الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

تحليل "ضد التيار".. خبير المخابرات إيريك دينيسى يحدد أبعاد الأزمة فى أوكرانيا.. الرئيس الأمريكى كان فى طريق مسدود داخليًا.. ونصب الفخ لروسيا..

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يجب أن نتوقف عن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تقول الحقيقة دائمًا أو أنها "قوة مفيدة للبشرية" وتهدف إلى صالح العالم 

 

 

أجرى ألكسندر ديل فال، هذا الأسبوع، حوارًا مع إيريك دينيسى، مؤسس ومدير المركز الفرنسى لأبحاث الاستخبارات، من أجل تقييم المخاطر الجيوستراتيجية الكبرى بعد عام من الحرب الروسية الأوكرانية والروسية الأمريكية. من ناحية، نحاول من خلال هذه السطور إظهار الجانب الخفى فى سياق مواجهة أوسع بكثير بين الغرب المتمركز حول أمريكا، ومن ناحية أخرى، روسيا التى أصبحت الحارس الأول ضد التحدى العالمى متعدد الأقطاب فى النظام الدولى الذى تريده الولايات المتحدة.

يعتبر إيريك دينيسى أحد الخبراء المتميزين فى هذا المجال، فهو حاصل على دكتوراه فى العلوم السياسية وشخصية قادرة على التميز فى المجال البحثى.. دينيسى هو مؤسس المركز الفرنسى لأبحاث الاستخبارات  (CF2R)وهو ضابط ومحلل سابق فى الأمانة العامة للدفاع الوطنى (SGDN) ، ومدير تنفيذى سابق لصناعة الأسلحة، ثم مبتكر قسم الاستخبارات الاقتصادية لمجموعة GEOS. 

ويتمتع دينيسى  بخبرة ميدانية وأكاديمية؛ فقد عمل لفترة فى كمبوديا، جنبًا إلى جنب مع المقاومة المناهضة للشيوعية، ثم فى بورما، لحماية مصالح "توتال" ضد المتمردين المحليين. كما عمل مستشارًا لوزارة الدفاع فى شأن مستقبل القوات الخاصة وسافر إلى جميع البلدان التى تأثرت بـ"الثورات" العربية، من المغرب إلى سوريا، لمتابعة هذه الأحداث الكبرى على أرض الواقع. 

وأثار تحليله "المعاكس تمامًا للتيار" الأوكرانى جدلًا وتغطية إعلامية كبيرة بسبب انتقاداته الراديكالية للسياسة الأمريكية والغربية والأطلسية ووصفه المضاد لزيلينسكى والمعسكر الأوكراني. كما قام دينيسى  بتأليف العديد من الكتب، وحصل عمله عن موضوع الاستخبارات على جائزة فى عام 1996 من مؤسسة الدراسات الدفاعية (FED) وجائزة أكروبوليس لعام 2009 (معهد الدراسات الأمنية المتقدمة الداخلية).

وإلى نص الحوار: 

 

  • لو ديالوج: إيريك دينيسى، حسب مداخلاتك المكتوبة أو الإذاعية والتلفزيونية، يبدو أن الحرب فى أوكرانيا قد أثارتها الولايات المتحدة، فماذا تقول فى هذا الأمر؟

إيريك دينيسى: إذا كانت روسيا هى المعتدى فى هذا الصراع، فإن أولئك الذين دفعوها إلى هذا الهجوم، هم بلا شك، الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى وحكومة زيلينسكى. ومن الضرورى ألا ننسى ذلك أبدًا. وإذا لم يحنث القادة الأمريكيون بالوعود التى قطعوها فى موسكو، وإذا لم يكن الناتو يتوسع باستمرار، وإذا كانت فرنسا وألمانيا قد تمكنتا من إجبار كييف على احترام اتفاقيات مينسك، وإذا لم يلتزم زيلينسكى وزمرته بالنصيحة الكارثية من قبل مرشديهم الأمريكان، فلن نكون هنا ونصل إلى كل ذلك. وبالطبع، لا يمكن إعفاء روسيا من المسئولية، ولكن إلقاء اللوم عليها وحدها فى هذا الصراع هو تحريف للواقع، إن لم يكن تضليلًا متعمدًا.

