الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

محمد رأفت الباحث فى مقارنة الأديان لـ«البوابة نيوز»: الله لم يعط مفاتيح الجنة والنار لأحد ورحمته وسعت كل شىء.. والجماعات المتطرفة تحاول تفسير النصوص حسب هواها المنحرف

الباحث محمد رأفت
الباحث محمد رأفت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محمد رأفت فرج، كاتب وباحث فى مقارنة الأديان، حاصل على درجة الماجستير فى علم مقارنه الأديان بجامعة الزقازيق، وخلال حوار أجرته معه «البوابة»، حول الجماعات المتطرفة والفكر المتطرف؛ أكد أن الجماعات المتطرفة تحاول تفسير النصوص حسب هواها وتفكيرها المنحرف، لخدمة أهدافها ومصالحها؛ من أجل الوصول إلى مآربهم.
وقال «رأفت»: إن الغلو فى الدين من أهم أسباب التكفير، وهو أمر يتنافى مع كل مبادئ الإسلام السمحة، وينشأ عادة من قلة العلم وضعف التفقه فى أمور الدين، موضحًا أن جهود المؤسسات الدينية فى مصر وفى مقدمتها الأزهر الشريف تتكامل من أجل مواجهة أصحاب الأفكار الظلامية، الذين يلوثون أفكار الشباب ويحاولون اختطافهم فى براثن التطرف.
مزيد من التفاصيل فى نص الحوار التالي:
 
■ بداية وأنت من الباحثين فى مقارنة الأديان؛ كيف ترى تكامل هذه الأديان؟
- الله سبحانه وتعالى خلق الكون كله متكاملًا، والاختلاف سنة كونية جعلها الله سبحانه وتعالى آية من آياته، فاختلاف اللسان واللهجات والألوان كلها دلائل لقدرة الله تعالى كما قال عز وجل «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم».
والله سبحانه وتعالى جعل الاختلاف والتنوع بين البشر كما قلنا سنة كونية، فلو شاء الله عز وجل لجعلهم أمة واحدة، حيث يقول تعالى «ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون»، وقال جل شأنه «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم»، والأديان كله متكاملة وكلها جاءت بتوحيد الله عزوجل ثم الأمر بالفضائل ومحاسن الأخلاق، لكن الله تعالى قد جعل لكل شرعته ومنهجه الذى يسير عليه.
■ إذا كانت الأديان متكاملة؛ فلماذا نرى من يشككون فى اتباعها؟
- الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين أن يؤمنوا بكل الأنبياء، وكذلك كل الكتب السماوية، فالله عز وجل يقول: «آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»، وإيمان المؤمن لا يكتمل إلا إذا آمن بجميع الرسل وجميع الكتب السماوية، فلما جاء سيدنا جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث المعروف سأل الرسول عن الإيمان فأجابه أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.
حتى الأنبياء أنفسهم، حيث صدق سيدنا عيسى عليه السلام التوراة وبشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول الله تعالى «وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى اسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدى من التوراة ومبشرًا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد»، وبالتالى فلا مجال للتشكيك، ولا مجال لتبادل الاتهامات.
■ إذن ما رأيك فى قضية التكفير، والتى ينتهجها أصحاب الأفكار المتطرفة؟
- قضية التكفير قضية كبيرة، فالله سبحانه وتعالى نهى عنها فى القرآن الكريم، وهذا الفكر أول من تبناه فى تاريخ الإسلام هم الخوارج الذين قاموا بتكفير الإمام على كرم الله وجهه، وهو أمر ينتج عن الفهم الخاطئ للنصوص القرآنية أو النبوية، حيث تحاول هذه الجماعات تفسير النصوص حسب ما يخدم أهدافها ومصالحها؛ من أجل الوصول إلى مآربهم.
وقد حذر القرآن من ذلك حيث يقول الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا»، وكذلك ما حدث من الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قتل سيدنا أسامة الرجل الذى قال لا إله إلا الله حيث قال له الرسول صلى الله عليه وسلم أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله فقال له سيدنا أسامة لقد قالها خوفًا من السلاح فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم أفلا شققت عن قلبه.
إذن فرمى الناس بالكفر زورًا وبهتانًا منهى عنه شرعًا بنص القرآن وبنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، وكذلك حديث سيدنا أبى ذر الغفارى قال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ومن دعا رجًا بالكفر أو قال عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه" أى رجعت عليه، وبالتالى فإن الغلو فى الدين من أهم أسباب التكفير، ومما لا شك فيه أن الغلو فى الدين يتنافى مع كل مباديء الإسلام السمحة، وهو ينشأ عادة من قلة العلم والتفقه فى أمور الدين.


