الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

الفيلسوفة والباحثة في الفكر الإسلامي رزيقة عدنانى لـ«لو ديالوج»: آيات فى القرآن تنسجم مع قيم الحرية والإنسانية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الفيلسوفة والباحثة في الفكر الإسلامي الدكتورة رزيقة عدنانى حاليا هي عضو مجلس التوجيه التابع لمؤسسة «إسلام فرنسا» كما أنها عضو المجلس العلمى للمركز المدنى لدراسة الحقائق الدينية (CCEFR) وعضو فى مجموعة التحليل التابعة لـJFC Conseil، وهو منصب فخرى وعضو فى جمعية يوروميد IHEDN والرئيس المؤسس لـ«أيام الفلسفة الدولية فى الجزائر» والتى يتم فى إطارها العديد من المناسبات والندوات الثقافية.. أجرى معها موقع «لو ديالوج» هذا الحوار.

اشتغلت رزيقة عدنانى كأستاذة للفلسفة حتى عام 2005 ثم تركت التدريس بعد ذلك لتكرس نفسها للبحث والكتابة ومنذ عام 2016، تعاونت مع وزارة العدل فى فرنسا، إدارة الحماية القضائية للشباب (DPJJ)، ثم مع وزارة الداخلية، فى إطار تدريب المهنيين الذين يتعاملون مع الشباب المتطرف.

لو ديالوج: كنت تدرسين منذ سنوات عديدة العلاقة التى تربط الشعوب المغاربية بتاريخهم وأصولهم وفى دراستك الأخيرة التى نشرتها Fondapol فى ديسمبر ٢٠٢٢، بعنوان «المغرب العربى: تأثير الإسلام على التطور الاجتماعى والسياسى، المغرب، الجزائر، تونس»، وصفتِ حركة التحديث، النهضة، التى أثرت على الدول العربية والمغرب العربى؛ فما هذه الحركة وما التحولات المجتمعية التى أحدثتها؟

رزيقة عدناني: مصطلح «النهضة» هو مصطلح عربى مشتق من فعل "نهض" الذى يعنى «الاستيقاظ» وغالبا ما يترجم  بـ«renaissance». لقد حمله مثقفون وسياسيون كان هدفهم جميعا إخراج بلادهم من التخلف والسماح لها بدخول عصر الحداثة. بالنسبة لغالبية المؤرخين، فإن نقطة انطلاق النهضة فى العالم الإسلامي هى تركيا، ومع ذلك، فى العالم الناطق بالعربية، كانت مصر هى نقطة الانطلاقة لهذه الحركة التي اندلعت، حسب رأيهم، شرارتها مع الرحلة الاستكشافية لنابليون بونابرت إلى هذا البلد فى عام 1798 الذي ذهب بجيش كبير ولكن أيضا مع فريق علمي فى تخصصات مختلفة ومعدات متطورة جدا. لذلك سمح بونابرت للمصريين أن يدركوا تخلفهم أمام الغرب المتقدم للغاية. وكان ذلك بمثابة الوعي الذي انتشر عبر الشاطئ الجنوبي لحوض البحر الأبيض المتوسط. وبالفعل كان تأثير الثورة الفرنسية على المجتمعات الإسلامية كبير. بالنسبة لبرنارد لويس: «كانت الثورة الفرنسية هي أول حركة أفكار كبيرة فى المسيحية الغربية التي تفرض نفسها على علي العالم الإسلامي" و ذلك لأنها كانت علمانية أي لا تتحدث باسم الدين.

لو ديالوج: تتطرقين لمسألة الانقطاع فى عملية تحديث الإسلام هذه منذ السبعينيات، فلماذا فشلت النهضة فى إصلاح الإسلام؟ ما مسئولية الحداثيين فى هذا الأمر؟