ويُظهر تحليل الحقائق أنه منذ خريف عام 2021، واجهنا سيناريو إعلاميًا تم اختلاقه من الصفر فى واشنطن - يذكرنا بالسيناريو الذى أضفى الشرعية على غزو العراق فى عام 2003 - بهدف ثلاثى، وهو دفع موسكو إلى الخطأ، وحشد الأوروبيين وراء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى، وصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية التى كان الرئيس بايدن يعانى منها فيما يتعلق بالسياسة الداخلية.

كانت الإستراتيجية الأمريكية واضحة: إثارة حادثة فى نهر دونباس لإثارة رد فعل روسى. وهذه ليست المرة الأولى التى يلجأ فيها الأمريكيون إلى هذا النوع من الحيل ليعطوا أنفسهم دور المهاجمين ويبررون الرد "المشروع": الأول فى الخليج (العراق، 1991)، حيث أرسلت واشنطن إشارات كاذبة إلى صدام حسين، مما جعله يعتقد أنه يمكن أن يغزو الكويت دون عواقب. وحرب العراق الثانية (2003) باستخدام حجتين مختلقتين: الاتصالات بين صدام والقاعدة، ووجود أسلحة دمار شامل.

منذ خريف عام 2021، وبعد أن رفضت روسيا الانضمام إلى أوامرهم غير المقبولة، زاد الأمريكيون من الاستفزازات ضد موسكو، بدلًا من السعى للحد من التوتر. وهكذا، فبدلًا من دفع الأوكرانيين للتفاوض مع جمهوريات دونباس (التى لم تكن انفصالية وتطالب فقط بالاستقلال اللغوى)، كما هو منصوص عليه فى اتفاقيات مينسك، أرسل الأمريكيون على العكس من ذلك بمستشارين عسكريين.. قمة التناقض، أعلن ينس ستولتنبرج، الأمين العام للحلف الأطلسى، بلا خجل فى 10 ديسمبر 2021، بعد لقاء أولاف شولتز، المستشار الألمانى: "لا يمكننا أن نقبل أن موسكو تحاول استعادة نظام يكون فيه للقوى العظمى مثل روسيا مجالاتها التأثيرية التى يمكنهم من خلالها التحكم فى ما تفعله الدول وما لا تفعله (...). لن نتنازل عن حق كل دولة فى أوروبا فى اختيار مصيرها". من وجهة نظره، إذا كان من الممكن منح واشنطن منطقة نفوذ، فلا يمكن السماح بذلك لروسيا ولا شك أنه من المناسب أن نتذكر الطريقة التى رد بها الأمريكيون على محاولات الاتحاد السوفيتى، خلال الحرب الباردة، إقامة تحالفات مع البلدان المجاورة (كوبا ونيكاراجوا، إلخ). يجب أن نتذكر أيضًا أن مبدأ مونرو، إعلان حقيقى عن دائرة نفوذ تغطى قارة بأكملها والتى تحظر- بحكم الأمر الواقع - أى تدخل فى الأمريكتين من قبل دولة غير أمريكية وأن ذلك إن حدث، فيكون الأمر تحت طائلة عقوبة انتقامية من واشنطن.

بالتوازى مع هذه الحرب المعلوماتية، منذ نهاية عام 2021، ضاعف الغربيون (الأمريكيون والإنجليز والسويديون والإيطاليون والفرنسيون) الرحلات الجوية لجمع المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية بالقرب من الحدود الروسية والبيلاروسية والتى تتكاثر بشكل يومى. ثم، فى أوائل عام 2022، بدأ البريطانيون فى تسليم الأسلحة إلى كييف. ومع ذلك، لم يكن هناك حادث يستحق الاستنكار على الرغم من الطبيعة الهجومية للغاية لهذه المهام، فقد أظهر الروس ضبطًا واضحًا للنفس. إذا كانت موسكو قد انخرطت فى أعمال مماثلة قبالة الساحل الأمريكى، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة لم تكن لتتسامح معها. وقد أظهروا ذلك واضحًا فى عام 1962 أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، بالرغم من كونها دولة ذات سيادة.
 

