الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السودان.. جرح لابد أن يندمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صار حديث الشاشات، السودان ومفارق الطرق، وبالرغم من توقع ما حدث إلا أن وجع حدوثه يدمى القلب.. السودان ليس مجرد جار لنا ولكنه قلبنا الذى إذا تعافى تعافينا وإذا مرض تعبنا معه، السودان وشعبها الطيب الذى إذا ما التقيت أحدهم فى أى دولة فى العالم لن يناديك باسمنا المشهور "يامصري" ولكنه إختار لنا إسمه المحبب "سلامات يا ابن النيل".

 واليوم ونحن نرى النيل حزيناً فى الخرطوم نتردد فى القاهرة من فسحة الكورنيش أو التمشية على كوبرى قصر النيل.. لن أذهب نحو من أطلق الرصاصة الأولى ولكننى سوف أذهب مباشرة إلى أهمية الدولة وضرورتها، سوف أشير إلى إحترام القانون ولو كان متعسفاً، النضال نحو تغيير مصفوفة القوانين هو نضال طويل يعرفه من يعرف بحق قدسية دماء الشهداء.
أما الاحتكام إلى صندوق الذخيرة عوضاً عن صندوق الإنتخابات فهو الجنون بعينه، ربما تراكم سنوات الإخوان أو الكيزان كما يطلق عليهم فى السودان هى التى أدت لما نراه الآن، فكيف لدولة ناضجة وراشدة مثل السودان أن تعيش بينما أمنها الداخلى والخارجى يعمل برأسين، رأس شرعية يعرفها الجميع واسمها الجيش والثانية أسموها الدعم السريع.


أفهم أن زمن البشير بتعقيداته انتهى وكان لابد أن ينتهى معه تلك النتوءات التى خلقها فى الجسد السوداني، وأفهم أن البلد التى أنجبت الطيب صالح ومحمد وردى وفاروق أبوعيسى وصديقى الذى زاملنى سنوات الغربة الكاتب والناقد خالد ساتى لا يمكن لبلد بهذا الثراء أن يرتهن مصيره لفوهات البنادق وصوت جنازير الدبابات.

المشهد حزين والدخان الأسود الذى غطى سماء الخرطوم سيظل طويلاً فى الذاكرة.. الوطن كما تعلمنا من الكاتب المصرى المقاتل جلال عامر قد نختلف معه ولا يمكن أبداً أن نختلف عليه.

لذلك أحسنت الخارجية السودانية صنعاً وكذلك مندوب السودان فى الجامعة العربية حيث أكدا أن السودان يرفض التدخلات الأجنبية فيما يدور على أرضها الآن، الخلاف سودانى سودانى وسوف يتم حسمه من الداخل بما يليق بتاريخ وإسم وطموح السودان.

وليس معنى هذا الغلق فى الحلول، أن لا يبادر المحيط العربى والإفريقى بالفزعة المطلوبة، ولا يمكن اعتبار المجهودات العربية والافريقية تدخلاً أجنبياً لأن، ببساطة، الهم واحد والنتائج سوف تطال الجيران، لا يمكن التنبؤ بموعد إنتهاء هذه الحرب المؤسفة ولكن يمكن التأكيد على أن السودان الموحد والجيش الموحد والدولة المركزية القوية فى السودان سوف تنتصر فى نهاية الأمر، ولعل البيان الذى صدر مؤخراً عن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة حول انفجار الأوضاع بالبلاد يكشف بوضوح أن الشعب السودانى المسالم لن يقبل إلا بشرعية الجيش كما يرى أن هناك ضرورة لوجود سلطة وطنية حرة، لذا أكد البيان على وقفة نظارات البجا المبدئية والصلبة مع الجيش، وترجع أهمية هذا البيان إلى العمق الجغرافى الذى تتمتع بها نظارات البجا حيث تسيطر على المساحة الواسعة من شرق الخرطوم وصولا إلى ساحل البحر الأحمر، وتدلل نظارات البجا على موقفها الواضح وتعاونها مع القوات المسلحة أنها قامت بتسليم سيارات الدفع الرباعى التى تركها أطقم المتمردين ببورتسودان إلى القوات المسلحة، وبالإجمال نرصد هنا أن شرق السودان لن يكون أبداً موطئ قدم لأى قوة متمردة.

هذا الجديد الواضح والحاسم مختلف تماماً عن مواقف التيارات السياسية والحركة المدنية فى السودان حيث إختارت لغة رمادية ومسك العصا من المنتصف فى انتظار المنتصر حتى ولو على جثة مستقبل الوطن.
نعود ونكرر.. حسم الحرب فى السودان وانتهاؤها سيكون بدايتنا نحن هنا كى نتمشى على شاطئ النيل فى هدوء.