الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

«وجودي مهم لإنقاذ المرضى».. حكاية طبيب مصري رفض العودة من السودان

طبيب مصري رفض العودة
طبيب مصري رفض العودة من السودان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بين ليلة وضحاها، تحولت الحياة في العاصمة الخرطوم لفزع كبير، إثر اندلاع اشتباكات مُسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؛ ما دفع العديد من الدول لتسيير جسور نقل «جوًا وبرًا وبحرًا» لنقل رعاياها العالقين بين القصف والقنص في ثالث أكبر بلد إنتاجًا للذهب في القارة السمراء.

في الوقت ذاته، ترك الآلاف من السودانيين منازلهم رغمًا عنهم؛ هربًا من جحيم حرب لا تُفرق بين مدنيًا وعسكريًا؛ وسط انعدام شبه كامل لملامح الحياة الإنسانية العادية بما فيها الماء والغذاء؛ فمن لم يمُت بالرصاص مات جوعًا أوعطشًا؛ ومن نجا بنفسه لاحقته الأزمات الصحية بعد تضرر شبه كامل للقطاع الطبي والصحي في البلاد، إثر تداعيات الحرب ونزوح الأطباء وارتفاع حدة نقص المُستلزمات الطبية الضرورية؛ إضافة إلى خروج عددٍ كبير من المُستشفيات عن الخدمة.  

الأزمات المُتعددة وانزلاق البلاد نحو الهاوية؛ دفع الآلاف لمُحاولة النجاة بأنفسهم من جحيم الحرب عبر حركة نزُوح كُبرى داخليًا وخارجيًا؛ إلا أن طبيب المسالك البولية المصري عبدالعاطى المناعي؛ كان له رأيًا آخرًا؛ مُعلنا رفضه الرحيل؛ مُتمسكًا بالبقاء في البلاد التي وطأتها قدماه مُؤخرا في يناير الماضي؛ مُؤكدا تواجده بين السودانيين داعمًا لهم في محنة قاسية ألمت وآلمت السودان الشقيق. 

الطبيب المصري صعيدي الأصل، والقناوي المنبت تحديدًا؛ أكد لـ"البوابة نيوز" أن تواجده في السودان كان لتنظيم مؤتمرًا عن السياحة العلاجية؛ إلا أن وقوع الأحداث دفعه بقوة للبقاء في السودان لدعم أهلها ومساعدتهم في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها بلادهم، مُعتبرًا أن السودان هي بلده الثاني وتمتد صداقته بشعبه منذ 2007. 

طبيب المسالك البولية المصري عبدالعاطى المناعي

ويقول «المناعي»: أن كمصري لا يمكن أن أغادر السودان في ظل الظروف التي يعيشها.. واجبي كمصري وطبيب يحتم عليا المساعدة والمساندة ودعم الأشقاء؛ مؤكدًا أن عدد كبير من الأصدقاء أتاحوا له فرص جيدة لمغادرة السودان، ولكن كان رفضه قاطعًا خاصة مع تردي الخدمات الطبية في البلاد نتيجة الأحداث الأخيرة. 

ويضيف، أكثر من 75% من المستشفيات خرجت عن الخدمة في السودان إلى جانب استهداف الأطقم الطبية، أصبح أزمة كبيرة جدًا في السودان بسبب ظروف الحرب.. «وجودي هنا مُهم جدا.. سواء اشتغلت ممرض أوطبيب أو أي فرد مساعد في الأطقم الطبية.. لدعم الأشقاء في السودان».

ويؤكد استشاري المسالك البولية والمقيم في السودان؛ أن الحي الذي يقطن به، يوجد فيه عشرات المرضى المصابين بأمراض المزمنة، ومركزه هو العيادة الطبية الوحيدة بالحي، وتبعد عن أقرب مستشفى بحوالي 45 دقيقة تقريبًا، ويوجد بها جهاز لاستنشاق الأطفال والكبار وأجهزة الضغط والسكر، وبعض المحاليل وموانع النزيف».. مشيرًا إلى أن السودان تعيش واقعًا مريرًا وأيام وظروف قاسية نتيجة الحرب غير المتوقعة على الاطلاق. 

د.  عبدالعاطى المناعي

لم يمكث الطبيب المصري في السودان داخل عيادة الطبية التي لم تفتح أبوابها أمام الجمهور من قبل، ينتظر قدوم الحالات المرضية لإجراء الكشف عليها مجانًا؛ ولكن كان هناك مبادرة إنسانية منه بشأن إعلان استقباله الاتصالات والاستشارات الطبية عبر كافة مواقع التواصل الاجتماعي والهاتف المحمول؛ تسهيلًا على المرضى وذويهم في ظل الظروف القاسية التي تشهدها السودان. 

اتصالات واستشارات المرضى هاتفيًا، تمكن الطبيب المصري من إسعاف عدد كبير من المرضى، سواء كان بتوجيه النصيحة الطبية للمريض عبر الهاتف وبقاء المريض في منزله؛ أو ضرورة نقل المريض لأقرب مستشفى أواستقباله بالعيادة المجانية لتضميد جروح المرضى.   

ويكمل «المناعي» والممارس للطب منذ 23 سنة، أنه خلال الفترة الماضية استقبل بعيادته ما يقرب من 35 حالة بالإضافة إلى استقبال كم هائل من الاستفسارات الطبية عبر الهاتف ورسائل التواصل الاجتماعي. مؤكدًا استمرار تقديم الخدمات الطبية والإنسانية للمحتاجين طول حياته، لافتًا إلى أن عودته إلى مصر لن تكون قبل إتمام واجبه الطبي والإنساني في ظل المحنة التي يشهدها السودان. 

مستشفى في السودان 

وبلغ إجمالي الإصابات 4599 حالة و528 حالة وفاة تم تسجيلها بكل المستشفيات بولايات السودان، في الفترة من 15 وحتى يوم 27 أبريل 2023، حسب بيان وزارة الصحة السودانية. وسجلت منظمة الصحة العالمية، الإثنين، 26 استهدافًا لمرافق صحية في السودان منذ بدء الاقتتال بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، منتصف أبريل.

وفي بيان سابق لنقابة أطباء السودان، فإن 70 % من المستشفيات الواقعة بالقرب من مناطق الصراع خارج الخدمة، من أصل 86 مستشفى رئيسي في العاصمة الخرطوم والولايات. 

وأوضح البيان يوجد 61 مستشفى خارج الخدمة و25 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي (بعضها يقدم خدمات طبية طارئة فقط)، لكنهم أيضا معرضون لخطر الإغلاق بسبب نقص الكوادر الطبية والإمدادات والمياه والكهرباء.

ولفت بيان أطباء السودان إلى أنه تم قصف 16 مستشفى وإخلاء 19 مستشفى بالقوة، بالإضافة إلى هجوم 6 سيارات إسعاف وعدم السماح بمرور أخرى لنقل المرضى وتسليم الإمدادات.