  • لو ديالوج: إذن ما هى أسباب إثارة الحروب من جانب واشنطن والتى تقوم بإدانتها؟

إيريك دينيسى: كانت سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا مدفوعة جزئيًا من جانب الرئيس جو بايدن الذى لجأ إلى ذلك للابتعاد عن الصعوبات المتزايدة التى كان يواجهها فى السياسة الداخلية. فى الواقع، بعد عام من دخوله البيت الأبيض، تعرقل عمل بايدن بالفعل: تضخم بنسبة 7٪، وإدارة غير منتظمة لوباء كورونا، ورفض المحكمة العليا لقانون العمل الخاص به، ومشاريع الإصلاح التى تم حظرها فى مجلس الشيوخ. 1750 مليارًا فى الإنفاق الاجتماعى من قبل معسكره، (الإصلاح الانتخابى لم يتم التحقق من صحته)، نسبة شعبيته تقل (33٪ فقط من الآراء المؤيدة عندما تم انتخابه لمدة أقل من عام)، انقسام المعسكر الديمقراطى، عودة قوية لترامب وأنصاره.. إلخ. كانت الصعوبات تتراكم بالنسبة للرئيس الأمريكى الذى كان يمشى فى طريق مسدود. ثم ابتكر خبراء البيت الأبيض استراتيجية لإنقاذه، متظاهرين بأنه كان يمنع غزو أوكرانيا من خلال الوقوف فى وجه فلاديمير بوتين. لذلك كلما عانى بايدن أكثر على الساحة المحلية، زاد عدد حركة سباين دكتورز Spin doctors  المحيطة ببايدن من حجم التوترات مع موسكو كما استمرت الصعوبات الداخلية التى يواجهها جو بايدن. وفى 17 فبراير، أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون مؤقت لتمديد تمويل الحكومة الفيدرالية حتى 11 مارس، متجنبًا بصعوبة إغلاق الحكومة ومنح البرلمانيين ثلاثة أسابيع لوضع ميزانية سنوية (قرار الميزانية). ووجدت البلاد نفسها فى مأزق: إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الكونجرس والبيت الأبيض قبل 11 مارس 2022، فسيحدث انقطاع فى التمويل الفيدرالى؛ ولن يتم دفع رواتب موظفى الخدمة المدنية ولن يتم تكبد النفقات الحكومية، لا سيما العسكرية.. لذلك كانت انتكاسة خطيرة للغاية لضيف البيت الأبيض، الذى كان له بالتالى مصلحة فى اندلاع أزمة كبرى فى أوكرانيا، والتى من شأنها أن تسمح له بتجاوز الحصار المفروض على الكونجرس. وهكذا تم نصب فخ "ميكافيلي" للروس من قبل المحافظين الجدد الأمريكيين: لجعل الضغط على دونباس لا يطاق بالنسبة لروسيا لدفعها للتدخل عسكريًا فى أوكرانيا، وتشويه سمعتها دوليًا وعزلها عن أوروبا الغربية.

•     لو ديالوج: ألا توجد معايير أو دوافع أخرى لإثارة الحروب؟

إيريك دينيسى: بالتأكيد. هناك أسباب أخرى أكثر استراتيجية، تؤسس لتلك السياسة الأمريكية العدائية تجاه موسكو: كان أساسيًا، بالنسبة لهم، إخضاع أو إضعاف روسيا للترتيب لمواجهة مستقبلية مع الصين. وكانت أوكرانيا هى المسرح الذى قاموا بإختياره لمحاصرة وإيقاع موسكو فى الفخ.

•     لو ديالوج: غالبًا ما تتحدث عن حرب المعلومات المفرطة، لكن إذا تحدثت الصحافة الغربية عن حق عن تضليل الدولة الروسية، والذى غالبًا ما يكون فظًا، فماذا عن التلاعب والتضليل من الدول الغربية؟

إيريك دينيسى: يجب أن يُنسب الفضل لحركة  سباين دكتورز لوراء المحيط الأطلسى حيث تم تسليط الضوء على التهديد الروسي. وتتعدد أوجه التشابه بين الأزمة الأوكرانية الحالية والتأهب لغزو العراق عام 2003. لقد بنى الأمريكيون تهديدًا لم يكن موجودًا، وبالتالى أطلقوا عملية نفسية كبيرة على أمل أن تتحقق نبوءاتهم وأن روسيا سترتكب خطأ يسمح لهم بمعاقبتها. فى عام 2003، بعد حملة إعلامية مكثفة تستند إلى مزاعم كاذبة، غزت واشنطن العراق بشكل غير قانونى، متجاوزة قرار الأمم المتحدة، وبالتالى خرق القانون الدولى بشكل صارخ.