رزيقة عدناني: كانت سببها الأول رد فعل المحافظين الذين قاوموها، لكن بالنسبة لى، أعتبر أن مسئولية الحداثيين، الذين كانت السلطة فى أيديهم، كانت أكبر لأنهم لم يذهبوا حتي النهاية في مشروع التحديث الذي قاموا به. فلقد قبلوا مبدأ المساواة مثلا عندما ألغوا العبودية والذمة، لكنهم رفضوا تلك المساواة عندما تعلق الأمر بالنساء و ذلك لعدم استعدادهم لقبول أن تتمتع المرأة بنفس الحقوق التى يتمتع  بها الرجل. لقد قرروا عدم إلغاء أحكام الشريعة، بالعلاقة بين المرأة و الرجل بل أكدوا عليها بشكل صريح فى مجال الأسرة.  كان منع النساء من الوصول إلى نفس الوضع الاجتماعي والسياسي الذي للرجال هو النقطة المشتركة بين الإسلاميين والمحافظين.  كان نفس الأمر بالنسبة إلى لمجال تنظيم الدولة.  إذ أعلنوا، باستثناء أتاتورك، "أن الإسلام دين الدولة".  وفى الحقيقة يعتبر هذا المبدأ "الإسلام دين الدولة"ـ لأن الإسلام دينا فقط ولكن أيضا نظاما قانونيا الذي يعود إلى القرون الأولى للإسلام ـ هو تنازل قدمه الديمقراطيون والحداثيون للإسلاميين الذين عرفوا كيفية استخدامه كباب مفتوح للتدخل أكثر فأكثر فى مجال تنظيم الدولة والمجتمع. 

أما إصلاح الإسلام الذي هو أيضا جزء من مشاريع النهضة ، الذي لم تستطع تجسيده، فسبب ذلك يرجع إلي أن الذين أرادوا إصلاح الإسلام فرضوا قيودا على عمل الفكر وبالتالي منعوا حدوث هذا الإصلاح.  والمشكل لا يمكن أن يحدث أي إصلاح اجتماعي وسياسي فى البلدان الإسلامية بدون تطوير الإسلام وإصلاحه. وأخيرا، فإن حركة النهضة التى دافعت عن الحرية والمساواة والديمقراطية لم تستطع قبولها فعلا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء والفكر، و هو سبب آخر  لفشلها. 

ومنذ سبعينيات القرن الماضى نلاحظ أن هناك خطوات إلى الوراء أي تراجع فيما يتعلق بإنجازات النهضة، لذلك لم يكن هناك انقطاع فى عملية التحديث فحسب، بل كان هناك أيضا تنازل تدريجى عن إنجازاتها، كما أن التخلى عن قيم الحداثة وظاهرة التراجع إلى الماضى لا يمس  دول المغرب الكبير  فقط بل كل البلاد الإسلامية وكذلك الغرب نفسه حيث جزء كبير من سكانه مسلمون اليوم.  مع العلم أن حركة النهضة بدأت فى مصر وفي مصر انطلق التراجع والتنازل عن إنجازاتها  أيضا حيث تتحمل جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست عام 1928 مسئولية كبيرة جدا فى هذه العودة إلى الماضى.

لوديالوج: أحد مشاريع النهضة كان تحرير النساء من لبس الحجاب.. ما تحليلكم لعودة النساء للحجاب خاصة فى الغرب؟ هل ترى دليلا آخر على هذا التنازل عن الحداثة؟

رزيقة عدناني: فى بداية القرن العشرين، كانت جماعة الإخوان المسلمين، التى تأسست فى مصر عام 1928، بدأت مسيرتها بدءا بالحجاب الذي فرضوه على النساء بعد آن تحررن منه بشكل كبير.  تكمن أهمية الحجاب للإسلاميين فى المقام الأول فى أن المرأة المحجبة تؤكد هيمنة الرجل على المرآة وخضوعها كامرأة لهذه الهيمنة.  لأنه منذ القدم فرض الحجاب على النساء من قبل الرجال.  ولقد فرض القديس بول في القرن الأول الميلادي الحجاب على المرأة كعلامة لهيمنة الرجل عليها و تبعيتها للرجل. 
ويدرك الإسلاميون أن المرأة التى ترتدى الحجاب باسم الشريعة لا يمكنها أن تعارض القوانين الشريعية الأخرى كتعدد الزوجات وعدم المساواة في الميراث. الحجاب هو أيضا أكثر علامة تدل على ممارسة للإسلام التقليدي فى الفضاء الخارجي. وعليه فهو بالنسبة للإسلاميين علامة على نجاحهم ونجاح قضيتهم خاصة لما له من تأثير على المستوى النفسي، ولكن أيضا على المستويين الاجتماعي والسياسي. وبالنسبة للإسلاميين وجود النساء محجبات فى كل مكان يعنى وضع بصمتهم فى كل مكان، ودليل على نجاحهم.  .
أما سؤالك، هل هناك دليل آخر على هذا التنازل عن منجزات الحداثة. أقول نعم لأن الحجاب ممارسة قديمة تقول على التمييز بين النساء والرجال و النساء فيما بينهن، لذلك فالعودة إليه يعنى التخلي عن إنجازات الحداثة و قيمها و أولها المساواة.

