الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

عبد المنعم سعيد يكتب: المجلدات السبعة.. صدور أعمال الدكتور عبد الرحيم على الكاملة تؤكد أن المعركة مستمرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

المجلدات كاشفة لحقيقة الإخوان والعقبة الكبرى التى يضعونها فى تطور وتنمية الدول العربية والإسلامية

صدور المجلدات السبعة عن جماعة الإخوان المسلمين من «المركز العربى للصحافة» لا يمثل فقط التعبير عن الدكتورعبد الرحيم على كمناضل تاريخى ضد الإخوان المسلمين، ولا باعتباره الأكاديمى الذى يتطلب التواجد المستمر فى الساحة الفكرية والعلمية، ولا مجرد النشر لمصدر علمى شامل فى المعرفة عن الجماعة تعين أجيالا قادمة؛ وإنما هو تعبير عن المعركة التى لن تتوقف ضد الحركة التى رغم تراجع وجودها على الساحات المحلية فى مصر، والإقليمية فى الشرق الأوسط، والعالمية فى مختلف دول العالم؛ فإنها تمثل خطرا حالا على الشعوب والدول.
 


مؤلف الأعمال له ثلاثة أوجه، المناضل المقاتل، والصحفى المتابع، والأكاديمى الموصل لظاهرة من أبشع الحركات السياسية التى عرفها العالم، المجلدات التى يتعدى كل منها الخمسمائة صفحة تقترب من الموضوع بشجاعة من مقاربات متعددة وكاشفة لحقيقة الإخوان والعقبة الكبرى التى يضعونها فى تطور وتنمية الدول العربية والإسلامية، وما تساهم به فى نشر الإرهاب فى العالم. 
الحقيقة السياسية للإخوان هى أنها حركة فاشية شمولية فيها من السمات الحركية والأيدلوجية ما يجعلها تماثل الحركات المماثلة فى مذهبيات أخرى مثل النازية والفاشية والشيوعية بنماذجها وأشكالها المختلفة. ما تتفق عليه كل هذه الحركات مهما تعددت المنابع بداية فى رؤية للوجود مع نهاية فى كل الأحوال لها طبيعة «طوباوية» تبدأ من المجد للأمة وحتى الجنة فى السماء وبينهما نوع ما من الجنة على الأرض. 
هذه الحركات جميعها لا تعطى قيمة للإنسان أكثر من كونه حقيقة إيمانية بالفكر وعليها السمع والطاعة، وليس سلوكا اجتماعيا خالقا ومبتكرا ومعمرا للأرض. جميعها لها أصول تاريخية طويلة المدى بحيث تظهر وتختفى ولكنها لا تفنى وتظل دوما قادرة على فرض نفسها بشكل أو بآخر؛ وما يجمعها جميعا أن لكل واحدة أيدلوجية وتنظيم محكم وخطة للعمل فى جميع المراحل التاريخية.
المجلدات السبع تجمع ما بين أشكال المعرفة التى ظهرت فى كتب ودراسات وتقارير ومقابلات صحفية ومراجعات الكتب الأصلية التى تعاملت مع الإخوان المسلمين فى الشرق والغرب، فى كلها عمق كبير يدلف إلى أعماق تحقيقات النيابة، وأحكام المحاكم، وشهادات المنشقين، والوصف الدقيق للعلاقات المباشرة بين الجماعة الحاضنة للإرهاب، وذاتها التى التى تقوم بالإرهاب، أو المنظم والممول للإرهاب والعمليات الإرهابية. 
 


ولكن الفكرة الأصلية، والأصيلة، هى أن الإخوان هم عضو أصيل فى الجماعات الفاشية العالمية التى تضرب جذورها فى أصول شريرة فى البيئات المحلية والعالمية، ولكن ما يجمعها هو رغم المعارك والهزائم فإنها تستطيع دائما اعتمادا على استمرار الفكرة أن تبقى فى أشكال جديدة مثل الحرباء التى تتلون كل يوم فى لون جديد.
وكما نعلم أن الشيوعية هزمت فى الحرب الباردة، ولكنها بقيت لا تزال فى شكل الحزب الشيوعى الصينى والآخر الفيتنامى والثالث الكورى الشمالى، وكل ما فعلوه كان فك الارتباط بين الشمولية وسيطرة الدولة المباشرة على وسائل الإنتاج؛ وبقيت السيطرة غير المباشرة على السوق الحرة وكل ما يفضى إليه ويخرج منه. 
الفاشية والنازية هزما فى الحرب العالمية الثانية ولكنهما تجددا خلال العقد الأخير كأفكار لليمين الأمريكى والأوروبى المحافظ، وفى لحظات كانت لهما تعبيرات سياسية مباشرة. الإخوان المسلمون ليسوا استثناء فى هذه الصحبة، فلديهم أيدلوجية تعود جذورها إلى فلسفة الخوارج ورؤيتها عن مصدر السلطة فى الدولة، ولديهم تنظيم محكم، وخطة للعمل بما يتناسب مع كل مرحلة تاريخية وواقع جغرافى. 
الجانب الفكرى من الطبيعى أن يعيش طالما كان هناك دارسون وباحثون وطرق للحفاظ على النصوص والمرجعيات، ولذا ينتقل فى الذاكرة الإنسانية من جيل إلى آخر، ولكن التنظيم هو ما يبعث الفكرة فى الواقع، وكان ذلك هو الفارق الذى قدمه حسن البنا عام ١٩٢٨ لأفكار أصولية وشمولية لا مانع لديها من إراقة الدماء.
المجلدات السبع هى المجمع الذى توجد فيه المعركة التى لا تزال مستمرة حتى الآن على النطاقات المحلية المصرية، والإقليمية العربية، والدولية بأشكال مختلفة من الرصد والتحليل والمواجهة، فيها يكمن الصبر الطويل على مقاومة حركة فاشية، وفى الوقت نفسه المواجهة مع أفكار زائفة تعتقد أنه من الممكن للإخوان أن يكون لهم ظهير ليبرالى يجعلهم يماثلون الأحزاب المسيحية الديمقراطية فى الغرب، لكى يكونوا الحزب الإسلامى الديمقراطى فى الشرق، هؤلاء لم يكونوا رفقاء بالدكتور عبد الرحيم على، وسيرهم فى ركاب الإخوان عندما حلت ساعات الاختيار الكبرى فى التاريخ المصرى خلال العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين. 
 


