الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

أينما تكونوا تحرُسكم مصر| نور سمير: الأشقاء في السودان ساعدونا للهروب.. والجيش حملنا لبر الأمان

نور محمد سمير
نور محمد سمير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"عُمرنا ما جه في دماغنا إنهم يرجعوا بالهدوم اللي عليهم".. تلك الجملة القاسية بدأت بها والدة طالب الفرقة الثالث بالثانوية العامة في السودان نور محمد سمير، حديثها لـ "البوابة نيوز"، بعد أن  جاءت الحرب هادمة لأحلام أسرة مصرية بسيطة تعيش بإحدى قرى مركز قويسنا بمحافظة المنوفية، والتي كانت تعتقد أن مُكوثهم بالسودان سيمتد لسنوات طويلة. 

بعد 12 عامًا من عمل الزوج مُحاسبًا في إحدى الشركات بالسودان؛ والتحاق الابن البكري للأسرة بالثانوية السودانية؛ أتت الحرب طاوية سنوات العمل والتعلم، قاطعة مسار التخطيط لالتحاق البنت الصغرى للأسرة بالثانوية السودانية – أسوة بأخيها - بعد اندلاع حربٍ قاسية ألمت وآلمت سودانًا شقيقًا. 

يسرد الطالب الذي حصل على المركز الأول في الصف الثاني الثانوي بمدرسة العالمية في السودان؛ لـ "البوابة نيوز" كواليس رحلة إنقاذ حياته هو وأبيه من جحيم الحرب لبر الأمان؛ بعد أن انتشلتهما طائرة حربية أقلعت من القاعدة الجوية بـ وادي سيدنا هابطة في مطار شرق القاهرة؛ بعد اندلاع حرب قاسية توشك على تدمير الأخضر واليابس في العاصمة السودانية الخرطوم. 

اقرأ أيضًا: 
صحة السودان في مرمى نيران المدافع| متحدث الصحة في الخرطوم لـ"البوابة نيوز": لدينا عجز كبير في الأطقم الطبية ونعمل بالحد الأدنى.. ولا يوجد خطر بيولوجي


عاش "نور" برفقة أبيه لمدة عامين بالسودان، وتحديدًا بالقرب من منطقة المطار في العاصمة السودانية الخرطوم، بعد أن أقنعته أسرته بالسفر مع أبيه لاستكمال مسيرته التعليمية في السودان؛ ليلتحق بالصف الثاني الثانوي بمدرسة العالمية، فتفوق دراسيًا وحصد المركز الأول على زملاءه في المدرسة، وهو الأمر الذي دفعه للاستمرار والالتحاق بالصف الثالث الثانوي في المدسة ذاتها، أملًا في تحصيل أعلى الدرجات ومن ثمّ العودة إلى وطنه مصر؛ والالتحاق بإحدى جامعاتها.   

الموت بات أقرب ما يكون للإنسان 

ويكمل قائلًا: "كانت الأمور تسير بطبيعتها المُعتادة في الخرطوم قبل الـ 15 من أبريل 2023؛ ولكن في اليوم المذكور انقلبت الدنيا رأسًا على عقب؛ بعد اندلاع اشتباكات مُسلحة دامية لا تفرق بين مسلحٍ وأعزلٍ؛ لتتبدل الحياة الهادئة والروتينية لحجيم مُتواصل الليل بالنهار؛ وبات الموت أقرب ما يكون للإنسان. 

على مدار 7 أيام منذ اندلاع الاشتباكات في الحي الذي أسكن فيه بالقرب من حي المطار في العاصمة الخرطوم؛ عشت أنا وأبي في عزلة وظلام دامس، فالتيار الكهربائي مُنقطع بشكل شبه مستمر؛ وشح المياه ضرب الحي الراقي فيما اختفت تمامًا خدمات الإنترنت والاتصالات؛ ولا يسمع إلا أصوات المدافع والرشاشات ولا يُرى سوى الجُثث والحرائق والانفجارات، وأصبحنا مُحاصرين داخل جُدران منزلنا.. فالخروج من المنزل يعني الموت المُحقق. 

ويُضيف الطالب العائد من حجيم الحرب في الخرطوم، فسدت السلع الغذائية المُخزنة في الثلاجات، وتزامن ذلك مع ارتفاع درجات الحرارة وصيام رمضان؛ ولم يبقى لدينا سوى "خبزًا ناشفًا و4 زجاجات مياه فقط" وهو ما مكننا للعيش 10 أيام على قيد الحياة؛ إلى أن تمكن صديق لأبي للوصول إلينا وكان هو طوق النجاة لنا، من بؤرة الجيحم  وفك حصارنا.  

 

الأشقاء في السودان ساعدونا للهروب

بعد 10 أيام من اندلاع الاشتباكات، تمكن أحد العملاء بالشركة التي كانوا يعمل بها والدي منذ 12 عامًا في السودان، من مساعدتنا على الهروب من حي المطار في العاصمة السودانية الخرطوم، قاصدين حي الطائف على أطراف الخرطوم ليفتح لنا "الصديق السوداني" منزله، مُلبيًا كل مُتطلباتنا من مأكل ومشرب وإقامة. مؤكدًا لـ "البوابة نيوز": "الأشقاء في السودان عملوا معانا حجات جميلة لم تكن في الخيال.. وهم أصحاب الفضل في هروبنا من جحيم الحرب". 

من السودان لـ قويسنا - المنوفية

يكمل "نور" قائلًا: أيام معدودة وتمكن الأشقاء في السودان من تأمين رحلتنا من حي الطائف في الخرطوم وصولًا إلى القاعدة الجوية بمنطقة وادي سيدنا، والتي مكثنا بها 3 أيام؛ فيما كانت مصر تسير جسورًا جوية يوميًا للقاهرة لنقل المصريين من السودان، وكانت الأولوية لكبار السن والمرضى وذوي الهمم والحوامل والأطفال؛ لافتًا إلى أنه فور إخبار السلطات بالمطار عن معُاناته من مرض السكري، كان في صباح اليوم التالي صاعدًا برفقة أبيه على متن طائرة حربية نقلتهم إلى مطار شرق القاهرة، ومنه إلى منزلهم بمركز قويسنا بمحافظة المنوفية.