الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الدكتور مصطفى مدبولى في حواره مع مجلة «اسبكتاكل دو موند» الفرنسية: مصر تزيد 2 مليون طفل سنويًا ومهمتنا إقامة تنمية شاملة.. ونحارب التكفيريين والفكر المتطرف منذ أكثر من 10 سنوات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا أحد يستطيع تقسيم مجتمعنا.. والأقباط جزء أساسى من الشعب المصرى

نعمل على تعزيز مكانة المرأة وقدمنا مبادرات لزيادة تمكينها فى مجالات عدة

الفقر والتهميش أحد الأسباب التى تدفع بعضًا من شبابنا للانضمام إلى المتطرفين

الفرنسيون تركوا بصماتهم فى مصر وعلى وجه الخصوص فى القوانين ودستورنا

 انتصرنا فى معركة سيناء ضد الإرهاب.. وقواتنا المسلحة مستعدة دائما للدفاع عن الوطن

 

أجرت مجلة "اسبكتاكل دو موند" أو "المشهد العالمى" الفرنسية الشهيرة، حوارًا مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء المصري، تطرق فيه للعديد من الملفات الرئيسية، على رأسها: كيفية التعامل مع الزيادة السكانية، وأبرز الجهود لتمكين المرأة، ومواصلة عملية التنمية فى جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية وأيضا البيئية، وتوفير حياة كريمة لجميع فئات الشعب المصرى.

كما تطرق رئيس مجلس الوزراء المصري، فى حواره مع المجلة الفرنسية، إلى خطة الدولة لتطوير المناطق العشوائية والقضاء عليها تمامًا، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية لكى تتواءم مع عملية التنمية الشاملة التى تقودها الدولة المصرية فى جميع المجالات.

ونظرًا لأهمية الحوار؛ تنشر "البوابة نيوز" نص الحوار كاملًا، كما نشرته المجلة الفرنسية.

جانب من اللقاء

مصطفى مدبولى رئيس وزراء بلد سريع التغير، يواجه تحديًا ديموغرافيًا كبيرًا، أجرت معه مجلة "اسبكتاكل دو موند"، حوارًا أثناء زيارة وفد إعلامى وسياسى فرنسى لمصر، والتى نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط "سيمو"؛ والذى يترأس مجلس إدارته الكاتب الصحفى عبد الرحيم علي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "البوابة".

وفى يونيو المقبل، تحتفل مصر بمرور ١٠ سنوات على المظاهرات الشعبية التى أدت إلى طرد محمد مرسى ممثل جماعة الإخوان المسلمين من رئاسة مصر.. ومنذ ذلك الحين، تغيرت البلاد بشكل عميق، لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة. نفذ عبد الفتاح السيسي، الذى أُنتخب رئيسًا فى ٢٠١٤، إعادة هيكلة عميقة لمصر.. وتنشر المجلة هذا الحوار مع رئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى مدبولى.

فإلى نص الحوار:

اسبكتاكل دو موند: سيادة رئيس الوزراء، مصر كدول عربية لها مكانة كبيرة خاصة أنها تعتبر الدولة الأولى عربيا فى العديد من المجالات.. ومن أجل مواصلة عملية التنمية والنمو فى مصر ما هى التحديات التى تواجهونها وما هى أبرز السياسات التى يتم تطبيقها للتعامل مع تلك الأزمات والمشاكل؟

رئيس الوزراء: منذ ٦ سنوات عندما توليت المسئولية، جعلنا التنمية المحور الرئيسى للرد على المشاكل التى تواجه المواطنين المصريين؛ خاصة أننا تعدادنا الآن يصل لحوالى ١٠٥ ملايين نسمة وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا بسبب الزيادة السكانية خاصة أننا نزيد حوالى ٢ مليون مولود جديد كل عام. ومن هنا، نحن نفكر باستمرار لحل هذه الأزمة، من أجل الوصول لإعادة توزيع السكان فى جميع أنحاء الجمهورية وبالفعل نجحنا فى زيادة المساحة السكنية الإجمالية للمنطقة من ٧ إلى ١٢٪.