■ ولكن بعض الجماعات المتطرفة تحاول الاستشهاد بحديث «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله»، فهل هذا الحديث يبيح الاعتداء وقتل غير المسلمين بدعوى الجهاد؟
- كما قلت لك الجماعات المتطرفة تحاول تفسير النصوص حسب هواها وتفكيرها المنحرف، فالحديث يقول «أمرت أن أقاتل» ولم يقل «أمرت أن أقتل»، والفارق بين التعبيرين كبير فأقاتل جاءت من المغالبة ورد العدوان، فالله سبحانه وتعالى نهى عن البدء بالعدوان، ولو كان اختلاف الدين، أو الخلاف فى الرأى هو الدافع على القتال فلماذا عاهد الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود فى المدينة.
ولما تصالح الرسول مع قريش فى الحديبية، لقد الله سبحانه وتعالى للإنسان حرية العبادة وحرية العقيدة، وجعل الحساب له وحده، فقال تعالى: «لا إكراه فى الدين»، والدعوة إلى الإسلام تكون بعيدة عن القتال، الدعوة عندنا لها عوامل وهى التى ذكرها الله سبحانه وتعالى فى قوله: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن»، والله سبحانه وتعالى قال: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، فالجماعات المتطرفة لا ترى مثل هذه الآيات فى دعوتها لكنها تحاول جذب التفسيرات المغلوطة فى محاولة منها لتحقيق أهدافها.
■ ولكننا نرى الآن من يدعون أن فلانا فى الجنة وفلانا فى النار؟
- الله وحده هو الذى يملك قرار الجنة والنار، أما من يتألى على الله بسبب الفهم الخاطئ للنصوص فهؤلاء حسابهم شديد عن الله عزوجل، حيث أعطى لنفسه الحق أن يحكم على عباد الله فى ملك اله بغير ما يريد الله، ثم إنى اتعجب من أولائك الذين يراقبون حياة غيرهم، وأعمالهم ليحكموا عليهم بالعذاب والنار، مع أن الله سبحانه وتعالى قال: (يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعًا فينبئكم بما كنتم تعملون).
فالمرجع لله وهو الذى يحاسب وهو الذى يحكم، كذلك يضيقون ما وسعه الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى قال: «ورحمتى وسعت كل شىء»، فالجنة والنار فى أمر الله، ولم يوكل عنه أحد لكى يقوم بتوزيع الأماكن فيها، ولم يعط أحدًا مفاتيحها.


■ وأين دور المؤسسات الدينية فى مواجهة الأفكار المتطرفة؟
- المؤسسات الدينية فى مصر وفى مقدمتها الأزهر الشريف، تقوم بدور كبير فى تفنيد شبهات المتطرفين والرد عليها، حيث قام الأزهر بتأسيس المرصد العالمى والذى يقوم بالرد على شبهات المتطرفين وأفكارهم بكثير من اللغات، وكذلك من خلال المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، والتى أصدرت العديد من المؤلفات يأتى على رأسها سلسلة تفنيد الفكر المتطرف، والتى تناقش كل القضايا التى يثيرها أصحاب الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى أكاديمية الأزهر للتدريب. كما أن دار الإفتاء أيضًا تبذل مجهودًا كبيرًا من خلال مرصدها، والمؤلفات التى صدرت عنها، وكذلك ما قامت به وزارة الأوقاف بعدم السماح لغير الأزهريين بصعود المنبر، فالجهود جميعها تتكامل من أجل مواجهة أصحاب الأفكار الظلامية، الذين يلوثون أفكار الشباب ويحاولون اختطافهم فى براثن التطرف.