لو ديالوج: خلال فترة النهضة نفسها، أشرت إلى أن المغرب كان متخلفا كثيرا من حيث التحديث وأكثر تحفظا من جارتيه الجزائر وتونس ومع ذلك، يبدو أن المغرب قد تطور بشكل أفضل بعد الأحداث التى شهدها فى عام ٢٠١١ فى أعقاب الربيع العربى.. كيف تفسرين ذلك؟

رزيقة عدناني: فى مجال التحديث، خلال فترة النهضة، كان المغرب الأقصى أكثر تخلفا وأكثر تحفظا مقارنة بجارتيه: الجزائر وتونس. فالجزائر، على سبيل المثال، اعترفت فى أول نص دستورى لها، فى عام 1963، بالمساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة واحترامها لحقوق الإنسان على النحو المنصوص عليه في الإعلان العالمي 1948. وإن كانت لم تحترم هذه المساواة. 
 


 كما اعترفت تونس بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى عام 1959، حتى وإن كان توضيح المساواة بين المرأة والرجل لم يتم إلا فى الدستور فى عام 2014 في حين انتظرت المملكة المغربية 2011، و هو دليل على برغبتها فى أن تكون  في نفس مستوى جارتيها، لكي تعترف بالمساواة بين الرجل والمرأة أمام القانون مثلما أكدت علي احترام حقوق الإنسان في  1992. لكن الجزائر وتونس عرفتا تراجع فى حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة. لذلك لم تعد تونس تذكر هذه الحقوق اعتبارا من أوت 2022 . أما الجزائر، إذا كانت لا تزال تعترف بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى ديباجتها، فقد فضلت إبتداءا من عام 2020، فى فصل الحقوق والحريات، استبدال عبارة حقوق الإنسان بعبارة «الحقوق الأساسية»، وهي عبارة غامض للغاية من جهة و من جهة أخرى فهي العبارة التي يفضلها الإسلاميون على حساب مصطلح حقوق الإنسان والإعلان العالمى لعام 1948. وفى عام 2020، تخلت الجزائر أيضا عن حرية الضمير.

ومع ذلك، فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان أي بالحرية والمساواة، فإن المملكة المغربية لم تفعل شيئا أفضل من جارتيها. ومثل الجزائر وتونس، سنت  قوانين لا تتفق مع هاتين القيمتين ولا تحترم  حقوق الإنسان من خلال إخضاع النساء على وجه الخصوص لقواعد الشريعة التمييزية. مع التذكير أن تونس ألغت بعض قواعد الشريعة فى عام 1957، وأصعبها تعدد الزوجات.

لوديالوج: تصفين الشعور بالنقص بين سكان شمال أفريقيا بأنه الإفراط فى الحماس فى الرغبة فى الحصول على أصل عربى، والذى تقدمه كعنصر توضيحى لميل هؤلاء السكان إلى الأصولية والممارسة الصارمة للإسلام التى لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.. كيف تحللين تلك المسألة وهذه الظاهرة؟

رزيقة عدناني: لقد أثار ابن خلدون ظاهرة التشدد المفرط لدى الشعوب المغاربية فيما يتعلق بممارسة الدين والرغبة في ادعاء الأفراد بأن لهم أصول عربية و هما ظاهرتان ما تزالان قائمتان إلى يومنا هذا. هاتان الظاهرتان اللتان لاحظتهما ودرستهما  فى كتابى «المصالحة الضرورية».