لهذا، لدينا خطان رئيسيان للعمل؛ المحور الأول يتعلق بتطوير المناطق العشوائية والأحياء الفقيرة وهذا الملف تم التعامل معه وحسمه بالفعل حيث نجحنا فى توفير سكن بديل لكل سكان تلك المناطق فى المدن الجديدة التى نبنيها وهذه السياسة الجديدة تأتى فى مبادرة "حياة كريمة" التى تم إطلاقها منذ فترة. إنه مشروع عملاق سنقوم من خلاله بتحسين حياة أكثر من ٥٨٪ من المصريين الذين يعيشون فى هذه الأقاليم التى تعانى من ظروف معيشية صعبة. كما نعمل على تطوير البنية التحتية العامة والطرق والمستشفيات والمدارس لتحسين الظروف المعيشية التى ستسمح للناس بالبقاء فى هذه القرى.

من الواضح أن القضية الرئيسية الأخرى هى الحد من الزيادة السكانية وبحلول عام ٢٠٥٠، من المتوقع أن نصل لحوالى ١٣٥ مليون نسمة وهناك بعض التقديرات تتوقع بأن نصل إلى ١٥٥ مليون نسمة. أيا كانت التوقعات فلا شك أن التحدى الذى نواجهه هو توفير مناطق مجهزة ومتطورة حضاريا صالحة للسكنى لاستيعاب هذه الزيادات.

وفى نفس الوقت، لدينا سياسة واضحة للحد من الزيادة السكانية فى الفترة المقبلة ولكن هذا الأمر صعب للغاية ونحتاج فيه إلى تغيير ثقافة وسلوكيات الكثير من المواطنين.. وفى إطار نفس الملف أيضا نعمل دائما على تعزيز مكانة المرأة فى مجتمعنا وقمنا بعمل الكثير من المبادرات لزيادة تمكين المرأة فى العديد من المجالات وتجريم أى اعتداء عليهن خاصة فى المناطق الريفية كما نحارب بقوة زواج أو عمل القاصرات.. أما محورنا الثانى فهو تدريب المواطنين وسيتم تضمين ميزانية خاصة مخصصة لهذا التحدى فى الموازنة.

اسبكتاكل دو موند:  من الواضح أن المسألة الديموجرافية لها تأثيرات كبيرة على مختلف المجالات وتحتاجون موارد مائية جديدة لمواجهة تلك التحديات.. ما هى استراتيجيتكم حيال ذلك؟

رئيس الوزراء: تتطلب هذه التغيرات الديموغرافية أيضًا جهودًا كبيرة فيما يتعلق بتوزيع المياه. لقد أنشأنا محطات جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحى وتحلية مياه البحر، وهى خطوة أساسية، حيث أن مواردنا من المياه العذبة محدودة ولأن النيل هو المصدر الرئيسى الوحيد للمياه، بنسبة ٩٥٪. وهذا يمثل ما معدله ٥٥ مليار متر مكعب.

وفى الواقع، النهر حيوى ومركزى بالنسبة لنا وأيضا لجيراننا؛ لذلك نلتزم دائما، فى إطار احترام القانون الدولي، بالحفاظ على حقوق جميع الدول المطلة على النيل وأيضا نعمل على التوصل إلى اتفاق عادل مع جيراننا خاصة أن قضية المياه مسألة حيوية ويجب على المجتمع الدولى أن يدرك هذه الصعوبة.

اسبكتاكل دو موند:  إلى جانب التحديات الديموجرافية والبيئية الرئيسية التى يتعين عليكم مواجهتها، كان على الحكومة أيضًا مقاومة الإسلام السياسى والراديكالي، الذى لم يتردد فى مهاجمة المصريين مباشرة.. ما رأيكم فى ذلك؟

رئيس الوزراء: نحن نحارب الأفكار التكفيرية والأيديولوجية المتطرفة منذ ١٠ سنوات، والمشكلة الحقيقية هى أن هذه الاشتباكات لم تكن أبدًا حربًا تقليدية. ولن ننسى أبدًا أن ٣٠٠٠ من مواطنينا فقدوا حياتهم فى هذه الحرب بين جنود جيش وشرطة ومدنيين.. كلهم استشهدوا دفاعا عن وطنهم وشعبه.. ولن ننسى أن هذه الجماعات قتلت ٣٠٠ مصلى خلال صلاة الجمعة داخل المسجد وكانت صدمة مروعة للمجتمع المصرى كله.

