الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

تغريبة القافر.. رواية تقدم تآلفًا مستمرًا بين الواقع والأسطورة

غلاف الرواية
غلاف الرواية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حصل الشاعر والروائي زهران القاسمي، على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية لعام 2023، التي أعلنت الأحد الماضي، عن رواية "تغريبة القافر"، الصادرة عن دار رشم للنشر، في العام 2021، وبلغت قيمة الجائزة 50 ألف دولار أمريكي، وتعد هذه الجائزة من أهم الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي، والتي بدورها تهدف إلى مكافأة التميز في الأدب العربي المعاصر، وتشجيع الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميا، بالإضافة إلى ترجمة رواياتها إلى لغات عدة.

محمد الأشعري: اختيار الرواية لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة 

وقال الكاتب محمد الأشعري، رئيس لجنة التحكيم الدورة السادسة عشرة، إن اللجنة اختارت الرواية لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة وهو موضوع الماء في علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان في المناطق الصعبة، فقدم المؤلف لنا هذا الموضوع من خلال تآلف مستمر بين الواقع والأسطورة، ويفعل ذلك من خلال بناء روائي محكم ولغة شعرية شفافة ومن خلال نحت شخصيات مثيرة تحتل دورا أساسيا في حياة الناس وفي نفس الوقت تثير نفورهم وتخوفهم، وقد استطاع أن يقربنا من مسرح غير مألوف للرواية المتداولة في الوطن العربي، هو مسرح الوديان والأفلاج في عُمان وتأثير العناصر الطبيعية في علاقة الإنسان بمحيطه وبثقافته.

اعتمد القاسمي، في روايته على الشعر في السرد وكتابة بعض المقاطع كأنها قصائد منفصلة داخلها، فهي رواية مائية تُعيد للراوي وظيفته الأولى وهي ريّ الناس وإشباع ظمئهم، والتي تدور أحداثها في إحدى القرى العُمانية وتحكي قصة أحد مقتفي أثر الماء، تستعين به القرى في بحثها عن منابع المياه الجوفية، وتكون حياة القافر منذ ولادته مرتبطة بالماء، فأمه ماتت غرقا، ووالده طُمر تحت قناة أحد الأفلاج حيث انهار عليه السقف، ينتهي سجيناً في قناة أحد الأفلاج ليبقى هناك يقاوم للبقاء حياً.

وتعمل الرواية من منطقة جديدة في السرد، هي ذاكرة الأفلاج، والأفلاج نظام فلاحي لري البساتين، مرتبط بالحياة القروية في عُمان ارتباطا وثيقا دارت حولها الحكايات والأساطير.

والقافر هنا هو شخص لديه ميزة خارقة، أنه يسمع  خرير الماء في باطن الأرض، وبالتالي عندما يثبر ويحدث جفاف كبير في القرى، يصير أن أهل القرى يبدأون في الاستعانة به في معرفة منابع الماء في باطن الأرض، فالإنسان يستمع إلى خرير الماء في باطن الأرض، وفي الحقيقة لا توجد هذه الميزة في البشر، ولكن فقط في بيئة الرواية.

أشخاص الرواية محدودون ببيئة العمل، لأن هذا الإنسان يعيش في غربة تامة بالمجتمع مع الآخرين، وذلك بسبب عدم اعتراف المجتمع به طبقيا، وبالتالي فإنه كان يعيش في فترة حياته وحيدا أو كان محدود العلاقات مع أسرته فقط والمحيطين به أيضا، لذلك لم يتشعب المؤلف في كثرة الشخوص في روايته.

مزجت الرواية بين الخيال والواقع، حيث تبدأ الرواية باستخراج جسد امرأة غارقة في بئر يكتشفه الناس عندما يبدأون في تكفينها، بأنها حامل بطفل على وشك الولادة، فيستخرجون هذا الطفل من بطن أمه بطريقة قيصرية، والذي هو القافر مستقبلا، والذي يحمل أيضا ميزة سماع الماء، وارتباط الماء هنا في البداية ارتباطه بغرق أمه، وارتباطه أيضا بالجائحة التي تحدث بعد وفاة أمه، والتي تمر على القرية، وتسحقها سحقا بسبب وفرة المياه، وارتباطه أيضا بالجفاف الذي يحدث بعد سنين بهذه القرية، التي تموت من الجفاف والعطش، فقد اشتغل المؤلف هنا على الماء بصفة أن الماء في وفرته قد يكون مهلكا، وفي ندرته قد يكون مهلكا أيضا.

زهران القاسمي من مواليد سلطنة عُمان، عام 1974، بدأ حياته  الإبداعية شاعرًا، فكتب الشعر ونشرت دواوينه في مطلع عام 2006، كما صدر له أربع روايات، هم: "جبل الشوع" عام 2013، و"القنّاص" عام 2014، و"جوع العسل" عام 2017، و"تغريبة القافر" عام 2021، بالإضافة إلى المجموعة القصصية "سيرة الحجر 1" عام 2009، و"سيرة الحجر 2" نصوص في العام 2011.