الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

دينيس لوفيل يكتب: إلى أين تذهب أموالنا؟.. «خطة شيراك» للإصلاح لم تسفر إلا عن نتائج متباينة فى النمو والبطالة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شغل الوظائف خاصة الوظائف السيادية، يتم بشكل سيئ فى الدول التى تفرض ضرائب بشكل كبير وقد درس دينيس لوفيل لسنوات سبب هذه الظاهرة واستند فى بداية هذه الدراسة على مثال كاريكاتورى إلى حد ما: خطط الإصلاح، لأنه فى هذه الحالة، يمكن قياس فعالية الإنفاق بسهولة وقام فى عام ١٩٧٥ بدراسة خطة الإصلاح والمعروفة باسم «خطة شيراك» وبرغم من تقدير الاقتصاديين لهذه الخطة إلا أنها لم تسفر إلا عن نتائج متباينة فيما يخص النمو والبطالة واللذين كانا يمثلان أهم أهدافها.. لماذا؟.
بالفعل شرع المؤلف فى الإجابة على هذا السؤال؛ فقد كان يعتقد أنه يكفى مقارنة خطط الإصلاح الاقتصادى حتى يضع يديه على مكمن الخطأ وبحث عن خطة الإصلاح التى كانت تطبق فلم يجد، حتى «الصفقة الجديدة» الشهيرة لفرانكلين دى روزفلت لعام ١٩٣٣. فى الواقع إذا درسناها عن كثب، نلاحظ أن البطالة بدأت فى الارتفاع مرة أخرى فى عام ١٩٣٧ على الرغم من استثمار ١٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى، لذلك لا يمكن اعتبارها نجاحًا.
لذلك كان من الضرورى البحث عن وسيلة أخرى مع التركيز دائما على الرسوم الإجبارية وللحصول على معرفة حقيقية بالموضوع، درس النتائج الأخيرة لـ٥٨ دولة فى العالم من خلال مقارنة معدلات النمو ومعدلات الرسوم الإجبارية، وكانت النتيجة واضحة جدًا: كلما كانت الرسوم أعلى كانت معدلات النمو أقل.
وبناء على ذلك فقد قام بتحليل دقيق لخمسة تحولات ناجحة فى الخارج، والنتيجة كانت كالآتى: لقد بدأوا جميعا بتخفيض الإنفاق، ثم السماح بفرض رسوم إجبارية، مما أدى إلى زيادة النمو، حقيقة أخرى: القيود الأولية على الإنفاق لم تؤثر كثيرا على النمو.
وبنفس الطريقة، إذا خفضت الدولة فى نفس الوقت الإنفاق والجبايات، فإن النمو يتسارع ليكافئ بالقيمة المطلقة عدة مرات انخفاض الرسوم!
وتظهر دراسة أجراها معهد مونتريال الاقتصادى IEDM وتغطى السياسات العامة فى جميع دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تظهر بوضوح شديد أن البلدان التى حققت معدل نمو قوى (نمو أقوى أربع مرات من متوسط البلدان الأخرى) بعد أزمة عام ٢٠٠٨ هى تلك التى قامت بخفض الإنفاق فى نفس الوقت، ولتحقيق التوازن فى الميزانية تطالب معاهد التصنيف من فرنسا خفض النفقات وليس فرض ضرائب جديدة!
وعلى مستوى الاقتصاد الصغير، هناك رقمان مهمان لأى شركة: من ناحية رأس المال ومن ناحية أخرى الجزء الصغير الذى يبقى فى النهاية عند دفع المشتريات والأجور والضرائب وما إلى ذلك (٥٪ تقريبا فى المتوسط فى فرنسا وفقا لـدراسة أجراها INSEE) ولتقريب ذلك إلى الأذهان يمكن أن نقارن هذه الظاهرة بحالة الموظف الذى يتقاضى راتبه الإجمالى، ولكن بالنسبة له بعد دفع رسوم راتبه وبعد حساب نفقاته (السكن، الطعام، الطاقة، النقل، إلخ) فإن ما يتبقى من راتبه ضئيل جدا حوالى ٥٪ من راتبه الإجمالى.
إن ما يتم تحصيله من خلال الوسائل المختلفة والمتنوعة تساوى تلك التى يتم إنفاقها فى المساعدات والإعانات والمعاشات التقاعدية، إلخ... دون إغفال رواتب الموظفين الذين يقومون بهذا التحويل، لذلك، نجد أن المبالغ الواردة تساوى المبالغ الصادرة بينما رأينا سابقا أنها ليس لها نفس التأثير على النمو، فذلك بسبب وجود اختلاف فى الطبيعة بينهما، إنه أمر أساسى! ما هذا الاختلاف؟
إن الأموال التى تحصل من ضريبة جديدة تشبه إلى حد بعيد الضريبة على الأرباح فى حين أن الأموال التى تنفق تشبه إلى حد بعيد معدل الدوران أو الراتب الإجمالى، من الواضح إذن أنه كلما زاد الإنفاق، زاد فقر البلد تلقائيا فيما يسمى بظاهرة «تبخر الانتقال».
ما هى الآثار؟ نظرًا لأن الأرقام متاحة فمن السهل حساب تأثير كل توجه على حدة، بالنسبة للحالات التى تمت دراستها، فى المتوسط، أدى أى تخفيض فى الرسوم الإجبارية فى مقابل المدخرات الحقيقية إلى نمو إضافى يبلغ حوالى ٥ أضعاف الانخفاض فى الرسوم هذا من ناحية القيمة المطلقة.
إن عبارة «الاقتصاديات الحقيقية» تعنى أن اختفاء مكانة ضريبية ليس توفيرا بل زيادة ضريبية وعلى العكس من ذلك، يمكننا أن نتخيل بالقول إنه فى كل مرة يتم فيها خلق وظيفة عامة إضافية، لا تعمل فى المجال الطبى، فإن ذلك يعادل إلى حد ما تعيين ٥ موظفين من القطاع الخاص براتب يعادل مساعدة بدل البطالة، وهناك قاعدة معروفة فى المؤسسات: أنه لأداء مهمة معينة هناك قوة عاملة مثالية.. وهذا يعنى أننا إذا خصصنا عددا أقل من الموظفين، فإن هذا يسبب مشاكل، وإذا خصصنا عددا أكبر من هذا العدد الأمثل فلن يعمل أيضا بشكل صحيح.
وهناك أيضا محصلة أخرى يتم إنجازها من خلال تحقيق عوائد كبيرة بالتزامن مع تخفيض الرسوم، وبالتالى نحصل تلقائيا على عدة نقاط من النمو الإضافى وهذا من شأنه أن يؤدى إلى رفع مستوى المعيشة من خلال التوظيف على وجه الخصوص وكذلك يؤدى إلى سداد الديون بسهولة أكبر.
معلومات عن الكاتب:
دينيس لوفيل.. مدير أعمال وخبير فى القطاع المالى ومهندس تنظيم وباحث فى علم الاقتصاد وعلم الاجتماع، له عدة مؤلفات، من بينها: «الثورة الصناعية الثانية الحقيقية» و«خطة كيفية التغلب على البطالة» و«التبخر الضريبى» و«الانتعاش الاقتصادى الناجح».. ينضم للحوار، بهذا المقال الذى يتناول الفكرة العامة لكتابه الذى صدر بعنوان «أين أموالنا»، فى شهر مايو الماضى.