هؤلاء لم يكن يعرفون أن الفكرة المركزية فى ممارسات تنظيم الإخوان هى التفرقة ما بين حالة الضعف وحالة التمكين، وكلاهما له علاقة بتوازن القوى السياسى والأمنى فى المجتمع. وما حدث فعليا أن الإخوان عرفوا كيف يتعايشون مع نظم ملكية وجمهورية وبرلمانية؛ ولم يكن لديهم معضلة فى معارضة التعددية الحزبية لأنها تقسم الأمة، ثم المناداة بأن تكون الانتخابات هى الحكم. 
وفى اللحظة الراهنة فإن وجه الإخوان فى الغرب هو الجماعة المعتدلة المؤمنة بالتآخى مع بقية الإنسانية وقيمها الديمقراطية والليبرالية؛ وفى لحظات سابقة عندما هل الحراك السياسى عن طريق الشباب العربى فى العقد الماضى باتت مرحلة "التمكين" جاهزة للتطبيق عن طريق القوة واستخدام الإرهاب والترويع. فى اللحظة الراهنة فإن الحالة السياسية الإخوانية يمثلها سيطرة على المساجد والمراكز الإسلامية فى الغرب، ومواجهات مع السلطة فى كل الدول العربية التى نجت من الربيع المزعوم، وتلك التى قاومت ونجحت مثل الحالة فى مصر؛ وتمثيل فى السلطة مباشر فى تركيا، وبالحركة الشعبية فى تونس، وبالأدوار المؤثرة فى برلمانات الأردن والمغرب والكويت، واستغلال التراجع فى السودان.
تفاصيل كل ذلك وما وراءه من أفكار وفلسفات واستراتيجيات، تشكل له المجلدات السبعة تأصيلا ومناقشة ومتابعة؛ وما لا يقل أهمية من ذلك كله أنهم يمثلون مرجعا أصليا بالوثائق والمستندات بحيث تمثل سلاحا ماضيا فى المعركة المستمرة ضد الفاشية الدينية والإرهاب. 
حاليا فإن النظرة الشاملة فى العالمين العربى والإسلامى تظهر أن الجماعة تعرضت لهزائم ونكسات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية ولكنها لم تنته بعد، ولها مأمن فى الغرب حتى الآن، ومساندة من دول مثل تركيا وقطر اللذان جعلا من أراضيهما ملاذا للإيواء والتدبير الإرهابى والحملات الإعلامية. 
مقتربات التعامل مع الظاهرة الإخوانية بكل أبعادها تراوحت حتى الآن بين ثلاثة استراتيجيات: الاستئصال الأمنى لجماعة سرية وإرهابية حيث تعامل الحركة باعتبارها تعمل فى مجال الجريمة المنظمة؛ والاحتواء أو الشمول داخل النظام السياسى كما تنادى الدول الغربية وحدث من قبل فى تونس والمغرب؛ ومؤخرا كانت المواجهة من خلال تجديد الخطاب الدينى بإعادة بعث ما فى الدين الإسلامى من تسامح واعتدال عله يجفف منابع التجنيد للجماعة وتوابعها من الجماعات الإرهابية.
وأخيرا فإن الإصلاح الشامل والعميق الذى يجرى فى مصر والسعودية ودول الخليج والأردن والمغرب يتضمن إلى جانب معالجة أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية لم يعد ممكنا استمرارها، المواجهة مع الفكر الفاشى والحركات الإرهابية، وتنظيمها الأم الممثل فى حركة الإخوان المسلمين، الأعمال الكاملة تقدم عونا كبيرا لمعركة لا تزال مستمرة ولم ينقضِ أمرها بعد، لأنها باتت جزءا من تيارا شاملا لا يريد لما جرى من الإخوان أن يعود مرة أخرى.