  • لو ديالوج: لكن ألم تكذب واشنطن عندما حذر جو بايدن ووكالة المخابرات المركزية نهاية عام 2021، من اقتراب هجوم روسى على أوكرانيا؟

إيريك دينيسى: يجب أن نتوقف عن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تقول الحقيقة دائمًا، أو أنها "قوة مفيدة للبشرية" وسلمية، وتهدف فقط إلى صالح العالم.. منذ نهاية الحرب الباردة، أظهرت واشنطن هيمنتها المتزايدة، وفرضت قوانينها دون قيود على بقية العالم، وفرضت عقوبات على حلفائها وابتزازهم، وتشبع الرأى العام بالمعلومات التى تخدم مصالحها، رافضة عرض مواطنيها المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC) وبعد أن نأت بنفسها بوضوح عن احترام حقوق الإنسان (إضفاء الشرعية على بعض أشكال التعذيب، والاختطاف خارج نطاق القضاء، والسجون السرية، وما إلى ذلك) فى سياق مكافحة الإرهاب. الأمريكيون يمارسون سياسة فى العالم لا تستجيب إلا لمصالحهم الخاصة. لكن على الرغم من ذلك، تمكنت الولايات المتحدة من إقناع حلفائها الأوروبيين، الساذجين والخاضعين لها، بأن وجهة نظرها هى "الحقيقة الموضوعية" وأن كل من وصفتهم خصومها هم "أشرار".. بالطبع الواقع مختلف تمامًا.

  • لو ديالوج: هل لديك المزيد من الأدلة الملموسة لدعم هذه الاتهامات الخطيرة باستفزاز أمريكى مهيمن فى مواجهة روسيا المحاصرة؟

إيريك دينيسى: من المهم أن نتذكر بعض الحقائق التى تتحدث عن نفسها والتى تم الإبلاغ عنها فى تقرير المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن (IISS) المنشور فى فبراير 2022:

- تحتل ميزانية الدفاع الروسية (62.2 مليار دولار) المرتبة الخامسة فى العالم وهى أقل 12 مرة من ميزانية الولايات المتحدة (754 مليار دولار)، وهو بحد ذاته أعلى من الإجمالى التراكمى لميزانيات الدفاع فى الاثنتى عشرة دولة التالية فى هذا الترتيب.

- بإجمالى 71.6 مليار دولار، تمتلك المملكة المتحدة ثالث أكبر ميزانية دفاعية فى العالم قبل الهند وروسيا وفرنسا (المرتبة السادسة) وألمانيا (السابعة).

- وبالتالى فإن ميزانية الدفاع الروسية أقل بنسبة 15٪ من ميزانية المملكة المتحدة وأعلى بنسبة 5٪ فقط من ميزانية فرنسا (59.3 مليار).

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن القوات الأمريكية موجودة فى أكثر من 170 دولة فى العالم. إنهم ينفذون عمليات مكافحة الإرهاب فى كل مكان، فى كثير من الأحيان دون إذن من الدول ذات السيادة التى يعملون على أراضيها. الروس موجودون فقط فى أرمينيا وسوريا وبيلاروسيا وجورجيا وكازاخستان. لذا فإن السؤال الحقيقى الذى كان يجب طرحه هو: مَن يهدد مَن؟

  • لو ديالوج: إذا قمنا بمتابعة ما تقدمه، فهل من الممكن أن نقوم بعكس الاتهامات؟. إذا كانت روسيا فى الواقع مهددة من قبل الولايات المتحدة المهيمنة منذ العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، فأنت تعنى بالتالى أن رد الفعل الروسى كان محسوبًا لفترة طويلة إذ حدث بعد 22 عامًا فقط؟ 