 إن تحليل المذهبين الإسلاميين، الأكثر انتشارا فى المغرب الكبير وحتى فى أفريقيا جنوب الصحراء باستثناء الجزء الشرقي وهما المالكية والصوفية، مكنني من استنتاج أنهما يتحملان مسئولية كبيرة جدا فى هذه الظاهرة التي تدل على العلاقة الصعبة التى تربط مواطنى شمال أفريقيا بأصلهم وهويتهم وبالتالي بأنفسهم ولماذا فضل كثيرون منهم من الادعاء بأن لهم أصول عربية بل أنهم ينحدرون من الرسول مباسرة ولماذا يميلون في غالبيتهم إلى الممارسة المتشددة للإسلام. ذلك لأن المالكية تعتبر أن  السيادة تعود للعرب، الأمر الذى أثار انبهار هذه الشعوب بالعرب و اعتبارهم متفوقون على المسلمين غير العرب الأمر الذي ولد لديهم شعور بالنقص الدي أرادوا تعويضه  بالممارسة المتشددة للإسلام. ومع تعريب المدن و جعل العربية لغة العلم و السياسة أدى إلي تراجع الأمازيغية نحو المناطق الريفية و أصبحت لغة التعبير اليومي والأمية. و لأن الرجال والنساء يبحثون دائما عن مرتبة الشرف، ومن أجل الحصول عليها يفضلون تبنى لغة المعرفة والقوة مما زاد من الشعور بعقدة النقص لدى البربر و حتى بالخجل من التحدث بالأمازيغية  لدى الكثير منهم و فضلوا التحدث باللعة العربية.  بالنسبة لى، أعتبر مصالحة الشعوب المغاربية مع تاريخهم القديم وأصولهم وبالتالى مع أنفسهم أمر ضرورى لمعالجة العديد من مشاكلهم السياسة والثقافية التي يعانون منها. 

لو ديالوج: الأسئلة المتعلقة بالإسلام ومشكلة الإسلاموية تهم العالم الإسلامى بأسره، مثل النقاشات فى مصر، ولا سيما مع وصول الرئيس السيسى إلى السلطة.. أين تضع النخب فى شمال أفريقيا نفسها فى هذا النقاش؟ هل يطمحون إلى إصلاح حقيقى للخطاب الدينى؟ هل تعتقدين أنهم يعارضون منهج الإسلام السياسى؟

رزيقة عدناني: فيما يتعلق بمصطلح الإسلاموية، إذا كان يعنى الإسلام السياسى، وهو التعريف الذي وضعه الغربيون منذ سبعينيات القرن الماضى، فإن الإسلام في هذه الحالة هو إسلاموية ما دام لا نيفصل عن  البعد السياسى وذلك منذ عام 622 حين هاجر محمد و رسول الإسلام، إلى المدينة.  يجب التذكير أن مصطلح الإسلاموية ظهر فى الغرب و لم يكن معروفا فى الفكر الإسلامي من قبل. 
من ناحيتى، كنت أعتبر دائما أن العمل داخل الإسلام هو الشرطان ضروري لكل إصلاح اجتماعي وسيأسى حقيقي. إصلاحات لا تتعرض للتهديد بالتراجع إلى الوراء الذى يحدث في كل مرة. 

ولقد شرحت ذلك بمزيد من التفصيل فى كتابى" الإسلام: أى مشكلة؟ تحديات الإصلاح" أن هذا الإصلاح يجب أن يكون متوجها إلى المستقبل بهدف ليس تغيير الشريعة للسماح لها بالاستمرار فى إدارة المجتمع، ولكن ليمكن المؤمنين أن يعيشوا دينهم دون أن يجدوا أنفسهم فى تناقض مع قواعد المجتمع التى يكون مصدرها العقل، هذا هو السبب في تأكيدى على أن تطوير الإسلام يجب فى المقام الأول أن تكون غايته هي جعله  دينا وليس سياسة أي فصله عن السياسة. 

وحينما بدأت في أخذ الإسلام كموضوع للتفكير والدراسة، كان السؤال الذي طرحته على نفسى هو: هل هناك حل لكسر الجمود الذى تجد فيه المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة نفسها والذي يمنعنا من التطور و الخروج من الماضي فى المجال الاجتماعي والسياسي والإنساني؟ بالنسبة للبعض، لا يوجد حل آخر غير ترك الإسلام. من ناحيتي إذا كان هذا الحل ممكنا على المستوى الفردي فهو صعب تصوره على مستوى المجتمع المسلم. لذلك أقول أن الحل هو تغيير وإصلاح الإسلام.

وفى الحقيقة، مكنني عملى من ملاحظة وجود آيات فى القرآن ذات بعد شمولي إنساني وإن كان يجب تفسيرها على ضوء قيم الحرية والمساواة والإنسانية مثل الآية 105 من السورة 5، المائدة، : «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» التي تدعو إلى احترام الحريات الفردية وكذلك الآية 70  من السورة17، سورة الإسراء،: «ولقد كرمنا بنى آدم». وبالتالي يمكن للمسلمين الاعتماد عليها تقدير الإنسان والاعتراف بكرامته وبحقوقه الإنسانية بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين. 

