبين ودفعهم إلى المشاركة السياسية.
وما يزيد من تأثير ذلك تحول شبكات التواصل الاجتماعى إلى مصدر للأخبار للصحف وللقنوات الفضائية، وهو ما يزيد من تأثيرها فى توجهات الشباب وهم القاعدة الانتخابية العريضة والأكثر استخدامًا ونشاطًا وتأثرًا بالأوضاع الاقتصادية والأمنية، وارتباط ذلك بعدم وجود مؤسسات تمثيلية منتخبة تمارس الرقابة والتعبير عن المطالب، وهو ما يعزز دور الشبكات الاجتماعية فى المرحلة الانتقالية، وفى ظل بيئة جديدة تتميز بوصول عدد مستخدمى الإنترنت إلى 40 مليون مستخدم، ووصول مشتركى الفيس بوك إلى ما يزيد على 17 مليون مستخدم، كما يتابع 35% من مستخدمى الإنترنت "تويتر"، فضلاً عن ما يزيد على 90 مليون مشترك فى الهاتف المحمول.
ويمتلك الفاعلون فى الحملات الإلكترونية القدرة على مخاطبة وصياغة أهداف الجمهور والتلاحم مع مشاكله بدرجة أكبر وأسرع من المؤسسات الإعلامية التقليدية والتى ينعكس نمط ملكيتها على أدائها الإعلامي، وحظيت الحملات الإلكترونية على كثير من الاهتمام من قبل المرشحين والذين يتسابقون على إطلاق حملاتهم الإلكترونية عبر تدشين المواقع الرسمية والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى للتعبير عن برنامجهم الانتخابى وإنجازاتهم ورؤاهم للمستقبل والرد على منتقديهم وتغطية نشاطهم الإعلامى من مؤتمرات أو تغطيات لنشاطهما فى الصحف المختلفة، وتعزز الحملات الإلكترونية من القدرة على التأثير فى جمهور الناخبين عبر تعبئة المؤيدين الحاليين أو جذب مؤيدين جدد أو التأثير فى المعارضين.