إيريك دينيسى: أنا لا أقلب أى شىء، أنا أصف الحقائق!. منذ بداية الأزمة، دأب الروس على التأكيد على عدم وجود نية لديهم لغزو أوكرانيا وأن انتشارهم العسكرى كان لهدف واحد فقط: إثناء نظام كييف عن شن هجوم ضد جمهوريات دونباس. ونفى بوتين وجود أى نوايا عدائية ودعا واشنطن ولندن وحلف شمال الأطلسى مرارا إلى "وقف نشر هذا الهراء" وطالبهم بوقف أعمالهم العدائية ضد روسيا. بالطبع، كان رد فعل الروس على كل بيان غربى عدوانى جديد يساهم بدوره فى زيادة التوترات. حتى أن موسكو سعت إلى استغلال فترة الأزمة التى كانت تمر بها الولايات المتحدة (هجوم الكابيتول، توترات داخلية قوية، انسحاب من أفغانستان، أزمة كوفيد) والضعف العسكرى الأوروبى لصياغة مطالبها.

ووفقًا لفيودور لوكيانوف، رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسية (SVOP) أدرك فلاديمير بوتين أنه "لإجبار المحاورين الغربيين على الاستماع إلينا، كان من الضرورى زيادة التوتر". لسوء الحظ، فإن تأكيداته تستند إلى تجربة أشاركها هنا جزئيًا: أى فكرة روسية تُطرح على الطاولة لتغيير الترتيبات الأمنية الأوروبية لم يتم رفضها فحسب، بل تم تجاهلها دائمًا. وانتهى بوتين إلى أنه "إذا تم تجاهلنا عندما نتحدث بطريقة حضارية، فيجب أن تتصرف بشكل مختلف". ويضيف: "الكل مقتنع بأن بوتين مستعد لمهاجمة أوكرانيا، وهذا خطأ، اللعبة مختلفة تمامًا! هذه خدعة كبيرة للفت الانتباه إلى استياء روسيا الكبير من النظام الأمنى ​​الأوروبى".

ولهذا حرص الروس على عدم التسبب فى أى حادث، على الرغم من تكاثر الرحلات الجوية والدوريات البحرية فى الجوار المباشر لإقليمهم. من أكتوبر 2021 إلى فبراير 2022، كانوا يرتضون بالوقوف بحزم على مواقفهم وإدانة الحملة الإعلامية الكاذبة للغرب لدفعهم إلى الحرب. ويجب أن تذكر أنه فى 11 نوفمبر 2021، أوضح السفير الروسى لدى الأمم المتحدة،  أن موسكو "لم تخطط أبدًا" لغزو أوكرانيا وأنه "لن يحدث أبدًا، ما لم يتم استفزازنا من قبل أوكرانيا أو من قبل شخص آخر وأن سيادة روسيا مهددة". وأعلن وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، أنه لا يمكنه استبعاد أن كييف قد شرعت فى "مغامرة عسكرية" فى دونباس.

بعد ذلك، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، فى 15 ديسمبر، أن "منظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) تواصل تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، الأمر الذى يؤدى إلى تفاقم الصراع الداخلى فى البلاد. وتعمل دول الناتو على زيادة إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وتدريب أفرادها العسكريين، ولا تفعل ذلك بهدف الحفاظ على الاستقرار والأمن، ولكن ببساطة لإشعال النار". ووفقًا لسفير الولايات المتحدة السابق جاك إف ماتلوك، "أهداف الرئيس بوتين هى ما يقوله وما يكرره منذ خطابه فى ميونيخ عام 2007. للتبسيط وإعادة الصياغة، أود تلخيص الأمر على النحو التالي: قليل من الاحترام. نحن لا نهددك أنت أو حلفاءك، فلماذا تحرمنا من الأمن الذى تطلبه لنفسك؟".

معلومات عن الكاتب: 
ألكسندر ديل فال.. كاتب وصحفى ومحلل سياسى فرنسى. مدير تحرير موقع «أتالنتيكو». تركزت مجالات اهتمامه على التطرف الإسلامى، التهديدات الجيوسياسية الجديدة، الصراعات الحضارية، والإرهاب، بالإضافة إلى قضايا البحر المتوسط إلى جانب اهتمامه بالعلاقات الدولية.. أجرى هذا الحوار مع خبير المخابرات الفرنسى إيريك دينيسى، والذى يكشف فيه حقيقة الموقف الأمريكى الذى دفع روسيا إلى الحرب ويعمل على اشتعالها بدلًا من السعى لوقفها.