والمشكلة أن هذه الآيات لا يأخذها المسلمون بعين الاعتبار أي نسخوها وفضلوا مكانها آيات أخرى.  ومنذ سنوات وأنا أقول إنه إذا اختار المسلمون الأولون آيات معينة التي تناسب ثقافتهم، فلماذا لا يتم اختاروا آيات أخرى اليوم؟ لذلك فالتغيير ليس مسألة إعادة تفسير النصوص القرآنية فقط. مثلما يرى الكثير من الذين يعتبرون أنفسهم اليوم من المصلحين. لكن الإصلاح أو التطوير الذي هو ضروري اليوم يتطلب التحرر من الإبستمولوجييا السلفية..

يقع هذا العمل على عاتق المسلمىن أو ذوى الثقافة الإسلامية.  وهذا لا يعنى أن الآخرين لا يحق لهم المشاركة فى مناقشة الأفكار، خاصة أنهم معنيون بالمشاكل التى يطرحها الإسلام اليوم.  أما الخطاب الديني فلا يمكنه أن يقوم بهذا العمل الإصلاحي لأن هدفهم  دائما حماية خطابهم و مصالحهم وبالتالي نفوذهم وسلطتهم.  فى العالم الإسلامي، للدولة أيضا دور فى نجاح هذا الإصلاح. وواجبها الأول هو فصل الدولة عن الدين، أى بين مجال الدولة ومجال الدين، إن الإصلاح السياسى شرط ضروري لإصلاح الإسلام.

لو ديالوج: أخيرا، العلاقة بالفكر هى الخيط المشترك لعملك.. ما علاقتها بمشكلة المرأة؟ وفى رأيك، ما القوة الدافعة التى تمكن المرأة من أن تقود التغيير فى العالم الإسلامى؟

رزيقة عدناني: فى الواقع، عندما أرادت الدول الإسلامية الدخول في عالم الحداثة فى بداية القرن العشرين، كانت العقبة التى واجهتها هى المساواة بين الرجل والمرأة و ذلك لأن الحداثيون والديمقراطيون الذين أرادوا تحديث بلادهم لم يرغبوا فى الاعتراف بالمساواة القانونية بين الرجل والمرأة. لقد رفضوا منح النساء نفس الحقوق التى يتمتع بها الرجال بحجة أن هذه قواعد إسلامية وبالتالي من المستحيل تغييرها. عندما وإن كانوا قد ألغوا العبودية والذمة والعقاب البدنى وهى قواعد إسلامية مذكورة  فى القرآن.
وهذا دليل على أن الدين لم يكن السبب الحقيقى لرفضهم للمساواة القانونية بين الرجل والمرأة، ولكن رغبة الرجال فى حماية امتيازاتهم والحفاظ عليها يكشف هذا قبل كل شيء التناقضات الموجودة  فى الخطاب الدينى، والتى تتعدد  وهي متعددة فى الخطاب الديني وتشهد جميع هذه التناقضات  على هزيمة الفكر العقلانى فى الفكر الإسلامي.

لكى تقود النساء التغيير فى العالم الإسلامى، يجب على المجتمع أن يضمن كرامة النساء، الكرامة التي لا تكون إلا من خلال معاملتهن القانونية على قدم المساواة مع الرجال،  أن يسيطر الرجل على رغبته فى الهيمنة و السلطة على المرأة و أن تطالب النساء بحقهن فى التمتع بنفس الحقوق التى يتمتع بها الرجال أمام القانون وتوقفن عن تجنب هذه قضية المساواة وجعلها و كأنها من المواضيع المحرمة. 
أقول المحرمة لأننى لاحظت تجنب السؤال. وتمتنع النساء أنفسهن عن طرح مسألة المساواة خوفا من اتهامهن بانتقاد الدين أو التمرد عليه.

المغرب الكبير: تأثير الإسلام على التطور الاجتماعي و السياسي دراسة رزيقة عدناني:

متوفرة أيضا باللغة العربية واللغة الإنجليزية على موقع فوندبول:

 https://www.fondapol.org/etude/maghreb-limpact-de-lislam-sur-levolution-sociale-et-politique/

لقراءة المزيد من الأعمال والأبحاث رزيقة عدناني اضغط على : 

https://www.razika-adnani.com/articles/textes-en-arabe