كما نعلم أن أحد الأسباب التى تدفع بعضًا من شبابنا للانضمام إلى صفوف المتطرفين هو الفقر والتهميش. هذا فقط يقودنا الى فكرة أننا يجب أن نستثمر أكثر فأكثر فى تحسين مستويات الخدمات المقدمة للمواطنين.

لكننا اليوم انتصرنا فى معركة سيناء ضد الإرهاب. لقد كانت معركة صعبة بشكل خاص. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الذين انتقلوا إلى صفوف الإسلاميين تم دعمهم وتجهيزهم من قبل محترفين مقيمين فى الخارج. وأمام كل ذلك، تظل قواتنا المسلحة دائما مستعدة للدفاع عن الوطن وحكومتنا تكمل هذا الخط الدفاعى من خلال تطوير الهياكل التعليمية والصحية والتدريبية لسكاننا، وهى الخطوة الأولى ضد تطور الإرهاب.

اسبكتاكل دو موند: دوليًا، تعتبر مصر من الدول التى لم تقم باتباع نظام العقوبات الغربية ضد روسيا.. هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟

رئيس الوزراء: هذه نقطة مهمة جدًا.. تحرص مصر على الحفاظ على علاقاتها مع جميع الأطراف ولا نريد صراعات جديدة بل نسعى إلى علاقات جيدة مع الجميع. وعلينا التأكيد أن سياستنا الخارجية لا تقوم على المنافسة بين الدول، بل على العكس من ذلك تقوم على التوافق والتكامل معها.

وعلى المستوى الإقليمي، عندما تكون الدول العربية قوية، فهذا عنصر إيجابى لجميع الدول العربية خاصة أن سياساتنا ونجاحاتنا لا تتعارض مع بعضها البعض ولكنها تكمل بعضها البعض. وبالفعل لدينا نفس التوجهات الاستراتيجية ونحن سعداء بشكل خاص بالنجاحات والتطورات التى حققتها دول الخليج وعلى الجانب المقابل نحافظ دائما على علاقاتنا مع الدول الأوروبية.

نحن منفتحون على الجميع. لا ننسى أن مجتمعنا الحديث كان مستوحى إلى حد كبير من الأوروبيين وخاصة الفرنسيين الذين تركوا بصماتهم على وجه الخصوص فى قوانيننا ودستورنا. كل هذا هو تاريخنا وتراثنا خاصة وهذا التاريخ والتراث المشترك هو السر وراء معاداة المصريين للأفكار المتطرفة. لهذا السبب لم يتمكن الإخوان المسلمون من البقاء فى السلطة.

وفى الواقع، لا أحد يستطيع تقسيم المجتمع المصري؛ والأقباط ليسوا أقلية كما يدعى البعض بل هم جزء أساسى من الشعب المصري. ولى أنا شخصيا أصدقاء طفولة من الأقباط ولم اكتشف الاختلاف الدينى بيننا إلا فى وقت متأخر جدًا من مرحلة المراهقة. ولم يكن هناك أى توتر بيننا.. ومن أجل كل ذلك انتفض المصريون ضد الإخوان لأنهم أدركوا أنهم يريدون تغيير طبيعتنا وجذورنا العميقة.

اسبكتاكل دو موند: منذ وقت ليس ببعيد، استضاف بلدكم قمة المناخ COP ٢٧ فى شرم الشيخ، ما مدى أهمية القضايا البيئية لبلدكم؟

رئيس الوزراء: ساعدت قمة المناخ COP ٢٧ على زيادة وعى المواطنين المصريين بخطورة قضية تغير المناخ. لدينا خطة طموحة لتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة كما تمتلك مصر العديد من المشروعات التى تعمل عليها فى مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر. بحلول عام ٢٠٣٥، يجب أن يأتى ٢٢٪ من طاقتنا من الطاقات المتجددة. وفى نهاية المطاف، ستعمل الطاقة الخضراء أيضًا كحلقة وصل مع أوروبا، والتى سنتمكن من تصدير هذه الطاقة لها.